الروس يتصدرون قائمة السياح إلى تركيا وأنقرة ترفض فرض قيود.
العوامل الاقتصادية والحوادث تؤثر على تجربة السياحة الروسية في تركيا، مع توقعات بزيادة الأعداد في ظل تحديات الأسعار وتراجع الراحة
ونقلت وكالة نوفوستي عن المعلق الاقتصادي التركي، مصطفى رجب إرسين، تأكيده على تمسك تركيا بعدم تقديم تنازلات للغرب في هذا السياق. أوضح إرسين أن أنقرة وضعت شرطا أساسيا بعدم إجبارها من قبل الاتحاد الأوروبي على اتخاذ قرارات تقيد السياحة. تعتبر تركيا قطاع السياحة من الأولويات الحساسة، ولا تنوي التنازل عنه.
وأضاف أن تركيا رغم القيود المفروضة على تصدير بعض السلع والخدمات إلى روسيا، إلا أنها مصرة على عدم تقديم أي تنازلات في مجال السياحة .
وأشار إرسين إلى أن تركيا أرسلت رسالة واضحة للغرب مفادها أنها إذا اضطرت لتقييد التجارة في السلع، فسوف تتخذ الإجراءات الضرورية. لكن لا تطالبوني بذلك في مجال السياحة. كما أكد أن هذا العام شهد تدفقًا أكبر للسياح الروس.
ونقلت الوكالة عن مصدر في وزارة الثقافة والسياحة التركية، أنه لا يتوقع تغييرات كبيرة في أعداد السياح الروس هذا العام بسبب مشكلات الدفع. كما تعوّل السلطات على مؤشرات مشابهة للسنوات السابقة.
وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي أحمد أوزغور أن الحكومة التركية قادرة على الوفاء بالتزاماتها الدولية مع الحفاظ على حدود واضحة لحماية مصالحها الوطنية. وأضاف في حديثه لدينيز الإعلامية أن روسيا كانت من بين الدول الثلاث الأكثر تصديرًا للسياح إلى تركيا خلال السنوات الخمس الماضية. هذا الأمر جعلها دعامة أساسية لدعم القطاع السياحي التركي. ويرى أوزغور أن تركيا يجب أن ترفض الطلبات التي قد تضر بمصالحها.
قطاع السياحة التركي: شريان حياة للاقتصاد في ظل التحديات الاقتصادية
يعد قطاع السياحة شريان حياة رئيسي للاقتصاد التركي وسط التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. هذه التحديات تشمل ارتفاع معدل التضخم السنوي الذي بلغ 71.6% في يونيو الماضي. كما يستمر تراجع سعر صرف الليرة التركية في التأثير على الاقتصاد.
ورغم هذه التحديات، مثل ارتفاع تكاليف السياحة نتيجة التضخم وتداعيات حملات العنصرية في السنوات الأخيرة، نجحت تركيا في جذب 21.06 مليون سائح خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام. هذا الرقم يمثل زيادة بنسبة 10.33% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي .
وفيما يتعلق بالإيرادات، شهد قطاع السياحة نمواً بنسبة 5.4% في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالعام السابق. وصلت العائدات إلى 8.78 مليارات دولار، وفقاً لبيانات هيئة الإحصاء التركية.
عام 2023 كان عاماً قياسياً لقطاع السياحة. إذ حقق 49.2 مليون وافد أجنبي دخلاً كبيراً بلغ 54.32 مليار دولار، مقارنة بـ 46.48 مليار دولار في عام 2022. وتتوقع الحكومة أن يصل عدد السياح هذا العام إلى 60 مليوناً مع دخل متوقع يصل إلى 60 مليار دولار.
الروس يتصدرون قائمة السياح الوافدين إلى تركيا
احتلت روسيا المرتبة الأولى في عدد الزوار الأجانب لتركيا خلال النصف الأول من هذا العام. نسبة السياح الروس بلغت 12.42%، مع أكثر من 2.68 مليون زائر. جاءت ألمانيا في المرتبة الثانية بنسبة 11.40%، تلتها بريطانيا بنسبة 8.19%. إيران وبلغاريا كانتا في المراتب التالية، حسب بيانات وزارة الثقافة والسياحة التركية.
في نفس الفترة، شهدت مدينة أنطاليا في جنوب غرب تركيا زيادة بنسبة 13% في عدد السياح مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. رغم الحرب المستمرة مع أوكرانيا، تصدر السياح الروس قائمة الجنسيات الأكثر زيارة لأنطاليا. ارتفع عددهم بنسبة 9% ليصل إلى 592,268 زائراً، مما يمثل 22.93% من إجمالي السياح في المدينة .
في العام الماضي، احتلت روسيا المرتبة الأولى في عدد السياح الوافدين إلى تركيا. بلغ عدد الزوار الروس 6.31 مليون سائح. هذا الترتيب جاء بعدما كانت روسيا في المرتبة الثانية بعد ألمانيا في عام 2022، عندما سجلت 5.23 مليون زائر.
ارتفع متوسط الإنفاق لكل سائح إلى 952 دولاراً في العام الماضي، مقارنة بـ 905 دولارات في عام 2022. كما شهد متوسط الإنفاق اليومي زيادة بنسبة 12% ليصل إلى 99 دولاراً .
ارتفاع التكلفة يؤثر على السياحة الروسية في تركيا
أكد السفير الروسي لدى تركيا، أليكسي يرخوف، أن تركيا لا تزال وجهة مفضلة للسياح الروس. مشيرًا إلى الاهتمام الكبير الذي يبديه الروس بالسفر إليها. توقع يرخوف أن يتجاوز عدد السياح الروس الذين سيزورون تركيا بحلول نهاية عام 2024 حاجز 6.4 ملايين زائر.
أعرب السفير عن قلقه من الحوادث التي يتعرض لها السياح، خاصة حوادث المرور، والتي تلقي بظلال سلبية على صورة تركيا كوجهة سياحية . كما أشار إلى أن عدم القدرة على استخدام بطاقات “مير” المصرفية يقلل من مستوى الراحة للسياح.
شدد يرخوف على أن الإحصاءات تظهر استمرار الاهتمام الروسي القوي بتركيا كوجهة سياحية. لكنه أكد أن استدامة هذا الاهتمام تعتمد بشكل كبير على تركيا نفسها. أوضح أن ذلك يشمل دور وكالات السفر التركية وشركات إدارة الفنادق، خاصة فيما يتعلق بالسياسات السعرية المعقولة .
قال المحلل الاقتصادي، إسماعيل كاراغوز، إن إعلان وزارة الثقافة والسياحة التركية عن عام 2024 كعام لمدينة ألانيا (في محافظة أنطاليا) يشير إلى توقعات قوية بزيادة عدد السياح الروس الذين يفضلون هذه المدينة بشكل خاص.
أضاف كاراغوز في تصريح لدينيز الإعلامية أن ميزانية المستهلك تأثرت سلبًا بالحرب الروسية الأوكرانية. تزامن ذلك مع اضطرار مشغلي السياحة في تركيا إلى رفع الأسعار للحفاظ على الجودة. أدى ذلك إلى ارتفاع شكاوى السياح الروس بشأن زيادة الأسعار في تركيا، لكنها لا تزال وجهة يرونها ذات أسعار معقولة لقضاء العطلات.
اقرأ كذلك: مغارتا “تشال” و”كاراجا” في تركيا .. وجهة سياحية رائعة لمحبي الطبيعة