لماذا لا نعرف أنقرة كوجهة سياحية في تركيا؟
يقول أهل أنقرة “أجمل ما في إسطنبول هو طريق العودة إلى أنقرة”. هذه العبارة، التي وردت في أحد أشهر المسلسلات التركية، تعكس ارتباطًا حقيقيًا بهذه المدينة الهادئة وحنينًا يبقى حيًا في قلوب من عرفوا دروبها وسكنوا تفاصيلها.
رغم صورتها النمطية كمدينة بيروقراطية تعج بالمكاتب الحكومية، فإن أنقرة تخفي خلف هذا القناع نبضًا هادئًا ينفرد بجمال خفي. هذا الجمال لا يدركه إلا من مشى في أزقتها، توقف في أسواقها القديمة، وارتشف فنجان قهوة على مقاعد حدائقها العامة.
أنقرة: جمال خفي بعيد عن الزحام
في أنقرة، تتناغم الأزقة الهادئة مع الشوارع التي تزينها حدائق غنّاء وأسواق تروي قصص الزمن. كأنها تلبي نداء الباحثين عن ملاذ هادئ بعيدًا عن صخب المدن الكبيرة. السائح العربي والخليجي قد يجد فيها مزيجًا بين الأصالة والسكينة، ما يجعلها وجهة تستحق الاكتشاف.
السحر البسيط في أنقرة
أنقرة تنبض بسحرها البسيط الذي يتجلى في متاحفها التي تحفظ تراثها، وتلالها المطلة على مناظر بانورامية، وأحيائها الراقية التي تعكس دفء الضيافة التركية. ومع ذلك، لم تنل المدينة حقها كوجهة سياحية رئيسية. ولعل السبب وراء ذلك يكمن في ارتباطها بالنظرة النمطية كعاصمة رسمية للدولة، بدلاً من كونها مدينة مليئة بالتجارب الفريدة.
أنقرة لم تسوّق نفسها كمدينة سياحية تنافس إسطنبول وأنطاليا وإزمير وطرابزون. غابت عن خطط الترويج السياحي التي ركزت على المدن الساحلية. حتى المتاحف والأسواق التاريخية التي تحتضنها لم تُدرج ضمن المسارات السياحية المعتادة. هذا جعلها تظل في الظل.
قلعة أنقرة: نافذة على التاريخ
على تلة عالية تطل على المدينة، تقف قلعة أنقرة شامخة. تعكس القلعة قصص حضارات مرت وعصورًا التقت هنا. يعود تاريخ بنائها إلى العصور الرومانية، وقد شهدت تعديلات عبر الزمن. عند الصعود إلى القلعة، ستجد مشهدًا بانوراميًا يكشف أنقرة بأكملها، ما يجعلها نقطة جذب لمحبي التصوير.
داخل أسوار القلعة، تتناثر أزقة ضيقة وبيوت حجرية وورش حرفيين يقدمون منتجات يدوية. يمكن للزائرين الاستمتاع بجلسة شاي تركي في أحد المقاهي الصغيرة المحيطة، بينما يستمتعون بالأجواء التي تعكس الروح التركية القديمة.
ضريح أتاتورك: رمز استقلال تركيا
يُعد ضريح مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية، من أبرز معالم أنقرة. يقع الضريح على تلة مطلة على المدينة، محاطًا بحديقة واسعة. يضم الضريح متحفًا يعرض مقتنيات شخصية لأتاتورك وتاريخ تركيا الحديث.
يشتهر المكان بساحة “طريق الأسود”، وهو طريق محاط بـ24 تمثالًا منحوتًا على شكل أسد، كرمز لقوة الأمة التركية. يمتزج الطراز المعماري للضريح بين الحداثة والأصالة التركية، ما يجعله مكانًا مثاليًا للزيارة.
حي حمام أونو: عبق الماضي
حي حمام أونو التاريخي يعكس التراث التركي بأسلوب عصري. يُعد الحي من أقدم مناطق أنقرة، حيث تم ترميم مبانيه العثمانية لتصبح مقاهي ومطاعم ومتاجر تعرض الحرف اليدوية والأنتيكات.
الحي حصل على جائزة “أوسكار السياحة العالمية” عام 2012، ما جعله وجهة مميزة لعشاق الأجواء التقليدية. يمكن للزوار الاستمتاع بتجربة شاي عثماني في المقاهي المحلية أو تذوق الأطباق التركية الكلاسيكية في المطاعم.
حديقة الشباب: ملاذ العائلات
تقع حديقة الشباب (جينجليك بارك) في قلب أنقرة. توفر الحديقة واحة خضراء تمتد على مساحة واسعة، مما يمنح الزوار فرصة للاسترخاء وسط أجواء طبيعية. تحتوي الحديقة على بحيرة صناعية صغيرة حيث يمكن ركوب القوارب، بالإضافة إلى مسارات مخصصة للمشي والتجول.
تضم الحديقة مناطق مخصصة للأطفال وأكشاك تبيع وجبات خفيفة وحلويات تركية تقليدية. يُمكن الوصول إلى الحديقة بسهولة من مركز المدينة، ما يجعلها خيارًا مثاليًا لقضاء أوقات ممتعة مع العائلة.
بحيرة غولباشي: جمال الطبيعة
تبعد بحيرة غولباشي حوالي 20 كيلومترًا جنوب مركز أنقرة. تُعتبر البحيرة ملاذًا طبيعيًا ساحرًا لعشاق الهدوء والجمال. تحيط بها حدائق واسعة ومسارات للمشي وركوب الدراجات. البحيرة تجذب الطيور المهاجرة، مما يجعلها وجهة رائعة لمحبي التصوير والطبيعة.
البحيرة مثالية للنزهات العائلية والشواء والاستمتاع بغروب الشمس. يمكن الوصول إليها بالسيارة أو الحافلات العامة، مما يجعلها واحدة من الوجهات المفضلة للهروب من صخب الحياة اليومية.
برج أتاكولي: الحداثة والجمال
يرتفع برج أتاكولي بنحو 125 مترًا، ويُعد من المعالم الحديثة في أنقرة. يتيح البرج إطلالات بانورامية على المدينة. يتميز البرج بمطعمه الدوار الذي يقدم تجربة فريدة حيث يمكن للزائر الاستمتاع بوجبة مع مشاهد متغيرة.
البرج أيضًا وجهة للتسوق والاسترخاء، خاصة في المساء عندما تضاء المدينة. يعد من الأماكن المفضلة للزيارة بفضل جمعه بين الحداثة والجمال.
متحف إريمتان: رحلة عبر الزمن
يقع متحف إريمتان للآثار والفنون بالقرب من قلعة أنقرة. يضم المتحف قطعًا أثرية تشمل العملات القديمة والأواني الفخارية والمجوهرات. يتميز بتصميم معماري حديث وإضاءات مميزة.
ينظم المتحف فعاليات ثقافية ومعارض مؤقتة، ما يجعله وجهة مثالية لعشاق التاريخ والفنون. يمكن الوصول إليه بسهولة من مركز المدينة.
كزلجي حمام: تجربة استرخاء فريدة
تقع منطقة كزلجي حمام على بُعد ساعة من أنقرة. تُشتهر بينابيعها الحرارية والغابات المحيطة. توفر المنطقة مسارات للمشي وأماكن للاستجمام، ما يجعلها ملاذًا مثاليًا لمحبي الطبيعة والهدوء.
تُعد ينابيع كزلجي الحرارية مقصدًا لمن يبحثون عن تجربة استرخاء وعلاج صحي، إذ يُعتقد أن مياهها تساعد على تحسين الصحة والتخفيف من التوتر.
تكلفة الرحلة إلى أنقرة
تتميز أنقرة بكونها وجهة مناسبة لمختلف الميزانيات. يمكن السفر من إسطنبول إلى أنقرة بالطائرة بتكلفة تتراوح بين 40 و60 دولارًا. أما الحافلات، فهي خيار أقل تكلفة يتراوح بين 15 و25 دولارًا.
الإقامة في أنقرة متنوعة. تبدأ أسعار الفنادق الفاخرة من 100 دولار، بينما تتراوح أسعار الفنادق المتوسطة بين 50 و70 دولارًا. يمكن العثور على خيارات اقتصادية في بيوت الضيافة تبدأ من 20 دولارًا.
تتراوح تكلفة وجبات الطعام بين 5 و15 دولارًا. تقدم المطاعم المحلية والأسواق الشعبية خيارات متنوعة بأسعار معقولة. التنقل داخل المدينة متاح عبر المترو والحافلات بتكلفة لا تتجاوز دولارًا للرحلة.
أنقرة، برغم أنها بعيدة عن الأضواء، تقدم تجربة سفر فريدة تكشف عن وجه خفي لتركيا، يجمع بين التاريخ والهدوء والجمال الطبيعي.
اقرأ أيضاً: ما الذي يجعل تركيا الخيار الأول للسياحة الاستشفائية؟