احتضان نهاية الأعوام بفرح وامتنان، دون البحث عن الإنجازات
كيف يمكن أن يكون الجهل مفيدًا للحفاظ على التوازن النفسي وتخفيف الحزن والاكتئاب في نهاية العام؟
نهاية العام تأتي مع الأماني والتطلعات للعام الجديد. ولكن لا يمكننا تجاهل حقيقة أن هناك العديد من الأشخاص يشعرون بالحزن والاكتئاب في هذا الوقت من العام. يبدأ المزيد من الأشخاص بالشعور بالوحدة والعزلة بدلاً من الاحتفال بالأوقات مع الأصدقاء ومشاركة لحظات سعيدة مع الآخرين. هذا الوقت يمكن أن يتحول إلى موسم للتفكير في الإخفاقات الماضية بدلاً من الفرح وتحقيق الأحلام.
هذا العام، قد يكون هناك قلة من الأشخاص الذين يشعرون بالرغبة في الاحتفال. وذلك بسبب تأثير الأزمات العالمية المستمرة على مزاج الكثيرين. تم اقتصار الاحتفالات في العديد من المنازل بسبب الأزمات الاقتصادية والآثار النفسية للأحداث العالمية مثل حرب غزة وما يحدث للسودانيين في الأيام الأخيرة من العام. ومع ذلك، يمكن أن يكون التمسك بالفرح والأمل هو ما يحتاجه الجميع لاستقبال العام الجديد بشكل إيجابي.
الدكتورة ماري سي ليم، أستاذة في معهد رايت في كاليفورنيا. تقدم نصائح قيمة في مقالها النشر على موقع “سيكولوجي توداي”. تشجع على عدم الانغماس في الحزن خلال فترة الأعياد وبدايات الأعوام. بدلاً من ذلك. يمكن استبدال التفكير السلبي بأفكار إيجابية تفتح أبواب الأمل وتذكرنا بالإنجازات التي حققناها في العام السابق.
الحزن هو شعور فردي، ولا يمكن أن يكون متشابهًا بين الأشخاص. كل شخص يستجيب للخسارة بطريقته الخاصة وفريدة. هناك تشابه في بعض النواحي. ولكن لكل تجربة قالبها الخاص الذي يعتمد على الذكريات والعواطف والقدرة على التعامل مع الفقدان والخسارة. لذا. تنصح أستاذة معهد رايت بتجربة 4 طرق قد تساعد بعض الأشخاص على التغلب على الاكتئاب في هذه الفترات والتخلص من الحزن الذي يرافق نهاية العام.
4 استراتيجيات للتغلب على حزن نهاية العام بشكل صحيح
نهاية العام هي فترة تجعل الكثيرين يشعرون بالحزن والاكتئاب، ولكن هناك بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدك في التعامل مع هذا الحزن بشكل صحيح:
1. ابتعاد عن الروتين المعتاد: قد يكون من الجيد تغيير الروتين الذي تتبعه في نهاية العام. قد تجد أن تجنب حضور الاحتفالات العائلية أو تغيير نمط تناول وجباتك المعتادة يمكن أن يخفف من الحزن الذي تشعر به. لا تشعر بالالتزام بالقيام بالأشياء بنفس الطريقة كما كنت تفعل في الأعوام السابقة.
2. الاعتراف بالحزن والاشتياق: من المهم أن تعترف بمشاعرك وتقبلها. التعامل مع المشاعر كجزء طبيعي من تجربة الخسارة يمكن أن يساعدك في السيطرة على حياتك واستعادة القدرة على المشاركة والعطاء. لا تخفي مشاعرك، بل قبلها وتعلم كيف تتعامل معها بشكل إيجابي.
3. تشتيت انتباهك: قد يكون من المفيد أحيانًا تشتيت انتباهك قليلاً عن الحزن. حاول عدم التركيز بشكل دائم على الأفكار السلبية والحزن. بدلاً من ذلك. حاول التشتيت ببعض الأنشطة الممتعة أو الترفيهية التي تساعدك على الاسترخاء وتخفيف الضغط.
4. تحل بالأمل: الأمل هو عامل مهم للتغلب على الحزن. حافظ على إيمانك بأن الحياة ستستمر وأن الأماني الطيبة ستتحقق. حاول أن تركز على الأمور الإيجابية والأهداف التي ترغب في تحقيقها في العام الجديد. تذكير نفسك بأن الأوقات الصعبة مؤقتة، وأن هناك دائمًا فرصة للتحسن وتحقيق السعادة.
حزن اقتراب نهاية العام: بين اليأس والاحتضان
في دراسته لمراحل نمو وتطور الإنسان، قسم عالم علم النفس الأميركي إريك إريكسون الحياة إلى 8 أقسام تبدأ منذ الولادة وتمتد حتى آخر العمر. وفي النهاية من هذه الرحلة الحياتية، تظهر مرحلة تصاحبها مشاعر الحزن واليأس، وهذا يحدث عندما نقترب من نهاية العمر ونجد أن أحلامنا وطموحاتنا تقترب من الانتهاء. في هذه المرحلة، نجد أنفسنا إما نحقق حصادًا غنيًا يشجعنا على المضي قدمًا بثقة، أو نشعر بالاكتئاب والحزن الدائم بسبب شعورنا بعدم الإنجاز طوال حياتنا.
هذه المشاعر تشبه إلى حد كبير ما نعيشه في نهاية كل عام، وهو ما وصفته الدكتورة رضوى سعيد عبدالعظيم، استشارية الطب النفسي بالقصر العيني ورئيسة قسم الصحة الجنسية بالجمعية العالمية للطب النفسي. وأشارت إلى أن الكآبة التي تسيطر على معظم الناس في هذه الأوقات ليست فقط بسبب عدم الإنجازات في العام السابق أو الأحداث المؤلمة التي شهدها العالم، ولكن أيضًا بسبب غياب الأمل في المستقبل، حيث تشير مؤشرات كثيرة إلى أن الأمور قد تتدهور في العام الجديد، مما يجعل الجميع يشعرون بفقدان سحابة الأمل التي كانوا يعتمدون عليها عادة عند انقضاء كل عام.
الدكتورة رضوى عبد العظيم تميز بين نوعين من الحزن في نهاية العام. هناك حزن واقعي ينتج عن أحداث حقيقية ومؤلمة جرت في العام السابق. وهناك أيضًا حزن الأشخاص “الطامعين” الذين يعتبرون أنهم لم يحققوا ما يكفي من الإنجازات، حيث يسعون دائمًا للمزيد دون أن يشعروا بالرضا عن ما قدموه في حياتهم وبما حققوه بالفعل.
كيف نغزو قمم الامتنان رغم تحديات العام؟
في نهاية العام، تبدو الحاجزة نحو السلام النفسي والإيمان بأن الأيام القادمة تحمل في طياتها الخير وأن الشر ليس دائمًا على الأبواب كما يعتقد البعض. نجد هذه الحالة التفاؤلية والروحانية كما وصفتها استشارية الطب النفسي بالقصر العيني. وفي هذا السياق، تصعب الوصول إلى تلك الحالة إلا على نوعين من البشر: الأوائل هم أصحاب الإيمان القوي والروحانيون الذين يتقبلون قدر الله برضا وصفاء.
أما النوع الثاني من أصحاب التفاؤل فهم “محدودو الوعي”. إنهم لا يدورون في دوائر القلق المستمر والتفكير في المستقبل بل يعيشون لحظاتهم الحالية. إذا كان اليوم جيدًا وسالمًا، فإنهم يعتقدون أن الأيام القادمة ستكون كذلك. وإذا هطل المطر، فهم يعتقدون أن الزرع سيكون قادمًا والخير سيأتي بغض النظر عن مؤشرات السوء. الدكتورة عبد العظيم تقارن بين هاتين الحالتين وتشير إلى أن من لديهم الوعي المحدود يمكن أن يكونوا في بعض الأحيان أكثر صحة وسعادة من أولئك الذين يمتلكون الوعي العميق، حيث يعتمد ذلك على كيفية تفكير الفرد واستجابته للتحديات.
فوائد بعض الجهل: كيف يمكن أن يكون الجهل مفيدًا في بعض الأحيان؟
تشير أستاذة علم النفس، الدكتورة رضوى عبد العظيم، إلى أنه في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الجهل مفيدًا للحفاظ على التوازن النفسي وتخفيف حدة الحزن والاكتئاب في فترات مثل نهاية العام. تجدر الإشارة إلى أن نصائح الابتعاد عن مشاهد العنف والدمار ليست دائمًا رفاهية، بل يمكن أن يكون الجهل أحيانًا وسيلة للحفاظ على السلام النفسي والاستقرار العاطفي.
من الأساليب الناجعة للتغلب على اكتئاب نهاية العام هو التغيير والتطوير الشخصي، بالإضافة إلى محاولة إسعاد الآخرين. إن محاولة إسعاد شخص آخر في نهاية السنة يمكن أن تؤثر إيجاباً على نظرتك للأيام السابقة والقادمة. إن القدرة على تغيير وجهة نظرك والعمل على إسعاد الآخرين يمكن أن تكون وسيلة فعالة للتخلص من الحزن والاكتئاب والبدء بعام جديد بنفسية إيجابية ومشرقة.
اقرأ كذلك: ما هو الحضور التنفيذي وكيف يساهم في تطوير المهارات المهنية بشكل أساسي؟