دعم سوريا: أردوغان يدعو والشرع يثمّن الوقفة التاريخية لتركيا
التعاون السوري التركي: دعم اقتصادي وأمني متبادل لمواجهة التحديات الإقليمية وتعزيز الشراكة الاستراتيجية في مرحلة ما بعد الحرب

دعم سوريا: أردوغان يدعو والشرع يثمّن الوقفة التاريخية لتركيا. دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العالم العربي والإسلامي إلى تقديم الدعم للقيادة السورية الجديدة. مشيرًا إلى أن الشعب السوري يمتلك الآن الإرادة اللازمة لتقرير مستقبله بشكل مستقل. في تصريحات له خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السوري أحمد الشرع في العاصمة التركية أنقرة، أعرب أردوغان عن اعتقاده بأن التعاون المشترك بين تركيا وسوريا سيشهد مرحلة جديدة من التعافي والازدهار، كما أن المبادرات التركية ستساهم في تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا منذ عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد.
العلاقات التركية السورية: أفق جديد في ظل التحديات الإقليمية
وأضاف أردوغان أن الزيارات المتبادلة بين الحكومتين السورية والتركية ستتزايد في الفترة المقبلة. وأوضح أن هذه الزيارات ستكون جزءًا من سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى دعم التعاون المشترك بين البلدين في العديد من المجالات. من بينها تخفيف العقوبات الاقتصادية التي كانت قد فرضتها دول غربية على سوريا، والتي كان لها تأثيرات سلبية كبيرة على الشعب السوري خلال السنوات الماضية. أردوغان أكد أن تركيا ستستمر في لعب دور محوري في دعم استقرار سوريا ورفاه شعبها، مع مراعاة أولويات الأمن الإقليمي.
أما فيما يتعلق بالقوات الكردية في سوريا، فقد أكد الرئيس التركي أن تركيا مستعدة تمامًا للمساعدة في المعركة ضد المسلحين الأكراد وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وأشار إلى أنه قد ناقش مع الرئيس السوري أحمد الشرع الخطوات المستقبلية التي يجب اتخاذها في شمال شرق سوريا، لا سيما في ظل وجود مسلحين أكراد مرتبطين بحزب العمال الكردستاني، الذي تشن تركيا حربًا ضده منذ الثمانينات. وفي هذا السياق، أشار أردوغان إلى أن تركيا تأمل في أن تشارك سوريا في هذا الصراع لضمان استقرار الحدود.
الرؤية السورية: تعزيز الشراكة الإستراتيجية مع تركيا
من جهته، صرح الرئيس السوري أحمد الشرع بأن العلاقة بين سوريا وتركيا تمتد عبر التاريخ، مشيرًا إلى أن الثورة السورية والتفاعل التركي معها قد عززا هذه العلاقات بشكل غير مسبوق. الشرع أكد أن الشعب السوري لن ينسى الوقفة التاريخية لتركيا، وأن تركيا كانت دائمًا شريكًا استراتيجيًا في مواجهة العديد من التحديات التي مرت بها سوريا خلال السنوات الماضية. وأشار إلى أن الشعب السوري يقدر عالياً الدعم الذي قدمته تركيا على مختلف الأصعدة، بما في ذلك المجال الإنساني والسياسي.
وأكد الشرع على أهمية تحويل العلاقة مع تركيا إلى شراكة إستراتيجية عميقة في جميع المجالات، بما في ذلك الأمن، الاقتصاد، والتعاون العسكري. وشدد على ضرورة أن تكون هذه العلاقة شاملة، بحيث تشمل دعمًا طويل الأمد في عمليات إعادة الإعمار التي تحتاجها سوريا في المرحلة القادمة، بالإضافة إلى التعاون المستمر لمواجهة التهديدات الإقليمية والدولية، لا سيما تلك التي تمثلها المجموعات المسلحة في الشمال الشرقي السوري.
القمة الثنائية: الاجتماع المغلق بين الرئيسين في أنقرة
في وقت لاحق من اليوم، عقد الرئيسان أردوغان والشرع اجتماعًا مغلقًا في المجمع الرئاسي بأنقرة. وقالت مصادر مطلعة إن الطرفين ناقشا العديد من القضايا الأمنية والاقتصادية الهامة. من أبرز تلك القضايا كان التباحث حول إبرام اتفاق للدفاع المشترك بين البلدين، وهو الاتفاق الذي قد يتضمن إقامة قواعد عسكرية تركية في بعض المناطق السورية الاستراتيجية، إلى جانب تدريب الجيش السوري الجديد.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية، تمثل القواعد العسكرية التركية في سوريا جزءًا من استراتيجية أنقرة لتعزيز دورها في حماية المجال الجوي السوري إذا تعرض لأي هجمات. كما تساهم هذه القواعد في إرسال رسالة قوية إلى المقاتلين الأكراد في شمال شرق سوريا، الذين تشهد مناطقهم توترات مستمرة مع القوات التركية.
العلاقات الاستراتيجية: شراكة متجددة
الزيارة التي قام بها الرئيس السوري إلى تركيا تعتبر خطوة كبيرة نحو تجديد وتعميق التعاون بين البلدين. وبحسب مكتب الرئيس التركي، تأتي هذه الزيارة “بدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان”، والتي تأتي في وقت حساس بالنسبة للعلاقات السورية التركية. كانت الزيارة فرصة للرئيس السوري أحمد الشرع لتبادل الرؤى مع القيادة التركية حول كيفية إعادة بناء سوريا بعد الحرب الطويلة والمعقدة التي دامت أكثر من 13 عامًا.
في هذا السياق، أكد رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين التون على منصة “إكس” أن المحادثات بين أردوغان والشرع ستركز على “الخطوات المشتركة التي يتعين القيام بها من أجل التعافي الاقتصادي والاستقرار والأمن المستدامين في سوريا”. وأشار إلى أن المحادثات ستتناول أيضًا التعاون بين البلدين في مجالات عدة مثل التجارة. الاستثمار. وإعادة الإعمار.
المرحلة الانتقالية في سوريا: تحديات وفرص
تمر سوريا الآن بمرحلة انتقالية حاسمة. في وقت تواجه فيه السلطات الجديدة العديد من التحديات الكبيرة التي تشمل استعادة السيطرة على كامل التراب السوري. بالإضافة إلى ضرورة تجاوز الآثار الكارثية للحرب المدمرة التي استمرت لأكثر من عقد. الحكومة السورية الجديدة. التي تتشارك حدودًا طولها 900 كيلومتر مع تركيا. تسعى إلى الحفاظ على توازن العلاقات الإقليمية، خاصة بعد زيارة الرئيس السوري إلى السعودية. وبالتالي. تعتبر هذه الزيارة إلى تركيا بمثابة خطوة استراتيجية مهمة لتوطيد العلاقات مع أنقرة.
وفيما يتعلق بتلك التحديات. يسعى الرئيس الشرع إلى استخدام العلاقة الإستراتيجية التي أقامها مع تركيا كأداة لتحقيق الاستقرار في سوريا. حيث تبذل الحكومة السورية جهودًا كبيرة للحفاظ على وحدتها واستعادة سيادتها على جميع أراضيها. ويعمل الشرع على استغلال هذه العلاقات المتجددة في توفير الدعم الدولي لسوريا. لا سيما في المجالات الاقتصادية والعسكرية.
مساعدة تركيا لسوريا في مرحلة ما بعد الحرب
تركيا تعرض على سوريا مساعدات ضخمة من أجل التعافي من الحرب الدموية التي دامت 13 عامًا. تسعى أنقرة من خلال هذه المساعدات إلى ضمان دعم دمشق ضد القوات الكردية التي تسيطر على العديد من المناطق في شمال شرق سوريا. وقوات سوريا الديمقراطية (قسد). المدعومة من الولايات المتحدة. تخوض معارك ضد فصائل مدعومة من تركيا. وهو ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.
تتهم تركيا وحدات حماية الشعب الكردية، التي تشكل الجزء الأكبر من قوات سوريا الديمقراطية. بأنها على ارتباط بحزب العمال الكردستاني الذي ينشط في تركيا منذ الثمانينات. تصنف تركيا وحلفاؤها الغربيون حزب العمال الكردستاني على أنه “منظمة إرهابية”. وهو ما يشكل نقطة خلاف جوهرية بين تركيا والأطراف الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية.
الوضع العسكري في شمال شرق سوريا: تهديدات وتوترات مستمرة
تسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على معظم مناطق شمال شرق سوريا الغنية بالنفط. على الرغم من أن هذه القوات أقامت إدارة ذاتية في هذه المناطق منذ أكثر من عقد. إلا أن تركيا تعتبر وجودها تهديدًا للأمن الوطني. في ظل هذا الوضع. هددت تركيا مرارًا بالتحرك عسكريًا لإبعاد القوات الكردية عن حدودها. وذلك على الرغم من الجهود الأمريكية الرامية للتوصل إلى اتفاق هدنة في هذه المنطقة.
في ضوء هذه التوترات. تسعى تركيا إلى تأكيد موقفها الأمني في المنطقة من خلال دعم الحكومة السورية في محاربة الإرهاب والمجموعات المسلحة التي تهدد الاستقرار الإقليمي.
العلاقات التركية السورية دخلت مرحلة جديدة تتسم بالتعاون المتزايد والتفاهم المشترك حول قضايا الأمن والتنمية. وبينما تواجه سوريا تحديات كبيرة في مرحلة ما بعد الحرب. يظهر دور تركيا كمؤثر رئيسي في استقرار المنطقة. تتجه الأنظار إلى التطورات المستقبلية في العلاقات بين البلدين. مع التركيز على تحقيق الأمن المستدام في سوريا والمضي قدمًا في عملية إعادة الإعمار.
اقرأ كذلك :إردوغان يُعلن الحداد عقب مقتل العشرات في حريق شمال تركيا