“ديب سيك” الصيني يكبد أثرياء العالم خسارات بـ108 مليارات دولار
“ديب سيك” الصيني يكبد أثرياء العالم خسارات بـ108 مليارات دولار … خسر أثرياء العالم يوم الاثنين الماضي ما يصل إلى 108 مليارات دولار، حيث تراجعت ثروات أهم 500 شخص حول العالم، ومن بينهم جينسن هوانغ، المؤسس المشارك لشركة “إنفيديا”. هذه الخسائر الكبيرة جاءت نتيجة عمليات بيع مكثفة لأسهم شركات التكنولوجيا المتأثرة بظهور تطبيق “ديب سيك” الصيني الجديد، والذي يمثل منافسًا قويًا في مجال الذكاء الاصطناعي. هذه العمليات أدت إلى انخفاض مؤشرات الأسهم الرئيسية، وفقًا لتقرير بلومبيرغ.
خسائر كبيرة للمليارديرات المرتبطين بالذكاء الاصطناعي
كان الأثر الأكبر لهذه الخسائر على المليارديرات الذين ترتبط ثرواتهم بشكل وثيق بالتكنولوجيا الحديثة، خاصةً الذكاء الاصطناعي. وتأتي الخسائر على النحو التالي:
- جينسن هوانغ (إنفيديا):
خسر هوانغ 20.1 مليار دولار، مما يعني تراجعًا بنسبة 20% من ثروته. يعتبر هوانغ أحد أكبر المستفيدين من الطفرة الحالية في قطاع الذكاء الاصطناعي بفضل شركة إنفيديا، التي تخصصت في إنتاج وحدات المعالجة الرسومية (GPU)، وهي الأساس في تطوير التطبيقات الذكية. - لاري إليسون (أوراكل غروب):
خسر إليسون، المؤسس المشارك لشركة “أوراكل غروب”، 22.6 مليار دولار، مما يعادل 12% من ثروته. تمتاز أوراكل بكونها واحدة من الشركات الرائدة في مجال البرمجيات الحاسوبية. - مايكل ديل (ديل):
أما مايكل ديل، مؤسس شركة “ديل”، فقد تراجعت ثروته بـ13 مليار دولار. يعد ديل من أكبر الشركات في مجال تصنيع الأجهزة والبرمجيات. - تشانغ بينغ تشاو (بينانس):
تعرض تشاو، المؤسس المشارك لشركة “بينانس”، لخسارة قدرها 12.1 مليار دولار.
هذه الخسائر الجماعية تمثل ضربة قاسية للمستثمرين والمليارديرات الذين راهنوا على قطاع الذكاء الاصطناعي بشكل خاص. كما شهدت شركات التكنولوجيا الكبرى مجتمعة خسائر تقدر بنحو 94 مليار دولار.
تأثير الخسائر على مؤشرات الأسهم الرئيسية
أدت هذه الخسائر الكبيرة إلى تراجع مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية. سجل مؤشر “ناسداك” انخفاضًا بنسبة 3.1%، بينما انخفض مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 1.5%. تعكس هذه الانخفاضات الخسائر الكبيرة في أسواق الأسهم التي شهدت عمليات بيع مكثفة لأسهم شركات التكنولوجيا الكبرى.
ويعود السبب الرئيسي لهذه الخسائر إلى تزايد القلق من ظهور منافس جديد في السوق، وهو تطبيق “ديب سيك” الصيني. حيث استطاع هذا التطبيق أن يثير الكثير من التساؤلات حول استدامة النماذج التقليدية للشركات الكبرى في وادي السيليكون.
ظهور تطبيق “ديب سيك” الصيني
تم تأسيس شركة “ديب سيك”، ومقرها في مدينة هانغتشو الصينية، في عام 2023. بدأت الشركة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل مكثف منذ ذلك الحين. ومع ذلك، لم يكن يُنتظر أن تصبح الشركة منافسًا كبيرًا بهذه السرعة. ولكن، في وقت قصير جدًا، استطاع تطبيق “ديب سيك آر 1” (DeepSeek R1) تصدر قائمة التطبيقات الأكثر تنزيلًا عالميًا.
في البداية، كان الاهتمام بهذه الشركة محدودًا. ومع ذلك، بعد ظهور التطبيق على رادار المستثمرين الغربيين، أثار اهتمامًا كبيرًا في الأسواق العالمية. لقد استطاع “ديب سيك” جذب عدد كبير من المستخدمين الجدد في وقت قياسي لدرجة أن الشركة واجهت صعوبة في الحفاظ على استمرارية الخدمة عبر الإنترنت. بل عانت من انقطاع الخدمة واضطرت إلى تقييد التسجيلات للمستخدمين الجدد في الصين.
التحديات التي تواجهها وادي السيليكون
من أبرز التحديات التي تواجهها وادي السيليكون الآن هو ظهور نموذج “ديب سيك” القوي. هذا النموذج يمثل تحديًا لهيمنة الشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي مثل “ميتا” و”غوغل” و”مايكروسوفت”. هذه الشركات كانت تنفق مليارات الدولارات في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، واستثمارات ضخمة في وحدات المعالجة الرسومية (GPU) وأشباه الموصلات اللازمة لتشغيل هذه الأنظمة.
شركة “ديب سيك” تمكّنت من تطوير نموذج مشابه، بل وأفضل في بعض الحالات، بتكلفة أقل بكثير. وفقًا لتقارير بلومبيرغ، يقدر أن شركة “ديب سيك” أنفقت فقط 5.6 ملايين دولار على تطوير هذا النموذج، بينما كانت الشركات الغربية بحاجة إلى ميزانيات ضخمة لتطوير تقنياتها المتقدمة.
التنافس بين “ديب سيك” والشركات الكبرى
يمثل دخول “ديب سيك” إلى سباق الذكاء الاصطناعي تحديًا حقيقيًا للهيمنة الغربية. كان يُعتقد أن تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي يتطلب إنفاقًا هائلًا على البنية التحتية المتطورة، مثل وحدات المعالجة الرسومية والإمدادات الكبيرة من الطاقة. لكن “ديب سيك” أثبت أن النموذج الناجح لا يتطلب بالضرورة استثمارات ضخمة.
تجذب شركات مثل “ميتا” و”غوغل” و”مايكروسوفت” استثمارات ضخمة بفضل المشاريع المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، لكن “ديب سيك” قلب المعادلة وأثبت أنه يمكن تطوير تقنيات قوية بمبالغ محدودة.
موقف المليارديرات من التكنولوجيا الصينية
في ضوء هذه التحديات، بدأ المستثمرون في وادي السيليكون في إعادة النظر في استراتيجياتهم الخاصة بالإنفاق الرأسمالي. كانت الشركات الكبرى مثل “ميتا” تخطط لإنفاق مبالغ ضخمة على الذكاء الاصطناعي، حيث أعلن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، الأسبوع الماضي عن خطة الشركة لاستثمار بين 60 و65 مليار دولار في الذكاء الاصطناعي هذا العام. هذا الرقم يفوق توقعات المستثمرين في وول ستريت.
وفقًا لتقرير بلومبيرغ للأبحاث، فإن الإنفاق الرأسمالي عبر جميع شركات التكنولوجيا الكبرى في طريقه للوصول إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2025. ولكن هذه الأرقام تتناقض مع ما تحققته شركة “ديب سيك” بنفقات قليلة.
الاستثمار الصيني في الذكاء الاصطناعي
على الرغم من القيود الأمريكية المفروضة على تصدير التكنولوجيا المتقدمة، استطاعت الشركات الصينية، بما في ذلك “ديب سيك”، تجاوز هذه العقبات بطرق مبتكرة. من المعروف أن الصين كانت تواجه صعوبة في الوصول إلى وحدات المعالجة الرسومية (GPU) المتطورة التي تعتمد عليها معظم الشركات الغربية في تطوير تقنياتها الذكية. إلا أن الشركات الصينية استطاعت الحصول على وحدات معالجة رسومات متطورة بطرق غير تقليدية.
في مقابلة مع قناة “سي إن بي سي” الأسبوع الماضي، صرح ألكسندر وانغ، الرئيس التنفيذي لشركة “سكال إيه آي” لمزود بيانات التدريب، أن “ديب سيك” تمتلك وحدات معالجة رسومات أكثر مما يُعتقد. وفقًا له، من المحتمل أن تمتلك “ديب سيك” حوالي 50,000 وحدة معالجة رسومات “إتش 100” من إنتاج شركة “إنفيديا”، وهو ما يعد تناقضًا مع القيود الأمريكية على تصدير هذه التقنية المتقدمة.
أدت طفرات الذكاء الاصطناعي إلى تغييرات كبيرة في سوق التكنولوجيا، وجعلت المنافسة بين الشركات أكثر شراسة. مع ظهور “ديب سيك” الصينية، بدأنا نرى تغييرات في القوى العالمية التي تتحكم في هذا المجال. الشركات التي كانت تعتمد على استراتيجيات الإنفاق الكبير، قد تجد نفسها مضطرة لإعادة التفكير في طرق تطوير تقنياتها.
اقرأ كذلك: 3 شركات تملك وتحكم أميركا والعالم