مدونات

ما هي تكلفة أنظمة الدفاع الإسرائيلية من القبة الحديدية إلى مقلاع داود؟

تعاني الميزانية الإسرائيلية من آثار كبيرة نتيجة التكاليف الهائلة لأنظمة الدفاع الصاروخي والحروب التي تشنها، بما في ذلك الصراع الحالي مع قطاع غزة. فقد أدت التكاليف المتزايدة لأنظمة مثل القبة الحديدية ونظام السهم إلى تسجيل عجز كبير في الموازنة وزيادة الدين الحكومي، مما يشكل تحديًا كبيرًا للاقتصاد الإسرائيلي والمالية العامة للبلاد.

ما هي تكلفة أنظمة الدفاع الإسرائيلية من القبة الحديدية إلى مقلاع داود؟ .. أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي في الرابع من ديسمبر الجاري عن إطلاق أكثر من 11 ألف صاروخ من قطاع غزة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة. منذ بداية العدوان على القطاع في السابع من أكتوبر الماضي. وتُعتبر الصواريخ واحدة من أهم الأسلحة التي تستخدمها المقاومة  ضد الاحتلال الإسرائيلي.

إسرائيل تعتمد على ثلاثة أنظمة متكاملة للدفاع الجوي للتصدي لهذه الصواريخ، وهي:

1. القبة الحديدية.
2. نظام أرو (السهم).
3. مقلاع داود.

تتنوع هذه الأنظمة في الأبعاد واستخداماتها، حيث تُستخدم بعضها للتصدي للصواريخ قصيرة المدى. بينما يُخصص البعض الآخر لمواجهة الصواريخ المتوسطة أو بعيدة المدى.

وتمثل تلك الأنظمة تكلفة ضخمة على الميزانية الإسرائيلية. وسنقوم في هذا التقرير بالتعرف على تفاصيل هذه التكاليف الهامة.

نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي: درع الدفاع عن الأمن

تعتمد إسرائيل على نظام “القبة الحديدية”، المعروف أيضًا بـ “كيبات برزيل” بالعبرية. كجزء من استراتيجيتها لمواجهة الصواريخ التي تطلقها فصائل المقاومة الفلسطينية ردًا على القصف الإسرائيلي على قطاع غزة المحاصر.

يُعد القبة الحديدية عبارة عن نظام متكامل يستخدم الرادارات لاكتشاف واعتراض الصواريخ قصيرة المدى. يتكون كل بطارية من 3 أو 4 قاذفات و20 صاروخًا من نوع “تامير”، ويتم التحكم في مسار الصاروخ باستخدام رادار. تم تطوير هذا النظام بالتعاون بين شركة رايثيون الأميركية وشركة رافائيل الدفاعية الإسرائيلية.

عندما يكتشف الرادار صاروخًا معاديًا، يتم تحديد مساره والقرار ما إذا كان الصاروخ متجهًا نحو منطقة سكنية أم لا. إذا كان كذلك، تُطلق القبة الحديدية صاروخًا لاعتراض الصاروخ المهاجم وتدميره في الجو. إذا تم تحديد أن الصاروخ يتجه نحو منطقة مفتوحة أو بحرية، يُسمح له بالمرور دون تدخل.

الجيش الإسرائيلي لم يكشف عن عدد بطاريات القبة الحديدية المنتشرة حاليًا، لكن في عام 2021. كان لديها 10 بطاريات موزعة في جميع أنحاء البلاد. حيث يمكن لكل منها الدفاع عن منطقة تبلغ مساحتها 60 ميلاً مربعًا (155 كيلومترًا مربعًا) وفقًا لمعلومات شركة رايثيون.

أداء القبة الحديدية: دقة وفاعلية في مواجهة التحديات

تعتبر القبة الحديدية واحدة من أهم الأنظمة الدفاعية التي تستخدمها إسرائيل لمواجهة التهديدات الصاروخية. ولكن هل هي حقًا دقيقة وفعالة بشكل يضمن الأمان القومي؟

وفقًا لشركة رافائيل، تبلغ نسبة فعالية القبة الحديدية حوالي 90%. ومع ذلك، يجب ملاحظة أنه في حالة إطلاق عدد كبير من الصواريخ في الوقت نفسه، يمكن التغلب على هذا النظام. هذا السيناريو قد حدث مرارًا خلال فترات الحروب، مما سمح لبعض الصواريخ بالمرور دون اعتراض.

إذاً، يبدو أن القبة الحديدية تقدم حلاً فعّالًا في معظم الأحيان. لكنها ليست خالية من الثغرات والتحديات التي يجب التفكير فيها في تصميم استراتيجيات الدفاع والأمن الوطني.

التكلفة المالية للقبة الحديدية وتأثيرها على الخزينة الإسرائيلية

تبقى التكلفة الإجمالية لتطوير وتصنيع ونشر وصيانة نظام القبة الحديدية غير معروفة تمامًا. ولكن هناك تقديرات تشير إلى أنها قد تصل إلى مليارات الدولارات، وفقًا لما ذكرته منصة “أكسيوس”.

وتُقدر تكلفة إنتاج البطارية الكاملة بحوالي 100 مليون دولار. بينما تبلغ تكلفة كل صاروخ اعتراضي حوالي 50 ألف دولار، وفقًا لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية.

تمثل الولايات المتحدة شريكًا رئيسيًا في دعم القبة الحديدية. حيث خصصت ما يقرب من 10 مليارات دولار لأنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية. بما في ذلك حوالي 3 مليارات دولار لهذا النظام وفقًا لخدمة أبحاث الكونغرس الأميركي.

تم استثمار هذه الأموال بشكل كبير في تطوير وصيانة القبة الحديدية. وقد ساهمت الولايات المتحدة في تغطية تكاليفها أثناء فترات القتال.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن مؤخرًا عن نيته طلب تخصيص 14.3 مليار دولار من الكونغرس كمساعدات عسكرية لإسرائيل، جزء كبير منها سيتجه نحو تطوير أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي، بما في ذلك تحديث القبة الحديدية.

يُظهر تفجير العديد من الصواريخ والطائرات بشكل متزامن تحديًا لأفضل أنظمة الدفاع الجوي. حيث يمكن هزيمتها إذا تعرضت لعدد كبير من التهديدات في وقت واحد.

مقلاع داود: تقنية مكلفة للاعتراض الصاروخي

مقلاع داود هو نظام متقدم يستخدم لاعتراض الصواريخ الباليستية والصواريخ الكروز. يتم إنتاج هذا النظام بالتعاون بين شركة رافائيل الإسرائيلية وشركة رايثيون الأميركية. وهو قادر على اعتراض الصواريخ والقذائف التي تغطي مداها مسافة تتراوح من 40 إلى 300 كيلومترًا.

تم تدشين النظام في إسرائيل منذ عام 2017، ويشكل جزءًا من القدرات الدفاعية الصاروخية للبلاد. بجانب الأنظمة الأخرى مثل القبة الحديدية ونظام الدفاع الصاروخي “السهم” الذي يستهدف الصواريخ الباليستية طويلة المدى.

على الرغم من مرور نحو 6 سنوات على تشغيل النظام. إلا أنه لم يتم استخدامه في عمليات الاعتراض الفعلية إلا في الشهور الأخيرة. تمكن مقلاع داود من اعتراض صاروخ أطلق من قطاع غزة على تل أبيب وصاروخ آخر أُطلق على القدس في مايو/أيار الماضي. وخلال الحرب الحالية، تم استخدام النظام مجددًا لاعتراض صاروخ طويل المدى أُطلق من غزة على شمال إسرائيل.

يُعتبر الصاروخ الواحد من هذا النظام مكلفًا جدًا، حيث يبلغ تكلفته مليون دولار أميركي تقريبًا. على الرغم من عدم معرفتنا بدقة عدد المرات التي تم فيها استخدام النظام. إلا أن إسرائيل أقرت بالاعتماد عليه مرة على الأقل خلال النزاع الحالي مع قطاع غزة.

نظام السهم: الدفاع المتعدد الطبقات للتهديدات الصاروخية

نظام الدفاع الصاروخي “السهم” هو منتج بتعاون بين شركة صناعات الطيران الإسرائيلية ووكالة الدفاع الصاروخي الأميركية. يُعتبر هذا النظام جزءًا من الدفاعات الجوية المتعددة الطبقات في إسرائيل. ويتخصص في اعتراض الصواريخ الباليستية المعادية. يتضمن النظام نوعين من الصواريخ الاعتراضية: السهم 2 والسهم 3.

يستهدف نظام “السهم 3” الصواريخ طويلة المدى المهددة، في حين يركز نظام “السهم 2” على الصواريخ متوسطة المدى.

شهدنا أول استخدام عملي لصاروخ السهم 3 من قبل إسرائيل عندما تم استخدامه لاعتراض صاروخ باليستي قادم من اليمن في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

أما نظام السهم 2، فقد تم استخدامه لأول مرة في 31 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وكانت هذه العملية هي أول عملية قتالية تجري خارج الغلاف الجوي على ارتفاع حوالي 60 ميلاً. وهو ما يمثل حدثًا تاريخيًا في مجال الدفاع الصاروخي.

تصل تكلفة صواريخ الاعتراض السهم 1 والسهم 2 إلى حوالي 1.5 مليون دولار ومليوني دولار على التوالي. مما يجعلها تقنية مكلفة ولكن ضرورية للحفاظ على الأمان الوطني.

تحت ضغط مالي هائل: تكاليف الحرب تثقل الميزانية الإسرائيلية

الحرب الجارية بين إسرائيل وقطاع غزة تخلف تأثيرًا ماليًا كبيرًا على الميزانية الإسرائيلية. حيث تزيد التكاليف الهائلة لأنظمة الدفاع الصاروخي من الضغط على الخزينة الإسرائيلية. كل صاروخ يُطلق من قبل حماس. سواء نجحت القبة الحديدية في اعتراضه أم لم تنجح، يرفع تكلفة الحرب التي تتحملها الخزينة الإسرائيلية.

خلال شهر أكتوبر الماضي، سجلت الموازنة الإسرائيلية عجزًا بقيمة 23 مليار شيكل (حوالي 6.14 مليارات دولار). في هذا السياق، أعلنت إسرائيل أنها استدانت نحو 30 مليار شيكل (حوالي 8 مليارات دولار) منذ بدء الحرب.

توقع بنك الاستثمار “جيه.بي مورغان” أن تتسع عجز ميزانية الحكومة بشكل أكبر من المتوقع في العام المقبل نتيجة لتكاليف الحرب، مما يؤدي إلى زيادة كبيرة في الميزانية. ومن المتوقع أن يصل عجز الميزانية إلى حوالي 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2023 و2024.

نسبة الدين الحكومي قد تصل إلى 63% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2024. مقارنة بنسبة 57.4% قبل بداية الحرب.

مؤخرًا، وافقت الحكومة الإسرائيلية على ميزانية إضافية “غير مسبوقة” بقيمة 8 مليارات دولار لتغطية احتياجات الحرب. وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن الحكومة وافقت على ميزانية جديدة بقيمة 30 مليار شيكل (حوالي 8 مليارات دولار) حتى نهاية العام الحالي لتمويل نفقات الحرب.

محافظ بنك إسرائيل (البنك المركزي)، أمير يارون. توقع أن تصل تكاليف الحرب على قطاع غزة إلى نسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعادل حوالي 52 مليار دولار. تلك التكلفة الهائلة تثقل الاقتصاد والميزانية الإسرائيلية بشكل كبير.

اقرأ أيضاً: هل يمكن دعم فكرة إمتلاء أنفاق غزة بمياه البحر من قبل العلم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات