واشنطن بوست: لغة الجسد تكشف ما دار في لقاء ترامب وزيلينسكي
تحليل دقيق للقاء ترامب وزيلينسكي: كيف كشفت لغة الجسد عن التوترات العميقة بين الزعيمين وتناقضات في تعاملاتهما مع القوى العالمية
واشنطن بوست: تحليل لغة الجسد يكشف ما دار في لقاء ترامب وزيلينسكي. أجرت صحيفة “واشنطن بوست” تحقيقًا عميقًا بقيادة مراسلتها فيكتوريا كرو. حيث استطلعت آراء خبراء متخصصين في مجال لغة الجسد لتحليل اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والذي عُقد في المكتب البيضاوي يوم الجمعة. اللقاء كان مثارًا للجدل، حيث شهد تفاعلات غير تقليدية بين الرئيسين. وذلك على خلفية التوترات المستمرة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا.
الاجتماع الذي أسفر عن توتر غير مسبوق
في اللقاء الذي جرى بين الطرفين، كان التركيز على ملفات العلاقات بين البلدين، وأبرزها الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا في مواجهة الهجوم الروسي. ومع ذلك، كان الأمر الأكثر لفتًا للنظر هو التصريحات الحادة التي أدلى بها ترامب وفانس. نائب الرئيس الأميركي، ضد الرئيس الأوكراني زيلينسكي. حيث اتهماه بعدم إظهار الامتنان الكافي تجاه الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لأوكرانيا. هذه التصريحات كانت مفاجئة للكثيرين. خاصة وأن العلاقة بين الدولتين كانت في وقت ما محط أنظار عالمية بسبب الدعم العسكري والاقتصادي الأميركي لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.
الاستعانة بلغة الجسد لتحليل التوترات
وبالنسبة لخبراء لغة الجسد، فقد كانوا يراقبون بعناية كل تفاصيل اللقاء، محاولين فهم دلالات إشارات الجسم والوجه وتعبيرات الشخصيتين خلال هذا اللقاء الحساس. الخبراء الذين تم استشارتهم من قبل الصحيفة أكدوا أن عدة عوامل ساهمت في تصاعد التوترات خلال هذا الاجتماع. بما في ذلك عدم استخدام المترجم الفوري. وضعف توازن القوة بين ترامب وزيلينسكي. بالإضافة إلى ما وصفوه بـ”طاقة المحارب” التي يتمتع بها الرئيس الأوكراني بعد سنوات من الحرب. هذه العوامل جميعها لعبت دورًا في جعل اللقاء يخرج عن السيطرة ويصبح عاصفًا للغاية.
غياب السلوك الرسمي المعتاد
في البداية، أشار الخبراء إلى أن اللقاء لم يتسم بالسلوك الرسمي المعتاد في مثل هذه اللقاءات. والتي يتوقع فيها المشاركون سلوكًا مهذبًا ومدروسًا. على عكس ما هو مألوف في مثل هذه الاجتماعات، فقد كانت لغة جسد ترامب وزيلينسكي غير متوافقة مع الأطر التقليدية للبروتوكولات الدبلوماسية. وقالت كارولين غويدر، المتخصصة في تدريب السياسيين وقادة الأعمال على التحدث بثقة، إن اللقاء افتقد تمامًا السلوك المهذب والمخطط له بعناية، الذي اعتاده المشاهدون في مثل هذه الاجتماعات. وكأن السلوك الذي اعتاد الجميع عليه، من حسن الاستقبال والتحية والابتسامات. لم يكن موجودًا في هذه المرة.
علاقة ترامب وزيلينسكي: توترات متراكمة
وبينما كانت لغة الجسد تلعب دورًا مهمًا في تحليل هذا اللقاء، أشار الخبراء أيضًا إلى أن العلاقة بين ترامب وزيلينسكي كانت، ولا تزال، متوترة للغاية. على الرغم من أن ترامب غالبًا ما يكون مهذبًا مع الزعماء الأجانب، إلا أن علاقته مع زيلينسكي لم تكن في أي وقت من الأوقات دافئة. لطالما شابها التوترات. وهذا ما كان يظهر بوضوح خلال اللقاء في المكتب البيضاوي. في السابق، ادعى ترامب زورًا أن زيلينسكي هو “دكتاتور” وأن أوكرانيا هي من بدأت الحرب مع روسيا، وهو ما ينسجم مع الرواية التي يروج لها الكرملين.
من جانب آخر، كان الرئيس الأوكراني زيلينسكي قد وصف ترامب مرارًا بأنه يعيش في “شبكة من المعلومات المضللة”. هذا التوتر بين الرجلين كان واضحًا للجميع في اللقاء، وتجاوز التباين السياسي إلى مستوى شخصي. وهو ما أثّر بشكل مباشر على أجواء الاجتماع.
مسرحية في مشهدين مختلفين
الخبراء في لغة الجسد لاحظوا أن كلا من ترامب وزيلينسكي كانا يؤديان “مسرحية” في هذا اللقاء. لكن كلاهما كان يؤدي مشهدًا مختلفًا. قالت كارولين غويدر إن ترامب بدا وكأنه يؤدي مشهدًا في قاعة محكمة، حيث كان يشعر بأنه في مكان آمن بعيدًا عن المخاطر، في بلاده التي تفصلها محيطات عن أوكرانيا، وبالتالي كان يمكنه إعادة التمركز بسرعة في حال حدوث أي أزمة. كان في مكان مستقر، وبالتالي لم يكن يبدو عليه القلق أو التوتر.
أما زيلينسكي، فقد كان يبدو كما لو كان يؤدي مشهدًا في ساحة معركة. حيث كان يرتدي زيًا عسكريًا. كان حاملاً معه هموم الحرب وصراع بلاده الذي لا ينتهي. وكان كما لو كان في ساحة معركة في كل لحظة، وكان عليه أن يحقق تقدمًا أو نتائج فورية. كانت لغة جسده تظهر حيوية وحركة مستمرة، مما جعل الأجواء في الغرفة مشحونة بالطاقة والضغط النفسي.
لغة الجسد تكشف التوترات الداخلية
وفي تحليل أعمق للغة جسد زيلينسكي، أشار دارين ستانتون، الخبير في لغة الجسد. إلى أن الرئيس الأوكراني كان يبدو عليه غضب شديد خلال اللقاء. فقد وصفه بأنه كان “مستغرقًا في غروره”، في إشارة إلى الحالة العاطفية التي مر بها. ووفقًا لتحليل ستانتون، عندما كان نائب الرئيس فانس يتحدث، كان زيلينسكي يميل إلى الخلف وهو عاقد ذراعيه. في إشارة إلى تغيير دراماتيكي في حالته النفسية والعاطفية. في البداية، كان يميل للأمام في حالة من الاستماع والتركيز، لكن بمجرد أن بدأ يشعر بعدم القدرة على التعبير عن آرائه. أو عدم سماح الطرف الآخر له بذلك، تغيرت لغة جسده بشكل ملحوظ.
ترامب: لغة جسد تعبر عن القوة والهيمنة
من ناحية أخرى، كانت لغة جسد ترامب تشير إلى أسلوبه المعتاد في التعامل مع الآخرين. وخاصة في المواقف التي يشعر فيها بالهيمنة. وقال ستانتون إن ترامب عادةً ما يظهر قوة في المصافحة، حيث يضغط بشدة على يد الشخص الآخر. ويُربت على جسده بشكل شديد، أو يرفع ذقنه في حركة تعبر عن القوة والنفوذ. هذه الإشارات الجسدية تدل على رغبة ترامب في إثبات سلطته في مثل هذه اللقاءات.
محاكاة لغة جسد ترامب من قبل القادة الآخرين
في سياق تحليل لغة الجسد، أشار الخبراء إلى أن العديد من الزعماء الذين زاروا الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة حاولوا محاكاة سلوك ترامب في المفاوضات، بما في ذلك محاكاة لغة جسده وتصرفاته أثناء الاجتماعات. خلال زيارة رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى واشنطن، على سبيل المثال. سأل ترامب ستارمر عن قدرة بريطانيا على الدفاع عن نفسها ضد روسيا، فرد ستارمر بابتسامة صفراء، وهو ما يعكس نوعًا من محاولة التفاعل مع لغة جسد ترامب بطريقة معينة.
من ناحية أخرى، كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد شذ عن القاعدة هذا الأسبوع. عندما وضع يده على ساعد ترامب لتصحيح خطأه في حديثه بشأن الأموال التي قدمتها أوروبا لأوكرانيا. وكان هذا التصرف من ماكرون يعتبر خطوة جريئة. حيث اعتبرها ستانتون حركة قوية من جانب ماكرون. تشير إلى رغبة في فرض السيطرة على الحوار وإظهار القوة.
ترامب وبوتين: لغة جسد تكشف الاحترام
على النقيض من تفاعلات ترامب مع القادة الآخرين. فإن لغة جسده تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت تُظهر احترامًا خاصًا. بحسب غويدر، تظهر لغة جسد ترامب أنه يرى في بوتين “زميلًا فضيًا”. أي شخصًا ذا سلطة كبيرة بسبب مكانته في العالم. وبناءً على ذلك، فإن ترامب لا يظهر نفس أسلوب الضغط الجسدي على يد بوتين أثناء المصافحة كما يفعل مع القادة الآخرين.
الاختلافات الواضحة في اللقاءات الأخيرة
طبقًا للصحيفة، فقد كان اجتماع ترامب مع زيلينسكي في الجمعة الماضية مختلفًا تمامًا عن اللقاءات الأخرى التي استضافها ترامب مؤخرًا، سواء مع قادة من إسرائيل أو اليابان أو الأردن أو الهند أو فرنسا أو بريطانيا. فبينما كانت اللقاءات الأخرى تسير ضمن نطاقات محددة وبتفاعل أكثر تحفظًا، كان اللقاء مع زيلينسكي يتميز بالتوتر الواضح الذي كان ينعكس على لغة الجسد لكل من ترامب وزيلينسكي.
في الختام، يشير تحليل لغة الجسد في هذا اللقاء إلى أن التوترات التي كانت بين ترامب وزيلينسكي قد كانت أكثر عمقًا مما قد يظهر على السطح. سواء كانت بسبب اختلافات في المصالح السياسية أو تصاعد التوترات الشخصية بين الطرفين، فإن اللقاء قد قدم صورة واضحة عن كيفية تأثير لغة الجسد على العلاقات الدولية وكيف يمكن للغة الجسد أن تكشف عن مشاعر وأفكار قد لا تظهر في الكلمات.
اقرأ كذلك :نتنياهو يُحذر الإدارة السورية الجديدة