تاريخ وثقافة

في البداية كان الاستيطان .. تأثير مستعمرات العالم الجديد على تشكيل الهوية السياسية في أميركا

المسائل الكبرى التي صاغت التجربة الاستيطانية الأميركية وتحددت بفضلها الأيديولوجيات والتوجهات السياسية في التاريخ الأميركي

في العصور القديمة قبل أن تبزغ شمس الولايات المتحدة كقوة عالمية، كانت البدايات تجري في أروقة التاريخ الأوروبي. كانت هذه الأمة الجديدة تختبئ في أفقرا بعيدة عن العيون العالمية. فيما كان العالم الجديد يعيش أزمنة ما قبل وصول المستوطنين الأوروبيين.

في تلك الفترة، قام المستكشف الإيطالي كريستوفر كولومبوس (1451-1506م) برحلة استكشافية أحدثت نقلة نوعية في تاريخ الإنسانية. كان ذلك عهداً جديداً من “التمدد واستكشاف العالم”، ولكن بأسلوب أوروبي تماماً. بدأوا رحلتهم نحو آفاق بعيدة لم يكونوا قد رأوها أبدًا، وكان ذلك هو البداية التاريخية لأميركا كما نعرفها اليوم.

ما بين الأمال والواقع: لحظات تاريخية تجمع بين عوالم مختلفة

تنوّعت آمال وتطلعات المستوطنين الأوروبيين الذين وصلوا من “العالم القديم” إلى “العالم الجديد” بناءً على خلفياتهم الثقافية والاجتماعية. كانت هذه الآمال متباينة بين البحث عن الثروة والمغامرة، ورغبة في تحقيق العظمة أو تقديم الخدمة للحكام. وفي بعض الأحيان الهرب من الظلم والاضطهاد. وأحيانًا أخرى السعي لحرية الدين والعبادة، أو محاربة الفقر والمجاعات والاضطهاد، أو حتى بناء مزارع الأحلام.

وكان هناك من وصلوا دون أحلام، وتم استخدامهم كقوى عاملة في مزارع الزراعة ومناجم المعادن والصناعات الأخرى. أو كعبيد في مشروعات بناء السكك الحديد من جانب البحر إلى البحر الآخر. على مدى قرنين تقريباً. تداخلت حياتهم مع حياة السكان الأصليين للقارة الجديدة بطرق مختلفة. مما أدى في النهاية إلى تشكيل الهوية الأمريكية بصورة فريدة.

ومع ذلك، كان ما يعنيه النجاح وتأسيس الإمبراطوريات بالنسبة للمستوطنين الأوروبيين يعني بالضرورة صراعًا دمويًا ومستمرًا من أجل البقاء والنجاة والحفاظ على أراضيهم وثقافاتهم وسبل حياتهم.

تأسيس المستوطنات: نخب متنوعة تشكل مصالح اقتصادية ودينية في أميركا الاستعمارية

في فترة الاستعمار الأولى في أميركا. كانت القوى الرائدة هي نخبة من المستوطنين الأوروبيين الذين قادوا مشروعات الاستيطان. وكانت تلك النخبة تعبر عن مصالح اقتصادية واهتمامات دينية متنوعة. ضمت هذه النخبة رجال دين بيوريتان. الذين كانوا يسعون للحرية الدينية والتقيد بمبادئهم الدينية. وكذلك كبار الأثرياء وملاك الأراضي الباحثين عن الربح والاستثمار. إلى جانب شركات الاستثمار والتجارة من الطبقة التجارية الإنجليزية. بالإضافة إلى بعض المغامرين والمثقفين الذين كانوا قد تلقوا تعليمًا عاليًا في ذلك الوقت.

بالرغم من رغبتهم الأصلية في الهجرة إلى مستعمرة جيمس تاون في فرجينيا. تعرضت طائفة “الحجاج” الدينية الإنجليزية المهاجرة لظروف بحرية صعبة أدت إلى هبوطهم في نيو إنغلاند شمال شرق أميركا. هنا أسسوا مدينة بليموث، التي تقع اليوم في ولاية ماسَاتشوستْس. بالإضافة إلى ذلك، أسست جماعة بيوريتان لندن مستعمرة نيوهيفن بولاية كونِّتيكيت الحالية، حيث تم تأسيسها وسكنها بواسطة البيوريتان فقط في البداية.

بعد وصول العديد من المستوطنين البيوريتان إلى ساحل ماساتشوستس، توطدت مكانتهم بسرعة نظرًا لتنظيمهم القوي. وكانوا يعترضون على الكنيسة الإنغليكانية بدلاً من الانفصال عنها، حيث كانوا يسعون لتنقيتها. نجحوا بسرعة، خاصة بعد “الهجرة الكبرى” التي شهدت وصول حوالي 25 ألفاً منهم إلى ماساتشوستس هرباً من اضطهاد الكنيسة الإنغليكانية في عهد الملك شارل الأول.

بمجرد أن سيطروا على حكم ماساتشوستس، لم يتساهل البيوريتان مع أي معارضة. حيث اضطروا المعارضين إلى مغادرة بوسطن عدة مرات. مما أدى إلى إنشاء عدد من المستوطنات الجديدة والولايات في وقت لاحق. وهكذا بدأت مسيرة تأسيس مستوطنات وولايات جديدة في تاريخ أميركا.

في البداية كان الاستيطان .. تأثير مستعمرات العالم الجديد على تشكيل الهوية السياسية في أميركا

التشكيل الاستيطاني: تأثيرات اجتماعية وثقافية على مستعمرات العالم الجديد

في بداية التشكيل الاستيطاني للمستعمرات في العالم الجديد. كانت الكتلة السكانية الرئيسة تتألف بشكل أساسي من مهاجرين بروتستانتيين. حتى عندما سمحت السلطات البريطانية بهجرة أشخاص غير بريطانيين إلى هذه المستعمرات. انحصر ذلك في ثلاث فئات رئيسية، وهم: الألمان البالاتينيين، والأسكتلنديين الأيرلنديين، والرقيق السود.

بدأت هجرة الألمان بشكل رئيسي بعد عام 1710. بعد أن منح البرلمان البريطاني الجنسية لأي بروتستانتي يهاجر إلى أميركا. كان المهاجرون الألمان يتركون بلادهم هرباً من الفقر والصراعات والاضطهاد الديني. واستقروا في المناطق الداخلية بعيدًا عن السواحل. تميزت بنسلفانيا بأراضيها الشاسعة كوجهة رئيسية للاستقرار. وأصبحوا معروفين باسم “هولنديي بنسلفانيا”. وفيما بعد، انضم إليهم مهاجرون بريسبتاريون من شمال أسكتلندا وأيرلندا. هاربين من الاضطهاد الديني في بلدهم، وأصبحوا يعرفون باسم “البروتستانت المشيخي” في هذه المناطق. جاءوا أيضًا بحثًا عن حياة أفضل وفرص اقتصادية أفضل، نظرًا لزيادة السكان وقلة الموارد الاقتصادية التي كانت تسبب في مجاعات في بعض الأحيان.

تأثير التشكيل الاستيطاني: تنوع ثقافي واجتماعي من خلال الهجرات

بالإضافة إلى التأثيرات المذهلة للهجرات الألمانية والبريسبتارية على التشكيل الاستيطاني في أميركا. تجدر الإشارة أيضًا إلى تواجد جماعات من الفرنسيين الهوغونوت (البروتستانت) في هذه المناطق. كان هؤلاء الهوغونوت مضطهدين بشكل كبير وتعرضوا للمذابح في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر. يُقال إن عدد الضحايا في هذه المذابح وصل إلى مليون قتيل، وهذه الفاجعة البشرية والأخلاقية كان لها تأثير هائل على فرنسا، نظرًا للتميز الثقافي والتعليمي والفكري الذي كانوا يمثلونه.

كما شهدت الهجرات وصول جماعات سويسرية وسويدية، واستوطنوا بداية في وادي ديلاوير. هؤلاء المهاجرون، بالرغم من عددهم القليل نسبياً، قدموا إسهامًا مهمًا في التشكيل الاستيطاني.

سبق هؤلاء المهاجرين الألمان واستوطنوا المناطق الجبلية في فرجينيا وكارولينا الشمالية والجنوبية، بينما انتقل الأيرلنديون إلى المناطق الغربية والجنوب الغربي، واستوطن الهوغونوت أيضًا في كارولينا. وقد توجه الأسكتلنديون إلى كارولينا وجورجيا، بينما استوطن الهولنديون نيويورك. تلك الهجرات المتنوعة أسهمت في تشكيل المجتمع الأميركي بأكمله وأضافت تنوعًا ثقافيًا واجتماعيًا غنيًا للأمة الناشئة.

التأثيرات المختلفة للهجرات على الثقافة والهوية الأميركية

في الواقع، وبصفة عامة، تعتبر معظم هذه الجماعات من المهاجرين، بغض النظر عن أصولهم الإثنية، قد فقدت الكثير من سماتها وتقاليدها الأصلية وشخصيتها عندما اندمجت في المجتمع “الاستيطاني” الجديد. ولكن هناك استثناءات قليلة، وربما كانت أبرز تلك الاستثناءات طائفة الآميش البروتستانتية التقليدية ذات الأصول الألمانية الهولندية. إنها لا تزال تحتفظ بالكثير من أخلاقياتها وتقاليدها وأنماط معيشتها الأصلية كما جاءت بها من أوروبا في القرن 18. تتواجد غالبية أفرادها في ولاية بنسلفانيا، وهناك أيضًا بعضهم يعيشون في ولاية إنديانا.

على الرغم من أن المهاجرين الأوروبيين جاؤوا إلى أميركا محملين بميراثهم الاجتماعي والطائفي والطبقي، فإن هذه التفاوتات قد انحسرت بشكل ملحوظ على مر الزمن. ورغم وجود بعض الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية والطبقية بينهم، إلا أن هذه الفروق أصبحت أقل تباينًا وتجانسًا مما كانت عليه في أوطانهم الأوروبية الأصلية.

تكوين الطبقات الاجتماعية في المستعمرات الأميركية الأولى

في الفترة الزمنية الأولى لتأسيس المستعمرات الأميركية، شكلت الأرستقراطية الجديدة مكونةً من مجموعة متنوعة من الشخصيات. ضمت هذه الأرستقراطية كبار الموظفين، والرجال الدين، والحرفيين، وأصحاب السفن، والتجار، بالإضافة إلى كبار الإقطاعيين البريطانيين. كانت وفرة الموارد الاقتصادية الطبيعية في المستعمرات أحد الأسباب الرئيسية وراء تحسن الأوضاع الاجتماعية والظروف المعيشية في المجتمع الأميركي.

ومع ذلك، كان هناك تميز بين أرستقراطية كبار موظفي المستعمرات الذين كانوا من أصول بريطانية وبين أعضاء الشرائح الاجتماعية الصاعدة الجديدة. حيث تحسنت أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية نتيجة الفرص المتاحة ووفرة الموارد.

من ناحية أخرى، كانت الطبقة الوسطى تتكون أساسًا من المزارعين والتجار والفنيين، وهم الطبقة التي تمثل الغالبية الكبرى بين سكان المستعمرات. أما الطبقة الثالثة فتضم العمال الأحرار غير الحرفيين. ويجدر بالذكر هنا أن وصف العمال الأحرار يأتي هنا لتمييزهم عن الطبقة الرابعة التي تتألف بشكل أساسي من عمال الخدمة المتعاقدين. كانوا يلتزمون بالعمل لفترة محددة من السنوات، تتراوح عادة بين 3 و7 سنوات، مقابل نقلهم من أوروبا إلى أميركا. ويتضمن هذه الطبقة أيضًا العبيد الأفارقة.

تأثير الدين على حياة المستوطنين الأميركيين في العصور الأولى

في الفترة الزمنية الأولى لتأسيس المستعمرات في أميركا، كان للدين دورًا بارزًا في حياة سكان هذه المستعمرات، حيث شكل التشكيل السكاني “الاستيطاني” جماعات متنوعة من بروتستانت الهوامش. هؤلاء الأفراد لم ينتموا إلى الكنائس البروتستانتية الرئيسية مثل الإنغليكانية، بل اختاروا تكوين تجمعات دينية مستقلة لهم، وتبنوا طقوسًا وعباداتٍ خاصة بهم.

كان هؤلاء الأفراد قد تعرضوا للاضطهاد والعسف من الكنائس الرسمية في أوروبا، مما دفعهم إلى الهجرة إلى أميركا حيث وجدوا مأوىًا آمنًا. نجحت هذه الجماعات البروتستانتية في الازدهار في أميركا، وانتشرت كنائسها، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من نمط الحياة والاجتماع والتفكير في العالم الجديد.

رغم وجود مقولة تشير إلى أن تعدد وتنوع الخلفيات الدينية لجماعات الهجرة والاستيطان قد أسهم في تشجيع التسامح الديني في العالم الجديد أكثر مما كانت عليه الأوضاع في أوروبا، إلا أنه من الصحيح أيضًا أن هذه التجربة قد شهدت في بعض الأحيان اضطهادًا مبكرًا من بعض الكنائس والجماعات الدينية للكنائس والجماعات المسيحية الأخرى. في القرن السابع عشر، تم تنفيذ عقوبات الإعدام بحق أفراد في بنسلفانيا بسبب انتمائهم للطائفة المسيحية “الكويكرز”، ولم يتم إلغاء هذه الأحكام الجائرة إلا بعد فترة طويلة.

في البداية كان الاستيطان .. تأثير مستعمرات العالم الجديد على تشكيل الهوية السياسية في أميركا

تأثير طائفة البيوريتان على المجتمع الاستيطاني في نيو إنغلاند

تركت معتقدات وممارسات طائفة البيوريتان أثرًا كبيرًا على حياة المجتمع الاستيطاني الجديد في نيو إنغلاند أكثر من أي طائفة دينية أخرى. كان البيوريتان من أتباع جون كالڤن، الإصلاحي البروتستانتي الكبير، الذين يؤمنون بأن الإنسان مسيّرٌ وليس مخيرًا، وأن الرب هو الذي قرّر أو اصطفى بالفعل أولئك الذين سينقذهم في الحياة الأخروية. هذا الاعتقاد دفع كثيرًا من البيوريتان نحو التفكير العميق والتأمل، سعيًا لمعرفة ما إذا كانوا من الذين اختارهم الرب، وكذلك الاهتمام بتحسين أحوالهم وأحوال الآخرين.

كما اعتنق البيوريتان قوانينًا أخلاقية صارمة؛ فأصدروا تشريعات تحظر العمل يوم الأحد، وكانوا يلتزمون بالحضور إلى الكنيسة بانتظام.

على الرغم من الحرية الدينية التي تمتعت بها هذه الطائفة في العالم الجديد، إلا أنها مارست الاضطهاد ضد طوائف دينية أخرى، مثل المعمدانيين والكويكرز واليهود والكاثوليك، وغيرهم.

البيوريتان ومحاكمات الساحرات: الثقة المضطربة والكنائس المستقلة

في القرن السابع عشر، انتشرت ظاهرة الاعتقاد بالسحر ولعنة السحرة بشكل شائع في أوروبا وأمريكا. وفي هذا السياق، تورطت طائفة البيوريتان في مطاردة الساحرات ومحاكمتهن. أدت هذه المطاردات إلى إعدام 19 شخصًا قبل أن يتم وقفها، وشهدت محاكمات شخصيات مرموقة، مما أدى إلى فقدان الثقة في بعض قادة البيوريتان.

كانت طائفة البيوريتان تتبنى نظامًا كنسيًا مستقلًا، وهو ما يُعرف بـ “كونغريغيشنال”، وهذا يعني أنهم يؤمنون بحرية كل كنيسة دون أن تتدخل في شؤونها أو تمارس الهيمنة عليها من خارجها. هذا المبدأ كان متجذرًا في تاريخ البروتستانتية، حيث بدأ برفض السيطرة الكاثوليكية على الكنائس باعتبارها الكنيسة “العالمية” ومستودع الأسرار المقدسة. ومع مرور الوقت، تطوّر هذا المبدأ ليشمل أيضًا رفض الهيمنة الإنغليكانية على الطوائف البروتستانتية.

التنوع الديني في المستعمرات الأمريكية: من البيوريتان إلى الكاثوليك والمزيد

في ولاية رود آيلند، كانت الطائفة الدينية البارزة هي الطائفة المعمدانية. بدأت تلك الطائفة برؤية خاصة تحت قيادة القس المثقف، روجر وليامز، الذي أكمل دراسته في جامعة كمبردج. قاد وليامز دعوة لشراء الأرض من القبائل الهندية بدلاً من استيلائها عليها، واعترض على ممارسات البيوريتان في بوسطن، مما أدى إلى طرده وطرد أتباعه من تلك المنطقة.

في بنسلفانيا ونيو جيرسي، كان للكويكرز حضور بارز، وجلب المهاجرون الأسكتلنديون والأيرلنديون معهم جماعات من اللوثريين، والمنونايت، والمورافيين. وشهدت نيويورك استقبالًا لجماعات من الإصلاحيين الهولنديين والألمان.

في المستعمرات الجنوبية، كان لجماعات الكنيسة الإنغليكانية حضورًا ملحوظًا، بينما كان الكاثوليك الجماعة البارزة في ميريلاند، ولا تزال مدينة بلتيمور تحتضن أسقفًا كاثوليكيًا. سيطر الكاثوليك على مؤسساتهم السياسية لفترة طويلة.

هذا التنوع الديني أثر بشكل كبير على الطابع الاجتماعي والثقافي للمستعمرات الأمريكية، حيث تميزت المناطق الجنوبية بانفتاحها على الحياة وتسامحها الاجتماعي، في حين شهدت المناطق الشمالية تطرفًا دينيًا أكبر.

القضايا الرئيسية في التشكيل الاستيطاني الأميركي المبكر

تتيح سمات التشكيل “الاستيطاني” الأميركي المبكر فهم مجموعة من القضايا الرئيسية والمسائل الكبرى التي ساهمت في تحديد الهويّة التاريخية لهذه التجربة الاستيطانية الممتدة. وتلك القضايا لا تزال تؤثر على الولايات المتحدة حتى اليوم، وتشكل الخطوط العامة للأفكار والتوجهات والتيارات السياسية والأيديولوجية التي تمر بها الأمة الأميركية. في هذا السياق، يمكن تجميع هذه الاهتمامات والمسائل الكبرى في عدة نقاط:

1. التواصل مع الثقافات الأصلية: كانت مسألة التفاعل مع السكان الأصليين للقارة الأميركية أحد أهم التحديات التي واجهت المستوطنين الأوروبيين. كيف تأثر هذا التفاعل على التاريخ الأميركي وعلى علاقة الأمريكيين مع الثقافات الأصلية؟

2. القضايا الدينية: ساهمت القضايا الدينية بشكل كبير في تشكيل السياسة والمجتمع الأميركي في العصور الأولى. ما هي الأدوار التي لعبتها الطوائف الدينية وحرية العبادة في تاريخ الولايات المتحدة؟

3. العلاقات مع القوى الأوروبية: كيف تأثرت العلاقات بين المستعمرات الأميركية والقوى الأوروبية الكبرى على التاريخ الأميركي المبكر وعلى مسار تكوين الولايات المتحدة؟

4. الاقتصاد والزراعة: كانت الاقتصاد والزراعة عناصر أساسية في حياة المستوطنين. كيف أثرت تلك الجوانب على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمستعمرات الأميركية؟

5. الاستقلال وتشكيل الحكومة: مسألة استعادة الاستقلال عن بريطانيا وتأسيس نظام حكومي جديد كانت من أبرز التحديات التي واجهها المستعمرون. كيف تم تشكيل هذه العملية وما هي القيم والمبادئ التي أُسس عليها النظام الحكومي في الولايات المتحدة؟

المسائل الكبرى

هذه القضايا تمثل نقاط تحوّل وتشكيل مهمة في تاريخ الولايات المتحدة وتظل حاضرة في النقاشات الحالية حول الهوية والتطور الوطني.

أولًا: الهروب من الفقر والبطالة والمجاعات التي عانتها مجتمعات أوروبا المهاجرة. والوصول إلى الوجهة الجديدة والمزعومة بأنها أرض الميعاد. حيث كانوا يستلهمون أو يتمثلون نصوص التوراة (العهد القديم) التي وصفت هذه الأرض بأنها ممتدة بلا نهاية من محيط إلى محيط، مع موارد طبيعية لا حدود لها، وثروة هائلة، وحرية تجارة غير مقيدة، ونظام اقتصادي رأسمالي. وتقدم وازدهار غير منتهي.

ثانيًا: التحرر من استبداد واستبداد الملوك والحكام في أوروبا، الذين كانوا يمارسون الحكم بشكل أوتوقراطي مطلق. وتطلع الجماعات إلى الحصول على درجة كبيرة من الاستقلال الذاتي. والمشاركة في عمليات اتخاذ القرار، وإدارة شؤونهم بأنفسهم.

ثالثًا: التركيز على حرية الديانة والتحرر من اضطهاد وتسلط الكنائس الرئيسية في أوروبا (الكاثوليكية والإنغليكانية واللوثرية)، وتأسيس جماعات دينية مستقلة تتبنى معتقداتها وتقاليدها وطقوسها الخاصة وتطلعاتها الروحية.

رابعًا: طموح النخبة في تحقيق المجد والقوة والشهرة في عالم جديد. وبناء إمبراطوريات جديدة تخلو من تسلط الممالك والإمبراطوريات الأوروبية التقليدية. مما يدفعها إلى تجنب التورط في شؤون العالم القديم والامتناع عن التمدد الإمبراطوري والتوسع على حساب الإمبراطوريات السابقة مثل الإمبراطوريات الإسبانية والبريطانية والفرنسية والبرتغالية والهولندية.

خامسًا: يشمل الاعتقاد في استثنائية التجربة الأميركية وفرادتها في التاريخ والثقافة والدين الإنساني. يُعتقد أن الثورة الأميركية والجمهورية الأميركية تمتلكان مكانة استثنائية في العالم. حيث تتميز بنظامها السياسي وحقوقها الفريدة واقتصادها الفريد من نوعه. يُعتبر الأميركيون أن بلادهم لديها رسالة خاصة في العالم وأنها “أمة مختارة”. هذا الشعور بالاستثنائية والفرادة يتداخل مع المفاهيم الدينية والوطنية في اللغة والأدب الأميركي. ويُظهر بشكل خاص في مفهوم “الدين المدني”.

سادسًا: خلال حروب الثورة الأميركية ضد الاستعمار البريطاني. أُرسِخت فكرة حق الشعب في التسلح وتأسيس مليشيات مسلحة والحفاظ على مبدأ الأمن الذاتي. هذه الفكرة أصبحت جزءًا من القانون والثقافة الأميركية، وأسهمت في تشكيل التفكير السياسي في الولايات المتحدة.

اقرأ كذلك : فارس غلوب الثائر .. بريطاني تحول إلى الإسلام وسطع بريقه في صفوف المقاومة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات