تاريخ وثقافة

مغاربة التحقوا بالمقاومة واستشهدوا لأجل فلسطين

لطالما كانت القضية الفلسطينية محط اهتمام الأمة العربية والإسلامية، وكان للمغاربة دور بارز في دعمها من خلال الانضمام إلى صفوف المقاومة الفلسطينية وتقديم أرواحهم دفاعًا عن الأرض والحقوق الفلسطينية. في هذا المقال، نسلط الضوء على سير عدد من الشهداء المغاربة الذين تركوا بصمتهم في سجل المقاومة، ونستعرض تفاصيل حياتهم ومسيرتهم النضالية.

عبد العزيز قاضي: من زاكورة إلى ميدان المقاومة

النشأة والمسار التعليمي
عبد العزيز قاضي، وُلد في 8 يونيو/حزيران 1995 بقرية بندلالة التابعة لإقليم زاكورة جنوب شرق المغرب. عاش طفولة قاسية بعد وفاة والدته وهو صغير، فتولى والده تربيته وسط ظروف اقتصادية متواضعة. أكمل عبد العزيز تعليمه الأساسي والثانوي في زاكورة، ثم التحق بالكلية المتعددة التخصصات في ورزازات عام 2017. لم يستطع إكمال تعليمه الجامعي بسبب ظروف مادية واجتماعية.

الهجرة إلى الولايات المتحدة
في عام 2022، فاز عبد العزيز ببرنامج البطاقة الخضراء (غرين كارد)، الأمر الذي سمح له بالهجرة إلى الولايات المتحدة. استقر في مدينة بروكلين بولاية نيويورك، وبدأ العمل هناك، لكنه ظل مهتمًا بالقضية الفلسطينية والأوضاع السياسية في الشرق الأوسط.

العملية البطولية في تل أبيب
في 18 يناير/كانون الثاني 2025، سافر عبد العزيز إلى إسرائيل عبر رحلة جوية من بولندا. بعد ثلاثة أيام، نفذ عملية طعن في موقعين بمدينة تل أبيب، أسفرت عن إصابة أربعة إسرائيليين، من بينهم جندي كان قد أصيب سابقًا في غزة. أشادت حركتا حماس والجهاد الإسلامي بالعملية ووصفتا عبد العزيز بالبطل المقاوم، ليصبح رمزًا من رموز التضحية في سبيل القضية الفلسطينية.

مصطفى علال قزيبر: مقاوم من أرفود إلى الحدود اللبنانية

البدايات في العراق وليبيا
وُلد مصطفى علال قزيبر في 9 يونيو/حزيران 1966 بمدينة أرفود جنوب شرق المغرب. انتقل إلى العراق مع أسرته عندما كان في العاشرة من عمره بسبب عمل والده في قطاع البناء. بعد سنوات، انتقل إلى ليبيا في عام 1990، حيث كانت تقيم والدته وشقيقته. هناك، تعرف على أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وانضم إلى صفوفها في عام 1992.

الانضمام للمقاومة الفلسطينية
تلقى مصطفى تدريبات عسكرية مكثفة، وشارك في عمليات نوعية ضد الاحتلال الإسرائيلي في لبنان. كان يخطط وينفذ الهجمات بشجاعة، مؤمنًا بقضيته ومصيره كجزء من النضال الفلسطيني.

استشهاده في بيت ياحون
في 2 فبراير/شباط 1994، استشهد مصطفى أثناء تنفيذ عملية عسكرية مشتركة في قرية بيت ياحون، الواقعة على الحدود اللبنانية الفلسطينية. خلال اشتباك مع قوات الاحتلال، قدم حياته في سبيل تحرير الأرض، واستعادت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رفاته في عملية الرضوان التي أشرف عليها حزب الله اللبناني عام 2008.

محمد بن خضراء: شهيد صيدا ومخيمات الجنوب

النشأة والمسار المهني
وُلد محمد بن خضراء عام 1945 في مدينة آسفي المغربية. كان متزوجًا وله أربعة أبناء. في عام 1981، سافر إلى العراق للعمل سائقًا في محافظة ديالى، ثم انخرط لاحقًا في صفوف المقاومة الفلسطينية.

الانتقال إلى لبنان والانضمام للمقاومة
بعد انضمامه إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، خضع محمد لدورات تدريبية مكثفة، لينتقل بعدها إلى لبنان حيث استقر في قواعد الجبهة في بيروت وصيدا. هناك، شارك في الدفاع عن المخيمات الفلسطينية ضد القصف الإسرائيلي.

استشهاده أثناء القصف الإسرائيلي
في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1988، استشهد محمد أثناء تصديه للقصف الإسرائيلي على المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان. أُطلق عليه صاروخ من طائرة إسرائيلية أثناء تشغيله للمدفع المضاد للطائرات، ودفن في مقبرة الشهداء بمدينة صيدا.


عبد الرحمن أمزغار: المهندس الذي أصبح فدائيًا

الدراسة والهجرة
عبد الرحمن أمزغار وُلد عام 1945 في مدينة تطوان شمال المغرب. كان شغوفًا بالدراسة، فانتقل إلى إسبانيا عام 1968 لدراسة الهندسة في كلية فالنسيا، حيث حصل على شهادة الهندسة في الطيران. أكمل تعليمه في بلجيكا بالمعهد التكنولوجي، ثم هاجر إلى العراق لدراسة الحقوق، وهناك التقى بعدد من المقاومين الفلسطينيين.

الالتحاق بالمقاومة في لبنان
بعد انتقاله إلى لبنان، انضم عبد الرحمن إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حيث كان يدير حلقات التوجيه الأيديولوجي في مخيم الرشيدية بجنوب لبنان. شارك في عمليات عسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان يقود مجموعة من المقاومين.

استشهاده في عملية مستعمرة دان
في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1974، شارك عبد الرحمن مع أربعة من رفاقه في عملية عسكرية استهدفت مستعمرة “دان” شمال فلسطين المحتلة. وقعوا في كمين إسرائيلي واشتبكوا مع قوات الاحتلال في معركة قوية استشهد فيها مع زملائه، ليُخلد اسمه ضمن قائمة الشهداء المغاربة الذين دافعوا عن فلسطين.

عبد السلام غزال: شهيد عملية كفر يوفال

النشأة والعمل في إسبانيا
وُلد عبد السلام غزال عام 1944 في مدينة أصيلة شمال المغرب. بعد انقطاعه عن الدراسة، عمل مع والده في الزراعة والتجارة، ثم سافر إلى إسبانيا للعمل في ورش البناء. هناك، تعرف على مجموعات داعمة للمقاومة الفلسطينية، ما دفعه إلى الانضمام إلى جبهة التحرير العربية.

تنفيذ عملية كفر يوفال
في 15 يونيو/حزيران 1975، شارك عبد السلام مع ثلاثة من رفاقه في تسلل إلى مستوطنة “كفر يوفال”. تمكنوا من احتجاز عدد من أعضاء منظمة الشباب الصهيوني “ناحال”، وطالبوا بإطلاق سراح 12 أسيرًا فلسطينيًا. رفض الاحتلال تنفيذ المطالب، واشتبكت القوات الإسرائيلية مع المجموعة. قُتل 27 رهينة وأُصيب 58 إسرائيليًا، واستشهد عبد السلام ورفاقه في هذه العملية.

خالد بن ناصر: شهيد بيروت

الدراسة والانضمام للمقاومة
وُلد خالد بن ناصر عام 1958 في مدينة سلا شمال المغرب. تلقى تعليمه الأساسي في الجزائر، ثم عاد إلى المغرب لدراسة القانون في جامعة محمد الخامس بالرباط. في عام 1981، استجاب لنداء الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات للتعبئة الطلابية، وانتقل إلى لبنان للانضمام إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).

استشهاده في تفجير بيروت
في 1 أكتوبر/تشرين الأول 1981، استشهد خالد في تفجير استهدف مكاتب حركة فتح في بيروت، نفذته الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد). دفن خالد في بيروت، ليكون أحد الشهداء المغاربة الذين قدموا أرواحهم دفاعًا عن القضية الفلسطينية.

تظل تضحيات المغاربة في سبيل القضية الفلسطينية شاهدة على عمق الروابط التاريخية والوجدانية بين الشعبين. لقد شكل هؤلاء الشهداء رموزًا للتضامن العربي والإسلامي، وتركوا إرثًا من الفداء والنضال لأجل حرية فلسطين.

اقرأ كذلك: حافظ الأسد والعداء مع ياسر عرفات: تاريخ مجزرة طرابلس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات