مدونات

هل تنجح المعارضة التركية في تحقيق هدف “تعاون بدلاً من تحالف” هذه المرة؟

رئيس حزب الشعب الجمهوري يعتمد نهجًا جديدًا في تجاوز التحديات وتوحيد الحزب لانتخابات محلية ناجحة

تشهد تركيا حالياً استعدادات مكثفة لإجراء الانتخابات المحلية المقررة في الواحد والثلاثين من مارس/ آذار المقبل. يأتي هذا في ظل استمرار جهود أحزاب المعارضة التركية للتعافي والتجميع بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدوها في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة.

فيما يتواصل التركيز على الاستعدادات للانتخابات المحلية المقبلة. تظل أحزاب المعارضة تعمل بجد لتجاوز الانقسامات والتوترات التي نجمت عن الهزائم السابقة. هذه الخطوات تأتي في سعيهم لتحقيق نجاح أفضل والتنافس بشكل أقوى في الساحة السياسية المحلية.

تعكس هذه الجهود الحثيثة تحديات كبيرة تواجه المعارضة التركية والتي تسعى للبقاء والازدهار في مواجهة الحزب الحاكم. ستظل الانتخابات المحلية القادمة فرصة هامة لقياس الدعم الشعبي والتأثير السياسي للأحزاب المعارضة. وستحمل معها توقعات كبيرة من قبل الناخبين والمراقبين السياسيين على حد سواء.

تصاعد الشراسة في معركة الانتخابات المحلية في تركيا

مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية المنتظرة في تركيا، يتوقع أن تكون هذه المعركة انتخابية شرسة بكل المقاييس. إنها تعتبر استفتاءً حي ومباشر على قوة وتأثير الأحزاب في الحياة السياسية التركية. وعلى مدى توافق برامجها مع احتياجات وتطلعات المواطنين اقتصاديًا واجتماعيًا، وأيضًا تقييم لرؤيتها لمستقبل البلاد والمجتمع.

تواجه الأحزاب المعارضة التركية الرئيسية تحديات كبيرة في هذه المعركة بعد خسارتها الفادحة في الانتخابات السابقة. سواء كانت انتخابات محلية أو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة. هذه الأحزاب كانت جزءًا من تحالف الأمة. الذي تحول فيما بعد إلى تحالف الطاولة السداسية. ومع تلك الخسائر، تمر هذه الأحزاب بفترة من الضبابية وفقدان التوازن. مما دفعها إلى إعادة تقييم استراتيجياتها ومواقفها السياسية.

يتوقع أن تكون معركة الانتخابات المحلية هذه فرصة لتحقيق التوازن السياسي والاستعادة من قبل الأحزاب المعارضة. وتعزيز تواجدها في الساحة السياسية التركية. إنها معركة تحمل تحديات كبيرة وتوقعات مرتفعة من قبل الناخبين والمراقبين على حد سواء.

تحالفات وتوجهات متنوعة تحت ضغوط الانتخابات المحلية في تركيا

تعكس النتائج السابقة للانتخابات المحلية في تركيا، التي جرت عام 2019، نجاحًا كبيرًا لأحزاب المعارضة. حيث استطاعت أن تفوز بمدن مهمة مثل إسطنبول وأنقرة وأنطاليا وغيرها من قبضة حزب العدالة والتنمية. هذا النجاح كان دافعًا قويًا للأحزاب المعارضة للاستمرار في التحالف. على الرغم من وجود اختلافات كبيرة بينها من حيث الأيديولوجيا والتوجهات الفكرية وقاعدتها الحزبية والتصويتية. كانوا يعتقدون أن هذا هو الطريق الوحيد لهم لمواجهة حزب العدالة والتنمية والحركة القومية. اللذين يشكلان جزءًا من جبهة “تحالف الشعب”، وهزيمتهما.

ومع ذلك، كان لا بد من مواجهة الواقع، حيث تعرضت أحزاب المعارضة لهزيمة ساحقة في الانتخابات الأخيرة. مما دفعها إلى إعادة النظر في استراتيجياتها وتحالفاتها المستقبلية. بعضها قام بتغيير قياداته الرئيسية. مثل إقالة زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو بعد فشله في الفوز بمنصب رئيس الجمهورية وإنهاء حكم رجب طيب أردوغان. وبعضها الآخر شهد تغييرات جذرية في هياكلها القيادية بسبب الاستقالات الجماعية لأعضائها البارزين بسبب الخلافات حول إدارة الحزب وعلاقاته مع الأحزاب الأخرى التي تختلف معها بشكل كبير من ناحية الأيديولوجيا. مثلما حدث مع ميرال أكشينار رئيسة حزب “الجيد”.

هل شعار “تعاون لا تحالف” هو تفتيت أم استراتيجية جديدة؟

في محاولة لتجنب مزيد من الهزائم في الانتخابات المحلية. قررت المعارضة التركية هذه المرة التحرك تحت شعار “تعاون لا تحالف”، وهو خطوة تعترف ضمنيًا بخطأها السابق في تشكيل تحالفات سابقة.

حزبا المستقبل والسعادة، الذين يقودهما أحمد داوود أوغلو وتمل كرم الله أوغلو على التوالي، كانا أسرع من غيرهما في الانسحاب من تحالف الأمة، وأعلنا عقب انتهاء الانتخابات البرلمانية والرئاسية قرارهما بالانفصال وتشكيل مجموعة برلمانية واحدة، والمشاركة المشتركة في الانتخابات المحلية.

يجمع هؤلاء الحزبين على العديد من النقاط المشتركة، حيث ينتميان إلى التيار الإسلامي المحافظ ويتبنيان نفس الأيديولوجيا والرؤى السياسية. وهما يشتركان في مبادئ عديدة تتعلق بالتغيير والإصلاح الذي يطالب به جزء من الناخبين الترك. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد لديهما تحالفات سابقة مع أحزاب أخرى تثير التساؤلات حول توجهاتهم السياسية.

استراتيجيات انتخابية متباينة للأحزاب التركية: التغريد منفردًا أم التحالف؟

في مسعى لتحقيق النجاح في الانتخابات المحلية المقبلة، انتهجت الأحزاب التركية استراتيجيات مختلفة. حزب الديمقراطية والتقدم برئاسة علي باباجان قرر خوض الانتخابات باسم وشعار الحزب، مؤكدًا عزمه المنافسة على جميع البلديات بما في ذلك البلديات الكبرى والصغرى وحتى الأحياء دون استثناء.

من ناحية أخرى، قررت ميرال أكشينار رئيسة حزب “الجيد” الدخول في الانتخابات بشكل منفرد، رافضة إمكانية التحالف مع حزب الشعب الجمهوري أو أي أحزاب معارضة أخرى. هذا القرار أثار الخلافات داخل حزبها، حيث يرون بعض الأعضاء أن هذا القرار قد يؤدي إلى خسارة الحزب لبعض البلديات التي فاز بها في الانتخابات السابقة، خاصة في المناطق التي تمتلك أغلبية كردية.

بالإضافة إلى ذلك، تعاني أكشينار من تراجع شعبية حزبها وتصاعد الانتقادات بسبب مواقفها المتضاربة وخياراتها السياسية قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مما أدى إلى فقدان الحزب لعدد من قياداته البارزة. على الرغم من كل هذه التحديات، استمرت أكشينار في موقعها كرئيسة للحزب.

تجاهل الشركاء وتوجيه تحديات: استراتيجية ميرال أكشينار للانتخابات

تعزّزت إصرار ميرال أكشينار على مواصلة سياساتها الخاصة، حيث قررت تجاهل آراء شركائها في حزبها وعدم الاعتماد على التحالفات في الانتخابات المقبلة. لكنها تبدي استعدادًا للتعاون لدعم بعض المرشحين من الأحزاب الأخرى.

أعلنت أكشينار عزمها تقديم مرشحين في جميع الولايات الـ 81 في تركيا، بما في ذلك إسطنبول وأنقرة، حيث ستنافس مرشحين ضد أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش، اللذين رغبوا في الترشح لمنافسة رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت إلى أنها لن تشارك أحدًا في الحصول على الفضليات ولن تدفع ثمن أخطائهم، وهو ما يثير انزعاج أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش، حيث قد يؤدي هذا التوجه إلى تفتيت الأصوات التي حصلوا عليها من قبل وتقليل فرصهم في الفوز.

يبدو أن هذه الاستراتيجية ستخدم مرشحي “تحالف الشعب” بشكل ملحوظ، مما دفع إمام أوغلو ويافاش للتواصل معها بهدف التعاون والمحافظة على مصالح الحزب في الانتخابات المقبلة.

حزب الشعب الجمهوري يواجه التحديات بعد الهزيمة

حزب الشعب الجمهوري، والذي يعتبر واحدًا من أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، يعاني من تباعد داخلي بعد الهزيمة الساحقة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة. على الرغم من إقالة رئيس الحزب السابق كمال كليجدار أوغلو، إلا أن الحزب يظل مثخنًا بالجراح ومعرَّضًا للصراعات الداخلية والتنافس القوي.

الوقت ليس مواتيًا للزعيم الجديد للحزب، أوزغور أوزيل، الذي يتولى القيادة في ظل تحديات كبيرة ومعركة انتخابية شديدة الضراوة. يجب عليه أن يثبت قدرته على إعادة ترميم الحزب من الداخل والعمل على تجاوز الانقسامات الداخلية والنزاعات. في هذا الوقت الحرج، يجب عليه أيضًا تحقيق النجاح في المناطق التي فشل فيها سلفه، والتركيز على الانتصارات التي تمكن من استعادتها في الانتخابات البلدية السابقة.

ربما يكون هدفًا كافيًا لأوزغور أوزيل الاحتفاظ برئاسة 11 بلدية فاز بها الحزب في الانتخابات البلدية الأخيرة، بما في ذلك مدن مهمة مثل إسطنبول وأنقرة وأنطاليا. هذا سيكون تحديًا كبيرًا بالنسبة له، خصوصًا مع وعد الرئيس أردوغان بالسعي لاستعادة هذه المدن في المرة القادمة.

رئيس حزب الشعب الجمهوري يتبنى نهجًا جديدًا

رئيس حزب الشعب الجمهوري يتبنى نهجًا جديدًا، حيث يرفض تكرار نهج سلفه والبحث عن تحالفات انتخابية جديدة. يعتبر هذا النهج أكثر فعالية وأقل تعبًا، بالنسبة لحزبه وناخبيه.

بالنظر إلى المهمة الصعبة التي تنتظر الرئيس الجديد، يجب عليه العمل على تقديم الوحدة داخل الحزب ومراجعة الأمور بحذر لتفادي تصاعد الصراعات. يجب أيضًا التفاوض مع الأجنحة المختلفة داخل الحزب، بما في ذلك التيار العلوي الذي يسعى للتأكد من تمثيله في الانتخابات.

بالإضافة إلى ذلك، يتوجب على الرئيس توجيه نداء للقاعدة الشعبية للحزب لدعمهم في هذه الفترة الحرجة والمشاركة الفعّالة في العملية الانتخابية بدلاً من مقاطعتها، مما يعزز من فرص نجاح الحزب في الانتخابات المحلية المقبلة.

اقرأ كذلك : المنتدى التركي لـ تي آر تي يختم أنشطته بدعوة إلى نظام دولي أكثر عدالة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات