ما هو دور المختار في الانتخابات التركية؟
دور المختار كوسيلة توجيهية وصانع للمسارات في العمل السياسي: تأثيره في زيادة الوعي الانتخابي وتوجيه الجمهور نحو البرامج الحزبية
“مختار” (Muhtar)، كلمة عربية الأصل تحمل معانٍ تقليدية واجتماعية عميقة. فهي تعبر عن الشخص الذي يجمع الناس حولهم لاختيارهم وتمثيلهم. وتبقى هذه الدورة موجودة وحية في تركيا ودول عربية وإسلامية أخرى في الشرق الأوسط.
في لقاء مع الجزيرة نت، التقى شانول بالجون، مختار حي أتاتورك بمنطقة كوتشوك تشكمجة في إسطنبول. حيث شرح دور المختار في العصر الحديث وتحدياته. يعد المختار شخصية أساسية في كل حي وقرية. حيث يلعب دورًا حيويًا في تنظيم شؤون الحي والتواصل مع السكان.
بالجون يوضح أهمية المختار قائلاً: “يظل المختار مركزًا مهمًا في بلادنا، فهو متواجد كجزء لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية. وقد تطور دوره بتقدم المجتمع وتغيرات العصر”. يقوم المختار بمهام متعددة. بدءًا من تسهيل عمليات التواصل بين الحكومة المحلية والمواطنين، إلى إدارة الشؤون اليومية للحي وحل المشاكل المجتمعية.
في عصر الذكاء الاصطناعي والتطور التكنولوجي. يواجه المختار تحديات جديدة تتمثل في استخدام التكنولوجيا في إدارة الحياة اليومية وتطوير الخدمات الحكومية الإلكترونية. كما يجد المختار نفسه مشاركًا في سباق انتخابي للفوز بمنصبه في البلدية. حيث يسعى للحفاظ على دوره التقليدي وتطويره ليتماشى مع متطلبات العصر الحديث.
بالتالي، يظل دور المختار حجر الزاوية في الحياة المحلية في تركيا. حيث يتحدى التحديات الحديثة ويسعى لتلبية احتياجات المجتمع بكفاءة واحترافية. مما يجعله شخصية لا غنى عنها في النسيج الاجتماعي والسياسي للبلاد.
دور المختار كجسر واصل في تركيا: ديمقراطية العمل ومهام التواصل
في مقابلة حصرية مع بالجون، مختار حي أتاتورك في إسطنبول. نلقي نظرة عن كثب على دور “المختار” في الحياة المحلية التركية. بالجون يؤكد أن المختار لا يزال الجسر الحيوي بين المواطن والدولة ومؤسساتها. حتى مع تقدم الحكومة الإلكترونية وتطور الحياة العامة.
يشير بالجون إلى أن المختار يعد المقام الأقرب للمجتمع. حيث يمتلك معرفة عميقة بأحوال الحي والتواصل الفعّال مع السكان. يعتبره المقام “الأكثر ديمقراطية” في البلاد. إذ يتم انتخابه مباشرة من قبل سكان الحي، مما يضمن معرفته الحقيقية بالتحديات والاحتياجات المحلية.
وبخصوص دوره في العمل السياسي، يؤكد بالجون أنه لا مجال للتدخل الحزبي في عمل المختار. مما يجعله مركزًا للخدمة العامة دون أي توجه سياسي. يشير أيضًا إلى أن فريق المختار يتكون من مجلس حكماء يعمل بشكل تعاوني ويسعى لحل المشاكل بكفاءة.
ومن ناحية المهام، يوضح بالجون أن المختار هو الصوت الحقيقي للناس أمام الدولة والمنصة التي يتم من خلالها تلبية احتياجات المواطنين في مختلف جوانب الحياة. من الخدمات الإدارية إلى الصحية والتعليمية والأمنية والاجتماعية. كما يشير إلى أن دوره يستمر لمدة 5 سنوات دورة ويعيش في الحي ذاته ليكون على اتصال مباشر مع السكان وحل مشاكلهم.
بالجون يختتم بالقول: “المختار ليس مجرد منصب إداري، بل هو رمز للتواصل والديمقراطية الأصيلة في تركيا. وعلى الرغم من التحديات، يظل الجسر الحيوي بين المجتمع والحكومة، مما يعزز الشعور بالانتماء والمسؤولية الاجتماعية في البلد”.
دور المختار فوق السياسة: بين مهمة اجتماعية وحصانة عن التدخلات السياسية
يعتبر بالجون المختار مهمة اجتماعية بحتة. حيث تتجاوز مكانته وواجباته البعيدة عن التداولات السياسية. يحث على عدم الانجرار في أي تداولات أو تداخلات سياسية. ويشدد على أهمية بقاء المختار مظلة جامعة تحمي حرية التعبير وتعزز التواصل بين المواطن والسلطات.
خلال لقاء مع المختار بالجون في اجتماع دعا له الرئيس أردوغان، أكد أن دوره لا يتأثر بالألوان السياسية المختلفة. حيث شارك في لقاءات مع مختلف الأحزاب وتفاوتت التوجهات السياسية. وما يميز المختار هو عدم تبعيته لأي لون سياسي محدد وكونه موقفًا فوق السياسة.
تعرف الكاتبة والصحفية، أرزوا أردورال، المختار بأنه الشخص المعني بتولي مسؤوليات المجتمع المحلي بعيدًا عن تفاعلات السياسة الوطنية. تشير إلى أن دور المختار يختلف بشكل كبير بين المناطق الحضرية والريفية. حيث يمتلك المختار في الريف تأثيرًا أكبر وقدرة على تحقيق تأثير سياسي أكبر.
وفيما يتعلق بالتوجهات السياسية للمختار، يؤكد بالجون على أهمية فصل مهمته الاجتماعية عن التحديات السياسية. مشيرًا إلى أن تحويل المختار لوسيلة لأجندات سياسية ضيقة يمكن أن يفقده تأثيره وثقة الجمهور به.
من ناحية أخرى، يوضح بالجون أن هناك أمثلة على استخدام المختار لأغراض سياسية محددة. لكن هذه الاستراتيجية قد تعمل في بعض المناطق والظروف، ولكنها قد تؤدي إلى فقدان الثقة العامة وتعرض المختار لمشاكل وتحديات جديدة.
دور المختار في العمل السياسي: بين الوعود والتأثير الانتخابي
في تحليلها لدور المختار في العمل السياسي، أوضحت الكاتبة التركية أهمية هذا الدور في زيادة التأثير على الناخبين. ولا سيما في المناطق الريفية والأحياء الصغيرة حيث يكون للمختار دور سياسي مؤثر.
تحدثت الكاتبة عن دور المختار كوسيلة توجيهية وصانع للمسارات، حيث يتمثل دوره في تبني برامج ووعود حزبية ونقلها للجمهور كجزء من برنامجه الخاص.
وأشارت الكاتبة إلى أن المناصب القيادية والإدارية يمكن أن تُستخدم كأدوات للتوجيه والإقناع للجمهور وفق التوجهات السياسية المختلفة. وأضافت أن هذه الاستراتيجية تكثر خلال فترات الانتخابات والحملات السياسية.
في الختام، أكدت الكاتبة على أهمية التواصل مع المختار في الانتخابات والحملات السياسية. حيث يتم التركيز على الاستماع لآرائه وزيارته للمناطق لتحديد الخطط الانتخابية والتواصل مع الجمهور بشكل فعّال وموجه.
اقرأ كذلك: ياباني بتجول في تركيا على ظهر حمار وتركي يبني منزلاً على شجرة في ريزه