مدونات

ما هي التداعيات بعد الهجمات الأمريكية والبريطانية ضد الحوثيين؟

تأثير انتهاء حرب غزة على هجمات الحوثيين وتصاعد التوترات الإقليمية

في استجابة لهجمات الحوثيين الأخيرة على سفن في البحر الأحمر. قالوا أنها مرتبطة بإسرائيل ودعم أمريكي لتل أبيب في حربها على قطاع غزة. شنت الولايات المتحدة وبريطانيا غارات جوية خلال اليومين الماضيين ضد مواقع للجماعة في اليمن. فيما يلي استعراض لتداعيات هذه الأحداث، من خلال أسئلة وأجوبة، قامت مجموعة الأزمات الدولية ببحثها وتحليلها بعمق.

التوترات في البحر الأحمر: الهجمات والردود على الأحداث الأخيرة

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تمددت التوترات إلى المياه الزرقاء للبحر الأحمر، حيث انتهج الحوثيون. الذين يسيطرون على أجزاء كبيرة من الساحل اليمني الغربي. استراتيجية تستند إلى استخدام الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وحتى القوارب الصغيرة لاستهداف السفن البحرية. التي يزعمون أنها مرتبطة بإسرائيل.

على سواحل مدينة الحديدة، والتي تخضع لسيطرة الحوثيين، تم تنفيذ هجمات على الملاحة في البحر الأحمر. بالإضافة إلى تهديدات الجماعة بالاستمرار في استهداف السفن في بحر العرب وخليج عدن. ومن بينها السفن التي تحاول العبور عبر مضيق باب المندب.

تاريخيًا، كانت من بين الهجمات البارزة هجومًا نفذ في نوفمبر الماضي عندما احتجز الحوثيون سفينة تجارية تدعى “غالاكسي ليدر”. وادعوا أنها تتصل برجل أعمال إسرائيلي واحتجزوا الطاقم.

في ديسمبر، شهدنا استخدام الحوثيين لقوارب موجهة ووقوع انفجار قريب من سفينة حربية أميركية على مقربة منها.

وفي يناير الجاري، نفذوا هجومًا متعقدًا باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ كروز وصواريخ باليستية لاستهداف سفن حربية أميركية في منطقة باب المندب. معلنين دعمهم المستمر لغزة وردًا على العمليات الإسرائيلية في القطاع.

في تصعيد ردها، قامت الولايات المتحدة بإغراق ثلاث قوارب تابعة للحوثيين نهاية عام 2023. مما أسفر عن مقتل 10 من أفرادهم.

التصاعد في البحر الأحمر: هجمات الحوثيين والردود الدولية

في منتصف شهر أكتوبر الماضي، قبل أن تشتعل الهجمات على السفن. شن الحوثيون هجمات متكررة على ميناء إيلات الإسرائيلي على ساحل البحر الأحمر باستخدام طائرات دون طيار وصواريخ. أعلنت إسرائيل عن نجاحها في اعتراض أو تصدي هذه الهجمات لمنع وصولها إلى أهدافها المستهدفة.

تراجعت حدة هذه الهجمات عندما تحول الحوثيون انتباههم إلى السفن، حيث اعتبروها أهدافًا أكثر فعالية واقترابًا من هدفهم.

ردًا على الهجمات البحرية، نشرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا سفن حربية في البحر الأحمر. وأفادت بنجاحها في اعتراض معظم صواريخ الحوثيين.

ومع ذلك، في منتصف يناير الحالي. قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بشن غارات جوية على مواقع عسكرية للحوثيين في اليمن ردًا على استهدافهم للسفن التجارية واشتباكاتهم مع دوريات بحرية. مما أدى إلى مقتل خمسة من عناصر الحوثيين.

وأصدرت القيادة المركزية الأمريكية بيانًا قالت فيه إن هذه الضربات كانت إجراءات دفاعية بهدف تقليل قدرة الحوثيين على تنفيذ هجماتهم على السفن الأمريكية والسفن العسكرية والتجارية الأخرى.

ردًا على هذه الضربات، أدان الحوثيون هذه الإجراءات ووصفوها بأنها اعتداء صارخ. مهددين بالانتقام، مما زاد من المخاوف بشأن تصاعد العنف في هذا الممر المائي الحيوي.

ما الدوافع وراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟

شن الحوثيون هجمات على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر كرد على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة. في بياناتها، أعلنت الحركة أنها ستتوقف عن هذه الهجمات إذا سمحت إسرائيل بدخول كميات غير محددة من المساعدات الإنسانية إلى غزة. وستوقف الهجمات على إسرائيل بمجرد توقف إسرائيل عن هجماتها على غزة.

عمل الحوثيون في هذا السياق بتنسيق مع أعضاء آخرين في ما يعرف بمحور المقاومة. وهي مجموعة من الجماعات المسلحة غير الحكومية التي تعارض إسرائيل والولايات المتحدة وتقودها إيران. زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، أكد ذلك في خطاب ألقاه في أكتوبر الماضي.

على الرغم من عدم وجود دليل مباشر على أن الحوثيين يتبعون أوامر مباشرة من إيران. إلا أن وجود سفينة استخبارات إيرانية في البحر الأحمر يشير إلى وجود تنسيق بعض الشيء بينهم وبين إيران.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون الدافع وراء هجمات الحوثيين هو رغبتهم في تعزيز شعبيتهم في اليمن وخارجها من خلال تحالفهم مع قضية فلسطين. حيث بدأوا يحظون بدعم وتضامن أوسع من أي وقت مضى في العالم العربي والإسلامي من قبل الشعوب والمجتمع الدولي مع القضية الفلسطينية.

من البحر الأحمر إلى اليمن: استراتيجية الحوثيين وتأثير حرب غزة

تحولت حملة الحوثيين في البحر الأحمر إلى فرصة لهم لإظهار استعدادهم لتحقيق شعارهم الرئيسي منذ عام 2002. وهو “الله أكبر، الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”.

كان التقاعس عن التصعيد في مواجهة الهجوم الإسرائيلي على غزة يمكن أن يعرض مصداقية ادعائهم للخطر. بالمقارنة مع القوى الأخرى داخل محور المقاومة. أظهروا الحوثيون شجاعة كبيرة في المخاطرة واستغلوا هذه الفرصة لإثبات قيمتهم الإستراتيجية.

في اليمن أيضًا، نجح الحوثيون في تعزيز صورتهم، حيث شعر اليمنيون بالتعاطف الشامل مع مأساة الفلسطينيين في غزة. وبعد الهجمات الأولى على السفن في البحر الأحمر. زاد عدد المنضمين إلى صفوف الحوثيين من خلال حملات التجنيد التي أظهروا من خلالها تضامنهم مع القضية الفلسطينية.

وعلاوة على ذلك، أتاحت حرب غزة للحوثيين فرصة لتجنب الضغوط المتزايدة من الشعب حيال ممارساتهم في الأقاليم التي يسيطرون عليها. حيث استفادوا من فرصة “تصفية” المعارضة لحكمهم من خلال اعتقال المعارضين في تلك المناطق بتهمة التواطؤ مع إسرائيل والولايات المتحدة.

استجابة القوى الغربية لهجمات الحوثيين: استعراض وتحليل

بدأت الولايات المتحدة بإرسال مدمرات إلى منطقة البحر الأحمر لحماية الشحن التجاري من هذه الهجمات. وفي 20 ديسمبر الماضي، تم الكشف عن مبادرة أمنية دولية تحمل اسم “حارس الازدهار”. حيث قادتها الولايات المتحدة وشملت تحالفًا من الدول المشاركة مثل المملكة المتحدة، والبحرين، وكندا، وفرنسا، وإيطاليا. وهولندا، والنرويج، وسيشيل.

أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن أكثر من 20 دولة أخرى وافقت على المشاركة في هذه المبادرة. على الرغم من أن بعضها لم يؤكد مشاركتها علنًا أو نفتها عندما سُئلت عن ذلك.

تم توسيع هذه الخطوة بقوة المهام المشتركة. وهي قوة بحرية دولية متعددة الجنسيات تأسست في عام 2009 بعد سلسلة من هجمات القرصنة في منطقة خليج عدن وسواحل الصومال.

وتمكن أعضاء التحالف، ووفقًا لإعلاناتهم، من إحباط معظم هجمات الحوثيين. في 31 ديسمبر الماضي، تم غرق قوارب صغيرة تابعة للحوثيين بعد أن أطلقت النار على مروحيات تابعة للبحرية الأمريكية، مما أسفر عن مقتل 10 من مسلحي الحوثيين. وفي 12 يناير الجاري، شنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غارات جوية على مواقع عسكرية للحوثيين داخل اليمن.

الدبلوماسية والعقوبات: رد القوى الغربية على التصعيد الحوثي

قبل التصعيد الأخير، قامت واشنطن وعدد من الدول الغربية بنقل رسائل هامة إلى الحوثيين من خلال عُمان، في محاولة للضغط عليهم وحثهم على وقف التصعيد العسكري.

وفي أوائل أكتوبر الماضي، طلبت الولايات المتحدة من السعودية أيضًا ضم أمان الشحن البحري ضمن المحادثات السياسية التي تجريها مع الحوثيين. لكن الحوثيين رفضوا هذا الاقتراح، مُشيرين إلى أن نشاطهم العسكري في البحر الأحمر يرتبط بالصراع في غزة، وليس بالمملكة العربية السعودية.

وفي 29 نوفمبر، فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على أفراد يُشتبه في تورطهم في شبكة تمويل للحوثيين. وفي 10 يناير، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارًا يطالب الحوثيين بوقف فوري لهجماتهم على السفن في البحر الأحمر، مع دعم ضمني لقوة العمل التي تقودها الولايات المتحدة.

تأثير الأحداث على البحر الأحمر: تداعيات اقتصادية وأمنية

قد ترتبت على التصعيد العسكري في البحر الأحمر تأثيرات اقتصادية رئيسية في المقدمة. إذ يُعتبر البحر الأحمر ممراً ملاحياً حيوياً يربط بين قارة آسيا وأوروبا. وارتفعت تكاليف تأمين السفن التجارية بشكل كبير بسبب تزايد المخاوف الأمنية، مما أدى إلى زيادة في عدد الأفراد الأمنيين على متن هذه السفن.

للتعامل مع هذه الوضعية، اضطرت العديد من شركات الشحن إلى تغيير مسارات سفنها لتجنب منطقة البحر الأحمر والطرف الجنوبي للقارة الأفريقية، مما تسبب في زيادة تكاليف الشحن بسبب زيادة مدى الرحلات. وشهدت قناة السويس، التي كانت تشهد حركة ملاحية مكثفة في السابق، انخفاضًا في حركة المرور، مما أثر سلبًا على الاقتصاد المصري الهش بالفعل، كما أثرت التأخيرات في عمليات التسليم على سلاسل التوريد العالمية.

على الرغم من أن الحوثيين لديهم سجل في العمليات البحرية، إلا أن سلسلة الهجمات الأخيرة تهدد بترسيخهم كلاعب رئيسي في هذا المجال. ويعبر مسؤولون أمريكيون بقلق عن مخاوفهم من أن الحوثيين قد يسعون إلى تعطيل العمليات البحرية والشحن العالمي على المدى البعيد.

تداعيات هجمات الحوثيين على البحر الأحمر: تهديدات وتداولات متعددة

قبل اندلاع حرب غزة، قام الحوثيون بالاستهداف البحري، حيث استهدفوا سفن نقل النفط السعودية في عام 2018، وقاموا بالاستيلاء على سفينة شحن إماراتية في يناير/كانون الثاني 2022. وتوجد القوات البحرية الأميركية وقوات من دول أخرى في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، حيث تقوم بعمليات مستمرة لمكافحة تهريب الأسلحة والذخائر لصالح الحوثيين.

هذه الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر يمكن أن تؤثر سلباً على الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في اليمن.

على الصعيدين السياسي والعسكري، حققت السعودية والحوثيون تقدمًا في محادثاتهما المتواصلة للتوصل إلى اتفاق بشأن الانسحاب العسكري والبدء في عملية سياسية يمنية داخلية. لكن التصعيد المزيد قد يعرقل تلك الجهود أو يضر بمسار المفاوضات، خاصة إذا مكن الحوثيين أنفسهم من تقديم مطالب جديدة في المفاوضات.

بالإضافة إلى ذلك، قد يقوم الحوثيون بالهجمات على الجماعات التي يرونها موالية للولايات المتحدة والدول الغربية. وبذلك يزيدون من التوترات على طول ساحل البحر الأحمر في اليمن، مما يمكن أن يؤدي إلى استئناف القتال هناك.

أخيرًا، قد تؤدي التوترات في البحر الأحمر إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية الصعبة في اليمن. وذلك بالتزامن مع قرار برنامج الأغذية العالمي في تعليق المساعدات في مناطق تسيطر عليها الحوثيون في شمال اليمن. هذا، بجانب ارتفاع تكاليف الشحن، يجعل من الصعب على اليمنيين الوصول إلى المواد الغذائية الأساسية.

إمكانيات ودوافع وقف هجمات الحوثيين

قد يكون الرد العسكري على هجمات الحوثيين له قيمة رمزية معينة بالنسبة للدول الغربية، وقد يقلل من بعض قدرات الحوثيين، لكن تأثيره على النطاق العام قد يكون محدودًا وقد يزيد من تصعيد الجماعة وزيادة توجيهها للهجمات البحرية واستهداف المزيد من السفن.

على الرغم من قدرات الحوثيين المحدودة مقارنةً بالولايات المتحدة، إلا أن التطورات في تكنولوجيا الأسلحة تتيح لهم إلحاق أضرار اقتصادية كبيرة، خاصةً باستخدام الأسلحة الموجهة عن بُعد.

من الممكن أن تدفع الهجمات الحالية للحوثيين العديد من اليمنيين إلى دعمهم، بسبب التعاطف مع القضية الفلسطينية، حتى في حالة عدم تأييدهم للجماعة.

بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الحوثيون غير مهتمين بشكل كبير بالتعرض للضربات العسكرية، أو تأجيل أو إلغاء المحادثات مع المملكة العربية السعودية. بفضل دعم الشعب، يشعرون بالقوة والقدرة على مواصلة مسارهم حتى مع التكاليف المحتملة. ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن الخيار الوحيد هو زيادة التصعيد.

التأثير المحتمل لانتهاء حرب غزة على هجمات الحوثيين

أوضح الحوثيون بوضوح أن هجماتهم على السفن ليست مبادرة مستقلة، بل هي رد فعل على حرب إسرائيل على غزة. في حالة انتهاء تلك الحرب، وبشرط أن يكون الوضع في البحر الأحمر تحت السيطرة، يمكن أن يعود الحوثيون إلى وضعهم السابق، شريطة أن يظلوا ملتزمين بتعهداتهم ويتطلعون إلى تقديم دور مهم كطرف رئيسي في السلطة الحاكمة المستقبلية باليمن.

ومع ذلك، في حالة عدم انتهاء الحرب في غزة، ومع استمرار الكارثة الإنسانية في تزايد مستمر هناك، ستستمر التوترات في التصاعد، ولن تقتصر على البحر الأحمر فحسب، بل ستمتد أيضًا إلى مناطق أخرى مثل لبنان وسوريا والعراق، بالإضافة إلى الحدود الإسرائيلية والأراضي المحتلة.

اقرأ كذلك: تحالف عسكري ضد الحوثيين في منطقة البحر الأحمر .. تطورات الأزمة وموقف إسرائيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات