مدونات

قضية إبستين .. تورط سياسيين وأثرياء أمريكيين وإسرائيليين وفضائح بالجملة

فتح صناديق الأسرار عن العلاقات التجارية والاستخباراتية المعقدة والمشبوهة

بعد إعتقاله ووفاته، ظلت قضية جيفري إبستين تثير اهتمام العامة. القضية تدور حول اتهامه بإدارة شبكة دعارة. حيث استغل منازله وجزيرته لارتكاب جرائم جنسية ضد فتيات قاصرات (13-17) وتجنيد أخريات لتوسيع شبكته. بدأت القضية تتكشف للعامة في عام 2005، عندما حوكم إبستين بتهمة ممارسة الدعارة مع قاصر. تبين لاحقًا وجود وثائق تثبت تورطه مع شخصيات سياسية وفنية أميركية وعالمية في شبكة الدعارة واستغلال القاصرين. رغم وفاته عام 2019، استمرت القضية في إثارة الجدل والضجة في المجتمع الأميركي.

الملياردير المتورط في شبكة دعارة واستغلال قاصرين

جيفري إبستين، الملياردير ورجل الأعمال الأميركي، وُلِد في نيويورك عام 1953. عُرِف بمسيرته المهنية المتعددة، من تدريس واستثمار مصرفي. كان يمتلك شبكة علاقات واسعة مع النخبة في المجتمع الأميركي. بما في ذلك الساسة والنجوم.

تمتلك منزله في “بالم بيتش” بولاية فلوريدا بدأت الشرطة المحلية تحقيقا بشأنه بعد شكاوى من جيرانه حول توافد فتيات قاصرات على منزله بشكل مستمر.

رغم وجود شهادات تحدثت عن اعتداءات جنسية. تم توجيه تهمة واحدة فقط لإبستين في عام 2008 وحُكِم عليه بـ13 شهرا بعد اتفاق مع الادعاء العام.

عادت قضية إبستين للتداول بعد مقال نشرته “ميامي هيرالد” كشف عن ضحاياه وتورط أشخاص آخرين في تخفيف العقوبة. تم اعتقاله من مطار تيتربورو في نيوجيرسي في يوليو/تموز 2019.

توجهت له تهم الاستغلال الجنسي لقاصرين والتآمر للقيام بالاتجار بقاصرين. وقُدِمت وثائق تفيد بتجارته بالقاصرات وعرضهن للعبودية الجنسية.

وجدته الشرطة ميتا في زنزانته في أغسطس/آب 2019 بعد إصابة في رقبته. مما أثار شكوك بشأن إمكانية اغتياله للتغطية على المتورطين معه.

غيلاين ماكسويل: الشريكة في قضية إبستين

غيلاين ماكسويل، ابنة الإعلامي البريطاني روبرت ماكسويل، تعد واحدة من الشخصيات المعروفة في المجتمع الأميركي. حيث ارتبطت بقضية إبستين بسبب صداقتها معه. وقد وُجِهت إليها اتهامات بالمشاركة في شبكة الدعارة بعد دعوى قضائية قدمتها فيرجينيا جوفري، وهي ضحية رئيسية في القضية.

تورطت ماكسويل في توسيع شبكة الدعارة وتجنيد الفتيات للعبودية الجنسية. وكذلك تقديم مبالغ مالية للفتيات لجلب الآخرين لخدمات التدليك، التي تبين لاحقًا أنها كانت تستخدم لأغراض أخرى.

في يوليو/تموز 2021، تم اعتقال ماكسويل وحُكِم عليها بالسجن لمدة 20 عامًا وغرامة مالية كبيرة في عام 2022. بعد إدانتها بخمس تهم، من بينها تأمين القاصرات للدعارة لصالح إبستين وأصدقائه.

توضح جولي براون، مؤلفة كتاب “انحراف العدالة: قصة جيفري إبستين”. أن علاقة إبستين بعائلة ماكسويل بدأت في ثمانينيات القرن الماضي. عندما ساعد إبستين والد ماكسويل في إخفاء أمواله. وهكذا بدأت العلاقة بين العائلتين. وتعرف إبستين على غيلاين منذ ذلك الحين.

فرجينيا جوفري: الشاهدة الرئيسية

في قضية إبستين، ظهرت فرجينيا جوفري كشاهدة رئيسية. عندما قامت برفع دعوى قضائية ضده وضد شريكته ماكسويل عام 2015. اتهمتهما بالاعتداء عليها واستغلالها جنسيا عندما كانت في سن الـ17. وبتدبير لقاءات جنسية مع شخصيات بارزة.

جوفري زعمت أن ماكسويل كانت تنظم للفتيات -بما في ذلك نفسها- لتقديم “خدمات تدليك” مقابل 200 دولار. ثم تقوم بنقلهن إلى منزل إبستين. وبالرغم من أن الخدمة كانت معتادة، إلا أنها لم تتوقع تحولها إلى استغلال جنسي. واتهمت مكتب التحقيقات الفدرالي بالتستر على هذه الممارسات.

بجانب جوفري، قدمت جوانا سيوبيرغ العديد من الأدلة على تورط شخصيات بارزة مع إبستين. اتهمت الأمير أندرو بالاعتداء عليها 3 مرات في منازل إبستين في لندن ونيويورك وجزيرة “ليتل سانت جيمس”. توصل الأمير في النهاية لاتفاق مع جوفري ودفع لها مبلغًا كبيرًا، بينما نفى أي اتهامات أخرى.

يعتبر هذا القضية ذات أهمية كبيرة، حيث تكشف عن تورط شخصيات بارزة في أنشطة غير أخلاقية. وتبرز دور الشهادات والأدلة في تحقيق العدالة.

جزيرة إبستين: القصة وراء المأساة

جزيرة إبستين، المعروفة أيضًا باسم “ليتل سانت جيمس”، تعتبر من بين جزر العذراء الأميركية في البحر الكاريبي. وهي الموقع الذي اشتهر بشكل غير مريح كمقر لنشاطات جنسية غير قانونية. تمتلكها منذ 20 عامًا الملياردير إبستين الذي أقام فيها معظم الوقت. محاولًا بناء سمعة طيبة في جزر العذراء من خلال التبرعات السخية والاستثمارات، لكن سمعته السيئة لم تتلاشى.

الجزيرة لم تكن مجرد موقع لاستراحة الثري، بل كانت ملاذًا لنشاطات إبستين الإجرامية. حيث وجدت فيها ضحاياه المزعومين، اللواتي كان من الصعب عليهن الهروب من هذا الجحيم بسبب صعوبة الوصول إليها والخروج منها.

يُذكر أن الجزيرة كانت محل أسئلة واسعة النطاق بعد وفاة إبستين. حيث داهم مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” المكان بحثًا عن دلائل تثبت ادعاءات الاعتداء الجنسي والاتجار بالبشر. في نهاية المطاف، تم بيع الجزيرة بنصف سعرها لمستثمر متطلع على تحويلها إلى منتجع فاخر. ولكن بقايا ما حدث على تلك الجزيرة لن تنسى.

وثائق مثيرة تكشف أسماء المتورطين 

بين أكثر من 190 دليلاً وأكثر من 3 آلاف ورقة. يكشف ملف القضية المرتبطة بإبستين عن أسماء المتورطين والمساهمين في شبكته غير القانونية. تقدمت الضحية فيرجينيا جوفري بدعوى تشهير عام 2015. ورغم نشر جزء من الوثائق في الأعوام التالية، لم تكشف بالكامل للعموم.

في عام 2019، تم الكشف عن الألفي الأولى من صفحات الملف، تلاها الإعلان عن الأجزاء الأخرى في السنوات التالية. وأثيرت تساؤلات حول توقيت نشر الوثائق في العام 2024. أمر القضاء بنشر الدفعة الثالثة في عام 2023. مدعومة بأدلة تشير إلى المزاعم المذكورة.

وثائق القضية لم تقتصر على تسجيل أسماء المتورطين فحسب. بل شملت أيضًا أفرادًا يُشتبه في أن إبستين قد وظفهم لصالحه، مثل الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون. الذي استخدم طائرة إبستين الخاصة. ومع نشر الوثائق، يترقب الجمهور مزيدًا من الأدلة والشهادات التي قد تؤكد أو تنفي المزاعم.

تضم الوثائق مقابلات مع المتهمين، بما في ذلك ماكسويل وشخصيات أخرى، إلى جانب شهادات فيديو ورسائل هاتفية. مما يسلط الضوء على مزاعم جديدة وعلاقات محتملة. وبينما تستمر التحقيقات. يبقى السؤال: هل ستكشف هذه الوثائق الحقيقة كاملة؟

تفاصيل جديدة تكشف عن علاقات تجارية واستخباراتية

وثائق القضية تكشف رباطًا بين إبستين ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، حيث تموّل إبستين مشاريع لباراك، ما أثار شبهات التورط في القضية.

باراك لم ينكر علاقته بإبستين، لكنه نفى معرفته بشبكة الدعارة، بينما استغل غريمه بنيامين نتنياهو القضية لمهاجمته.

وفي سياق متصل، أدّعى آري بن ميناشي، ضابط إسرائيلي سابق، أن إبستين ووالد ماكسويل كانا عميلين إسرائيليين، وأن كل الاتهامات كانت لجمع معلومات استخباراتية.

هذه التفاصيل تُشير إلى علاقات معقدة ومشبوهة تمتد إلى جهات سياسية واستخباراتية عالية المستوى.

اقرأ كذلك: هل كشف جاسوسة في البرلمان الأوروبي يشير إلى وجود مفاجآت أخرى؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات