ما الذي قاله الأسد عن تركيا لإيران في أيامه الأخيرة بالسلطة؟
دور تركيا وإيران في سقوط نظام الأسد: تفاصيل لقاءات سرية وتصريحات متبادلة تكشف الصراع الإقليمي على سوريا
ما الذي قاله الأسد عن تركيا لإيران في أيامه الأخيرة بالسلطة؟ في الأيام الأخيرة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد في السلطة، شهدت سوريا أحداثًا مصيرية غيرت مجرى تاريخها السياسي. وقد جاءت هذه الأحداث بالتزامن مع تحركات دولية وإقليمية أدت إلى سقوط الأسد بعد حكم دام خمسة عقود من عائلة الأسد. من أبرز هذه التحركات لقاء الأسد مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في دمشق، حيث دار حديث مهم بين الطرفين حول تركيا ودورها في دعم المعارضة السورية.
اللقاء بين الأسد وعراقجي في دمشق
في الثاني من ديسمبر/كانون الأول، اجتمع الأسد بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في دمشق. وفقًا لما نقلته وكالة “رويترز” عن مسؤولين إيرانيين، عبّر الأسد عن استيائه من الدور التركي في دعم قوات المعارضة السورية. وأشار إلى أن أنقرة كثّفت جهودها للإطاحة به، ما ساهم في زعزعة سلطته المتهاوية.
المسؤولون الإيرانيون وصفوا اللقاء بأنه كان حاسمًا من وجهة نظر الأسد، الذي بدا غاضبًا ومشتكيًا مما وصفه بالتحركات “العدوانية” التركية. الأسد أكد أن دعم تركيا للمعارضة السورية كان أحد الأسباب الرئيسية التي عجلت بسقوط نظامه.
تداعيات سقوط الأسد
بعد خمسة عقود من حكم عائلة الأسد، انتهى عصر سيطرة العائلة على سوريا. في العاشر من ديسمبر/كانون الأول، فر بشار الأسد إلى موسكو بعد أن سيطر مقاتلو المعارضة على أغلب المدن الكبرى، بما في ذلك المناطق المحيطة بدمشق. في موسكو، منحت الحكومة الروسية الأسد حق اللجوء، حيث يقيم الآن تحت حماية الكرملين.
إيران، الحليف الأقرب للأسد طوال فترة النزاع السوري، اعتبرت الإطاحة به ضربة كبيرة لمحور المقاومة الذي تقوده. هذا المحور يمثل تحالفًا سياسيًا وعسكريًا يضم إيران، وحزب الله اللبناني، وعددًا من الميليشيات العراقية. ويهدف هذا التحالف إلى مواجهة النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.
التوتر بين إيران وتركيا
مع تصاعد الأحداث في سوريا، التقى عباس عراقجي بوزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة. هدف الاجتماع كان نقل مخاوف إيران من دور تركيا في دعم المعارضة السورية المسلحة. مسؤول إيراني وصف الاجتماع بأنه كان متوترًا، حيث انتقدت إيران ما وصفته بـ”انحياز تركيا للأجندات الأميركية والإسرائيلية”.
عبر الجانب الإيراني عن استيائه مما اعتبره تعاونًا بين تركيا والغرب للإطاحة بالأسد واستهداف حلفاء إيران في المنطقة. ووفقًا للمسؤول، أكد عراقجي لفيدان أن دعم تركيا للمعارضة السورية يُعد تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة ومصالح إيران.
الرد التركي
على الجانب الآخر، تركيا نفت الاتهامات الإيرانية بشدة. وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ألقى باللوم على الأسد، مشيرًا إلى أن سياساته القمعية وعدم انخراطه الجاد في محادثات السلام هما السبب الحقيقي للصراع. فيدان أكد أن الأسد أضاع فرصًا ثمينة لمعالجة الأزمة السورية، مما أدى إلى انهيار النظام تدريجيًا.
مصدر في وزارة الخارجية التركية نفى أن يكون عراقجي قد نقل أي رسائل مباشرة من الأسد إلى أنقرة. لكنه أشار إلى أن اللقاء بين الجانبين شهد توترًا كبيرًا، بسبب تعارض المصالح والأولويات السياسية.
في تصريحات لاحقة، أوضح فيدان أن تركيا دعمت الشعب السوري في مواجهة نظام الأسد، الذي تسبب في معاناة طويلة للسوريين. وأكد أن أنقرة كانت تسعى دائمًا إلى إيجاد حل سلمي للأزمة، لكن تعنت الأسد حال دون ذلك.
موقف المرشد الأعلى الإيراني
المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي علّق على سقوط الأسد في خطاب ألقاه بعد أيام من فراره إلى موسكو. خامنئي أشار إلى أن الإطاحة بالأسد كانت نتيجة “مخطط أميركي-إسرائيلي” يستهدف محور المقاومة. وأضاف أن إحدى دول جوار سوريا كان لها دور في تنفيذ هذا المخطط. ورغم أنه لم يذكر تركيا بالاسم، إلا أن تصريحاته بدت وكأنها تلمح إليها بشكل واضح.
خامنئي اعتبر سقوط الأسد خسارة كبيرة لإيران، لكنه أكد أن محور المقاومة سيستمر في مواجهة التحديات الإقليمية. وشدد على أن إيران لن تتراجع عن دعم حلفائها في المنطقة، رغم الانتكاسات الأخيرة.
قراءة في المشهد السياسي
ما حدث في سوريا خلال السنوات الأخيرة يعكس تعقيد المشهد السياسي في الشرق الأوسط. سقوط الأسد لم يكن مجرد تغيير سياسي، بل كان نقطة تحول في توازن القوى الإقليمي. تركيا، التي دعمت المعارضة السورية منذ البداية، لعبت دورًا محوريًا في تسريع سقوط النظام.
من جهة أخرى، إيران حاولت الحفاظ على نظام الأسد بأي ثمن، باعتباره حجر الزاوية في استراتيجيتها الإقليمية. ومع ذلك، فشلت طهران في حماية حليفها، ما أضعف موقفها في المنطقة.
التداعيات المستقبلية
- على العلاقات الإيرانية التركية:
من المتوقع أن تشهد العلاقات بين إيران وتركيا توترًا مستمرًا في المستقبل القريب. الخلاف حول الملف السوري أظهر تضارب المصالح بين البلدين، رغم أنهما كانا حليفين في قضايا أخرى. - على الأزمة السورية:
فرار الأسد يفتح الباب أمام ترتيبات سياسية جديدة في سوريا. المعارضة المسلحة باتت اللاعب الرئيسي على الأرض، ما يضع تركيا في موقع قوي للتأثير على مستقبل البلاد. - على محور المقاومة:
الإطاحة بالأسد تشكل انتكاسة كبيرة لمحور المقاومة. إيران ستحتاج إلى إعادة تقييم استراتيجيتها في المنطقة، خاصة بعد فقدانها أهم حليف لها في الشرق الأوسط.
الأحداث الأخيرة في سوريا تمثل فصلًا جديدًا في الصراع الإقليمي والدولي على النفوذ في الشرق الأوسط. مع رحيل الأسد، تواجه إيران وتركيا تحديات جديدة في صياغة سياساتهما الإقليمية. وبينما تسعى تركيا لتعزيز دورها كقوة مؤثرة في سوريا، تجد إيران نفسها مضطرة لإعادة ترتيب أوراقها بعد فقدان أحد أبرز حلفائها.
اقرأ كذلك :ساعات حاسمة: ما الذي جرى داخل برلمان كوريا الجنوبية؟