من الممر إلى المقر
من الممر إلى المقر .. يا ابن آدم أعلم أنك من صنع الله اكرمك وفضلك بعقلك فكن متواضع لله. فإنك لا حول لك ولا قوه ولا تنسى ما تحمله من ماء وعظم ودم وطعام وبقايا من فضلات الطعام اعزك الله. وانظر لنفسك و انظر إلى الدنيا انها تفنى ويفنى نعيمها وتبقى الذنوب والمعاصي كما هى.
ونطبق نصيحه رسول الله حينما قال صلى الله عليه وسلم عش فى الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل. وناخذ من دار الممر إلى دار المقر .
الدنيا خداعه فيجب علينا التحلي بخلق التواضع ولنا فى رسولنا الاسوه الحسنه علمنا خلق التواضع.
قال الإمام الشافعي رحمه الله.. ظننت في نفسي يومًا أنني عالم.. ولما ذهبت لأصلي إمامًا في صلاة المغرب. في ذلك اليوم أخطأت في فاتحة الكتاب وردني عامة الناس!!..
وحينما جئت لأصلي بالناس في صلاة العشاء أخطأت ثانيًا في فاتحة الكتاب و ردنى عامة الناس. يقول الشافعي فلما تكرر الأمر استشكل الأمر عليا ولما كان يستشكل عليه الأمر كان يصلي ركعتي استخارة لله رب العالمين.
يضيف الإمام رضي الله عنه: فلما صليت ركعتي الاستخارة غلبني النعاس فنمت فرأيت في رؤياي أنني وكأنه عقدت لي محاكمة وأنا المتهم فيها بتهمة إساءة الأدب مع الله ويجلس أمامي على منصة القضاء قضاة ذوي هيبة.
وأضاف الشافعي: حكم علي القاضي بالموت لسوء أدبي مع الله. فلا عالم بكل شيء سوى الله وهو القادر على كل شيء. لكن أحد القضاه قال: أرى تخفيف الحكم على الشافعي. فقال شيخ القضاه لماذا وبماذا “أي لماذا تخفيف الحكم وبأي كيفية”..
فقال القاضي: لماذا لأن الشافعي له أيادٍ بيضاء على الأمة وصدق فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم. : سيخرج من قريش رجلا يملأ الدنيا علما بعلم ونرى أنه الشافعي..
أما كيفية تخفيف الحكم فنرى أن يخرج الشافعي هائمًا على وجهه في الشوارع وينظر في وجوه الناس ويختار أحدهم على أن يكون أدنى الناس وأحقرهن من وجهة نظر الشافعي ثم يقبل يده “تأدبًا له”.
قال الشافعي: فلما استفقت من نومي فهمت الرسالة وخرجت هائمًا على وجهي أنظر في وجوه الناس حتى وجدت رجلًا يجلس على كومة “قمامة” ملابسه رثة لا يكاد يظهر وجهه من أثر ما عليه من تراب.. يقول: فاقتربت منه “أي هذا هو أدنى الناس وأحقرهن من وجهة نظره” فلما اقتربت منه حاولت الابتعاد من شدة رائحته.. لكنني لا بد أن أنفذ حكم القضاه..قال فاقتربت منه ولما هممت لأمسك يده وأقبلها وإذا بالرجل يلطمني على خدي .. فتفاجأت من ردة فعله.. فقال لي “تأدب ياشافعي وقبل يد غيري .. فأنا من خففت عنك حكم الأمس”.
الرسالة : هو أنك لا تستخف بأحد فلا تعلم أيهم أحب إلى الله ولا تعلم ما الذي بينه وبين ربه.. تواضعوا وتراحموا فإن الله يرفع قدرنا بقدر تواضعنا له وتراحمنا فيما بيننا.
اقرأ كذلك: فلسطين والذئاب البشرية