طهران تحت المجهر: هل ستتحرك إيران؟
طهران تحت المجهر: هل ستتحرك إيران؟ .. الهجمات التي شنها الجيش الإسرائيلي في 27 سبتمبر 2024 على الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث يقع مقر حزب الله، شكلت تحولًا جديدًا في الصراع المستمر بين حزب الله وإسرائيل منذ 8 أكتوبر 2023. وتزايدت حدة المواجهات بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة. التصريحات الصادرة من طهران تشير إلى أن إيران لا تسعى لتصعيد التوتر أو تحويله إلى حرب إقليمية.
منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”، أطلق العديد من المسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى، بمن فيهم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله خامنئي، عدة تصريحات. كما شارك في هذه التصريحات الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، ووزير الخارجية السابق حسين أمير عبد اللهيان، إلى جانب الناطق باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني، ورئيس الجمهورية الحالي مسعود بزشكيان، ووزير الخارجية الحالي عباس عراقجي، وغيرهم.
التركيز كان على نقطتين رئيسيتين: “ضرورة تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة” و “منع انتشار الحرب إلى المنطقة”.
وفي ردها على الهجوم الذي استهدف السفارة الإيرانية في دمشق، أكدت إيران في بيانها أنها “استخدمت حقها المستمد من القانون الدولي”، وأشارت بوضوح إلى أنها **”لا تسعى للدخول في حرب مع إسرائيل”**. ولكن الهجوم الإسرائيلي على مقر حزب الله في بيروت أدى إلى مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، مما يعد تحولًا جديدًا في الصراع.
التصريحات الصادرة من إيران لم توضح بجلاء ما إذا كان هذا الهجوم سيؤدي إلى تغيير في سياسة “الاعتدال” التي تبنتها إيران منذ بداية الصراع.
إيران وسياسة الاعتدال المستمرة
قبل نصف ساعة من إعلان مقتل حسن نصر الله، أشار آية الله خامنئي في تصريح له إلى أن “إسرائيل تقتل النساء والأطفال في غزة منذ عام”. وأكد أن “إسرائيل، باعتبارها نظامًا صغيرًا، غير قادرة على إلحاق ضرر جسيم بحزب الله”. وأوضح أن “الوقوف إلى جانب حزب الله واجب على جميع المسلمين”.
بعد الهجوم، أصدر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بيانًا وصف فيه الهجوم بأنه **”جريمة حرب لا يمكن إخفاؤها”**. وأكد أن “الجرائم التي يرتكبها النظام الصهيوني تظهر عجز المجتمع الدولي”. ودعا دول العالم، وخاصة الإسلامية، إلى **”إدانة الهجوم الإسرائيلي”**. في بيان مشابه، قال وزير الخارجية عباس عراقجي إن “إسرائيل ارتكبت جريمة حرب”.
التصعيد الإقليمي وتحذيرات إيران
وزير الخارجية عراقجي انتقد المجتمع الدولي لصمته، وأوضح أن عجزه شجع إسرائيل على “استهداف لبنان بتهور”. وأضاف أن “نتنياهو وداعميه يحلمون بتكرار مجازرهم في لبنان”.
في جلسة خاصة بمجلس الأمن حول لبنان، أدان عراقجي الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل. وأكد أن **”إسرائيل تشكل التهديد الأكبر للسلام والأمن الإقليمي والدولي”.
من جانبه، دعا رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف الدول الإسلامية إلى التحرك. وأكد أن “محور المقاومة سيرد بقوة”، دون أن تدخل إيران في الصراع بشكل مباشر.
الخط الأحمر الإيراني
التصريحات التي أدلى بها خامنئي والمسؤولون الإيرانيون تشير إلى أن إيران لم تغير سياستها القائمة على “الاعتدال”. توقيت تصريح خامنئي قبل إعلان مقتل نصر الله كان خطوة استراتيجية. وتشير التصريحات إلى أن **”طهران لا ترغب في الدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل”.
بزشكيان، خلال اجتماعه مع المؤسسات الإعلامية الأميركية، قال إن “إيران مستعدة للتخلي عن أسلحتها بشرط أن تقوم إسرائيل بذلك أيضًا”. كما حذر في خطاب للإيرانيين من نتائج **”الأزمات الداخلية”**، مشيرًا إلى مخاطر تفكك البلاد إذا استمرت التوترات.
مرحلة الانتقال الحاسمة في إيران
إيران تمر بمرحلة حاسمة تتمثل في **”نقل مكاسب الثورة الإسلامية”** إلى ما بعد خامنئي. تخشى طهران أن تؤثر تحركاتها العسكرية ضد إسرائيل على الاستقرار الداخلي. ولذلك، تركز سياستها على **”الاستعداد لمرحلة الانتقال”**، لتقليل التحديات بعد وفاة خامنئي.
التأثير النفسي على محور المقاومة
حرب “طوفان الأقصى” والهجمات ضد حزب الله أظهرت تناقضًا بين خطاب إيران وواقعها العملي. وقد تسبب الموقف الأضعف لإيران مقارنة بالتصريحات القوية في “خيبة أمل” بين المجتمعات الداعمة لمحور المقاومة.
ختامًا، يبدو أن إيران تسعى لتبني موقف أكثر توافقًا بين تصريحاتها وأفعالها، مع التركيز على الشؤون الداخلية وتجنب التورط في صراعات إقليمية.
اقرأ كذلك: تلغراف: لماذا لم يستخدم حزب الله صواريخه المتطورة حتى الآن؟