تاريخ وثقافة

فريدريك ترامب: جدّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب.. ألماني هرب من التجنيد إلى الولايات المتحدة

"رحلة فريدريك ترامب: من صعوبات الفقر والهروب من التجنيد الإلزامي في ألمانيا إلى بناء إمبراطورية تجارية في الولايات المتحدة وميراث مستمر في عائلة ترامب"

فريدريك ترامب: جد الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقصة هجرته من ألمانيا إلى الولايات المتحدة السيو: وُلد فريدريك ترامب، جد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عام 1869 في بلدة كالشتات بألمانيا . نشأ في عائلة بسيطة تعتمد على زراعة العنب في مزرعة صغيرة تملكها . في سن الثامنة، فقد فريدريك والده، ما جعل الأوضاع المالية للعائلة تتدهور بشكل ملحوظ . قررت والدته آنذاك إرساله إلى بلدة مجاورة ليتعلم مهنة تمكنه من مساعدة العائلة، فعمل كحلاق، ليبدأ رحلة طويلة ومليئة بالمغامرات شكلت أساس الأسرة التي سيُعرف أحد أفرادها لاحقًا على مستوى العالم كرئيس لأميركا .

1. البدايات المبكرة

بدأت حياة فريدريك ترامب في بلدة كالشتات الفقيرة جنوب غرب ألمانيا . وُلد في 14 مارس 1869 لعائلة متواضعة تعمل في زراعة العنب . بعد وفاة والده، غرقَت العائلة في الديون بسبب اعتمادها الكامل على الدخل المحدود الذي توفره مزرعة العنب الصغيرة . تأثرت والدته بشكل كبير بوفاة زوجها واضطرت للتعامل مع الضغوط المالية بمفردها، مما دفعها إلى إرسال فريدريك، الطفل المريض، إلى بلدة مجاورة ليكتسب مهنة تساعده على كسب الرزق .

عند انتقاله، عمل فريدريك في صالون حلاقة لمدة عامين ونصف دون إجازات، حيث أمضى كل يوم في تعلّم تفاصيل المهنة حتى أتقنها . بعد فترة التدريب، قرر العودة إلى كالشتات ليبدأ مشروعه الخاص . إلا أن وجود حلاق آخر في البلدة الصغيرة كان يمثل عقبة أمامه، خاصةً أن البلدة لم تكن كبيرة بما يكفي لدعم مشروعين متنافسين . في تلك الفترة، أدرك فريدريك أن استمراره في البلدة قد يعني حياة صعبة مليئة بالعمل المضني وقلة الفرص .

مع بلوغه سن التجنيد الإلزامي في الجيش الألماني، أصبح قرار مغادرة ألمانيا ملحًّا أكثر من أي وقت مضى . رأى في الهجرة فرصة للهروب من التجنيد والبدء من جديد في بلد يوفر فرصًا أكبر لحياة كريمة وازدهار مالي .

2. قرار الهجرة إلى أميركا

في إحدى ليالي أكتوبر 1885، بعد تفكير طويل، اتخذ فريدريك قرار الهرب من ألمانيا . كتب رسالة وداع لوالدته، وغادر قاصدًا ميناء بريمن حيث استقل سفينة “إس إس إيدر” المتوجهة إلى الولايات المتحدة . كان فريدريك في السادسة عشرة من عمره حينها، وامتدت رحلته عبر شمال المحيط الأطلسي لمدة عشرة أيام وسط مئات المهاجرين الذين كانوا يأملون ببدء حياة جديدة في أميركا .

بعد وصوله إلى نيويورك، استقر مع شقيقته كاثرين التي سبقته إلى هناك قبل عام، ليعيشا في حي ألماني في مدينة مانهاتن . بدأ فريدريك حياته الجديدة كحلاق، مهنةً تعلمها منذ صغره . وسرعان ما بدأ يجمع مدخراته، آملاً أن يتمكن من افتتاح مشروعه الخاص والاستفادة من فرص الاستثمار الكبيرة في أميركا .

3. رحلة الغرب الأميركي

في عام 1891، وبعد سنوات من العمل الشاق، قرر فريدريك مغادرة نيويورك والتوجه غربًا نحو مدينة سياتل في ولاية واشنطن . كانت سياتل حينذاك مركزًا للنشاط الاقتصادي، مما شجعه على شراء مطعم يقع في شارع يعرف بانتشار تجارة الخمور والدعارة . كان المطعم مصدرًا لرزق فريدريك، وأطلق عليه اسم “مطعم الألبان” بعد تجديده وتحسينه .

في عام 1892، حصل فريدريك على الجنسية الأميركية وغير اسمه من فريدريش إلى فريدريك، في خطوة تؤكد رغبته في الاستقرار الدائم في الولايات المتحدة والتكيف مع الهوية الأميركية .

بعد نجاح مشروعه في سياتل، استمر فريدريك في توسيع نشاطاته التجارية . وفي عام 1894، قرر الاتجاه إلى منطقة مونت كريستو، حيث سمع بوجود الذهب هناك . ومع انتشار أخبار الذهب، كانت المنطقة تشهد تدفقًا للمنقبين والمستثمرين، فافتتح فريدريك فندقًا صغيرًا يخدم الباحثين عن الثروة في تلك المنطقة . كانت هذه الخطوة مثمرة، حيث استفاد من تقديم الخدمات الأساسية للمنقبين في بيئة تفتقر للبنية التحتية، مما ساعده على تحقيق أرباح جيدة .

4. النجاح التجاري والانتقال إلى كندا

بعد سنوات من النجاح في أميركا، انتقل فريدريك إلى كندا مع شريك له في مقاطعة كولومبيا البريطانية، حيث افتتح سلسلة من الفنادق والمطاعم . استغل فريدريك الازدهار الاقتصادي في المنطقة، وخاصةً خلال فترة اكتشاف الذهب في كندا .

كانت الفنادق التي أدارها تقدم مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك القمار وتوفير المشروبات الكحولية، وهو ما كان يُعتبر مصدرًا للأرباح في تلك الفترة . ازدهرت أعماله في مدينة وايت هورس، واستطاع أن يكوّن ثروة كبيرة بفضل ذكائه في استثمار الفرص التي أتيحت له في المناطق النائية التي تجذب المنقبين والباحثين عن الثروة .

5. العودة إلى ألمانيا والطرد منها

بحلول عام 1901، وبعد أن جمع ثروة كبيرة، قرر فريدريك العودة إلى مسقط رأسه في ألمانيا للزواج والاستقرار . تزوج من إليزابيث كريست وخططا للعيش في بلدة كالشتات . لكن لم يمر وقت طويل حتى قامت السلطات الألمانية بطرده هو وزوجته من البلاد وسحب الجنسية منهما، بتهمة مغادرة ألمانيا بشكل غير قانوني، والتهرب من الخدمة العسكرية والضرائب .

بعد هذا الطرد، اضطر فريدريك للعودة مجددًا إلى الولايات المتحدة مع زوجته . استقر الزوجان في نيويورك، حيث انتقلا للعيش في حي ألماني جنوب منطقة ذا برونكس .

6. الحياة في نيويورك وتأسيس العائلة

في نيويورك، أنجب الزوجان ثلاثة أطفال، أحدهم فريد ترامب، والد الرئيس الأميركي دونالد ترامب . تأثر الأبناء بنجاح والدهم التجاري، ونشأ فريد ترامب الابن ليصبح أحد أنجح رجال الأعمال في نيويورك . استثمر فريد الابن في العقارات وحقق نجاحًا كبيرًا، مستفيدًا من الخبرات التي تعلمها من والده فريدريك .

7. وفاة فريدريك ترامب وتركته

ظل فريدريك يعمل في مجال الفنادق والمطاعم حتى أصيب بالإنفلونزا خلال تفشيها عام 1918 . توفي عن عمر ناهز 49 عامًا، تاركًا وراءه ثروة قُدّرت بحوالي 510 آلاف دولار، وهي مبلغ كبير في ذلك الوقت . ورثت عائلته هذه الثروة، مما ساهم في استقرارهم المالي وفتح لهم آفاقًا جديدة للاستثمار في مجال العقارات .

8. إرث فريدريك ترامب

كان لفريدريك ترامب تأثير كبير على عائلته، خاصةً مع نجاح ابنه فريد ترامب الابن في مجال العقارات . استمر الإرث المالي والعملي للعائلة، وتمكن أحفاده من البناء على تلك النجاحات وتحقيق مزيد من الثروات . يعد الرئيس دونالد ترامب أحد الأمثلة البارزة على الجيل الذي استفاد من نجاحات فريدريك ترامب وحقق لنفسه مكانة عالمية .

يشكل تاريخ فريدريك ترامب نموذجًا لأحلام المهاجرين الأوائل الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة بحثًا عن فرص أفضل، وكيف تمكنت عائلاتهم من تحقيق النجاح بعد جيل أو جيلين .


اقرأ كذلك :الصهيوني أبراهام شتيرن: الساعي للتحالف مع هتلر لتحقيق دولة إسرائيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات