نتنياهو يسعى للتخلص من عقدة 7 أكتوبر في لبنان وإيران تفاجئه
تحليل شامل لفشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية في غزة: تداعيات الحرب على التوازن الإقليمي وتوترات جديدة مع حزب الله وإيران
تحليل شامل حول فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها في غزة وتداعياته على الأوضاع الإقليميةبعد مرور نحو عام على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، لم تتمكن إسرائيل من إنجاز أي من أهدافها. كلما طالت مدة الحرب، غرقت إسرائيل في وحل القطاع، مما كبدها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
قسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع الإسرائيلية يستقبل بالمعدل أكثر من ألف جريح جديد كل شهر.
يعاني أكثر من 3700 جندي مصاب من إصابات في الأطراف، وفقًا لإحصاءات جيش الاحتلال في أغسطس الماضي.
بلغ عدد القتلى من جيش الاحتلال 690 جندياً وضابطاً منذ بداية الحرب، بينهم 330 جندياً سقطوا في المعارك البرية في قطاع غزة.
وفقًا لإحصاءات كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، دُمرت أكثر من 1108 آليات إسرائيلية منذ بداية الحرب.
تشير هذه الأرقام إلى فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية. وبالإضافة إلى الخسائر البشرية والمادية، يعكس الوضع العام تدهورًا في موقف إسرائيل في الصراع. تتزايد الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية، حيث تتصاعد المظاهرات المطالبة بوقف الحرب وتحقيق سلام شامل مع الفلسطينيين.
الضغط السياسي والعسكري على نتنياهو
قبل تنفيذ عملية تفجير أجهزة الاتصال في لبنان، كانت الضغوط العسكرية والسياسية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تتزايد. تزايدت المظاهرات ضد حكومته، وارتفعت أصوات المواطنين المطالبة بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
في هذه الظروف الصعبة، واجه نتنياهو تحديات جديدة تتعلق بإدارة الصراع. كانت حكومته تتعرض لانتقادات حادة بسبب استمرارية الحرب وفشلها في تحقيق الأهداف المعلنة. وقد أدت هذه الانتقادات إلى زيادة الضغوط عليه للتوصل إلى حلول سريعة، لكن الصراعات الداخلية كانت تعوق أي تقدم في هذا الاتجاه.
وحدة الساحات
ترافق حرب غزة لأول مرة مع مفهوم وحدة الساحات، الذي اعتمدته قوى المقاومة في المنطقة. لم تعهد إسرائيل والغرب هذا المفهوم من قبل. سعت إسرائيل للتخلص منه، لما له من دلالات كبرى في الوعي الجمعي. يبرز ذلك قدرة عدة جبهات على إلحاق خسائر كبيرة بإسرائيل.
عكس جولات القتال السابقة، حيث كان الفلسطينيون يواجهون إسرائيل بمفردهم، تتمتع حماس هذه المرة بدعم من “محور المقاومة”.
فرض هذا الصراع المتعدد الجبهات على إسرائيل توزيع قواتها بين الجنوب والشمال.
أدى ذلك إلى إخلاء مستوطنات الجليل الأعلى، إلى جانب استهداف خانق لميناء إيلات.
تعرضت إسرائيل لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة من لبنان واليمن والعراق.
تعد هذه الوحدة جبهة قوية أمام إسرائيل، حيث نجحت قوى المقاومة في تنسيق جهودها، مما أدى إلى زيادة فعالية العمليات ضدها. تراجع قدرة إسرائيل على مواجهة هذا التنسيق يعكس فشلها في التكيف مع متغيرات المعركة الحديثة.
تفكيك وحدة الساحات
بناءً على ذلك، سعت إسرائيل والولايات المتحدة إلى تفكيك وحدة الساحات. لم يرغبوا في تكرار هذا الأمر لاحقًا. ظهر ذلك من خلال العروض الأميركية التي قدمت للبنان عبر المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين خلال جولاته المكوكية إلى بيروت.
كان هدف هذه العروض هو تعزيز الاستقرار في المنطقة وتقليل النفوذ الإيراني. ومع ذلك، كان على الولايات المتحدة وإسرائيل مواجهة التحديات التي فرضتها قوى المقاومة، التي أصبحت أكثر تنظيمًا وتنسيقًا.
الهروب شمالاً
في ظل هذه الظروف، وللفت النظر عن غزة والضغط الذي مارسته حماس عليه، وجد نتنياهو نفسه مضطرًا للتوجه شمالًا وفتح جبهة جديدة ضد حزب الله. اعتمد الحزب على إستراتيجية التنقيط في دعم المقاومة في غزة. هذه الإستراتيجية أقنعت نتنياهو والولايات المتحدة بأن الحزب وإيران لا يريدان الحرب.
كانت البيئة جاهزة لنتنياهو كي يقصف لبنان تحت هدف إعادة المستوطنين إلى الشمال.
سعى لتقليص قدرات حزب الله والبحث عن صورة نصر تعيد لإسرائيل بعضًا من قدرتها على الرد.
أراد نتنياهو أيضًا أن يستعيد بعض ماء وجهه الذي فقده منذ طوفان الأقصى.
استعجال صورة النصر دفع نتنياهو وجيشه إلى كشف أوراقهم بسرعة. جاءت تفجيرات البيجر والتوكي ووكي لتشكل صدمة لحزب الله. انتشت إسرائيل بما حققته. ووفقًا لمعلومات مسربة، كانت تلك التفجيرات جزءًا من خطة طويلة المدى. كانت إسرائيل تعتزم تفعيلها أثناء المعركة مع حزب الله لتوجه ضربة للحزب.
اغتيال نصر الله وتأثيراته
لم تمضِ عدة أيام على تلك التفجيرات حتى حدث اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله. شكل ذلك الأمر صدمة للحزب وجمهوره.
أثر الاغتيال على الحزب وقيادته، ودفع نتنياهو للقول: “لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا تستطيع إسرائيل الوصول إليه”.
واعتبر أن إسرائيل ستذهب لحماية شعبها وبلدها.
في أعقاب هذه التطورات، بدأ الحزب في إعادة تقييم استراتيجياته. يبدو أن الحزب أدرك أهمية التكيف مع الوضع الجديد، وبدأت العمليات تتواصل.
الرد على الضغوط الإسرائيلية
يظهر أن الحزب استوعب الضربة وتكيف معها، خاصة بعد خطاب نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم. أشار قاسم إلى أن الحزب يتابع القيادة والسيطرة وفق هيكليته. هناك بدائل لكل قائد حين يصاب.
للبرهنة على قوة الحزب، قال قاسم إنه بعد اغتيال نصر الله، استمرت عمليات المقاومة بنفس الوتيرة، بل زادت. استهدف الحزب معاليه أدوميم وحيفا، واستمر في المقاومة.
بعد ادعاء الاحتلال عن بدء عملية برية في لبنان، رد حزب الله بقصف تل أبيب بصليات صواريخ. فشلت القبة الحديدية في التصدي لها. يبدو أن الحزب يريدها حربًا طويلة بتصعيد بطيء ومتدرج. يرغب في الحصول على فرصة لرص صفوفه وتعويض خسائره واستنزاف إسرائيل.
إيران.. الاستفاقة من النشوة
قبل أن يستفيق نتنياهو والجيش الإسرائيلي من نشوة النصر، ظهر وهو يسير بهدوء في تل أبيب. أراد أن يظهر أنه لا يعاني من ضغط مثلما تعاني القوى التي يحاربها.
لكن المفاجأة جاءت عبر قصف إيراني بـ200 صاروخ. دفع ذلك بسكان إسرائيل إلى الملاجئ. أشار العديد من الإسرائيليين في مواقع التواصل إلى أن “شهر أكتوبر هو شهر النكبات لدينا”. لم ننسَ بعد السابع من أكتوبر الماضي، واليوم حماس وإيران ذكرونا به.
يعتقد العديد من المراقبين أن الرد الإسرائيلي على القصف الإيراني سيقابله موجات من الصواريخ والمسيرات من العراق ولبنان واليمن وإيران. يتساءل سعيد زياد، المحلل في الشؤون الاستراتيجية: “كيف سيكون موقف إسرائيل إذا تعرضت لهجوم مشترك من إيران وحزب الله؟”.
توقعات مستقبلية
أيًا يكن مسار الأحداث الآن، فإن الحرب لا تزال طويلة، ولن تنتهي قريبًا. سيكون عنوان “المرحلة” هو: الصبر والثبات والسكينة وبرودة الأعصاب والاستنزاف وإدامة المعركة، وفقًا للعديد من المراقبين.
من المتوقع أن تستمر التوترات في المنطقة، مما سيؤثر على استقرار الدول المجاورة.
تسعى قوى المقاومة إلى تعزيز قوتها العسكرية والسياسية، بينما تسعى إسرائيل والولايات المتحدة للحد من نفوذها.
ستلعب التدخلات الإقليمية والدولية دورًا حاسمًا في تشكيل مجريات الأحداث في المستقبل.
في الختام، يمكن القول إن الوضع في غزة يمثل أحد أكثر الصراعات تعقيدًا وتوترًا في الشرق الأوسط. التحديات أمام إسرائيل تزداد، بينما تواصل قوى المقاومة تعزيز قدراتها، مما ينذر بمزيد من الصراعات في المستقبل.
اقرأ كذلك :معلومات حول العملية البرية الإسرائيلية في لبنان