مدونات

كيف يجذب الجيش الإسرائيلي المرتزقة وأصحاب الجنسيات المزدوجة؟

مرتزقة الحرب على غزة: تداخلات وتحالفات دولية تزيّن صفوف الجيش الإسرائيلي في النزاع

في الأزمان القديمة، لم تكن فكرة تجنيد المرتزقة من حول العالم للقتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي ظاهرة جديدة. فقد رأينا تلك الفكرة تستخدم منذ بدايات الحركة الصهيونية والعصابات اليهودية في مشروع تجنيد المرتزقة واليهود من جميع أنحاء العالم للمشاركة في النضال والصراع العسكري ضد الفلسطينيين.

تعود هذه الفكرة إلى فترة أربعينيات القرن الماضي، حيث أطلقت منظمة “ماحل”. المعروفة بتجنيدها لمتطوعين من خارج إسرائيل للمشاركة في النضال. منذ حرب عام 1948 وحتى النكبة. استمر الجيش الإسرائيلي في الاعتماد على المرتزقة لتطوير قواته العسكرية ووحداته القتالية. هؤلاء المرتزقة كانوا يشترون بأجور مرتفعة ويحصلون على مزايا ومخصصات نهاية الخدمة.

وكانت مشاريع “الجندي الوحيد” أو “الجنود مزدوجو الجنسية” هي الوسيلة التي استخدمتها إسرائيل لتجنيد هؤلاء المرتزقة. في عام 1947، نجحت منظمة “ماحل” في تجنيد أكثر من 3 آلاف متطوع من 37 دولة مختلفة. وكان غالبيتهم من اليهود. تم تدريب هؤلاء المتطوعين على فنون القتال. وسافروا إلى فلسطين في عام 1948 للمشاركة في الصراع إلى جانب العصابات والتنظيمات اليهودية المسلحة. وذلك بهدف مساعدتها في تأسيس دولة إسرائيل على أراضي الشعب الفلسطيني.

هذا التاريخ الغني بالأحداث يكشف عن كيفية تطور تجنيد المرتزقة في تاريخ إسرائيل. وكيف تحولت هذه الفكرة إلى جزء لا يتجزأ من استراتيجيتها العسكرية.

“ماحل” وتجنيد المرتزقة: قصة حروب إسرائيل

في الأوقات البائسة من تاريخ إسرائيل، انطلقت حملة تجنيد المرتزقة بشكل سري وخفيض الصوت. واستهدفت بشكل خاص شباب الجالية اليهودية. تم توجيه هذه الحملة بشكل خاص إلى القدامى الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية. وفي هذه الأثناء، وصل متطوعون آخرون من أوروبا إلى مركز التجنيد الذي تم إنشاؤه في باريس.

استفاد المتطوعون المرتزقة من فترة إقامتهم في المعسكرات الفرنسية للتدريب الأساسي. حيث كانوا يخضعون لإشراف مرشدين من الحركة الصهيونية. كان اليهود ينتظرون بفارغ الصبر دورهم للهجرة إلى فلسطين. وعام 1948. وصل جميع هؤلاء المرتزقة والمتطوعين إلى فلسطين، حيث شاركوا في الحرب والتهجير الذي أصاب الشعب الفلسطيني.

بعد النكبة وتأسيس إسرائيل، بدأت دور المرتزقة المجندين بواسطة الحركة الصهيونية في الجيش الإسرائيلي تظهر بوضوح. كانوا القوة الدافعة والأساسية وراء قوات الجو والبحرية والبرية. وبعد انتهاء الحرب وتأسيس الجيش الإسرائيلي. قرر العديد منهم مغادرة فلسطين.

عام 1952، تم إنشاء حي “نيفي مال” الذي يضم 100 شقة، ويقع شرق تل أبيب. كان هذا الحي موطنًا لعائلات المرتزقة الذين تم تجنيدهم من إنجلترا والولايات المتحدة وجنوب أفريقيا. وأضافوا لمسة متنوعة وثقافية إلى تاريخ إسرائيل المعقد.

“الجندي الوحيد”: مشروع التجنيد الخاص في الجيش الإسرائيلي

في أعقاب نجاح حملة تجنيد المرتزقة والمتطوعين اليهود التي قادتها “ماحل”. قام الجيش الإسرائيلي بإطلاق مشروعه الخاص والذي أطلق عليه اسم “الجندي الوحيد”. تميز هذا المشروع بوجود الغالبية العظمى من الجنود الوحيدين الذين ينضمون إلى الجيش الإسرائيلي بدون عائلاتهم. يتمتعون بامتيازات فريدة وأجور مرتفعة، ويُسمح لهم بأيضًا بممارسة أعمالهم الشخصية إلى جانب خدمتهم العسكرية.

وفقًا لمعطيات وزارة الأمن الإسرائيلية ووحدة البحث والمعلومات في الكنيست. يبلغ عدد “الجنود الوحيدين” في الجيش الإسرائيلي حوالي 6 آلاف جندي، تم تجنيدهم من 70 دولة مختلفة. ومن الملاحظ أن النسبة الأكبر (80%) من هؤلاء الجنود الوحيدين جاءوا إلى إسرائيل منفردين وبدون عائلاتهم. مما يشير إلى أن معظمهم هم مرتزقة.

يشارك “الجنود الوحيدون” بفخر إلى جانب قوات الجيش الإسرائيلي في الحروب والمعارك البرية. ويُخدم نصفهم في وحدات قتالية. يُعرفون بشراستهم وقوتهم في المعركة.

ويتمتع “الجندي الوحيد” بالعديد من المزايا، بما في ذلك منحة شهرية ثابتة بقيمة آلاف الدولارات إلى جانب أجورهم. وبطاقات الهدايا في المناسبات الخاصة، ومنح الزواج، ومنح الطرود الغذائية، ومزايا مالية متنوعة. يحصلون أيضًا على تمويل رحلة جوية لزيارة الوالدين في الخارج، ومساعدة في تكاليف الإيجار. وتمويل صيانة الشقة، وإعفاء من الضرائب.

“جيش الجنسية المزدوجة”: التحديات والسجالات

في قائمة الدول التي يشارك مواطنوها في صفوف الجيش الإسرائيلي. نجد روسيا وأوكرانيا وبريطانيا وأميركا وفرنسا وجنوب أفريقيا. يشمل هؤلاء المشاركين مجموعات من المرتزقة الذين يتم تجنيدهم عبر شركات أمنية إسرائيلية خاصة تعمل على مستوى العالم. بالإضافة إلى الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي بسبب “الجنسية المزدوجة”.

ووفقًا لتقديرات الإذاعة الإسرائيلية الرسمية “كان”.  يقدر أن هناك عشرات الآلاف من أصحاب “الجنسية المزدوجة” الإسرائيلية والروسية. يخدمون بالجيش الإسرائيلي في إطار الخدمة المدنية وقوات الاحتياط. يشاركون في الحروب والمعارك، بما في ذلك الحرب على غزة. هذا الأمر أثار مخاوف إسرائيلية من احتمال تجنيدهم في الجيش الروسي خلال حرب أوكرانيا.

في هذا السياق، أظهرت تغريدة للنجم السابق لكرة القدم إريك كانتونا استنكاره لمشاركة المرتزقة والمقاتلين ذوي الجنسية المزدوجة في الحرب على غزة. في منشور على حسابه على “إنستغرام”. أبدى كانتونا استفساراته حول كيفية تعامل الدولة مع الفرنسيين مزدوجي الجنسية الذين انضموا إلى الجيش الإسرائيلي بهدف مشاركته في العمليات ضد حماس. وقال: “هؤلاء الجنود الأربعة آلاف الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية الفرنسية. والذين غادروا البلاد للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي من أجل إبادة الفلسطينيين، بحجة شن حرب ضد حماس. هل سيتمكنون من العودة إلى فرنسا وكأن شيئاً لم يكن؟ وهل سيحاكمون على أفعالهم؟”.

مرتزقة الحرب على غزة: تحالف غير معلن

قبل أيام قليلة، تم نشر تقرير جديد من الجانب الروسي يكشف عن معلومات مثيرة. حيث أشار إلى أن المرتزقة الذين شاركوا في معارك أوكرانيا ضد الجيش الروسي قرروا التحرك مجددًا. وهذه المرة للانضمام إلى الجيش الإسرائيلي في غزة.

وفي محاولة لتعزيز صفوف “جيش المرتزقة” خلال الحرب على غزة، شهدنا تجمع الآلاف من المهاجرين الجدد الذين فروا من مناطق النزاع في أوكرانيا وروسيا. هؤلاء المهاجرون يواجهون الحرب والاضطرابات هناك. وقرروا التطوع في قواعد الجيش الإسرائيلي للمشاركة في القتال وتقديم الدعم المادي واللوجستي للجنود. يقدر أن حوالي 1500 مهاجر جديد من روسيا وأوكرانيا يمتلكون القدرة على الخدمة العسكرية والقتال.

بالإضافة إلى ذلك، هناك مئات من الجنود الأوكرانيين الذين تم نقلهم إلى إسرائيل لتلقي العلاج والتأهيل بسبب إصاباتهم خلال الحرب الروسية في أوكرانيا. ومع مرور الوقت، لم يعد الكثيرون منهم يعودون إلى أوكرانيا بل انضموا بدلاً من ذلك إلى القتال والتوغل البري في قطاع غزة كجزء من فرق المرتزقة.

تجدر الإشارة إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية لم تكن مفصحة عن مشاركة الأوكرانيين إلى جانب الجيش في الحرب على غزة والمعارك البرية هناك. وعلى الرغم من ذلك، تم توثيق مقاطع فيديو وتقارير صحفية تثبت انضمام مقاتلين أوكرانيين إلى الجنود الإسرائيليين في غزة، وقد أدى ذلك إلى مقتل 7 منهم في معارك حي الشجاعية.

وفي سياق آخر، أصدرت خارجية جنوب أفريقيا تحذيرًا لمواطنيها المقيمين في إسرائيل، حيث حذرتهم من المشاركة في الجيش الإسرائيلي خلال الحرب على غزة. وأكدت أن ذلك قد يعرضهم لمسائلة قانونية في جنوب أفريقيا بتهمة انتهاك القانون الدولي. ويعيش الآلاف من مواطني جنوب إفريقيا في إسرائيل، وهم مستهدفون بشدة بهذا التحذير.

اقرأ كذلك : تأثير حرب غزة على العرب والسياسة العالمية وتاريخ العالم .. نظرة على الصحافة العالمية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات