العالم

الفائز بانتخابات ألمانيا يهاجم ماسك ويعلن موقفه من أوروبا والناتو وأوكرانيا

مواقف فريدريش ميرتس بعد فوزه في انتخابات ألمانيا: تعزيز القدرة الدفاعية الأوروبية، مواجهة التدخلات الخارجية، وتحديد دور الناتو في المستقبل

الفائز بانتخابات ألمانيا يهاجم ماسك ويعلن موقفه من أوروبا والناتو وأوكرانيا. فاز فريدريش ميرتس، زعيم تكتل المحافظين في ألمانيا، في الانتخابات التشريعية التي أُجريت يوم الأحد الماضي، حيث أسفرت النتائج عن تقدمٍ ملحوظ لصالحه. بعد فوزه، اتخذ ميرتس مواقف حاسمة تجاه عدد من القضايا المهمة التي تشغل الساحة السياسية في ألمانيا، وكذلك في أوروبا والعالم. في تصريحاتٍ أدلى بها بعد الانتخابات، هاجم ميرتس تدخلات رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك في الانتخابات الألمانية وأعلن موقفه من العلاقات مع الولايات المتحدة، والتحديات التي تواجه أوروبا في مجالات الدفاع، والأزمات العالمية مثل الحرب في أوكرانيا.

أهمية تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية

على الرغم من التحديات التي فرضتها الانتخابات، إلا أن فريدريش ميرتس كان حريصًا على التأكيد على أن الأوضاع الأمنية في أوروبا يجب أن تكون على رأس أولوياته. حيث صرح قائلاً: “بالنسبة لي، الأولوية المطلقة يجب أن تكون تعزيز قدرة أوروبا الدفاعية بأسرع وقت ممكن، لكي نتمكن من تحقيق الاستقلالية عن الولايات المتحدة في مسائل الدفاع”.

هذه التصريحات تعكس مشاعر القلق السائدة في ألمانيا وبعض الدول الأوروبية من التهديدات الأمنية، سواء من روسيا أو من التحديات الإقليمية الأخرى، بالإضافة إلى التوترات بين أوروبا والولايات المتحدة. ميرتس يرى أن تعزيز القوة الدفاعية الأوروبية لا يعني فقط زيادة الإنفاق العسكري، بل أيضًا تطوير استراتيجيات فعالة تضمن قدرة أوروبا على الدفاع عن مصالحها دون الاعتماد الكبير على الحماية الأمريكية.

انتقاد موقف الولايات المتحدة

من جهة أخرى، أشار ميرتس إلى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أدلى بها الأسبوع الماضي، قائلاً: “بعد تصريحات ترامب، أصبح من الواضح أن الأمريكيين غير مهتمين بمصير أوروبا”. هذا التصريح يبرز القلق الأوروبي المتزايد بشأن مستقبل تحالفات القارة مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل الإدارة الأمريكية الحالية، والتي كانت في العديد من الأحيان تسعى إلى تقليص الالتزامات الأمريكية تجاه حلفائها في أوروبا.

كما قال ميرتس في سياق النقاش التلفزيوني: “إنني أتساءل حول الموقف الأمريكي في المستقبل القريب، خاصة في ظل التطورات الحاصلة في أوكرانيا ومنطقة بحر البلطيق”. وهو ما يعكس رغبة قوية في أن تصبح أوروبا أكثر استقلالية في قراراتها الأمنية والعسكرية.

الانتخابات الألمانية ونتائجها

أظهرت الاستطلاعات الأولية التي أجرتها القناتان الأولى والثانية من التلفزيون الألماني تقدّمًا ملحوظًا للاتحاد المسيحي في الانتخابات التشريعية. حصل الاتحاد المسيحي، الذي يتكون من الحزب المسيحي الديمقراطي وحزبه الشقيق الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، على نسبة تتراوح بين 28.5% و29% من الأصوات. وهذه النتائج تعد أفضل بكثير من نتائج انتخابات عام 2021، والتي حصل فيها الاتحاد المسيحي على 24.1% من الأصوات فقط.

هذا التقدم الكبير يعكس ازدياد شعبية الحزب في فترة زمنية قصيرة، مما يتيح له فرصة لتشكيل حكومة ذات توجهات محافظة. كما أظهرت النتائج أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) قد حقق نتائج مميزة، حيث تضاعف تأييده مقارنة بالانتخابات السابقة، ليحصل على حوالي 18% إلى 20% من الأصوات. في المقابل، كانت النتائج متواضعة للأحزاب الأخرى مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر.

التحديات الكبرى بين الناتو وأوروبا

فيما يخص حلف الناتو، أكد ميرتس أن هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر في دور الناتو في المستقبل. في سياق حديثه عن مواقف الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو، قال: “أنا في غاية الفضول لمعرفة ما سيحدث في الفترة المقبلة، بين الآن وقمة الناتو المقررة في نهاية يونيو/حزيران”. وأضاف: “نحن بحاجة إلى التفكير في إنشاء قوة دفاعية أوروبية مستقلة، ولا يمكننا الاعتماد على الناتو بشكل غير مشروط”. هذه التصريحات تبرز القلق المتزايد من قدرة الناتو على ضمان الأمن الأوروبي في المستقبل.

ورغم التحديات التي يواجهها الناتو، هنأ مارك روته، رئيس حلف الناتو، فريدريش ميرتس على فوزه في الانتخابات، وأكد في منشور له على منصة “إكس” أن “أمن أوروبا يعتمد على زيادة الإنفاق الدفاعي والتزام حلفائنا بتعزيز قدرتهم العسكرية”. كما أضاف أن “القيادة الأوروبية في مجال الدفاع ستكون أمرًا أساسيًا في المستقبل القريب”.

التدخلات الخارجية في الانتخابات الألمانية

أحد المواضيع التي أثارت جدلًا كبيرًا كان تدخل إيلون ماسك، الملياردير الأمريكي ورجل الأعمال المعروف، في الانتخابات الألمانية. دعم ماسك بشكل علني حزب “البديل من أجل ألمانيا”، وهو الحزب الذي يُعتبر مواليًا لروسيا ويمثل أقصى اليمين في السياسة الألمانية. هذا الدعم أثار ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية الألمانية، حيث اعتبر ميرتس أن تدخلات واشنطن في الانتخابات الألمانية لم تكن أقل دراماتيكية من التدخلات التي قامت بها موسكو.

وقال ميرتس في هذا السياق: “لقد تعرضنا لضغط هائل من جانبين، من موسكو ومن واشنطن على حد سواء. هذا النوع من التدخل في سياساتنا الوطنية غير مقبول ويجب على ألمانيا أن تقف بقوة ضد هذه الممارسات”.

الحرب في أوكرانيا: تحليل وتوقعات

تعتبر الحرب في أوكرانيا واحدة من أبرز القضايا الدولية التي تؤثر بشكل مباشر على أوروبا وألمانيا. في رأي فريدريش ميرتس، فإنه لا يزال هناك نقص كبير في الدعم الغربي لأوكرانيا، مما ساهم في استمرار الحرب لأكثر من ثلاث سنوات. وقال ميرتس: “إذا كان لدينا الدعم الكافي لأوكرانيا منذ البداية، لما استمرت هذه الحرب لمدة ثلاث سنوات”.

أعرب ميرتس عن قلقه من موقف الإدارة الأمريكية في المستقبل تجاه الحرب، مشيرًا إلى أن هناك قلة من التأكيدات بشأن كيفية تصرف الولايات المتحدة في الأسابيع المقبلة. كما نوه إلى ضرورة أن تتخذ ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى موقفًا واضحًا وفعالًا حيال الأزمة الأوكرانية.

وأضاف أنه “من الضروري أن يكون لدينا حكومة في ألمانيا قادرة على التحرك بسرعة لمواجهة التحديات الدولية والإقليمية”. وأكد أنه سيعمل على تشكيل حكومة اتحادية تمثل جميع شرائح الشعب الألماني وتعمل بفعالية لحل المشكلات المعقدة التي تواجه البلاد.

العلاقات الألمانية الأمريكية

وفيما يتعلق بالعلاقات مع الولايات المتحدة، صرح ميرتس بأن “ألمانيا بحاجة إلى إعادة تقييم علاقاتها مع واشنطن”. على الرغم من التحالفات التقليدية بين البلدين، فإن التوترات الأخيرة في مجالات السياسة الخارجية قد تسببت في تباين وجهات النظر بين الحلفاء الغربيين. وعلق ميرتس قائلًا: “علينا أن نتعاون مع الولايات المتحدة ولكننا يجب أن نكون مستعدين للبحث عن حلول مستقلة تضمن مصالح أوروبا أولًا”.

يعتبر فوز فريدريش ميرتس في الانتخابات التشريعية الألمانية خطوة كبيرة نحو تعزيز موقف الأحزاب المحافظة في ألمانيا. كما يعكس المواقف الحاسمة التي يتبناها ميرتس بشأن قضايا الأمن والدفاع والسياسة الخارجية. إن تصريحات ميرتس حول تعزيز القدرة الدفاعية الأوروبية، والتعامل مع التحديات العالمية مثل الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى تصديه للتدخلات الخارجية، تؤكد عزمه على قيادة ألمانيا نحو الاستقلالية والأمان الاستراتيجي في ظل عالم مليء بالتحديات المتزايدة.

من الواضح أن ألمانيا في عهد ميرتس ستسعى إلى تعزيز قوتها الذاتية على الساحة العالمية، مع الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها مع حلفائها التقليديين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي الوقت ذاته مواجهة التحديات العالمية التي تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.


اقرأ كذلك :خمسة أسباب وراء ثقة ترامب بإمكانية تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات