مدونات

استراتيجية الدفاع السلبي: خطط الضيف لمواجهة بين كتائب القسام والاحتلال

في حرب عام 2006 مع حزب الله في لبنان، وجد جيش الاحتلال الإسرائيلي الغابة بلا أشجار. ولكن عندما دخلوا قطاع غزة، لم يجدوا الغابة ولا الأشجار. هكذا وصف أحد المعلقين العسكريين الإسرائيليين المعركة في غزة مع المقاومة، وبالأخص كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

الوصف يعكس حجم التشتت الذي يعاني منه جيش الاحتلال الذي يشن حربًا مستمرة على كل شيء في غزة لمدة تزيد عن 156 يومًا. تزعزعت ثقتهم بقدراتهم بعد الضربة الأولى التي تلقوها في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ولم يتمكنوا من تحقيق أهداف الحرب التي أعلنوها، وأهمها القضاء على المقاومة التي لا تزال توجه ضربات متتالية لقوات الاحتلال.

عملية طوفان الأقصى التي أعلنها قائد القسام، محمد الضيف. كانت تعتبر “أكبر عملية خداع استراتيجي للجيش الإسرائيلي” و”أكبر فشل استخباراتي إسرائيلي”. ومع ذلك، فإن صمود المقاومة واستمرارها في توجيه ضربات لقوات الاحتلال بعد مرور أكثر من 156 يومًا على الحرب يشكل فشلاً آخر للجيش الإسرائيلي.

أحد أهم أسرار صمود المقاومة في قطاع غزة يكمن في تكتيك “الدفاع السلبي”. وهو الأسلوب القتالي الذي يعتمد على استخدام تدابير وقائية لحماية المنشآت العسكرية للمقاومة من استهدافات العدو وتقليل الأضرار.

الضيف: تضليل العدو ونجاح التكتيكات المقاومة في تجنب الخسائر

تحافظ المقاومة على القدرة على توجيه ضربات قوية ومؤلمة للاحتلال. بالرغم من القصف المدمر والحصار المتواصل والقيود على التحرك. تعتمد فكرة الدفاع السلبي على تضليل أسلحة العدو والاستخبارات، مما يقلل من قيمتها وفعاليتها. وتشهد التسجيلات المصورة التي تبثها الكتائب للمقاتلين. وهم يقتربون من حشود العدو ويضربونها من مسافة قريبة، بنجاح هذا التكتيك حيث يستطيعون تركيب العبوات المتفجرة على الآليات الإسرائيلية والعودة دون الكشف عن هويتهم.

وتظل أجهزة الاحتلال الأمنية والاستخبارية مشتتة وغير قادرة على تفسير كيفية تنفيذ المقاومة لعملياتها. ورغم تكبدها لخسائر. إلا أن استمرار المقاومة في تنفيذ عملياتها يدل على نجاح هذا التكتيك في تجنيب الخسائر الكبيرة.

وأكد الخبير العسكري اللواء فايز الدويري أن غرفة عمليات مشتركة مكونة من 5 دول غربية تساند إسرائيل في حربها ضد قطاع غزة. ومهمتها إغلاق “ثغرة الفشل الاستخباري الإسرائيلي”. وأشار إلى أنه لا يوجد منظومة استخبارية متكاملة وناضجة، وعندما تعمل مجموعات وجهات استخبارية مختلفة معًا. يتم توحيد الجهود وتجميع نقاط القوة لسد الثغرات وتجنب الفشل.

الضيف: نماذج من فشل الاحتلال ونجاح المقاومة في توجيه ضربات قوية

نقدم لكم في هذا العنوان مجموعة من الأمثلة التي تظهر فشل الاحتلال ونجاح المقاومة في توجيه ضربات قوية ومؤكدة. لم يتمكن الاحتلال من التغطية على هذه الضربات أو إخفاء قوتها والخسائر الناجمة عنها. وعلى الجانب الآخر، قامت المقاومة ببث تسجيلات توثق هذه العمليات بوضوح.

في بداية الحرب البرية، استهدفت المقاومة مدرعة من طراز “النمر” في شمال القطاع. ما أدى إلى مقتل طاقمها المكون من 11 ضابطًا وجنديًا. وعلى الرغم من ذلك، أعلن الاحتلال أن انفجار الذخيرة هو الذي أدى إلى مقتل جميع أفراد الطاقم.

في عملية محكمة في حي الشجاعية شرقي غزة في ديسمبر/كانون الأول الماضي. أعلنت كتائب القسام عن مقتل نحو 10 جنود من الاحتلال بعد استهداف تحصينات لهم داخل منازل المواطنين.

في يناير/كانون الثاني، نجح مقاتلو كتائب القسام في استدراج قوة إسرائيلية داخل نفق في حي الشيخ رضوان شمال غزة. على الرغم من استخدام الاحتلال طائرة “كواد كابتر” وكلاب بوليسية وكاميرا مراقبة قبل دخول النفق.

بعد أيام قليلة، أعلن الاحتلال عن مقتل 21 ضابطًا وجنديًا نتيجة انفجار قذيفة أطلقها المقاومة. وأصابت مواد متفجرة كان يستعد الجنود الإسرائيليون لتفخيخ مربع سكني بها. مما أدى إلى انهيار المباني على رؤوسهم، وتفجير حقل ألغام بقوات النجدة.

يرون المحللون أن معرفة المقاومة بأرض غزة واتباعها لنموذج الدفاع السلبي واستخدام طريقة “حرب العصابات” قد مكّنها من تكبيد الاحتلال خسائر فادحة. على الرغم من الاختلاف الكبير في موازين القوى بين الطرفين. يهدف تبني المقاومة لهذه الآليات إلى استغلال نقاط ضعف العدو.

استراتيجية البقاء: تحييد قدرات الاحتلال من قبل المقاومة

تتمحور هذه الإستراتيجية التكتيكية حول ما أُطلق عليه في المقاومة “إستراتيجية البقاء”. حيث يتم تعطيل قدرات العدو الاستخباراتية والقتالية والسيبرانية. لا يعلم العدو شيئًا. سواء كان ذلك أهدافًا عسكرية أو أفرادًا أو تجهيزات.

تسعى المقاومة من خلال هذه الفنون العسكرية إلى تقليل “البصمة الرادارية” لقدراتها المادية والبشرية المختلفة. وتعقيد عمليات التجسس والمراقبة التي يقوم بها العدو، ومنعه من تعقبها وتحديد مواقعها وحركتها.

تُنفذ هذه الإستراتيجية من خلال مجموعة من الإجراءات والاحتياطات الأمنية. بدءًا من “الصمت اللاسلكي” وتجنب الوقوع ضمن نطاق أجهزة العدو، واعتماد التمويه قبل وخلال الحرب. بالإضافة إلى استخدام العوائق الطبيعية والاصطناعية.

تعتمد المقاومة من خلال الدفاع السلبي على خطط تهدف إلى استيعاب ضربات الاحتلال والقصف العنيف واستخدام سياسة الأرض المحروقة والحزام الناري.

تبقى الأنفاق واحدة من أهم مرتكزات الخطة الدفاعية للمقاومة. حيث يتم من خلالها تعطيل أجهزة العدو والأقمار الصناعية والكاميرات الحرارية وطائرات الاستطلاع.

قيادة لا مركزية: استراتيجية المقاومة في تحقيق النجاح

تتمحور هذه الاستراتيجية التكتيكية حول مبدأ القيادة اللا مركزية في سياق الصراع والعدوان على غزة. وأعلن جيش الاحتلال عن مقتل وإصابة المئات من أفراده بنيران صديقة خلال العمليات العسكرية. ووفقًا للمحللين العسكريين. كانت غالبية هذه الحالات نتيجة انقطاع التواصل مع القيادة المركزية. التي تتحكم في كل جانب من جوانب المعركة وتقوم باتخاذ القرارات. وهذا يجعل الجنود غير قادرين على اتخاذ القرارات وتنفيذ المهام بشكل فردي.

وفي المقابل، تواجه قيادة الحرب الإسرائيلية صعوبات في عمليات البحث والإنقاذ وتحرير الأسرى وإجلاء القتلى والجرحى ومعداتهم بسبب فقدان الاتصال بالجنود في الميدان.

أما المقاومة، فتعتمد على خطط مسبقة للمواجهة تعتمد على القيادة اللا مركزية في الدفاع وتوزيع القوة. وتتيح هذه الاستراتيجية للمقاوم أن يكون قادرًا على تقدير الموقف واتخاذ الإجراء المناسب في كل حالة قتالية.

ومن خلال هذه الخطط، يبقى الدفاع فاعلاً حتى في حال انقطاع الاتصال بين المقاتلين والقيادة المركزية. ويتم تعويض أي نقص أو ضعف في أي جزء من المقاومة من خلال قوى الاحتياط المتاحة في المنطقة.

تجمعات الاحتلال: سؤال وإجابة حول تكتيكات المقاومة في الحرب

يثار العديد من الأسئلة حول كيفية تنفيذ المقاومة للعمليات العسكرية وتكتيكاتها في الحرب. وذلك من خلال تحليلها للمشاهد التي يتم بثها من قبل المقاومة.

يتم طرح سؤال حول سبب عدم استهداف المقاومة للتجمعات التي تظهر فيها قوات الاحتلال في قطاع غزة وتخومه. وذلك من خلال مقاطع فيديو تنشرها وسائل إعلام العدو والناطق العسكري باسم الجيش الإسرائيلي.

ووفقًا لمصدر في المقاومة طلب عدم الكشف عن هويته، فإن هذه التجمعات قد توجد خارج قطاع غزة. ولكن الاحتلال يصورها على أنها داخله لأغراض نفسية. قد لا يكون الموقع معروفًا للمقاومة أو خارج نطاق قدراتها العسكرية.

وأضاف المصدر “قد يكون هناك أسباب متعددة لعدم استهداف هذه الأهداف. مثل أن العمليات القتالية في هذا المكان غير مخطط لها لاستهداف هذا النوع من التجمعات. أو أن الذخائر قد نفدت وتنتظر إعادة التزويد، أو أن الموقع قد تم استهدافه بالفعل ولم يتمكن المقاومة من توثيقه. وتم تسجيل الصورة مسبقًا من قبل الاحتلال”.

وختم المصدر بالقول “في النهاية، تنزل القوات العدو راجلة على الأرض بعد تطهير المنطقة من خلال القصف أو الحزام الناري. أو بعد التأكد من انسحاب عناصر المقاومة”.

اقرأ كذلك: ما هي تكلفة أنظمة الدفاع الإسرائيلية من القبة الحديدية إلى مقلاع داود؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات