مدونات

خسارة أردوغان: بين تصاعد غضب التيار الإسلامي وتعاظم التوجه القومي للدولة

تحول سياسي مفاجئ: تحليل تأثير تحالف أردوغان مع الحركة القومية على السياسة الداخلية والخارجية في تركيا وانعكاساتها على الدعم الإسلامي والمشهد السياسي المحلي

نتائج الانتخابات البلدية في تركيا 31-3-2024، تعتبر منعطفًا مهمًا في مسار الحزب الحاكم. ولابد من التأكيد على دور الرئيس رجب طيب أردوغان وإسهاماته في تعزيز الاتجاه الديني الإسلامي وتقديم الخدمات للشعب التركي. ومع ذلك. تظهر الانتخابات تحولًا في تفضيلات الناخبين. والتي يجب فهمها بدقة لفهم تطور السياسة التركية.

من المهم الاعتراف بأن أردوغان لم يصل إلى السلطة ويستمر فيها فقط بفضل البرامج الخدمية وحدها. بل تأتي تفاعلات السياسة الداخلية والخارجية في الصورة. تلك التفاعلات تتجلى بوضوح في مواقفه تجاه الأحداث الإقليمية. مثل الربيع العربي والصراعات الإقليمية.

على الرغم من دعمه لقضايا إسلامية وعربية. تبدو سياسات أردوغان في السنوات الأخيرة أكثر انحيازًا إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي. مما يعكس تغيّرًا في نهجه. هذا يظهر في استجابته للأزمات الإقليمية بحكمة وتفهم للتوترات الدولية. وهو تحول قد يؤدي إلى تغييرات في سياسة تركيا الداخلية والخارجية.

تجاه الصراعات الإقليمية، كانت سياسة أردوغان متميزة بتبني مواقف حازمة تجاه القضايا الإنسانية والعدالة الدولية. ولكن تغيرت بعض هذه المواقف في السنوات الأخيرة بفعل الضغوط الدولية والتحديات الداخلية.

بناءً على ذلك، يجب فهم تحولات سياسة أردوغان كجزء من تحولات السياسة التركية بشكل عام. وكيف أن تفاعلاته مع الأحداث الإقليمية تؤثر على توجهات السياسة الداخلية والخارجية.

بين خسارة الدعم الإسلامي ومطالب الجمهور

تتجلى نتائج الانتخابات البلدية في تركيا بتاريخ 31-3-2024 في تحولات هامة. حيث شهدت فقدانًا نسبيًا للدعم الإسلامي لأردوغان. خاصة من الجماهير التي تعتبر الرؤية الإسلامية الشاملة للحياة مقياسًا أساسيًا للسياسة. إن فقدان هذا الدعم يظهر التحولات في مواقف الناخبين ومعاييرهم للقيادة.

ليس أردوغان فقط من خسر الدعم الإسلامي. بل أيضًا التأييد العالمي الذي كان يتمتع به. حيث تغيّرت سياسته تجاه الأزمة الإنسانية في غزة بشكل لافت. حيث لم يقدم أي استجابة قوية أو موقف حاسم تجاه القضية. هذا التحول في سياسته أثار انتقادات واسعة وتساؤلات حول توجهاته المستقبلية.

المطالب الشعبية والدعوات إلى دعم غزة كانت قوية في تركيا. ولكن أردوغان اختار “الحياد السلبي” في مواجهة الكارثة الإنسانية هناك. مما أثار استياء العديد من أنصاره ومؤيديه. حتى الدكتور محمد غورماز، الذي كان من بين أقرب المقربين له. أبدى انتقادات لاذعة لسياساته، داعيًا إلى تحمل المسؤولية وتقديم الدعم اللازم للشعب الفلسطيني.

هذا التحول في سياسة أردوغان يبرز الضغوطات الدولية والمحلية التي يواجهها. ويعكس تغيرًا في توجهاته السياسية. إنه موقف قد يؤدي إلى تأثيرات كبيرة على دعمه الشعبي ومساره السياسي في المستقبل. ويشير إلى ضرورة إعادة النظر في استراتيجيته السياسية.

تحولات في سياسات أردوغان وتأثيراتها على المشهد السياسي

تحالف أردوغان مع حزب الحركة القومية، الذي يرأسه التاريخي “دولت بهشتلي”. أثر على توجهاته السياسية بشكل كبير. هذا التحالف دفعه نحو تبني طروحات قومية داخلية وخارجية. مما أدى إلى ابتعاده عن الطروحات الإسلامية. تأثرت سياسته بالملفات القومية الداخلية والخارجية. مثل الصراعات الدموية الداخلية ومسألة المقيمين العرب في تركيا، والمعارضة السورية التي تعتبر الجناح التركي في سوريا.

تحدث أردوغان عن محاسبة المتضايقين غير الترك. ولكن لم يترتب على تهديده أي تغييرات فعلية. هذا التحول في سياسته أدى إلى تحول تركيا من دولة تسعى لتقديم نموذج إسلامي نهضوي إلى دولة قومية تعمل على تعزيز العلاقات مع أوروبا، وتظهر ملامح استثمار الأزمات الإنسانية في غزة لتحقيق أهداف سياسية.

خسارة أردوغان للدعم الإسلامي والتوجه نحو القومية يعكس تغييرات كبيرة في دعمه الشعبي ومساره السياسي المستقبلي. هذا لا يعني أن الأداء الخدمي لم يلعب دورًا في نتائج الانتخابات. ولكن الفائز ليس بأفضل أداء، وإنما هو الأقل سوءًا. والآن. يواجه أردوغان تحديات جديدة تتمثل في ضياع دعمه الأساسي وخسارة المساندة القوية، مما يستدعي إعادة تقييم استراتيجيته السياسية.

اقرأ كذلك: لماذا خسر حزب العدالة والتنمية في تركيا: تأثير “التصويت العقابي” في الانتخابات؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات