متى ستستيقظ الأمة وتنصر فلسطين ؟
التحديات السياسية والأخلاقية في قضية فلسطين: مسؤولياتنا وآفاق الحلول

قرنان من التآمر على احتلال المشرق العربي بداية من فلسطين. و العرب في غفلة وعمالة. لاشك أن لأرض فلسطين أهمية أزلية “تاريخية ودينية” بالنسبة للمسلمين لكونها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بوجود المسجد الأقصى، ومهد السيد المسيح عليه السلام. هي هامة للمسيحيين أيضا. فضلاً عن وجود الحائط الغربي أو حائط البراق الذي عرج من خلاله النبي محمد ليلة الإسراء والمعراج يزيد أهميتها عند المسلمين. اليهود يعتبرونه آخر أثر من هيكل سليمان، فيمارسون شعائر البكاء حداداً حسب معتقداتهم اليهودية.
لا يخفى على أحد أهمية فلسطين الإستراتيجية والسياسية. حلقة وصل بين قارتي آسيا وأفريقيا، وبين البحرين الأبيض المتوسط والأحمر. هذه المكانة جعلت منها مطمعاً للغزاة والمحتلين. فسيطر عليها الروم حين أمر النبي محمد عليه الصلاة والسلام. زيد بن حارثة أن يقود جيش المسلمين لينقذ أهل فلسطين من الظلم والطغيان فيها. تم فتح المدينة بعهد سيدنا عمر وكان قائد الجيش خالد بن الوليد آنذاك. ثم احتلها الصليبيون عام 1099م. فتحها القائد صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين عام 1187م. بقيت بعهدة المسلمين حتى نهاية الحكم العثماني عام 1922م.
تأثير الهجرة اليهودية على فلسطين
الكيد لفلسطين يعود إلى عام 1800م. كاد الغرب لفلسطين من القرن السادس عشر. بدأت الهجرة اليهودية إلى فلسطين من عدة دول، أهمها روسيا وشرق أوروبا، بدعم من قنصلياتهم، وعلى رأسهم القنصلية البريطانية. الهجرة بدأت بأعداد قليلة وازدادت تدريجيا. ثم بدأوا بالاستيطان واستملاك الأراضي بدعم بريطاني، وبتنظيم وإشراف جمعيات يهودية.
قُدِر عدد اليهود في فلسطين بالقرن السادس عشر بعشر بعشرة آلاف نسمة. مع سنة ١٨٨٢م بلغ عدد اليهود ٢٤٠٠٠ نسمة، وفي سنة ١٩٠٠م ٥٠٠٠٠ نسمة. في القرن العشرين وتحت رعاية الانتداب البريطاني أصبحت هجرة اليهود واستملاك الأراضي عملية منظمة وممنهجة. في عام ١٩٤٥ عدد اليهود بلغ ٥٢٨,٧٠٢ نسمة، في حين بلغ عدد الفلسطينيين ١,٧٣٩,٦٢٤ نسمة، أي ما يقارب ربع السكان الفلسطينيين.
تأثير الاستيطان اليهودي على أراضي فلسطين
عن استملاك الأراضي والاستيطان، استطاع اليهود تملك 7% من أراضي فلسطين بدعم بريطاني حتى عام 1948م. لم ينالوا أكثر بسبب صد الفلسطينيين لهذا الاستيطان. لكن في عام 1948م، خلال اجتياح إسرائيل لفلسطين، استطاع اليهود خلال أشهر قليلة احتلال 50% من أراضي فلسطين. وفي عام 1967م، تم احتلال باقي الأراضي الفلسطينية، بل وبعض الأراضي المجاورة من سوريا ومصر.
تحاليل في خفايا المؤامرة
بدأت الإدارة البريطانية بتنفيذ خطتها لتأسيس دولة لإسرائيل. تعيين هربرت صموئيل اليهودي البريطاني مندوبا ساميا في فلسطين، حيث بدأ بتوزيع مفاتيح الحكومة على اليهود، إلا القلة القليلة على المسيحيين والمسلمين. قاموا بإدارة الحكومة الفلسطينية كما يحلو لهم. منح الإنجليز اليهود شبه استقلال عن طريق الوكالة اليهودية، وهذه الوكالة هي عبارة عن نواة ينتسب إليها جميع اليهود المتصهينيين، ولها أنشطة سياسية وعسكرية وتعليمية.
لم يكتف الإنجليز بذلك. عملوا على تدريب اليهود على القتال وتأمين السلاح لهم، في الوقت الذي يضيقون به على المسلمين ويسنون القوانين التي تجرم حمل السلاح لهم، وتصل عقوبتها للإعدام.
لم يتهاون اليهود والإنجليز على تفتيت المجتمع العربي الفلسطيني بشتى الوسائل، ابتداءً من إفساد الحياة الاجتماعية والسياسية في فلسطين إلى تغيير المناهج التعليمية وزرع الفتن بين الفلسطينيين فيما بينهم، وكل ما يقسم ويفتت في النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
الطموحات الإسرائيلية: تحديات وتأثيرات
من المعروف ما تخطط له إسرائيل للحصول على أرض الميعاد حسب توراتهم من الفرات إلى النيل. ومؤخراً، وحسب الوثائق التي حصلت عليها حماس عند اقتحامهم لقاعدة إسرائيلية في شريط غزة الحدودي، وجدوا الخريطة التي تضم مساحات واسعة تجاوزت حدود الفرات والنيل لتطال السعودية والعراق وسوريا والأردن ولبنان ومصر.
وحسب ما نرى، فإن إسرائيل استطاعت استملاك الأراضي الفلسطينية، والتعدي على الأراضي المجاورة لفلسطين مثل الجولان السوري وسيناء المصرية، في ظل التخاذل والضعف العربي. وليس من المستبعد أن تتجاوز إسرائيل حدودها في الاستيلاء على مناطق أخرى.
فليس هناك من يردها عن جرائمها وانتهاكاتها ضد الشعب الفلسطيني. ولا أعتقد أنها ستجد من يواجهها في التعدي على بلداننا العربية، خصوصاً في ظل الانكسار والضعف الذي يعيشه مجتمعنا العربي في هذه الفترة.
المسؤولية والحلول في قضية فلسطين
من المسؤول عن القضية؟ وما هي الحلول؟
أعتقد أن هذه القضية ليست معنية بها أهلنا في فلسطين فقط، بل كل إنسان عربي ومسلم هو معني بقضية فلسطين. وإخواننا في فلسطين اليوم لا يدافعون عن أرضهم فحسب، بل عن مقدساتنا الإسلامية، ويدرؤون عنا خطر التمدد الإسرائيلي للدول العربية في الشرق الأوسط.
أما عن الحلول، فلا يمكن التقدم بأي خطوة أو اتخاذ أي موقف إن لم نكن مؤمنين حق الإيمان بهذه القضية، ونسعى كل من موقعه للتعريف عن هذه القضية وفضح جرائم الإسرائيليين والانتهاكات التي يقومون بها بحق إخواننا في فلسطين، من خلال نشر الوعي وتوثيق المفاهيم وتحمل المسؤولية كمواطنين.
أما الأمل الضائع، فهو أن تصحو أنظمتنا العربية من سباتها العميق وتضع الحدود لإسرائيل وتجاوزاتها وانتهاكاتها ضد الشعب الفلسطيني.
تغيب الحلول ويستحال الحسم بغياب تكاتف عربي إسلامي لتحقيق الانتصار على الهجمة الاستعمارية الصهيونية على العالم العربي، والخشية أن يقال يوما “أوكلت يوم أكل الثور الأبيض” لا قدر الله.
اقرأ كذلك: تاريخ النضال ضد الفصل العنصري .. قصة مشتركة بين فلسطين وجنوب أفريقيا