هل شرب 8 أكواب من الماء يوميًا ضروري لصحتنا؟
ما بين الخرافة والحقيقة: هل شرب 8 أكواب من الماء يومياً ضرورة لصحتنا أم مجرد اعتقاد شائع؟
هل نحن بحاجة فعلاً إلى شرب 8 أكواب من الماء يومياً أم أن هذا مجرد خرافة؟ تُثار العديد من التساؤلات حول أهمية شرب 8 أكواب من الماء يومياً. هل هذه المعلومة حقيقة علمية أم مجرد خرافة؟ طرحت صحيفة غارديان البريطانية هذا السؤال على أحد الخبراء. وكانت الإجابة مفاجئة للكثيرين، حيث أوضح الخبير أن القلق بشأن شرب كميات محددة من الماء يومياً قد يكون مبالغاً فيه. فما هي التفاصيل العلمية وراء هذا الجدل؟
الماء: أساس الحياة وضرورته للبقاء
الماء عنصر حيوي وأساسي لاستمرار الحياة. يُشكِّل الماء نسبة كبيرة من وزن الجسم البشري، حيث تبلغ النسبة حوالي 75% عند الرضع وتنخفض إلى 55% عند كبار السن. يلعب الماء دوراً محورياً في المحافظة على توازن خلايا الجسم وضمان استقرار وظائفه الحيوية. من دون الماء، لا يمكن للإنسان البقاء على قيد الحياة لأكثر من بضعة أيام.
ومع ذلك، يؤكد البروفيسور لويس هالسي، أستاذ الفسيولوجيا البيئية في جامعة روهامبتون البريطانية، أن تناول كميات كبيرة من الماء يومياً ليس ضرورياً للجميع. ويُضيف أن الجسم يمتلك آليات فعّالة تساعده على التأقلم مع نقص السوائل، على الأقل في المدى القصير أو المتوسط.
احتياجات الماء تختلف من شخص لآخر
كمية الماء التي يحتاجها الإنسان يومياً ليست ثابتة، بل تعتمد على عوامل عديدة. يوضح البروفيسور هالسي أن الأشخاص الأكبر حجماً أو الأكثر نشاطاً بدنيًا يحتاجون عادةً إلى شرب كميات أكبر من الماء. أما الأشخاص الذين يعانون من انخفاض نسبة الدهون في أجسامهم، سواء بسبب النحافة أو الكتلة العضلية المرتفعة، فإنهم يحتاجون أيضاً إلى كميات أكبر.
العلاقة بين العضلات والماء
العضلات تحتوي على نسبة ماء أعلى من الدهون، مما يعني أن الأشخاص ذوي الكتلة العضلية الكبيرة يحتاجون إلى شرب مزيد من الماء للحفاظ على ترطيب أنسجتهم بشكل كافٍ.
تأثير المناخ على احتياجات الماء
يُعتبر المناخ عاملاً أساسياً في تحديد كمية الماء المطلوبة. في المناخات الجافة أو الحارة، يفقد الإنسان كميات أكبر من السوائل بسبب التعرق والتنفس. لذلك، فإن الأشخاص الذين يعيشون في هذه البيئات يحتاجون إلى تعويض السوائل المفقودة بشكل أكبر مقارنةً بمن يعيشون في مناخات معتدلة أو رطبة.
دور النظام الغذائي
يلعب النظام الغذائي دوراً مهماً في تحديد كمية الماء التي يحتاجها الجسم. حوالي 20-30% من استهلاك الإنسان اليومي من الماء يأتي من الأطعمة. إذا كان النظام الغذائي يحتوي على أطعمة عالية الكثافة بالسعرات الحرارية ومنخفضة المحتوى المائي، فإن الجسم سيحتاج إلى شرب كميات أكبر من الماء. يشرح هالسي أن الأطعمة الغنية بالماء، مثل الفواكه والخضروات، تسهم في تقليل الحاجة إلى شرب كميات إضافية.
هل نشرب عندما نشعر بالعطش فقط؟
السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو: كيف نعرف إذا كنا نشرب ما يكفي من الماء؟ الإجابة العلمية التي يقدمها البروفيسور هالسي بسيطة: “اشرب عندما تشعر بالعطش”. هذا التوجيه يشير إلى أن الجسم يمتلك نظاماً طبيعياً لتنبيه الإنسان عندما يحتاج إلى السوائل. ومع ذلك، هناك استثناء مهم لهذه القاعدة، وهو كبار السن.
كبار السن: استثناء القاعدة
مع تقدم العمر، يتراجع شعور الإنسان بالعطش. هذا يجعل كبار السن أكثر عرضة للجفاف المزمن، لأنهم قد لا يشعرون بالحاجة إلى شرب الماء حتى عندما يكون جسمهم بحاجة ماسة إليه. لذلك، يُنصح بمراقبة كمية السوائل التي يستهلكها كبار السن يومياً للتأكد من أنهم يحصلون على ما يكفي.
الخرافة حول شرب الماء طوال اليوم
إحدى المعتقدات الشائعة هي أن الإنسان يحتاج إلى شرب الماء باستمرار طوال اليوم. لكن البروفيسور هالسي يؤكد أن هذا ليس ضرورياً. الجسم قادر تماماً على إدارة السوائل التي يتم تناولها على دفعات متقطعة، دون الحاجة إلى توزيع الشرب على مدار اليوم.
الأسئلة العلمية والحقائق وراء “8 أكواب يومياً”
يعتقد البعض أن قاعدة شرب 8 أكواب من الماء يومياً تنبع من نصائح طبية قديمة أو دراسات علمية. ومع ذلك، يشير العديد من الباحثين إلى أن هذه القاعدة ليست مبنية على أساس علمي قوي. احتياجات الماء تختلف باختلاف العمر، الوزن، النشاط البدني، المناخ، والنظام الغذائي.
أصل النصيحة
تعود فكرة شرب 8 أكواب يومياً إلى توصيات غذائية أمريكية من منتصف القرن العشرين. لكن ما تم تجاهله هو أن تلك التوصيات تضمنت كمية الماء القادمة من الأطعمة والمشروبات الأخرى، وليس الماء الصافي فقط.
تأثير الجفاف على الصحة
رغم أن الجسم يمكنه تحمل نقص السوائل لفترات قصيرة، إلا أن الجفاف المزمن قد يؤدي إلى مشكلات صحية. الجفاف قد يؤثر على الأداء الذهني، التوازن الحراري، وضغط الدم. ومع ذلك، لا يعني هذا أن شرب كميات زائدة من الماء هو الحل، بل يجب تحقيق التوازن بناءً على احتياجات الجسم الفردية.
علامات الجفاف
تشمل علامات الجفاف جفاف الفم، لون البول الداكن، التعب، والصداع. إذا لاحظت هذه الأعراض، قد يكون ذلك إشارة إلى أنك بحاجة إلى شرب مزيد من الماء.
نصائح عملية لشرب الماء
- اشرب عندما تشعر بالعطش: استمع إلى إشارات جسمك الطبيعية.
- زود كمية الماء في الطقس الحار: التعرق الزائد يزيد الحاجة إلى السوائل.
- ركز على الأطعمة الغنية بالماء: مثل الخيار، البطيخ، والفواكه الأخرى.
- راقب كبار السن: تأكد من حصولهم على كفايتهم من السوائل يومياً.
- لا تبالغ في شرب الماء: الإفراط في الشرب قد يؤدي إلى نقص الصوديوم في الدم.
شرب 8 أكواب من الماء يومياً ليس قاعدة ذهبية تنطبق على الجميع. احتياجات الماء تعتمد على عدة عوامل، منها الوزن، النشاط البدني، المناخ، والنظام الغذائي. استمع إلى جسمك وكن على وعي باحتياجاتك الفردية. وفي النهاية، الماء ضروري للحياة، لكن الاعتدال هو المفتاح لضمان صحة جيدة دون قلق مفرط.
اقرأ كذلك :فقدان الوزن يساعد في علاج تكيس المبايض