منوعات

ظهور “سمكة يوم القيامة” في المكسيك وجزر الكناري يثير المخاوف

"ظهور سمكة يوم القيامة في المكسيك وجزر الكناري: بين الأساطير القديمة والتفسيرات العلمية حول العلاقة المحتملة بالكوارث الطبيعية"

ظهور “سمكة يوم القيامة” في المكسيك وجزر الكناري يثير المخاوف. في النصف الأول من فبراير/شباط 2025. اندهش رواد شاطئ ولاية “باها كاليفورنيا سور” في المكسيك عندما اكتشفوا سمكة حية تسبح بالقرب من الشاطئ. وهي السمكة التي يُطلق عليها بين العامة اسم “سمكه يوم القيامة”. الحدث الغريب جذب اهتمامًا كبيرًا من قبل المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي. حيث تم تصوير الحدث بالفيديو وتداول هذه اللقطات على نطاق واسع. مما أثار موجة من النقاشات حول الظاهرة التي لا تحدث عادة في هذا الموقع.

ولم يقتصر الأمر على المكسيك فقط، ففي نفس الفترة تقريبًا. تم العثور على سمكه مشابهة في جزر الكناري الواقعة في المحيط الأطلسي، بعد أن جرفتها الأمواج إلى الشاطئ. في موقع بعيد تمامًا عن المكان الأول. هذا التزامن في ظهور السمكة في مناطق جغرافية مختلفة أعطى الفرصة لظهور تكهنات عديدة حول الأسباب المحتملة لهذا الظهور المتكرر للسمكة.

هذه السمكة التي أثارت اهتمام الكثيرين تعرف علميًا باسم “سمكة المجداف”. وهي سمكة تتميز بجسم طويل يشبه الشريط، ويصل طولها إلى 11 مترًا. مما يجعلها أطول سمكة عظمية في المحيطات. كما أن لديها زعنفة ظهرية حمراء زاهية تمتد على طول ظهرها، ورأس يحتوي على زوائد حمراء ريشية. مما يضيف إليها مظهرًا أسطوريًا يشبه الأساطير القديمة. تعتبر هذه السمكه فريدة من نوعها حيث أنها تتحرك عن طريق تمويج زعنفتها الظهرية الطويلة. على عكس معظم الأسماك التي تستخدم ذيلها في الحركة.

توزيع سمكه المجداف في المحيطات

تعيش سمكه المجداف في مياه المحيطات العميقة، حيث تعيش عادة على عمق يتراوح بين 200 و1000 متر تحت سطح البحر. يمكن العثور عليها في المحيطات الاستوائية والمعتدلة في مختلف أنحاء العالم، لكنها نادراً ما تقترب من السطح. تتغذى سمكة المجداف عادة على الكائنات البحرية الصغيرة، مثل اليرقات والأسماك الصغيرة، التي تسبح في المياه العميقة.

تتميز سمكة المجداف بأنها لا تشكل خطرًا على البشر، لأنها لا تمتلك أسنانًا كبيرة أو سمًا، لذلك فإنها ليست سمكة مفترسة. ومع ذلك، على الرغم من كونها غير ضارة للبشر، فإن سمكة المجداف ارتبطت عبر العصور بالكوارث الطبيعية، وذلك بسبب الاعتقادات الشعبية في العديد من الثقافات.

الارتباط الأسطوري بين السمكة والكوارث

في الثقافة اليابانية، تحظى سمكة المجداف بلقب “سمكة يوم القيامة”، ويرتبط ظهورها في الأساطير اليابانية بحدوث الزلازل أو موجات المد العارمة، وأحيانًا يُعتقد أن ظهورها يدل على “نهاية العالم”. وتُعرف في اليابان باسم “رسول قصر إله البحر”. يعود هذا الاعتقاد إلى العديد من الحالات التي تم فيها العثور على أسماك المجداف المتقطعة على الشواطئ قبل وقوع كوارث طبيعية ضخمة، خاصة الزلازل والتسونامي. أحد أبرز الأمثلة على ذلك كان بعد وقوع الزلزال المدمر في توهوكو في اليابان عام 2011، حيث عثر العديد من الأشخاص على أسماك المجداف على الشواطئ قبل وقوع الزلزال المدمر والتسونامي.

الحقيقة العلمية وراء ظهور سمكه المجداف

على الرغم من الترابط الأسطوري بين ظهور سمكة المجداف والكوارث الطبيعية، إلا أن الأدلة العلمية لم تدعم هذا الرابط بشكل قوي. ففي الواقع، الباحثون الذين درسوا ظاهرة ظهور هذه الأسماك بالقرب من الشواطئ، أكدوا أنه لا يوجد دليل قاطع على أن ظهور سمكة المجداف هو مؤشر حتمي على وقوع زلازل أو تسونامي. في الواقع، تشير الدراسات العلمية إلى أن ظهور هذه السمكة في المياه الضحلة قد يكون نتيجة لأسباب صحية أو بيئية، أكثر من كونه تحذيرًا من كارثة طبيعية.

الدراسة العلمية حول ظهور سمكة المجداف والزلازل

في عام 2019، نشرت جمعية الزلازل الأمريكية دراسة فحصت العلاقة بين ظهور سمكه المجداف والنشاط الزلزالي في اليابان. وقد فحص الباحثون 336 حالة من ظهور هذه السمكة و221 زلزالًا وقع في نفس المناطق في فترات مختلفة. وكانت النتائج مفاجئة حيث تبين أن هذا الارتباط بين ظهور السمكة والزلازل لم يكن قويًا كما كان يُعتقد سابقًا. فقد وجدت الدراسة أنه يمكن ربط حالة واحدة فقط من أصل 336 حالة ظهور لأسماك المجداف بحدوث زلزال.

علاوة على ذلك، تبين أن ظهور أسماك المجداف لم يكن مرتبطًا بنشاط زلزالي على الإطلاق في العديد من الحالات الأخرى، مما دفع الباحثين إلى الاستنتاج بأن هذا الارتباط بين الأسماك والكوارث هو “ارتباط وهمي”، ناتج عن الصدفة وليس علاقة سببية حقيقية. وأضافوا أن مشاهدات الأسماك يمكن أن تكون مجرد مصادفة وليست بالضرورة مرتبطة بالأحداث الطبيعية الكارثية.

الأسباب البيئية التي قد تؤدي إلى ظهور السمكة

تظل أسباب ظهور سمكه المجداف بالقرب من الشواطئ موضوعًا مثيرًا للجدل بين العلماء. ففي حين أن البعض يرى أن ظهورها قد يكون إشارة إلى الكوارث الطبيعية. يعتقد آخرون أن هناك عدة أسباب بيئية قد تفسر هذا السلوك غير المعتاد. قد تشمل هذه الأسباب أمراضًا أو إصابات تؤثر على قدرة السمكة على السباحة بشكل طبيعي. مما يؤدي بها إلى التحرك نحو المياه الضحلة.

من جانب آخر، يمكن أن تؤدي الاضطرابات البيئية مثل الأعاصير أو التسونامي أو الزلازل إلى حدوث تغييرات كبيرة في تيارات المياه العميقة. قد تؤدي هذه الاضطرابات إلى تداخل المياه الدافئة أو الباردة. مما يسبب ارتباكًا للكائنات البحرية. بما في ذلك سمكة المجداف. ما يدفعها إلى الانتقال نحو المياه الضحلة.

العوامل البيئية الأخرى التي تؤثر على سمكة المجداف

إلى جانب هذه العوامل الطبيعية. يمكن أن تكون التغيرات في مستوى الأوكسجين في المحيطات سببًا آخر قد يدفع سمكه المجداف للظهور بالقرب من السطح. فبينما تسبح هذه السمكه في الأعماق. فإن انخفاض مستويات الأوكسجين بسبب التلوث أو النشاط البركاني قد يؤدي إلى دفع الأسماك للبحث عن مياه تحتوي على مستويات أوكسجين أعلى بالقرب من السطح.

علاوة على ذلك. يعتبر التغير المناخي من العوامل المؤثرة على بيئة سمكه المجداف. فالتغيرات في درجة حرارة المحيطات قد تجعل بيئات الأعماق أكثر حرارة أو برودة من المعتاد. مما قد يجعل السمكة تبحث عن مناطق جديدة تكون أكثر ملاءمة لها.

التفسير النهائي لظاهرة ظهور سمكه المجداف

على الرغم من عدم وجود دليل علمي يربط ظهور سمكه المجداف بالكوارث الطبيعية بشكل مباشر. إلا أن هذه الظاهرة تظل محط اهتمام كبير. التفسيرات البيئية والعلمية تتيح فهمًا أوسع لأسباب هذه الظاهرة. ولكن يبقى أن الأساطير التي تربط السمكة بنهاية العالم تظل جزءًا من الثقافة الشعبية في العديد من البلدان.

يظل ظهور سمكه المجداف، سواء في المكسيك أو جزر الكناري أو في أماكن أخرى، لغزًا مستمرًا. ويمثل مزيجًا من العلم والأسطورة. ومع تقدم البحث العلمي. من المحتمل أن نحصل على مزيد من التفسيرات التي توضح هذه الظاهرة بشكل أكثر دقة.

في الختام. لا يمكن الجزم بأن ظهور سمكة المجداف هو إشارة حتمية لوقوع كارثة طبيعية. ولكن يبقى هذا الموضوع مثارًا للجدل والتساؤلات. على الرغم من ذلك. فإن العلم قادر على تقديم تفسيرات منطقية قائمة على بيانات ودراسات دقيقة. بعكس الأساطير الشعبية التي قد تثير الذعر. إن فهم هذه الظواهر بشكل علمي قد يساعد في تجاوز الفزع المصاحب لها ويوضح الحقائق بطريقة مدروسة ومنهجية.

اقرأ كذلك :لماذا ينجذب الذباب إلى أشخاص أكثر من غيرهم؟.. اعرف السر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات