العالم

غارديان: آلاف الغزيين مهددون بالموت بسبب الأمراض إذا لم يتم التحرك

تحذيرات من كارثة صحية في غزة: أطباء بريطانيون يكشفون عن خطورة تفشي الأمراض وسوء التغذية في ظل تدمير المستشفيات واستهداف الطواقم الطبية

غارديان: تحذيرات من خطر وفاة آلاف الفلسطينيين بسبب الأمراض في غزة. في ظل الحرب المدمرة التي اندلعت في قطاع غزة، حذر العديد من الأطباء البريطانيين الذين عملوا في المنطقة من أن الآلاف من الفلسطينيين قد يلقون حتفهم بسبب تفشي الأمراض المعدية والمشاكل الصحية الأخرى المرتبطة بسوء التغذية وتدمير المستشفيات، فضلاً عن استهداف الكوادر الطبية المؤهلة. إن الوضع في غزة وصل إلى مستويات حرجة للغاية، خاصة مع نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وتدمير العديد من المنشآت الصحية، ما جعل سكان القطاع يواجهون كارثة صحية قد تؤدي إلى موت أعداد ضخمة.

الوضع الصحي المتدهور في غزة

في تقرير نشرته صحيفة “غارديان” البريطانية، أفادت الصحيفة بأن الأطباء الذين عملوا في مستشفيات غزة أثناء الحرب شددوا على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من آثار الكارثة الصحية المتنامية. وكان من بين هؤلاء الأطباء البروفيسور غسان أبو ستة، الأخصائي البريطاني الفلسطيني في الجراحة الترميمية، الذي عمل في مستشفيي الشفاء والأهلي العربي في مدينة غزة بعد فترة قصيرة من اندلاع الحرب.

ووفقًا لما ذكره البروفيسور أبو ستة، فإن مستوى سوء التغذية في غزة بلغ درجات غير مسبوقة. وقال إن الوضع كان مروعًا للغاية، لدرجة أن العديد من الأطفال لن يتعافوا أبدًا بسبب نقص التغذية السليمة، ما يؤدي إلى تفاقم حالة المرض والموت في أوساطهم.

الوفيات بسبب الحرب وتدهور النظام الصحي

من جانبه، أشار كبير مراسلي صحيفة “غارديان” لشؤون التنمية العالمية، مارك تاونسند، إلى أن العلماء قدّروا أن إجمالي عدد الوفيات الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قد يصل في نهاية المطاف إلى 186 ألف حالة وفاة. وقد يكون هذا الرقم أعلى بأربع مرات تقريبًا من الرقم الرسمي الذي أعلنته وزارة الصحة في غزة، والذي بلغ نحو 48 ألف حالة وفاة.

وأشار تاونسند إلى أن الزيادة المتوقعة في عدد الوفيات ترجع إلى عدة عوامل، منها نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى تدمير مستشفيات كاملة، وهو ما يؤدي إلى عدم قدرة النظام الصحي في غزة على تقديم الرعاية الصحية الضرورية للمصابين.

استهداف الطواقم الطبية

ووفقًا للبروفيسور نظام مامود، الجراح البريطاني المتقاعد الذي عمل في مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة العام الماضي، فإن العدد الإجمالي للوفيات التي لا علاقة لها بالهجمات قد يتجاوز الـ186 ألف حالة في نهاية المطاف. وأكد أن السبب الرئيسي في زيادة عدد الوفيات هو استهداف طواقم الرعاية الصحية أثناء الحرب. كما أضاف أن العديد من الأطباء والممرضين قتلوا خلال الهجمات الإسرائيلية على القطاع، مما أثر بشكل كبير على قدرة المستشفيات على معالجة المرضى.

وأضاف مامود أنه من بين 6 جراحي أوعية دموية كانوا يتواجدون في شمال غزة لتغطية الحالات الطبية، لم يتبقَّ منهم سوى جراح واحد فقط. كما أشار إلى أن جميع الأطباء المتخصصين في علاج السرطان قتلوا أثناء الحرب، مما يعني أن المرضى الذين يحتاجون إلى علاج لسرطانهم لا يوجد من يعالجهم الآن.

نقص الأخصائيين الطبيين في غزة

وتحدث البروفيسور غسان أبو ستة عن الوضع المأساوي للأخصائيين الطبيين في غزة. حيث أكد أن فرقًا طبية كاملة قد تم إبادتها نتيجة الهجمات، الأمر الذي يفاقم من الوضع بشكل كبير. ووفقًا له، فإن تدريب الأطباء الجدد في التخصصات المفقودة، مثل جراحة الأوعية الدموية وأمراض السرطان وأطباء الكلى، سيستغرق فترة زمنية قد تصل إلى عشر سنوات. هذا الأمر يعني أن الخدمات الطبية التي يحتاجها الشعب الفلسطيني في غزة قد تكون بعيدة المنال لعدة سنوات.

وأشار أبو ستة أيضًا إلى أن هناك تخصصات طبية أخرى قد اختفت تمامًا، مثل أطباء الطوارئ المعتمدين من البورد الأمريكي. هؤلاء الأطباء الذين يتم تدريبهم وفق معايير عالمية لم يعد لديهم وجود في غزة، مما يجعل المواطنين في القطاع يعانون بشكل مضاعف من نقص الرعاية الطبية المتخصصة.

عودة الفلسطينيين إلى شمال غزة

وفي خطوة أخرى، أفادت صحيفة غارديان بأن آلاف الفلسطينيين قد بدأوا بالعودة إلى شمال قطاع غزة، الذي تحولت مبانيه إلى أطلال بسبب الحرب. وكانت القوات الإسرائيلية قد انسحبت من الممر الاستراتيجي الذي يقسم القطاع إلى شمال وجنوب، مما سمح للسكان بالعودة إلى مناطقهم. ولكن، وفي الوقت ذاته، يواجه هؤلاء الفلسطينيون تحديات كبيرة، من بينها تدمير منازلهم وعدم توفر الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية.

ووفقًا للبروفيسور غسان أبو ستة، فإن الأطباء الذين يرغبون في العودة لممارسة عملهم في شمال القطاع يحتاجون إلى توفير مكان للإقامة، ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه هو: أين سيعيش هؤلاء الأطباء وعائلاتهم؟ إذ إن معظم المباني قد دُمرت، وهناك نقص حاد في المرافق السكنية.

الأطفال في غزة: أرقام مفزعة

وفي الشهر الماضي، تقدمت الأمم المتحدة بتقديرات مروعة حول الوضع الغذائي للأطفال في غزة، حيث قدرت المنظمة أن أكثر من 60 ألف طفل في غزة سيحتاجون إلى علاج لسوء التغذية الحاد خلال العام الجاري. وأشارت الأمم المتحدة إلى أن بعض الأطفال قد توفيوا بالفعل بسبب هذه الحالة. هذا الوضع يوضح بجلاء حجم الأزمة التي يواجهها القطاع، حيث أن غياب الرعاية الصحية السليمة قد يؤدي إلى وفاة عدد أكبر من الأطفال، الذين يعتبرون أكثر الفئات ضعفًا في المجتمع.

إثبات الجرائم والكارثة الصحية

وفي خطوة جادة للكشف عن الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب، قدم البروفيسور أبو ستة أدلة إلى سكوتلاند يارد (مقر شرطة العاصمة البريطانية لندن) والمحكمة الجنائية الدولية بشأن ما شاهده أثناء عمله في غزة. وأوضح أنه كان شاهدًا على انتشار الأمراض المعدية وتدهور الوضع الصحي بشكل غير مسبوق. كما وصف الوضع الصحي في غزة بأنه “كارثة إنسانية”، إذ أن غياب البنية التحتية الصحية بالإضافة إلى استهداف المنشآت الطبية أدى إلى تضخم الأعداد المصابة بالأمراض التي كان من الممكن الوقاية منها أو معالجتها في ظروف طبيعية.

الحاجة الملحة للتحرك الدولي

من خلال التقارير التي نقلتها الصحيفة، يتضح أن الوضع في قطاع غزة يتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا. يجب على المجتمع الدولي العمل على توفير الدعم الطبي والإنساني للفلسطينيين في القطاع، خاصة في ظل غياب المساعدات الطبية الأساسية، ودمار البنية التحتية الصحية. إن تقديم الدعم للأطباء والمستشفيات التي تعمل تحت ظروف قاسية قد يكون الخطوة الأولى لتخفيف المعاناة التي يعيشها السكان.

في الختام، من الواضح أن الوضع في قطاع غزة يتطلب تدخلاً سريعًا وفعّالًا. التحذيرات التي أطلقها الأطباء البريطانيون حول المخاطر الصحية الكبيرة التي تهدد حياة الآلاف من الفلسطينيين تشير إلى أن الحرب لم تترك فقط دمارًا في البنية التحتية، بل إنها خلّفت أيضًا أضرارًا صحية جسيمة قد تستمر لسنوات. إن التحرك الدولي الآن أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى، من أجل تقديم العون للمصابين والمساهمة في إعادة بناء النظام الصحي الذي دُمّر بشكل كبير.

اقرأ كذلك :الفائز بانتخابات ألمانيا يهاجم ماسك ويعلن موقفه من أوروبا والناتو وأوكرانيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات