العالم

لماذا منعت جنوب أفريقيا دخول فلسطينيين من غزة إلى أراضيها؟

خفايا رحلة الغزيين إلى جنوب أفريقيا بين الجدل السياسي والقلق الإنساني

في الأيام الأخيرة عاد اسم جنوب أفريقيا إلى الواجهة بقوة. وقد ظهر ذلك بعد أزمة إنسانية حساسة. ومع ذلك فقد حاولت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية تضخيم المشهد. لذلك رأى كثيرون أن هذه الوسائل تجاهلت الحقيقة عمدا. وهنا بدأت حملة واسعة تسعى إلى اتهام جنوب أفريقيا بالنفاق. ولذلك ظهرت عناوين ساخرة في صحف إسرائيلية بارزة. ومع ذلك فإن الوقائع الميدانية كانت مختلفة تماما. كما أن الإجراءات الرسمية لم تكن سوى احتياط تنظيمي مؤقت. ولذلك كان لا بد من كشف الصورة الكاملة. وهنا يبدأ هذا التقرير التحليلي الطويل. وهو يعيد بناء التفاصيل كاملة دون حذف. كما يشرح الخلفيات السياسية. ثم يقدم رواية دقيقة تعكس الحقيقة كما هي.


الهجوم الإعلامي الإسرائيلي ومحاولة خلق صورة مضللة

بدأت القضية عندما وصلت 160 فلسطينيا من غزة إلى جوهانسبرغ. وقد استغلت وسائل إعلام إسرائيلية الحادثة بسرعة. لذلك ظهرت عناوين تحاول تصوير جنوب أفريقيا على أنها دولة تمارس نفاقا سياسيا. وقالت صحيفة هآرتس إن السلطات رفضت السماح لهم بالنزول من الطائرة. ومع ذلك فإن الحقيقة كانت مختلفة تماما. ولذلك تجاهل الهجوم الإعلامي حقائق رئيسية. كما تجاهل أن التأخير كان مؤقتا فقط. ثم تدخلت الرئاسة لاحقا لمعالجة الملف. وقد ظهر ذلك في تصريحات رسمية موثوقة.

وقد كتب بعض المعلقين الإسرائيليين تعليقات تحمل سخرية واضحة. ولذلك رأى كثيرون أن الهدف كان تشويه موقف جنوب أفريقيا المعارض للإبادة في غزة. كما تجاهل هؤلاء أن الدولة تستقبل الفلسطينيين عادة دون قيود كبيرة. ولذلك بدت الرواية الإسرائيلية غير منطقية منذ اللحظة الأولى.


تفاصيل الرحلات المثيرة للجدل

وصلت الرحلة الثانية في 14 نوفمبر. وقد كانت منظمة بواسطة مؤسسة تُدعى “المجد أوروبا”. ومع ذلك فإن المؤسسة بدت غامضة لكثير من النشطاء. ولذلك أثارت شكوك المجتمع المدني. وقد سبق وصول رحلة مشابهة يوم 28 أكتوبر. وكانت تقل 176 فلسطينيا. ومع ذلك فقد كانت إدارة الحدود تميل إلى التحقق من كل التفاصيل. ولذلك لم يكن الإجراء مرتبطا بموقف سياسي. بل كان مرتبطا بشبهة تنظيم الرحلات بطرق غير واضحة.

وأكدت سلطة إدارة الحدود أن الاستقبال الأولي كان مؤقتا. ولذلك لم يكن الهدف رفض دخولهم. ثم تدخلت الرئاسة ومنحت إعفاء رسميا. وهنا بدأ المسافرون بالنزول تدريجيا. وقد غادر 23 منهم إلى وجهاتهم النهائية قبل استكمال الإجراءات. ولذلك تمت معالجة طلبات 137 شخصا فقط.

وأوضحت مسؤولة الاتصالات ممي موغوتسي الحقيقة. وقالت إن كل فلسطيني يملك حق الدخول دون تأشيرة لمدة 90 يوما. ومع ذلك يجب الالتزام بالإجراءات العادية. ولذلك تم تسوية وضعهم بشكل قانوني ومنظم.


رحلة معقدة بدأت من غزة وانتهت في جنوب أفريقيا

كشف الباحث نعيم جينا تفاصيل مهمة. وقد أشار إلى أن المؤسسة المنظمة طلبت مبالغ بين 1500 و5000 دولار. ثم أبلغت الفلسطينيين بموعد المغادرة قبل ساعات قليلة. ولذلك لم يكن هناك وقت كاف للاستعداد. ثم طلبت منهم حمل حقائب ظهر صغيرة. ومع ذلك فقد صودرت تلك الحقائب لاحقا عند معبر كرم أبو سالم. وقد سُمح لهم فقط بحمل الهواتف. ثم انتقلوا عبر حافلات إسرائيلية إلى مطار رامون. ولذلك ظلّت الرحلة تحت سيطرة جهات مجهولة بالنسبة لهم.

ووصف جينا انتقالهم بأنه كان غامضا ومربكا. ثم وضِعوا على طائرة بلا علامات. ولذلك لم يعرفوا وجهتهم الحقيقية. ثم هبطت الطائرة في كينيا أولا. وبعدها نقلوا إلى طائرة مستأجرة متجهة إلى جنوب أفريقيا.

ورغم تلك الأحداث فقد تبيّن لاحقا أن المسافرين كانوا ضحايا خداع. ولذلك كان التدخل الرسمي ضروريا. وقد حاول المجتمع المدني دعمهم منذ اللحظات الأولى.


قصة الرحلة الأولى وتفاصيل الإقامة المربكة

بالنسبة للرحلة الأولى فقد تلقى الركاب رسائل عبر واتساب. وحددت لهم سيارات “أوبر” لتنقلهم إلى بيوت ضيافة بسيطة. ومع ذلك كانت الإقامة لمدة أسبوع واحد فقط. ثم انقطع التواصل مع المؤسسة تماما. ولذلك وجد الفلسطينيون أنفسهم في وضع صعب. كما شعروا بأنهم تركوا دون دعم. ومع ذلك لم تتكرر هذه التفاصيل مع ركاب الرحلة الثانية. ولذلك أصبح الملف أكثر غموضا.

وفي المقابل حاولت السفارة الفلسطينية متابعة الوضع. وقد التقت حنان جرار بالركاب. ثم ساعدت الحكومة في تسيير العملية. ولذلك شعر الكثيرون بالارتياح لاحقا.


أزمة الطائرة في مطار جوهانسبرغ

عندما وصلت الرحلة الثانية رفضت سلطة الحدود السماح لهم بالنزول في البداية. ولذلك حدثت أزمة إنسانية صعبة. وبدأ المجتمع المدني ينتقد الموقف بقوة. وقال نعيم جينا إن الموقف كان مخزيا. ومع ذلك فقد أكد أن الفلسطينيين تعرضوا للخداع من جهات أخرى قبل وصولهم. ثم استخدمت السلطات عدم وجود أختام خروج كذريعة تنظيمية.

ومع ذلك فإن كل هذه الإجراءات تبددت حين تدخلت الرئاسة. ولذلك مُنح الركاب إعفاء خاص. وهنا بدأت العملية الإنسانية الحقيقية. وقد رأى المجتمع المدني هذا التدخل على أنه إنقاذ عاجل. ولذلك أشادوا بالحكومة لاحقا.


شهادات من داخل الطائرة: المعاناة الدقيقة

كشف الناشط نايجل برانكن تفاصيل مأساوية. وقال إن الطائرة بقيت على المدرج لساعات. ولم يكن فيها تكييف. ولم يحصل الركاب على طعام في البداية. ولذلك ظهرت علامات الإرهاق على النساء والأطفال. كما قال إن أحد الآباء أبلغهم عن وجود ابنته الحامل على متن الطائرة. ولذلك بدأ النشطاء التحرك.

وأوضح برانكن أن وزارة الشؤون الدولية لم تكن تعلم بالرحلة. ولذلك تدخلت لاحقا. كما أكد أن إسرائيل تعمدت عدم ختم الجوازات. ولذلك تكرر هذا الأسلوب لمنع دخولهم لاحقا. ومع ذلك فإن قانون اللجوء في جنوب أفريقيا يسمح بدخول كل طالب لجوء. ولذلك لم يعد الختم عائقا قانونيا.


دور المجتمع المدني في حماية الفلسطينيين

أثبتت التجربة أن المجتمع المدني كان يقظا للغاية. ولذلك لعب دورا مركزيا. وتعاون النشطاء مع مؤسسات قانونية. ثم ضغطوا على الحكومة للتدخل. ولذلك جاء القرار الرسمي بسرعة. وقد أشاد الجميع بهذا التحرك.

كما أن مؤسسة وقف الواقفين أصدرت بيانا. وقد شكرت فيه الحكومة على الدور الإنساني. ولذلك أصبح الموقف أكثر إنسانية مما حاول الإعلام الإسرائيلي تصويره.


البعد السياسي للعلاقة بين جنوب أفريقيا والقضية الفلسطينية

كانت جنوب أفريقيا دائما في مقدمة الدول التي تدعم العدالة للفلسطينيين. ولذلك رفعت قضية الإبادة أمام محكمة العدل الدولية. ومع ذلك حاولت وسائل الإعلام الإسرائيلية استغلال الأزمة لإضعاف هذا الموقف السياسي. ولكن الحقائق أثبتت العكس. لأن التدخل الرسمي أثبت أن جنوب أفريقيا متمسكة بقيمها.

ورغم أن الإجراءات الحدودية كانت مشددة في البداية إلا أنها اعتمدت على قواعد تنظيمية. ومع ذلك فإن الاستجابة الحكومية أظهرت موقف الدولة الحقيقي. ولذلك رأى الكثيرون أن الأزمة لم تؤثر على موقف جنوب أفريقيا الداعم للفلسطينيين.


خلاصة تحليلية

تثبت القصة أن الحقائق قد تُشوَّه بسهولة. ولذلك يحتاج المتابع إلى تحليل متوازن. ورغم الضجيج الإعلامي فإن جنوب أفريقيا لم تتراجع يوما عن دعمها للفلسطينيين. ومع ذلك فإن أي دولة تحتاج إلى التحقق من ملابسات دخول مجموعات كبيرة. ولذلك كان التأخير فنيا أكثر منه سياسيا. ثم جاء التدخل الرئاسي ليحسم الأمر.

وهكذا انتهت الأزمة بدخول 137 فلسطينيا إلى البلاد. ومع ذلك ما تزال الأسئلة حول المؤسسة المنظمة قائمة. ولذلك قد نشهد تحقيقات أكبر في الأسابيع القادمة.

اقرأ كذلك: لماذا أوقفت إسرائيل الحرب على إيران قبل تحقيق أهدافها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات