الصهيوني أبراهام شتيرن: الساعي للتحالف مع هتلر لتحقيق دولة إسرائيل
"كيف تحول أبراهام شتيرن من زعيم عصابة متطرفة ومثير للجدل إلى رمز في الثقافة الإسرائيلية: تفاصيل مقتله، ومواقفه المتشددة، وتعاونه المثير مع النازية، وتغير إرثه بمرور الزمن"
الصهيوني أبراهام شتيرن: الساعي للتحالف مع هتلر لتحقيق دولة إسرائيل… مقتل أبراهام شتيرن: تفاصيل العملية ودلالات الإرث المتغير في 12 فبراير 1942. حصلت الشرطة البريطانية على معلومات دقيقة حول مخبأ أبراهام شتيرن، المعروف بلقب “يائير” قائد عصابة عسكرية يهودية سرية تُدعى “ليحي” وتعني “مقاتلون من أجل حرية إسرائيل”.
كان شتيرن مختبئًا في شقة بحي فلورنتين في مدينة يافا، التي أصبحت لاحقًا جزءًا من تل أبيب.
الشرطة البريطانية اقتحمت الشقة فورًا. عثرت عليه مختبئًا فيها. قيدوه وربطوا يديه خلف ظهره. ووضعوه على أريكة. بعد إخلاء المكان، سُمع إطلاق ثلاث طلقات نارية، وكانت تلك نهاية شتيرن.
الرواية البريطانية الرسمية تشير إلى أنه حاول الفرار بالقفز من النافذة. لكن روايات زملائه، وشهادة بعض الضباط البريطانيين، ترجح أنه قُتل عمدًا.
خلفية عصابة شتيرن وموقفها المتطرف
– لم يكن استهداف شتيرن مفاجئًا؛ إذ كانت “ليحي” تعدُّ الأكثر تطرفًا بين المنظمات العسكرية الصهيونية في أربعينيات القرن الماضي.
– يُعد شتيرن مؤسسًا لحركة متشددة ترفض الوجود البريطاني وتعتبره العقبة الأساسية أمام تحقيق الاستقلال اليهودي.
المنظمات العسكرية الصهيونية الكبرى آنذاك كانت تتضمن الهاغاناه، بقيادة ديفيد بن غوريون، الذي أصبح لاحقًا أول رئيس وزراء لإسرائيل، وعصابة الإرغون بقيادة مناحيم بيغن.
– في المقابل، كانت عصابة شتيرن، بقيادة شتيرن، أصغر بكثير من المنظمتين السابقتين، لكنها أكثر تطرفًا في مواقفها تجاه الفلسطينيين والبريطانيين على حد سواء.
وثائق تكشف علاقة ليحي بالنازية
في يونيو 2023، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية وثائق سرية تم الكشف عنها بعد ثمانين عامًا. تكشف هذه الوثائق أن عصابة شتيرن رأت فرصة للتقارب مع النازية خلال الحرب العالمية الثانية، بهدف التخلص من الحكم البريطاني في فلسطين.
– تضمنت الوثائق شهادات لأعضاء “ليحي” حول أسباب اتخاذ هذا الموقف المتطرف. وتشير إلى أن العصابة اقترحت تعاونًا مع النازيين، بناءً على “شراكة في المصالح” بين رؤيتهم و”التطلعات الوطنية الحقيقية للشعب اليهودي”.
التقرير يكشف أن التواصل مع النازية بدأ في أواخر عام 1940، عندما التقى عملاء ليحي بمسؤول ألماني في بيروت، مقدمين مستندًا يقترح تعاونًا عسكريًا ضد البريطانيين.
مواقف متناقضة بين العصابات الصهيونية
الهاغاناه تبنت مبدأ عدم مواجهة البريطانيين، نظرًا لأنهم كانوا يقاتلون النازية.
الإرغون كانت تهاجم القوات البريطانية، ولكنها تركز على الأهداف العسكرية.
في المقابل، اعتبرت عصابة شتيرن أن كل من يحكم “أرض إسرائيل” غير شرعي، سواء كان بريطانيًا أو عربيًا، وبدأت في مهاجمة أي هدف بريطاني أو عربي.
نشأة شتيرن ورحلته نحو التطرف
– وُلد أبراهام شتيرن في 23 ديسمبر 190 في مدينة سووالكي ببولندا، وتربى في بيئة يهودية ملتزمة. عاصر شتيرن ثلاثة أحداث تاريخية أساسية: الحرب العالمية الأولى، وانهيار الإمبراطوريات الكبرى، والثورة البلشفية.
– في عام 1926، قرر استكمال دراسته في فلسطين، حيث تعمق في الفكر الصهيوني وأكمل دراسته في الأدب العبري وتاريخ إسرائيل.
– بسبب تفوقه، حصل على منحة لدراسة الأدب الكلاسيكي في جامعة فلورنسا بإيطاليا. عند عودته، انضم إلى الهاغاناه ثم إلى الإرغون، حيث تطور فكره المتطرف حتى قرر تشكيل عصابة “ليحي” بعد انشقاقه عن الإرغون.
مواقف ليحي من العرب والبريطانيين
– كانت الأيديولوجية الصهيونية المتطرفة لعصابة شتيرن، كما تكشف وثيقة المبادئ التي كتبها، ترى أن “الشعب اليهودي هو شعب فريد، ووطنه هنا في أرض إسرائيل كما هي محددة في التوراة”.
– أحد مبادئها كان “تجديد السيادة العبرية بالقوة العسكرية”، مع العزم على طرد غير اليهود (الفلسطينيين) عن طريق التهجير.
تحالفات مثيرة للجدل مع النازية
– برزت عصابة شتيرن بعد انشقاقها عن الإرغون كتنظيم متشدد سعى إلى التعاون مع النازية لتحقيق أهدافه.
– تشير الوثائق إلى أن شتيرن ومساعديه رأوا في النازيين شركاءً لتحقيق هدفهم في إنهاء الوجود البريطاني في فلسطين.
الإرث المتغير لشتيرن بعد مقتله
بعد عقود من مقتله، يُلاحَظ تغير النظرة الشعبية إلى شتيرن، خصوصًا بعد انتخاب مناحيم بيغن في 1977.
جاء هذا التغيير بعد عقود من اعتبار عصابته “خائنة” في ظل حكم بن غوريون، الذي كان يعتبر شتيرن تهديدًا للأمن الداخلي.
اليوم، أصبح شتيرن يُقدَّر في أوساط المجتمع الإسرائيلي، خاصة بين الأجيال الشابة التي ترى فيه رمزًا للمقاومة ضد الانتداب البريطاني.
اقرأ كذلك :“سلطان العالم”: عندما لجأت فرنسا إلى سليمان القانوني