تقاليد رمضانية تركية موروثة تشمل شطب “دفتر الذمم” و”إيجار الأسنان”
جهود الطلبة التركيين في تقديم المساعدات الخيرية لسكان غزة خلال الحرب الإسرائيلية
يعتنق الشعب التركي في شهر رمضان الكريم عدة تقاليد تعود جذورها إلى العصور القديمة. حيث يعكفون على إحياء هذه التقاليد القديمة التي تعكس قيمهم الاجتماعية والإنسانية. تتألف هذه التقاليد من مجموعة متنوعة من الأعمال الخيرية والطقوس التي تنشر روح التضامن والتعاون بين أفراد المجتمع التركي.
في هذا السياق، يشير الأستاذ علي بويوك أصلان، عميد كلية الإعلام في جامعة “ميديبول” التركية. إلى أهمية نقل التقاليد الرمضانية الجميلة والمتميزة. التي تمتد جذورها إلى العهدين العثماني والسلجوقي، إلى الأجيال الصاعدة. ومن بين هذه التقاليد الرمضانية البارزة في تركيا: “شطب دفتر الذمم”. و”إيجار الأسنان”، و”دفاتر الأسعار”، التي تعكس روح السخاء والتعاون والتضامن في المجتمع التركي.
تتمثل تقاليد رمضان في “شطب دفتر الذمم” في مساعدة الفقراء والمحتاجين على سداد ديونهم لمحلات البقالة والمواد الغذائية، حيث يتبرع أصحاب المحلات بشطب هذه الديون خلال شهر رمضان. وهو ما يعكس روح التكافل والعطاء في الشهر الفضيل.
أما “إيجار الأسنان”، فيعبر عن استقبال الأثرياء والأغنياء للفقراء والمحتاجين في منازلهم لتناول وجبة الإفطار المشتركة. حيث يتم توزيع الطعام على الجميع دون تفرقة، وهو ما يعكس روح الكرم والشهامة في تقديم المساعدة لمن يحتاجون إليها.
وتعد “دفاتر الأسعار” أيضًا من التقاليد الرمضانية القديمة في تركيا، حيث يتم تحديد أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية بشكل عادل ومنصف خلال شهر رمضان. لضمان توفرها للجميع بأسعار معقولة.
بهذه الطريقة، تظل التقاليد الرمضانية الشامخة جزءًا لا يتجزأ من الثقافة والتراث التركي. حيث تحمل في طياتها قيمًا عظيمة من التعاون والعطاء والتضامن. مما يجعلها موروثًا ثقافيًا يستحق الاحتفاظ به ونقله إلى الأجيال القادمة.
قاليد رمضانية تركية: تقليد “شطب دفتر الذمم”
تعتبر تقاليد رمضان في تركيا مصدرًا للفخر والثراء الثقافي. ومن بين هذه التقاليد العظيمة تقليد “شطب دفتر الذمم”. يُعد هذا التقليد من أبرز المظاهر الإنسانية التي تجسد روح التكافل والتضامن بين أفراد المجتمع.
بخصوص تقليد “شطب دفتر الذمم”. يقول الأستاذ أصلان: “يتمثل هذا التقليد في قيام أحد التجار بشطب ديون الأسر الفقيرة والمحتاجة في دفاتر الذمم الموجودة لدى محلات البقالة في الأحياء”. ويُعرف هذا الدفتر في الوقت الحاضر باسم “دفاتر الديون”.
ويُشير أصلان إلى عدم معرفة مَن دفع تلك الديون. ومن تلك العائلات التي تمت إزالة ديونها. ومن الواضح أن هذا التقليد يعتمد بشكل كبير على السرية والتواضع.
ويضيف أصلان أن تقليد “شطب دفتر الذمم” لم يكن مجرد ظاهرة مؤقتة، بل ازدهر وانتشر على مر العصور. بدءًا من عهد الدولة العثمانية وصولًا إلى العصر الحديث. ولا زال هذا التقليد يُعد من أهم التقاليد الرمضانية التي تبرز أهمية تعزيز روح التضامن والتعاضد داخل المجتمع التركي.
قاليد رمضانية تركية: تقليد “نرخ دفترلري” لحماية المستهلك
في سياق تقاليد رمضان في تركيا، يتحدث الأستاذ بويوك أصلان عن تقليد “نرخ دفترلري” الذي كان يُمارس في عهد الدولة العثمانية كوسيلة لحماية المستهلك من تقلبات الأسعار خلال شهر رمضان.
ويشير أصلان إلى أنه كانت هناك دفاتر خاصة تُعرف بـ “نرخ دفترلري”. حيث كانت تُسجل فيها الأسعار المحددة للمواد الغذائية والسلع الأساسية. بهدف توفير حماية للمستهلك من أي غش أو ارتفاعات مفاجئة في الأسعار.
ويوضح أصلان أن موظفي الدولة كانوا يقومون بجولات تفقدية داخل الأسواق. حيث يتنكرون بملابس العامة لمراقبة التزام التجار بالأسعار المحددة، وضمان عدم استغلالهم لاحتياجات العامة وقوت الشعب.
هذا التقليد الرمضاني له أهمية كبيرة في تأكيد مبدأ العدالة والحماية للمستهلكين. ويعكس الاهتمام الذي كانت توليه الدولة العثمانية لراحة المواطنين خلال شهر الصيام. وبالرغم من تطورات العصر الحديث، فإن هذا التقليد ما زال يحتفظ بمكانته كجزء من التراث الثقافي والاجتماعي في تركيا.
قاليد رمضانية تركية: تقليد “إيجار الأسنان”
يعتبر تقليد “إيجار الأسنان” واحدًا من التقاليد العثمانية الرمضانية التي ما زالت مستمرة في تركيا حتى يومنا هذا. يتمثل هذا التقليد في فتح الأثرياء أبواب منازلهم لاستقبال الفقراء والمحتاجين على مائدة الإفطار خلال شهر رمضان المبارك.
خلال وجبة الإفطار، يُقدم الأثرياء هدايا متنوعة لضيوفهم، تشمل أحيانًا أكياسًا صغيرة تحتوي على العملات الفضية أو الذهبية. ويُطلق عليها اسم “إيجار الأسنان”. هذه الهدايا تعبر عن الكرم والشهامة في تقديم المساعدة ودعم المحتاجين خلال هذا الشهر الفضيل.
تُعد هذه اللحظات المميزة خلال شهر رمضان مناسبة لتعزيز روح التعاون والتضامن في المجتمع التركي، حيث يجتمع الناس من مختلف الطبقات الاجتماعية حول طاولة الإفطار لتبادل الحديث والتواصل وتقديم الدعم المعنوي والمادي لمن هم في حاجة إليه.
على الرغم من التحديات الحديثة والتطورات في العالم. إلا أن تقليد “إيجار الأسنان” يظل رمزًا للخير والسخاء والعطاء في تراث رمضاني غني ومميز في تاريخ وثقافة تركيا.
قاليد رمضانية تركية: صلاة التراويح
صلاة التراويح تعتبر من أبرز القواسم المشتركة في تقاليد رمضانية تركية، حيث أشار عميد كلية الإعلام في جامعة “ميديبول” إلى أهمية هذه الصلاة وتمسك الأتراك بها بشكل وافر. يتميز أداء صلاة التراويح في تركيا بالطريقة الأندرونية، حيث يتم فيها قراءة القرآن الكريم بتلاوات متنوعة ومميزة.
ويضيف العميد أن العائلات التركية تولي اهتمامًا كبيرًا بتعويد أطفالها على أداء صلاة التراويح خلال شهر رمضان. وهو تقليد يعود إلى عصور زمنية قديمة. فهذه العادة لم تكن محصورة في عهد الدولة العثمانية فقط، بل كانت موجودة ومتجذرة في عهد الدولة السلجوقية أيضًا.
تعكس صلاة التراويح في تركيا لحظات تلاحم وتواصل ديني بين أفراد المجتمع. حيث يجتمع الناس في المساجد لأداء هذه الصلاة المميزة التي تعطي أجواءً روحانية خاصة خلال شهر الصيام. وبالتالي. يُعتبر أداء صلاة التراويح وتعويدها على الأطفال جزءًا لا يتجزأ من تراث رمضاني غني ومتجدد في تركيا، مما يعزز من روح التعاون والدينية في المجتمع التركي.
قاليد رمضانية تركية: أعمال خيرية
التقاليد الرمضانية في تركيا تمثل مرآةً للبركة والفضائل. حيث أدرك السلاجقة والعثمانيون قيمة هذا الشهر الفضيل وتركوا وراثة من القيم والتقاليد الرمضانية التي تعزز الترابط الاجتماعي وتعمّق الوحدة والانتماء للمجتمع. يشير الأكاديمي التركي إلى أهمية غرس هذه القيم في أفئدة الأجيال الصاعدة لتحقيق استمرارها وازدهارها في المستقبل.
ويعبر عن هذا الإرث الرمضاني الغني الذي يعيشه الأتراك في العائلات والمدارس. والتزامهم ببث جو رمضاني مميز يعكس روح العطاء والتعاون. ويشير بويوك أصلان إلى دور تركيا البارز في تقديم المساعدات الإنسانية على الصعيد العالمي. حيث تتجاوب المؤسسات الخيرية والمجتمع المدني بسرعة لدعم المحتاجين دون تمييز بينهم.
ويؤكد أن هذا التراث الإنساني لم يكن حكرًا على الماضي، بل استمر في الحاضر من خلال الجهود الجادة لدعم المظلومين والمحتاجين في جميع أنحاء العالم. هذه الأعمال الخيرية تجسد الروح الرمضانية في تركيا وتبرز قيم العطاء والتعاون والتضامن، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية والإنسانية للمجتمع التركي.
قاليد رمضانية تركية: مساعدات لغزة
في ظل الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، يعكف العالم على تحقيق وقف لـ “المذبحة” التي يتعرض لها سكان هذا القطاع المنكوب. وفي هذا السياق، يؤكد الأكاديمي أصلان على أن السعي لوقف هذه الجرائم ليس واجبًا إنسانيًا على المسلمين فقط، بل على العالم بأسره.
ويشير إلى دور طلبة الجامعات التركية في هذا الصدد. حيث يسعون لجمع التبرعات وتوفير الدعم المادي والمعنوي للمتضررين في غزة، من خلال تنظيم الأسواق الخيرية وجمع التبرعات. هذا الجهد يعكس حسًا إنسانيًا عاليًا ووعيًا كبيرًا لدى الطلبة، ويعتبر تجسيدًا للروح التضامنية والمساندة التي يحملونها.
الجيش الإسرائيلي يواصل حملته العسكرية على غزة، مخلفًا دمارًا هائلًا وعددًا كبيرًا من الضحايا المدنيين. ومازالت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية توثق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في المنطقة. هذه الظروف تجبرنا على التفكير بأفضل السبل لمساعدة الناس في غزة وتوفير الدعم اللازم لهم في هذه الظروف الصعبة.
اقرأ كذلك: استكشاف العلاقة بين الروس والتاريخ الإسلامي .. دراسة للقواعد الحاكمة