أسباب استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين
تحليل عميق لاستراتيجية إسرائيل الجديدة في اغتيال القيادات: هاشم صفي الدين كرمز للتحديات الأمنية والسياسية التي تواجه حزب الله والأبعاد الإقليمية للصراع المستمر
استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين: تحليل شامل للأبعاد والدلالات في السنوات الأخيرة، تصاعدت وتيرة الاستهداف الإسرائيلي للقيادات السياسية والعسكرية في المنطقة. جاء استهداف الاحتلال الإسرائيلي لرئيس المجلس التنفيذي لحزب الله اللبناني، هاشم صفي الدين، ليعكس تحولًا جذريًا في سياسة الاغتيال الإسرائيلية. اتفق محللان سياسيان على أن هذا التطور يعكس رغبة إسرائيل في القضاء على حزب الله ككل، وليس فقط استهداف قياداته بشكل منفرد. هذه السياسة الجديدة تمثل تغيرًا في الطريقة التي تتعامل بها إسرائيل مع التهديدات التي تواجهها من حزب الله، وتبرز التحديات الأمنية والسياسية التي تعاني منها.
التحولات في سياسة الاغتيال الإسرائيلية
يعتبر المحلل السياسي إيهاب جبارين، المختص في الشأن الإسرائيلي، أن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية تتطلب نظرة أشمل. هذه النظرة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار السياق الإقليمي والدولي المتغير. يشير جبارين إلى أن المعايير التي اتخذتها إسرائيل لاستهداف صفي الدين تختلف عن سابقاتها، حيث أن الاستهداف يشمل الآن مجموعات وليس أفرادًا فقط. هذا النهج يتجاوز القتل العشوائي، إذ يسعى إلى خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في حزب الله.
تشير الأدلة إلى أن إسرائيل اعتادت على استهداف القيادات الوسطى. ومع ذلك، فإنها الآن تستهدف الحزب ككل. هذا التوجه يعني أن إسرائيل تعتقد أن القضاء على البنية التنظيمية لحزب الله هو السبيل الوحيد لضمان أمنها. تبرز هذه السياسة من خلال الاستهداف المنهجي والمتكرر للقيادات. إذ تشير التقارير إلى أن هذه الحملة قد بدأت تأخذ طابعًا دوريًا، مما يزيد من التوتر بين الجانبين.
استهداف الحاضنة الشعبية
لفت الكاتب جبارين إلى تطور الأساليب الإسرائيلية في تنفيذ عمليات الاغتيال. من بين هذه الأساليب، تبرز سياسة العقاب الجماعي التي تستهدف الحاضنة الشعبية للقيادات المستهدفة. يعني هذا أن إسرائيل لا تستهدف فقط الأفراد بل تحاول تدمير قاعدة الدعم الشعبية التي تحيط بهم. تهدف هذه السياسة إلى بث الرعب في نفوس الجمهور، مما يدفعهم إلى الابتعاد عن دعم حزب الله.
هذا النوع من الاستهداف يثير تساؤلات حول فعالية هذه السياسات في تحقيق الأهداف الإسرائيلية. هل يمكن فعلاً القضاء على حزب الله من خلال استهداف قياداته وحاضنته الشعبية؟ الجواب قد يكون معقدًا، خاصة في ظل العلاقة القوية بين حزب الله وجمهوره.
التهديدات الإيرانية وتأثيرها على الاستراتيجية الإسرائيلية
أصبح التهديد الإيراني جزءًا أساسيًا من الاستراتيجية الإسرائيلية. أكد الكاتب جبارين أن إسرائيل تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد. هذا التحول يأتي بعد وصول “الخط الأحمر” إلى حسن نصر الله، الذي يعتبره الكثيرون رمزًا للمقاومة في المنطقة. الثقة الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية والأميركية بعدم تصاعد الموقف إقليميا قد تزعزعت.
هذا الشعور بالخطر ينعكس في التوترات المتزايدة على الحدود بين إسرائيل ولبنان. فمن جهة، تسعى إسرائيل للحفاظ على تفوقها العسكري. ومن جهة أخرى، تحاول تحجيم القدرات العسكرية لحزب الله. في الوقت نفسه، تحاول إسرائيل تجنب أي تصعيد يؤدي إلى صراع عسكري شامل.
سياسة التحوير والتخطيط الاستراتيجي
أشار جبارين إلى وجود “تأتأة” إسرائيلية في تسمية الأهداف. يعني هذا أن هناك نوعًا من الغموض أو عدم اليقين بشأن الأهداف التي تسعى إسرائيل لاستهدافها. تعتبر هذه السياسة جزءًا من محاولة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “لخلط الأوراق”.
أضاف جبارين أنه تم التخطيط مسبقًا لعمليات الاغتيال. التوغل الإسرائيلي الحالي قد يكون ذريعة لتنفيذ أهداف أخرى. يشير هذا إلى أن هناك تكتيكات متعددة تتداخل مع بعضها البعض، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدًا. هناك أيضًا احتمال أن تؤجل إسرائيل اتخاذ قرارات مصيرية بشأن العملية البرية إلى ما بعد ذكرى السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وهذا يشير إلى وجود حسابات سياسية قد تؤثر على القرارات العسكرية.
استراتيجية حزب الله في مواجهة التهديدات
في سياق الأحداث الجارية، اتفق الكاتب والمحلل السياسي اللبناني فيصل عبد الساتر مع جبارين. يرى عبد الساتر أن إسرائيل تسعى الآن لما يمكن وصفه بـ”اغتيال الحزب”. هذا النهج يتجاوز استهداف أفراد بعينهم، بل يسعى لإحداث صدمة شاملة.
أضاف عبد الساتر أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى بث الرعب في نفوس الأعداء. تسعى لإظهار القدرة على القضاء على أهداف متعددة بضربة واحدة. استهداف قيادة حزب الله، وعلى رأسها الأمين العام حسن نصر الله، يمثل محاولة لضرب الهيكل الأساسي للحزب.
يعتبر نصر الله شخصية محورية في حزب الله، وله ثقل نوعي واستراتيجي. وصفه عبد الساتر بأنه شكل “كاريزما مختلفة جداً” لدى الجمهور العربي والإسلامي المؤمن بفكرة المقاومة. هذه الكاريزما تجعل من الصعب على إسرائيل القضاء على حزب الله من خلال استهداف القيادات فقط.
الزخم العسكري لحزب الله
وعن استراتيجية حزب الله الحالية، أكد عبد الساتر أن الحزب “مبدع ومفاجئ” في تعاطيه مع الأحداث. يشير إلى تصاعد الزخم العسكري بشكل كبير. تم إطلاق أكثر من 750 صاروخاً خلال أسبوع واحد. كما تم توسيع نطاق الاستهداف ليصل إلى مدينة طبرية.
يرى عبد الساتر أن حزب الله يتقدم بوتيرة متسارعة. يمنع أي توغل بري إسرائيلي. أرسل رسالة واضحة لإسرائيل مفادها أن قدراته الصاروخية تفوق تقديراتها. هذا التقدم يعكس القدرة العسكرية العالية للحزب واستعداده لمواجهة أي تهديدات.
التأثير الإقليمي والدولي
يتردد اسم هاشم صفي الدين، المولود عام 1964، مؤخراً كخليفة محتمل لأمين عام حزب الله حسن نصر الله. اغتالته إسرائيل في 27 سبتمبر/أيلول الماضي. مع تصاعد هذه الأحداث، أصبح الوضع في لبنان أكثر تعقيدًا.
منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي، تشن إسرائيل غارات دموية على لبنان. أسفرت هذه الغارات عن سقوط نحو ألفي قتيل وآلاف الجرحى. كما أدت إلى نزوح مئات الآلاف. هذا العنف المتزايد يثير القلق ليس فقط في لبنان بل في المنطقة بأسرها.
لاحقاً، توغلت إسرائيل بريًا في جنوب لبنان. تواجه هناك مقاومة شرسة من مقاتلي حزب الله. تتسارع الأحداث بشكل متسارع، مما يزيد من حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
إلى جانب التصدي للتوغل البري، يواصل حزب الله إطلاق الصواريخ بوتيرة متصاعدة. تتجه هذه الصواريخ نحو المستوطنات في شمال إسرائيل. هذا التصعيد العسكري من جانب حزب الله يعكس استعداده لمواجهة التهديدات، وقد يعقد الأمور أكثر بالنسبة لإسرائيل.
باختصار، إن استهداف إسرائيل لهاشم صفي الدين هو جزء من استراتيجية أكبر تسعى إلى إضعاف حزب الله. لا تقتصر هذه السياسة على تصفية القيادات، بل تشمل استهداف البنية التحتية للحزب. التصعيد العسكري الحالي يظهر أن الوضع في لبنان يزداد تعقيدًا.
في هذا السياق، سيكون من المهم متابعة الأحداث والتطورات المستقبلية. ستظل التوترات قائمة بين إسرائيل وحزب الله، وقد تؤثر بشكل كبير على الأمن الإقليمي. لذا، يتطلب الوضع الحالي تحليلاً دقيقًا وتفهمًا عميقًا للتفاعلات المعقدة بين الأطراف المختلفة.
اقرأ كذلك :وول ستريت: لماذا أخفقت استخبارات إسرائيل مع حماس ونجحت مع حزب الله؟