تأثير الولايات المتحدة على مستوى الهجوم الإسرائيلي ضد إيران
عنوان ثانوي: تحليل تأثير التحذيرات الأميركية على الاستراتيجية الإسرائيلية في الهجمات ضد إيران وأثر ذلك على الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط
عنوان المقال: هل أثرت الولايات المتحدة في مستوى الهجوم الإسرائيلي على إيران؟ تعتبر العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل معقدة ومتعددة الأبعاد. حيث تسعى الولايات المتحدة، من خلال دعمها لإسرائيل. إلى تحقيق استقرار في منطقة الشرق الأوسط. ومع ذلك. فإن هذا الدعم يتطلب توازنًا دقيقًا. حيث يتعين على الولايات المتحدة توجيه إسرائيل بخصوص عملياتها العسكرية ضد إيران. التي تعد خصمًا كبيرًا في المنطقة. وفي هذا السياق. يُظهر عدد من الخبراء أن الهجمات الإسرائيلية على إيران تعكس استجابة حكومة تل أبيب لتحذيرات الولايات المتحدة.
الهجمات الإسرائيلية: طبيعة ودوافع
يرى الخبراء أن طبيعة الهجمات الإسرائيلية على عدد من الأهداف داخل إيران تشير إلى استجابة الحكومة الإسرائيلية للتحذيرات الأميركية. حيث دعت الولايات المتحدة إسرائيل إلى عدم تصعيد الأوضاع. يجب أن تتجنب ضرب منشآت تصدير النفط أو المواقع النووية الإيرانية. يشير هذا الوضع إلى أهمية السياسة الأميركية في تحديد خطوات إسرائيل العسكرية.
في هذا السياق، أكدت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن إسرائيل أحاطت واشنطن مسبقًا بالهجمات. كما أوضحت أن العملية تمت بدون أي تورط أميركي. وبالاستناد إلى الأدلة المتاحة، يُحتمل أن تكون إسرائيل قد استجابت لتحذيرات واشنطن. وقد كَبَحَت بعض خططها الأكثر طموحًا لإلحاق خسائر جسيمة بإيران.
ردود الفعل الأميركية والإسرائيلية
قال شون سافيت. المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي. إن رد إسرائيل كان مدروسًا. فقد تجنب الهجوم المناطق المأهولة بالسكان وركز فقط على الأهداف العسكرية. وفي المقابل. كان الهجوم الإيراني على إسرائيل قد استهدف أكبر مدينة في البلاد من حيث عدد السكان. لكن سافيت أكد أن الهدف الأساسي لواشنطن هو تسريع الدبلوماسية وتهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
ضغوط داخلية وخارجية على الجيش الإسرائيلي.
وفقًا للسفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط. فإن رد الجيش الإسرائيلي كان منضبطًا. حيث كان الجيش. من ناحية. تحت ضغط من الحكومة الإسرائيلية الحالية. فقد كان مطلوبًا منه إثبات أن إسرائيل تمتلك القدرة والإرادة للرد على وابل الصواريخ السابق القادم من إيران.
من ناحية أخرى. تعرض القادة العسكريون الإسرائيليون لضغوط من المسؤولين الأميركيين. حيث طالب هؤلاء بعدم تصعيد التوترات بين إسرائيل وإيران إلى حد قد يؤدي إلى حرب شاملة. وبالتالي. كان هناك توازن دقيق بين الحاجة إلى إظهار القوة والرغبة في تجنب الحرب.
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك ضغط من الجمهور الإسرائيلي لإظهار القدرة الدفاعية. حيث أراد غالبية الإسرائيليين القيام بذلك دون الحاجة إلى إشعال حرب إقليمية أوسع. وبالتالي، فإن الوضع الداخلي لإسرائيل أثر بشكل كبير على خياراتها العسكرية.
الرسائل الموجهة من خلال الهجمات
في هذا السياق، يتفق خبير الشؤون الإيرانية جودت بهجت، المحاضر بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني، مع هذا التحليل. حيث أكد أن الهجوم الإسرائيلي كان محدودًا وكان يهدف إلى إرسال رسالة بدلاً من التسبب في أضرار جسيمة. هذا التحليل يعكس الفهم العميق للعلاقات الدولية في المنطقة.
يضيف بهجت أن إسرائيل اضطرت، خلافًا للهجوم الذي وقع في أبريل/نيسان. إلى تجنب استخدام المجال الجوي للأردن ودول عربية أخرى. وذلك بسبب زيارة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إلى عدد من الدول العربية في الأسابيع الأخيرة. حيث تلقى تأكيدات بأنها لن تسمح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوي في أي هجوم على إيران.
الردود الدولية والدور الإقليمي
بعد الهجوم. أصدرت السعودية والإمارات بيانات تدين الهجوم الإسرائيلي. حيث يبدو أن هذه الدول تسعى إلى التباعد عن إسرائيل. وهذا يعكس تحولًا في الديناميكيات الإقليمية والتوترات المحيطة بالصراع الإسرائيلي الإيراني.
في هذا الإطار. اعتبر جورجيو كافيرو، خبير الشؤون الاستراتيجية ومدير مؤسسة دراسات دول الخليج. أن عدم قيام إسرائيل بضرب المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية يشير إلى أن عملية الهجوم كانت محدودة ومقيدة إلى حد ما. حيث استهدفت إسرائيل منشآت الجمهورية الإسلامية الصاروخية والرادار والدفاع الجوي. ومن غير الواضح ما إذا كانت قدرة إيران على الدفاع عن نفسها من هذه العمليات قد تعرضت للخطر.
التحليل الاستراتيجي وتأثير الولايات المتحدة
من جهة أخرى. يرى تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية. أن الهجمات كانت محدودة. ربما بسبب مطالب الولايات المتحدة. حيث أُرشدت إسرائيل للتركيز فقط على الأهداف العسكرية وليس على المنشآت النووية أو النفطية.
تخشى واشنطن من اتساع نطاق الصراع في المنطقة. مما قد يستدعي تدخلًا أميركيًا مباشرًا. ويرجح دان أن عدم رد إيران قد يساعد في إيقاف الهجمات المتبادلة. حيث تحاول واشنطن جاهدة تجنب المزيد من التصعيد الذي يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار.
في الوقت نفسه. يعتبر السفير ماك أن موقف واشنطن يتوافق مع دعم الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس طويل الأمد للدفاع عن إسرائيل. لكنهما يعارضان حربًا إقليمية أوسع. حيث إن ذلك قد يُستخدم من قبل المرشح الجمهوري دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس كأداة للهجوم على إدارة بايدن-هاريس في الحملة الانتخابية.
الضغوط على إيران وأولوياتها
أشار الخبير جودت إلى أن الولايات المتحدة لا تريد حربًا إقليمية. إذ تدعو إلى وقف التصعيد. سواءً من قبل الولايات المتحدة أو من دول أوروبا وغيرها. حيث إن أي حرب شاملة بين إيران وإسرائيل ستؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل كبير. كما سترفع أسعار النفط وتضر بالمصالح الوطنية الأميركية.
يُظهر الوضع أن التصعيد بين الخصمين سيئ بالنسبة لحملة نائب الرئيس هاريس، خصوصًا قبل الانتخابات. وهذا يُظهر كيفية تأثير الديناميكيات الدولية على الشؤون الداخلية للدول.
احتمالات الرد الإيراني
اعتبر كافيرو أن تقليل الحكومة الإيرانية من أهمية هذا الهجوم الإسرائيلي المحدود يُزيل عنه احتمالية أن يكون مقدمة لحرب أوسع نطاقًا. حيث يعتمد ذلك على ما إذا كانت إسرائيل ستقوم بمزيد من الهجمات أو ما إذا كانت إيران ستختار الرد عسكريًا.
من جانبه. يؤكد دان أن أمام إيران ثلاث بدائل. وهي كالتالي:
رد كبير عبر المزيد من الصواريخ الباليستية. مما قد يثير تصعيدًا إسرائيليًا كبيرًا.
عدم القيام بأي شيء. وهو ما قد يبدو سلبياً.
هجوم صاروخي صغير نسبيًا. مما يمكن أن يؤدي إلى ردود فعل متباينة.
يضيف دان أن البديل الثالث يظل محفوفًا بالمخاطر. حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى المزيد من التصعيد. ما لم يكن هناك اتفاق واضح بشأن قواعد اللعبة.
استنتاجات وتوقعات مستقبلية
نتيجةً للهجوم الإسرائيلي المحدود. يُرجح الخبير جودت ألا ترد إيران. حيث أضعفت عقود من العقوبات الاقتصاد الإيراني. رغم بعض التحسينات في السنوات الأخيرة. كما أن القدرات العسكرية التقليدية وغير التقليدية لطهران لا تضاهي قدرات إسرائيل.
وهذا يعني أن الحرب الشاملة مع خصم أقوى ليست في مصلحة إيران. ومع ذلك، لا يعني هذا أن العداء بين البلدين سينتهي. بل من المحتمل أن تستمر المواجهة. خاصة في المجال السيبراني، وستتخذ أشكالًا مختلفة. حسب توقعاته.
في النهاية. أكد السفير ماك أن هناك إجماعًا بين الخبراء الأميركيين على أن “إيران لا تريد حربًا إقليمية”. وهذا يعكس الوعي المتزايد بين القوى الدولية بأهمية استقرار المنطقة وضرورة تجنب التصعيد العسكري.
.إن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران تكشف عن تعقيدات العلاقات الإسرائيلية الأميركية وكيفية تأثيرها على الديناميات الإقليمية. إن التوازن بين إظهار القوة العسكرية والالتزام بالدبلوماسية هو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الاستقرار. بينما يبدو أن التوترات لا تزال قائمة. فإن الرغبة في تجنب حرب شاملة تعكس الحكمة الاستراتيجية التي تتطلبها الأوضاع الراهنة.
اقرأ كذلك :وحدة شلداغ: الكوماندوز المتخصص في المهمات السرية بسلاح الجو الإسرائيلي