العالم

توسع روسي داخل أوكرانيا وتقلص فرص اجتماع بوتين مع زيلينسكي

التقدم الروسي في دونيتسك يضعف فرص قمة بوتين زيلينسكي وسط ضغوط دبلوماسية متصاعدة

تقدم روسي في دونيتسك وتراجع فرص قمة بوتين زيلينسكي

أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم السبت سيطرة قواتها على قريتين جديدتين في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا.
ويأتي هذا التقدم العسكري في وقت تزداد فيه الشكوك بشأن إمكانية عقد قمة سلام بين الرئيسين فلاديمير بوتين وفلوديمير زيلينسكي.
ويعكس ذلك أن مسار الحرب ما يزال معقداً وأن السيو (السيو) يبرز أهمية متابعة هذه التطورات بدقة.

في بيانها أوضحت الوزارة الروسية أن قواتها فرضت سيطرتها على قريتي سريدني وكليبان بيك داخل منطقة دونيتسك.
هذه السيطرة تمثل خطوة جديدة ضمن استراتيجية موسكو العسكرية.
كما أنها تفتح الطريق نحو مناطق ذات أهمية استراتيجية أكبر مثل مدينة كوستيانتينيفكا.

الأهمية الاستراتيجية لدونيتسك

السيطرة على كليبان بيك تعد محطة أساسية نحو كوستيانتينيفكا.
وتعتبر هذه المدينة معقلاً مهماً على طريق كراماتورسك التي تضم قاعدة لوجستية كبيرة للجيش الأوكراني.
وبالتالي فإن تقدم القوات الروسية نحوها يهدف إلى عزل الإمدادات الأوكرانية وإضعاف قدرتها على الصمود.

منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022 تسعى روسيا لإحكام سيطرتها على المناطق الأربع التي ضمتها رسمياً.
تشمل هذه المناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا.
وقد أعلنت موسكو ضمها في العام نفسه رغم الرفض الدولي.
ويعكس ذلك أن النزاع تجاوز مرحلة الخلافات السياسية ودخل مرحلة فرض الأمر الواقع على الأرض.

الضغوط العسكرية والدبلوماسية

بالتزامن مع الضغط العسكري الروسي تتسارع وتيرة الجهود الدبلوماسية لإيجاد تسوية.
لكن رغم هذه الجهود تتضاءل فرص عقد قمة سلام مباشرة بين موسكو وكييف.
السبب يعود إلى تباين المواقف وتصلب الشروط من الطرفين.

أمس أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه سيتخذ قراراً مهماً خلال أسبوعين.
وقد يشمل هذا القرار فرض عقوبات جديدة على روسيا أو فرض رسوم جمركية واسعة.
ورغم ذلك ترك ترامب الباب مفتوحاً لاحتمال عدم اتخاذ أي إجراء.
وهذا التردد يزيد من تعقيد المشهد ويضعف احتمالات التوصل لاتفاق قريب.

مواقف ترامب المتغيرة

في بداية الأسبوع أكد ترامب أن بوتين وزيلينسكي أبديا موافقة مبدئية على عقد قمة.
غير أنه عاد أمس ليشبههما بالزيت والماء.
وقال إن جمعهما في لقاء واحد سيكون مهمة شديدة الصعوبة.

صرح ترامب للصحفيين أن الزعيمين لا يتفقان لأسباب واضحة ومعروفة.
وأضاف أن القرار الأميركي سيصدر خلال أسبوعين فقط.
وأكد أن هذا القرار سيكون مصيرياً سواء تعلق بفرض عقوبات ضخمة أو رسوم جمركية.
أو حتى بعدم فعل شيء وترك الحرب تأخذ مجراها.

في المكتب البيضاوي ظهر ترامب مرتدياً قبعة كتب عليها “ترامب كان محقاً في كل شيء”.
قال حينها إن رقص التانغو يحتاج لشخصين.
وأضاف أن الولايات المتحدة ستحدد مسارها قريباً.
وأوضح أن الخيارات المطروحة تشمل العقوبات والرسوم أو التراجع عن التدخل المباشر.

كما كشف ترامب أنه قد يدعو بوتين لحضور نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2026.
وأوضح أن هذه الدعوة ستبقى مرهونة بحدوث تقدم فعلي بملف أوكرانيا.
ويكشف هذا التصريح عن أسلوب ترامب المميز الذي يمزج بين السياسة والرمزية الرياضية.

الموقف الروسي

من جانبه أضعف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الآمال بشأن أي حوار مباشر.
وأكد في مقابلة مع شبكة “إن بي سي” الأميركية أن بوتين مستعد للحوار إذا توفر جدول أعمال واضح.
لكن لافروف أضاف أن زيلينسكي غير جاهز مطلقاً لمثل هذا اللقاء.
كما شكك في شرعية الرئيس الأوكراني وكرر شروط الكرملين الصارمة.

هذا الموقف الروسي يعكس رغبة في فرض شروط مسبقة قبل أي قمة.
ويظهر أن موسكو لا ترى في الحوار سوى وسيلة لتعزيز موقعها وليس لإنهاء الحرب.

الموقف الأوكراني

في كييف صرح زيلينسكي أمس بجانب الأمين العام لحلف الناتو مارك روته.
قال إن روسيا تحاول تجنب عقد القمة بأي ثمن.
وأضاف أن المشكلة لا تتعلق بالاجتماع نفسه بل بغياب الرغبة الروسية في إنهاء الحرب.

وأكد زيلينسكي أن بلاده مستعدة للحوار إذا أبدت روسيا نية حقيقية للسلام.
لكن استمرار الهجمات وتوسيع السيطرة يجعل أي تفاوض بلا قيمة حقيقية.

دور الناتو والغرب

من جانبه صرح أمين عام الناتو أن ترامب يسعى لكسر الجمود السياسي مع بوتين.
وأوضح أن الولايات المتحدة تدرس تقديم ضمانات أمنية طويلة الأمد لأوكرانيا.
وأشار إلى أن هذه الضمانات ستعتمد على مرحلتين.

المرحلة الأولى ستبدأ بعد اتفاق سلام أو وقف إطلاق نار طويل الأمد.
وستركز على تعزيز قدرات القوات المسلحة الأوكرانية بأقصى حد ممكن.
أما المرحلة الثانية فستشمل التزامات واضحة من أوروبا والولايات المتحدة لضمان أمن أوكرانيا.

مستقبل النزاع

يتضح أن روسيا تواصل تكريس سيطرتها على شرق أوكرانيا.
وفي المقابل تزداد مواقف كييف تشدداً نتيجة توسع العمليات العسكرية.
أما الغرب فيبحث عن صيغ جديدة تجمع بين الضغط على موسكو ودعم أوكرانيا عسكرياً وأمنياً.

مع ذلك يبقى مستقبل النزاع مفتوحاً على عدة احتمالات.
فإما أن تنجح الجهود الدبلوماسية في فرض هدنة طويلة.
أو يستمر التصعيد العسكري بما يحمله من خسائر بشرية واقتصادية.

السيو (السيو) يظهر هنا أهمية متابعة الأحداث بدقة لفهم انعكاساتها على الأمن الأوروبي والعالمي.
فأي تغيير في مسار الحرب سينعكس مباشرة على أسعار الطاقة والغذاء.
كما سيؤثر على مواقف الدول الكبرى في التحالفات الدولية.

التقدم الروسي في دونيتسك يعزز موقف موسكو ميدانياً.
لكن هذا التقدم يضعف فرص الحوار ويزيد الهوة بين الطرفين.
في الوقت نفسه يحاول ترامب لعب دور محوري عبر التهديد بالعقوبات أو الرسوم.
بينما يواصل الناتو جهوده لتقديم ضمانات أمنية طويلة الأمد لأوكرانيا.

تتداخل هنا السياسة والعسكر والدبلوماسية بشكل معقد.
والنتيجة حتى الآن هي استمرار الحرب وتراجع فرص أي قمة مباشرة بين بوتين وزيلينسكي.
ما يجعل النزاع مرشحاً للاستمرار لوقت غير قصير.

اقرأ كذالك:حزب اللواء السوري.. تمدده في السويداء وصلاته مع إسرائيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات