الاسلام والحياة

ليلة النصف من شعبان …أعمالها وفضائلها

حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية كان في ليلة النصف من شعبان ،حيث تم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام بمكة المكرمة ، بعد أن صلى المسلمين قرابة الستة عشر شهراً تقريباً تجاه المسجد الأقصى.

براءة الاحمد

يحي المسلمون ليله النصف من شعبان كل عام ، ويتساءل الكثيرون مما لا يعلمون ما الذي حدث في تلك الليلة .

حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية كان في ليلة النصف من شعبان. حيث تم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام بمكة المكرمة. بعد أن صلى المسلمين قرابة الستة عشر شهراً تقريباً تجاه المسجد الأقصى.

الدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية سابقاً،وعضو هيئة كبار العلماء تحدث حول هذه الليلة المباركة. أن تحويل القبلة جاء لحكمة تربوية وهي العمل على تقوية الايمان وتنقية النفوس من شوائب الجاهلية.

وكون هدف الإسلام هو تعبيد الناس لله وتنقية القلوب وتجريدها من التعلق بغير الله وحثها على اتباع المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرة. لذا فقد اختار لهم التوجه قِبَل المسجد الأقصى ليخلص نفوسهم ويطهر قلوبهم مما علق بها من الجاهلية. ليظهر مَن يتبع الرسول اتباعاً صادقاً ،ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوى الجاهلية ورواسبها.

فضائل ليلة النصف من شعبان:

النصف من شعبان من أغلى الليالي على الله تضاهي في فضائلها ليالي رمضان والليالي العشر الأوائل من ذي الحجة

قال النبي صلى الله عليه وسلم :” إذا كانت ليلة النصف من شعبان فإن الله يطّلع إلى عباده فيغفر لجميع خلقه إلا مشرك أو مشاحن أو عاقّ لوالديه أو قاطع رحم أو شارب خمر”

فهي ليلة تجديد وبناء العلاقة مع الله ، وتوثيق الصلة بمن حولنا وتطهير القلوب من الحسد والحقد والكره.

وفي عظيم فضل هذه الليلة روي عن النبي صلى الله عليه وسلم :”يتنزل الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا في ليلة النصف من شعبان فينادي هل من مستغفر فأغفر له. هل من طالب رزق فأرزقه ،هل من مبتلى فأعافيه “

ماذا قالوا في فضل ليلة النصف من شعبان

-ويقول ابن حجر : “عليكم بليلة النصف من شعبان فإن لها مغفرة مخصوصة واستجابة مخصوصة”.

وتقول السيدة عائشة في ليلة النصف من شعبان رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيطيل السجود. فوجدته يدعو وهو ساجد فيقول: “أعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك”.

وقال العلماء هي ليلة يستجاب فيها الدعاء مثل ليلة القدر ، وما من ليلة بعد ليلة القدر أفضل من ليله النصف من شعبان.

وقال الإمام الشافعي الدعاء يستجاب في خمس ليالي : ليلة الجمعة وليلة العيدين وأول رجب وليلة النصف من شعبان.

و ليلة النصف من شعبان ليلة سلامة الصدور، والصلح مع الخلق:

قال بعض السلف: “لَا أنور للقلب من سَلامَة الصَّدْر”.

امتازت ليلة النصف من شعبان بمزية لا توجد في جل الليالي. فالأصل في كل ليلة ما أخرج الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال:

(ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له. من يسألني فأعطيه؛ من يستغفرني فأغفر له) زاد مسلم (فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر).

دل الحديث أنَّ الله تعالى يطلع على عباده كل ليلة، فيغفر للمستيقظين المستغفرين الطالبين، ويترك النائمين.

ماذا نفعل في ليلة النصف من شعبان:

يسأل كثير من الناس: هل يجوز إحياء ليلة النصف من شعبان بذكر أو قرآن أو قيام..؟

الجواب فيه تفصيل:

وظيفة المسلم التي يجب أن يحرص عليها في هذه الليلة: إصلاح ذات البين. فمن أهمل إصلاح ذات البين فهو مقصر ولن ينال بركة هذه الليلة ولا مغفرتها ولو أحيا الليل كله وصام النهار بطوله. أمَّا من أصلح ذات البين وأزال الخصومات فيما بينه وبين الناس وأحب أن يقوم ليلة النصف، فلا حرج، والدليل:

سبق أنَّ الله تعالى في كل ليلة يقول: (هل من مستغفر فأغفر له) فمن استيقظ واستغفر غفر له، ومن كان نائمًا حرم بركة المغفرة، وهذا في ليالي العام إلا ليلة النصف من شعبان، فإنَّ الله تعالى يطلع على عباده فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن، فإذا كان الإنسان مبتعدًا عن الشرك والشحناء غفر له وإن كان نائمًا، إذًا: هي ليلة مباركة عمَّت بركتها النائم الغافل، فكيف بالمستيقظ الداعي؟!! فلا حرج _والله تعالى أعلم_ في إحياء هذه الليلة بشرط أن يكون المحيي لها مؤديًا أولاً لوظيفة إصلاح ذات البين.

كما ويجب الحذر من الخصومات الدينية في هذه الليلة:

الخصومات الدينية وحرمان بركة ليلة النصف من شعبان

إن ليلة النصف من شعبان _كما سبق_ ليلة صلح مع الخلق وبعد عن الشحناء والخصومات ومن أعجب العجب أن ترى وتسمع من يدعو إلى قيامها والتعبد فيها ويُعَرِّض بمن يمنع ذلك أو يصرح ويتهمه بكذا وكذا. ويأتي الفريق الآخر ويتهم الفريق الأول بالابتداع والضلال وتكثر المهاترات والخصومات وتمتليء صفحات التواصل الاجتماعي بالأخذ والرد ويضيع العامة وتكثر الشحناء بين الطرفين تحت مسمى الدين والنتيجة يحرم الجميع من بركة المغفرة في ليلة الصلح مع الخلق. فإصلاح ذات البين واجب على مدار العام ولا سيما قبيل ليلة النصف من شعبان فعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلا أُخبِرُكُم بأفضلَ من درجةِ الصيامِ ، والصلاةِ ، والصدقةِ؟ قالوا: بلى. قال: صَلاحُ ذاتِ البَيْنِ، فَإِن فسادَ ذَاتِ البَيْنِ هي الحَالِقَةُ». أخرجه الترمذي، وأبو داود.

والحالِقة: تَحْلِقُ الدِّين، فلا يقال لمن اتصف بذلك “متدين”.

في هذا الحديث الشريف يسأل النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه عما هو أعظم من صيام النافلة. ومن صلاة النافلة، ومن الصدقات المتنوعة، ثم يبين أنَّ صلاح ذات البين هو الأعلى والأفضل. وأنَّ فساد ذات البين يسلب اسم التدين عن صاحبه، فاعْجَب لرجل يحرص على الصف الأول في صلاة الجماعة وهو متخاصم مع جاره.

واعجب لامرأة لا يفتر لسانها عن الذكر ولا تنزل السبحة من يدها وهي مغتابة نمامة.

واعتبر العلماء ليله النصف من شعبان تمهيد نفسي لرمضان واستعداد قلبي لتطهيره من الذنوب والاعتياد على الاجتهاد في الطاعات.

اقرأ كذلك: الصبر حين البأس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات