تفاؤل المعارضة السورية بفوز ترامب: ما هي الأسباب؟

تفاؤل المعارضة السورية بفوز ترامب: ما هي الأسباب؟ شمال سوريا – مع إعلان فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بفترة رئاسية جديدة، تتزايد آمال المعارضة السورية، وإن كانت هذه الآمال مصحوبة بحذر شديد. المعارضة السورية ترى أن الانتخابات الأمريكية قد تُسهم في دعم قضيتها، إذ يتوقعون أن الإدارة الأمريكية الجديدة قد تواصل تشديد موقفها تجاه النظام السوري وحليفته إيران، ما قد يؤدي إلى تحريك الملف السوري على المستوى السياسي. هذه التوقعات تأتي في وقت عصيب بالنسبة للسوريين، الذين يعانون من الأزمة المستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن.

لكن في الوقت نفسه، هناك مقاومة لفكرة ربط مستقبل سوريا بشكل كامل بالتطورات السياسية الأمريكية، حيث يحذر قادة المعارضة من وضع كل آمالهم في شخص الرئيس الأمريكي الجديد، معتبرين أن السياسة لا تُبنى على الأمنيات أو الوعود الانتخابية، بل على التحركات الواقعية والنتائج العملية.

التفاؤل الحذر: هل يستحق ترامب الثقة؟

رغم أن المعارضة السورية تُظهر تفاؤلًا حذرًا بشأن فوز ترامب، فإنها تتجنب بناء آمال مبالغ فيها على تعهداته السابقة. ويؤكد هؤلاء أن تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية في دورته السابقة حول تصفية رأس النظام السوري بشار الأسد كانت مجرد تهديدات لم تترجم إلى أفعال حقيقية. لكن المراقبين يرون أن تكرار هذه التصريحات قد يكون له تأثير معنوي، وإن كان هذا التأثير يظل غير مؤكد حتى الآن. فالمعارضة تركز على أفعال الإدارة الأمريكية أكثر من تصريحات الرئيس، وهذا ما يجعل التفاؤل يبدو محدودًا في أوساط المعارضة السورية.

دور الإدارة الأمريكية الجديدة في دفع الحل السياسي

يعتبر عبد الرحمن مصطفى، رئيس الحكومة السورية المؤقتة. أن التغيرات الحاصلة في الإدارة الأمريكية تفتح الباب لمقاربة جديدة للملف السوري. وهو يرى أن الحكومة السورية المؤقتة تتفاءل بأن إدارة ترامب ستكون أكثر جدية في التعامل مع الملف السوري مقارنة بالإدارات السابقة. ويضيف مصطفى في حديثه للجزيرة نت أن الحكومة المؤقتة تأمل أن تعمل الإدارة الأمريكية الجديدة على دعم تطلعات الشعب السوري، وأن تضمن تنفيذ سياسات لمواجهة “نظام الكبتاغون” الذي يسيطر على جزء كبير من المناطق السورية. وتعزيز مسارات العدالة والمساءلة. كما يرى أن التحركات الأمريكية قد تسهم في دفع مسار الحل السياسي المتعثر إلى الأمام. وهو ما يعتبره هدفًا أساسيًا للمعارضة في المرحلة المقبلة.

التهديدات السابقة: هل هي مجرد تصريحات أم استراتيجية؟

في ما يتعلق بتصريحات ترامب خلال فترة حكمه السابقة عن تصفية بشار الأسد. يوضح مصطفى أن “توقع فعل معين ومحدد ليس القضية الأهم في الوقت الراهن”. فالمعارضة ترى أن المسألة الأساسية في الوقت الحالي هي استمرارية سياسة الإدارة الأمريكية القادمة في سوريا. ومدى تأثير هذه السياسة في النهاية على مسار الأزمة السورية. ويشدد مصطفى على أن ما يهم المعارضة حاليًا هو النهج العام لإدارة ترامب وتوجهاتها في التعامل مع الملف السوري. خاصة أن المعارضة تأمل أن تكون هذه التوجهات فعالة في إنهاء معاناة الشعب السوري وتحقيق الانتقال السياسي المنشود.

كما يضيف مصطفى أن المعارضة السورية تتواصل بشكل مستمر مع الحكومة الأمريكية وتحرص على تطوير هذه العلاقات. لاسيما في ظل وجود شخصيات أمريكية مؤثرة يمكنها دعم قضايا الشعب السوري. يتحدث مصطفى عن أهمية هذه الاتصالات لتعزيز المواقف السياسية للمعارضة السورية. مشيرًا إلى أن الهدف هو التعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة والمؤسسات الأمريكية الفاعلة في صنع القرار.

الضغط السياسي على النظام السوري: استمرار السياسات الأمريكية أم تشدد أكبر؟

من جانبه، يرى هادي البحرة. رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض، أنه من غير المرجح أن يحدث تغيير كبير في السياسات الأمريكية على المدى القصير. يشير البحرة إلى أن الولايات المتحدة ستستمر في ممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية على النظام السوري. وأكد البحرة في حديثه للجزيرة نت أن إدارة ترامب سترفض التطبيع مع النظام السوري. وستظل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه سارية. ومن المتوقع أن تظل الولايات المتحدة ترفض بدء أعمال إعادة الإعمار في سوريا ما لم تتحقق بعض التقدم في العملية السياسية.

البحرة يشير إلى أن الإدارة الأمريكية قد تصبح أكثر تشددًا في تطبيق هذه السياسات. خاصة فيما يتعلق بالحد من النفوذ الإيراني في المنطقة. ويعتبر أن هذه السياسة قد تفتح الباب أمام فرص جديدة لتفعيل العملية السياسية في سوريا، رغم أن الملف السوري ليس على رأس أولويات إدارة ترامب. وفقًا للبحة. فإن الملف السوري يعد جزءًا من قضايا دولية وإقليمية أكبر، ومن المتوقع أن تظل الأولوية الأولى للإدارة الأمريكية الحالية هي إيجاد حل للملف الفلسطيني، خصوصًا فيما يتعلق بقطاع غزة.

تفاؤل المعارضة بموقف ترامب من إيران وحلفائها

في السياق ذاته، أوضح العقيد مصطفى بكور، المتحدث الرسمي باسم فصيل “جيش العزة”. أن تفاؤل المعارضة السورية بفوز ترامب يعود إلى مواقفه المتشددة تجاه إيران والفصائل التابعة لها. يرى بكور أن موقف ترامب من إيران قد يكون له تأثير إيجابي على الوضع في سوريا، خاصة فيما يتعلق بمحاولات إيران للتمدد في المنطقة. بما في ذلك في الأراضي السورية. ويعتقد بكور أن هذا الموقف المتشدد قد يسهم في إضعاف دور إيران في الصراع السوري. وهو ما يُعتبر أمرًا إيجابيًا بالنسبة للمعارضة السورية.

التهديدات بالاغتيال: هل هي سياسة أمريكية أم مجرد تصريحات؟

وحول ما تم تداوله في وسائل الإعلام بشأن تهديدات ترامب باغتيال بشار الأسد. يعتقد بكور أن هذه التصريحات قد تكون في إطار الخطاب السياسي الموجه في مرحلة معينة. ومع ذلك. يشير بكور إلى أن مثل هذا القرار قد يتخذ إذا رأت الولايات المتحدة أن مصلحة أمريكا تقتضي ذلك. كما يضيف أن ترامب هو رجل أعمال في المقام الأول، ووفقًا لذلك، فهو ينظر إلى الأمور من زاوية “الربح والخسارة”، مما يعني أن أي خطوة بهذا الحجم يجب أن تكون مدروسة بعناية وفقًا للمصلحة الأمريكية.

انسحاب القوات الأمريكية من سوريا: تحديات جديدة

أما بخصوص الأنباء التي تشير إلى نية ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا. فإن العقيد مصطفى بكور يعرب عن اعتقاده بأن هذا الانسحاب لن يحدث دون اتفاق مع تركيا. ويشدد على أن سحب القوات الأمريكية من سوريا قد يفتح الطريق أمام هيمنة القوات التركية أو الإيرانية أو حتى قوات النظام السوري على منطقة شرق الفرات. وهو ما يعتبره أمرًا غير مرغوب فيه بالنسبة للمعارضة السورية.

في الختام، تظل المعارضة السورية متفائلة ولكن بحذر تجاه فوز ترامب. يتوقعون أن يستمر الضغط على النظام السوري وأن تظل الإدارة الأمريكية الجديدة ملتزمة بمواقفها المتشددة ضد إيران، وهو ما قد يسهم في إيجاد فرص لإحياء العملية السياسية في سوريا. ومع ذلك. تظل المعارضة السورية تأمل في أن تكون هذه السياسات متوافقة مع تطلعات الشعب السوري في تحقيق الانتقال السياسي ووقف معاناتهم المستمرة.

اقرأ كذلك :قناة إسرائيلية تكشف عن تفاصيل مقترح أمريكي لمرحلة ما بعد الحرب في غزة