اقتصاد

الذهب يرتفع لأعلى مستوى أسبوعي مع انخفاض الدولار

الذهب يحقق أعلى مستوى له في أسبوع بفضل تراجع الدولار وتوقعات بنمو الأسعار مستقبلاً مع ترقب تصريحات الفدرالي الأميركي وتزايد الأزمات الجيوسياسية

الذهب يصل إلى أعلى مستوى خلال أسبوع بفضل تراجع الدولار شهدت أسعار الذهب اليوم الثلاثاء ارتفاعاً ملحوظاً، حيث سجلت أعلى مستوى لها منذ أسبوع، مدعومةً بتراجع الدولار الأميركي. هذا التحرك السعري جاء في وقت حساس حيث تترقب الأسواق تصريحات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) للحصول على إشارات بشأن مسار أسعار الفائدة في المستقبل القريب. تعتبر هذه التطورات بمثابة مؤشر على التغيرات المحتملة في السياسة النقدية، ما قد يكون له تأثير كبير على الأسواق المالية العالمية.

ارتفاع أسعار الذهب بسبب تراجع الدولار

في الساعة 02:46 بتوقيت غرينتش، سجل الذهب في المعاملات الفورية ارتفاعاً بنسبة 0.4%، ليصل إلى 2623.54 دولاراً للأوقية (الأونصة)، وهو أعلى مستوى له منذ 12 نوفمبر/تشرين الثاني. وكان الذهب قد ارتفع بنسبة 2% في اليوم السابق، مما يعكس تحسناً ملحوظاً في قيمته.

من جانب آخر، سجلت العقود الآجلة الأميركية للذهب ارتفاعاً بنسبة 0.5%، حيث وصلت إلى 2627.60 دولاراً للأوقية. يعكس هذا النمو المطرد في أسعار الذهب التحسن الواضح الذي شهدته أسواق المعدن الأصفر في الآونة الأخيرة، وهو ما يرجعه الخبراء إلى انخفاض الدولار الأميركي.

الدولار يتراجع بشكل ملحوظ

تراجع الدولار الأميركي في الأسابيع الأخيرة، نتيجة بدء عمليات جني الأرباح بعد الارتفاع الكبير الذي شهده الأسبوع الماضي. تعد حركة جني الأرباح هذه عاملاً مهماً في تحركات العملات والسلع، حيث إن الأسواق غالباً ما تشهد تحركات معاكسة بعد فترات من النمو السريع.

تسبب ضعف الدولار في خفض تكلفة الذهب بالنسبة للمشترين من حاملي العملات الأخرى. هذا الأمر يعزز جاذبية الذهب باعتباره ملاذاً آمناً للاستثمار في أوقات التراجع الاقتصادي أو عدم الاستقرار السياسي.

قال كايل رودا، محلل الأسواق المالية لدى كابيتال دوت كوم: “تحركات السوق الأخيرة هي إلى حد كبير تحركات فنية، وقد تأثرت بذروة عمليات شراء الدولار الأميركي”. يمكن اعتبار هذا التفسير دليلاً على أن الأسواق تتعامل مع وضع الدولار بحذر، حيث أن الفترات التي يشهد فيها الدولار قوة غير مستدامة تؤدي عادة إلى تصحيح للأسعار في أسواق السلع والمعادن.

المخاوف بشأن سياسة الفائدة الأميركية

في ظل هذه التحركات في سوق الذهب، تزايدت المخاوف بشأن السياسة النقدية للبنك المركزي الأميركي. فقد أثارت البيانات الاقتصادية القوية الأخيرة تساؤلات حول ما إذا كان مجلس الاحتياطي الفدرالي سيواصل خفض أسعار الفائدة أم لا. وكان البنك المركزي قد خفض الفائدة بنحو 75 نقطة أساس منذ سبتمبر/أيلول الماضي، وهو ما أدى إلى انخفاض في تكلفة الاقتراض، ودعم بذلك الطلب على الذهب كملاذ آمن.

تترقب الأسواق تعليقات من مسؤولي البنك الفدرالي هذا الأسبوع، حيث يُتوقع أن يلقي العديد منهم تصريحات حول التوجهات المستقبلية لأسعار الفائدة. إذا أظهرت هذه التصريحات رغبة البنك في استمرار سياسة الخفض، فقد يؤدي ذلك إلى المزيد من الضغط على الدولار، وبالتالي إلى تعزيز أسعار الذهب.

توقعات أسعار الذهب في ظل تغيرات السياسة النقدية

من المتوقع أن يكون سعر الذهب في الأشهر المقبلة مرهوناً بتغيرات السياسة النقدية في الولايات المتحدة. على الرغم من التوقعات المتباينة، يرى العديد من الخبراء أن هناك احتمالية لزيادة أسعار الذهب إذا استمرت أسعار الفائدة في الانخفاض. هذا بدوره يشجع على المزيد من الاستثمارات في الذهب باعتباره بديلاً مفضلاً للأصول الأخرى مثل السندات أو الأسهم.

وأضاف كايل رودا: “تحركات أسعار الذهب في المستقبل ستكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأي تغيرات في التوقعات الخاصة باجتماع البنك المركزي المقرر في ديسمبر/كانون الأول المقبل”. في الوقت الحالي، يشير المتداولون إلى أن هناك فرصة بنسبة 58.8% لخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل، بينما تقدر فرصة إبقاء أسعار الفائدة كما هي بنسبة 41.2%.

 

التوترات الجيوسياسية تدعم الذهب كملاذ آمن

في الوقت الذي يتفاعل فيه الذهب مع تحركات الدولار والاقتصاد الأميركي، لا يمكن إغفال التأثير الكبير للتوترات الجيوسياسية على سوق الذهب. فقد شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً كبيراً في النزاع بين روسيا وأوكرانيا، حيث شنت روسيا -أول أمس الأحد- أكبر غارة جوية على أوكرانيا منذ نحو ثلاثة أشهر.

هذه الغارة ألحق أضراراً بالغة بشبكة الطاقة في أوكرانيا، مما أدى إلى زيادة حدة التوترات السياسية في المنطقة. هذه الظروف تؤدي إلى زيادة الطلب على الأصول التي تعتبر أكثر أماناً في مثل هذه الأوقات، وعلى رأسها الذهب. حيث تزدهر الأصول غير المدرة للعائدات مثل الذهب في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة وفي ظل حالة من الغموض الجيوسياسي.

توقعات غولدمان ساكس لأسعار الذهب

من جهة أخرى. أعرب بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس عن توقعاته بشأن أسعار الذهب. حيث أشار إلى أن أسعار المعدن النفيس ستشهد ارتفاعاً مستمراً. متوقعاً أن تصل إلى مستوى تاريخي قدره 3 آلاف دولار للأونصة بحلول نهاية 2025.

وذكر البنك أن الأسعار ستشهد ارتفاعاً كبيراً خلال العام المقبل، مع عمليات شراء كبيرة من جانب البنوك المركزية. إلى جانب التوقعات باستمرار خفض الفائدة الأميركية. كما أدرج غولدمان ساكس الذهب ضمن أفضل تداولات السلع الأساسية لعام 2025، حيث يتوقع أن تمتد المكاسب إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.

التحليل الجيوسياسي وتأثيره على سوق الذهب

لقد كانت التوترات الجيوسياسية أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في تعزيز جاذبية الذهب كملاذ آمن. فعلى الرغم من الاستقرار النسبي في بعض مناطق العالم، لا يزال الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية يشهدان توترات سياسية متزايدة. ومع استمرار التهديدات العسكرية في مناطق معينة من العالم. يزداد الطلب على الذهب كوسيلة تحوط ضد هذه المخاطر.

في هذا السياق. يشير الخبراء إلى أن أي تصعيد في التوترات الجيوسياسية قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في أسعار الذهب. حيث يلجأ المستثمرون إلى المعدن الأصفر بشكل مكثف لحماية قيم أصولهم من تقلبات السوق.

أسواق المعادن النفيسة الأخرى

في الوقت نفسه. شهدت أسواق المعادن النفيسة الأخرى تحركات مماثلة للذهب. فقد ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.5%. ليصل سعر الأوقية إلى 31.32 دولاراً. وهو أعلى مستوى له في أسبوع. في حين زاد البلاتين بنسبة 0.3%. ليصل إلى 969.80 دولاراً للأوقية. أما البلاديوم، فقد استقر عند 1005.20 دولارات. بعد ارتفاعه بنسبة تزيد عن 5% في اليوم السابق.

يمكن القول إن أسعار الذهب تعكس في الوقت الحالي مزيجاً من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية. تواصل الأسواق مراقبة سياسات الفائدة في الولايات المتحدة وتأثيرها على الدولار. كما أن التوترات السياسية في بعض مناطق العالم لا تزال تساهم في تعزيز جاذبية الذهب كأداة للتحوط من المخاطر. في ظل هذه العوامل، فإن التوقعات المستقبلية لأسعار الذهب تشير إلى احتمالية استمرار الارتفاع. خاصة مع تزايد الطلب من البنوك المركزية وحالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي التي تشهدها الأسواق العالمية.


اقرأ كذلك :ضغوط أوروبية على أوكرانيا للتفاوض مع روسيا وفقاً لإعلام أميركي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات