صحة

القهوة العربية: مؤشر حيوي يحسم الجدل هل هي مفيدة أم ضارة؟

تطور دراسات القهوة العربية: البحث عن مؤشر حيوي موثوق وتحديد آثارها الصحية في دراسات تكميلية متقدمة

تعد القهوة العربية مصدر إلهام وحيرة لمحبيها، فمع تدفق الدراسات الغذائية حول فوائدها ومخاطرها، تظهر نتائج متناقضة تربك القارئ. فهل هي مفيدة حقاً أم تشكل خطراً؟ تلك الأسئلة تثير جدلاً دائماً.

دراسة شاملة قام بها فريق بحثي من معهد “لايبنيز لبيولوجيا النظم الغذائية”. بجامعة ميونخ التقنية في ألمانيا كشفت عن سبب تناقض النتائج المتعلقة بالقهوة العربية. وجد الباحثون أن التقارير الذاتية المعتمدة بشكل كبير في الدراسات تفتقر إلى الدقة، مما يؤثر سلباً على مصداقيتها.

لحل هذا التناقض، اقترح الباحثون استخدام مؤشرات حيوية موثوقة يمكنها تحديد تأثير استهلاك القهوة على الصحة بشكل أدق. ومن بين تلك المؤشرات، يأتي مركب القهوة المحمصة “ميثيل بيريدينيوم إن” كمؤشر حيوي مهم.

توضح الدراسة الأخيرة التي نُشرت في مجلة “بفريجيز” للمشروبات أن مركب “ميثيل بيريدينيوم إن” يمكن استخدامه بفعالية كمؤشر حيوي. وقد أظهرت التجارب العديدة فعاليته في التمييز بين محبي القهوة وغيرهم.

بالاعتماد على مؤشرات حيوية موثوقة. يمكن للدراسات الغذائية أن تقدم نتائج دقيقة وموضوعية حول فوائد وأضرار استهلاك القهوة العربية. إنها خطوة مهمة نحو فهم أفضل لتأثيرات هذا المشروب الشهير على الصحة العامة.

ما هو مركب ميثيل بيريدينيوم إن؟

يتكون مركب “ميثيل بيريدينيوم إن” خلال عملية تحميص حبوب القهوة العربية. يأتي هذا المركب من مادة قلوية طبيعية تسمى “تريغونلين”، التي توجد بكثرة في الحبوب الخضراء. عندما تتعرض الحبوب لحرارة عالية خلال التحميص، يتحول “تريغونلين” إلى مركب “ميثيل بيريدينيوم إن”.

وفقًا لبيان صحفي من معهد لايبنيز لبيولوجيا النظم الغذائية. يعتبر هذا المركب خاصًا بحبوب القهوة العربية “أرابيكا” و”روبوستا” المحمصة، ولا يوجد بكميات كبيرة في مصادر الطعام الأخرى. يعتبر المركب مستقرًا كيميائيًا، ويمكن اكتشافه في السوائل الجسمية بعد تناول القهوة. مما يجعله مؤشرًا حيويًا لاستهلاك القهوة.

أثبتت الدراسات القائمة في المعهد فعالية المركب، حيث تم تحليل عينات الدم والبول من أكثر من 460 شخصًا في ألمانيا. وجد الباحثون أنه يمكن اكتشاف المركب بسهولة وبشكل متكرر في السوائل الجسمية بعد تناول القهوة خلال فترات زمنية قصيرة. مع تفاوت في المدة حسب العوامل الفردية مثل التمثيل الغذائي وعادات استهلاك القهوة.

مؤشرات حيوية أخرى: نظرة على السلبيات

دراسات سابقة استعرضت مؤشرات حيوية أخرى غير مركب “ميثيل بيريدينيوم إن” التي يمكن استخدامها كمؤشرات حيوية لاستهلاك القهوة. من بين تلك المؤشرات، تبرز أحماض الهيدروكسي سيناميك. التي تعد مجموعة من المركبات الفينولية المتواجدة في الأطعمة المختلفة. بما في ذلك القهوة. تخضع هذه الأحماض لتغيرات كيميائية أثناء تحميص القهوة، مما يؤدي إلى تكوين مستقلبات مختلفة تُعتبر مؤشرات حيوية محتملة لتناول القهوة، مثل “كبريتات حمض الكافيين” و”حمض الفيروليك”.

بالنسبة لمستقلبات الفوران، فهي فئة من المركبات العضوية التي يمكن تشكلها أثناء عملية تحميص حبوب البن. تحديداً. بعض مستقلبات الفوران – مثل “هيدروكسي بروبيل 3″ و”ميثيلفوران 2”. تم اقتراحها كمؤشرات حيوية محتملة لاستهلاك القهوة نظراً لوجودها في القهوة المحمصة.

ومع ذلك، يجب ملاحظة أن هذه المؤشرات الأخرى قد تواجه بعض السلبيات. مثل تغيراتها المتقلبة في التركيب أو صعوبة اكتشافها بشكل ثابت في سوائل الجسم. ولذلك. يبقى مركب “ميثيل بيريدينيوم إن” محور اهتمام الباحثين نظراً لمستوى استقراره الكيميائي وسهولة اكتشافه في السوائل الجسمية بعد تناول القهوة. مما يسهم في تمييز مستهلكي القهوة بشكل أكثر دقة في الدراسات الغذائية.

عيوب المؤشرات الحيوية الأخرى للاستهلاك القهوة العربية

واجهت المؤشرات الحيوية الأخرى التي تم اقتراحها كمؤشرات حيوية لاستهلاك القهوة بعض العيوب الملحوظة:

1. افتقاد الخصوصية: بعض هذه المركبات غير مخصصة بشكل خاص للاستهلاك القهوة. مما يجعلها موجودة في الأطعمة والمشروبات الأخرى. مما يصعب تحديد كمية القهوة المتناولة بدقة فقط عبر هذه المؤشرات الحيوية.

2. التمثيل الغذائي والتقلب: يختلف استقلاب هذه المركبات بين الأفراد. مما يؤدي إلى تركيزات متغيرة في سوائل الجسم، ويتأثر ذلك بعوامل مثل التمثيل الغذائي الفردي والعادات الغذائية.

3. التوافر والتوحيد القياسي: بعض هذه المركبات ليست متاحة بسهولة كمواد قياسية للتحليل. مما يجعل من الصعب تحديد مستوياتها بدقة في العينات البيولوجية.

4. تعقيد التحليل: يتطلب تحليل هذه المركبات تقنيات تحليلية معقدة. مما يمكن أن يحد من جدوى استخدامها في الدراسات الغذائية والإعدادات السريرية.

5. تفسير النتائج: قد يكون من الصعب تفسير النتائج بسبب تأثير العوامل المختلفة. مما يؤثر على موثوقية هذه المركبات كمؤشرات حيوية للاستهلاك القهوة.

تلك العيوب تجعل من مركب “ميثيل بيريدينيوم إن” خيارًا مميزًا وموثوقًا لاستخدامه كمؤشر حيوي لتناول القهوة العربية، نظرًا لاستقراره الكيميائي وسهولة اكتشافه ودقته في تحديد مستهلكي القهوة بشكل أكثر دقة.

أفضلية المؤشر الجديد: 4 مزايا ملحوظة

المؤشر الحيوي الجديد (مركب ميثيل بيريدينيوم إن) يتمتع بأربع مزايا رئيسية أكدتها الدراسة، وهي:

1. الخصوصية: يتمتع المركب بخصوصية عالية، حيث يكون مرتبطًا بشكل مباشر بعملية تحميص حبوب القهوة المحمصة، ويتواجد بشكل خاص في حبوب القهوة العربية والروبوستا. هذه الخصوصية تجعله علامة حيوية دقيقة لتناول القهوة، مما يقلل من احتمالية النتائج الكاذبة أو عدم الدقة في التحليل.

2. الاستقرار والمتانة: يتمتع المركب بالاستقرار الكيميائي والمتانة في الجسم، مما يجعله سهل الكشف عنه في سوائل الجسم المختلفة بعد تناول القهوة، مثل الدم والبلازما واللعاب والبول.

3. التوافر الحيوي: يتمتع المركب بتوافر حيوي مرتفع، مما يعني أنه يمتص بسهولة في الدم ويفرز في سوائل الجسم بعد تناول القهوة، مما يسهل الكشف والقياس الكمي لمستوياته في العينات البيولوجية، ويساهم في استخدامه كمؤشر حيوي في الدراسات الغذائية والبحوث السريرية.

4. سهولة التحليل: يتميز المركب بسهولة اكتشافه وتحليله باستخدام تقنيات تحليلية مباشرة وبسيطة، مثل قياس الطيف الكتلي السائل فائق الأداء. هذه السهولة في التحليل تجعله علامة حيوية فعالة واقتصادية لتقييم استهلاك القهوة، وتسهل استخدامه في الدراسات والأبحاث الواسعة النطاق.

نتائج أدق في دراسات تكميلية

تطورت الدراسات الغذائية لتقديم مؤشر حيوي جديد وموثوق يساعد في فهم الارتباط بين استهلاك القهوة العربية والنتائج الصحية بدقة أكبر.

وفي حديث هاتفي مع “الجزيرة نت”، أكد أستاذ العلوم الغذائية بجامعة المنصورة المصرية، خالد محمدي، أن هذا المؤشر الحيوي سيمكن الباحثين من إجراء تحليلات قوية توضح الفوائد الصحية المحتملة أو المخاطر المرتبطة بتناول القهوة.

ومع ذلك، يؤكد محمدي على أهمية استكمال الدراسة في نقطتين حيوية:

1. التحقق من صحة المؤشر الحيوي: يجب إجراء دراسات على مجموعات سكانية متنوعة للتأكد من قابلية تطبيق المؤشر عبر مجموعات متعددة من السكان والخلفيات الثقافية وأنماط التغذية.
2. دراسات طويلة المدى: من الضروري إجراء دراسات تقييمية لاستقرار المؤشر الحيوي في سوائل الجسم على فترات طويلة.

باستكمال هذه النقاط، نأمل أن نحصل على إجابات شافية لتساؤلاتنا حول مدى فائدة أو ضرر القهوة على صحتنا خلال الفترات القادمة.

اقرأ كذلك: الأسباب الخطيرة لنوبات الجوع الشديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات