اقتصاد

أكبر 10 دول منتجة ومصدّرة للثوم في العالم.. اقتصاد يتوسع وحقائق مدهشة

الثوم بين التاريخ والزراعة والتجارة العالمية

يملك الثوم تاريخًا يسبق الحضارات البشرية الكبرى. فقد عرفه الإنسان قبل نحو تسعة آلاف سنة. وتكشف الأدلة الأثرية استخدامه في مواقع تعود إلى ما قبل سبعة آلاف عام قبل الميلاد. ويشير هذا الامتداد الزمني الهائل إلى علاقة عميقة بين الإنسان وهذا النبات الصغير. ومع ذلك فإن تأثير الثوم لم يتوقف عند التغذية. بل تحوّل تدريجيًا إلى عنصر ثقافي وصحي واقتصادي. ولهذا السبب ظل حاضرًا في المطبخ والطب والزراعة والتجارة.

ويعد الثوم اليوم من أكثر المنتجات الزراعية انتشارًا حول العالم. كما أصبح مكونًا أساسيًا في المطابخ العالمية. ولذلك تجده في الأطباق الأميركية والأوروبية والآسيوية والشرق أوسطية. وقد ساهم هذا الانتشار الكبير في تحويله إلى سلعة استراتيجية في أسواق الغذاء والزراعة. ومع مرور الوقت ارتفع الطلب عليه بسبب زيادة الإقبال على الأطعمة الطبيعية. كذلك أدى الوعي الصحي المتنامي إلى تعزيز أهميته. إذ يؤكد كثير من المستهلكين دور الثوم في تقوية المناعة وخفض الكوليسترول وتحسين الدورة الدموية.

وتشير المنصات المتخصصة إلى أن العولمة الغذائية وسلسلة التوريد الدولية لعبتا دورًا حاسمًا في انتشار الثوم عالميًا. ولذلك أصبح يُنتج بكميات ضخمة وتستورد عشرات الدول كميات كبيرة منه. ويحدث هذا رغم توسع الزراعة في دول عديدة. لكن الاستهلاك يتنامى مع كل عام. وتؤكد منصة “فاكت إم آر” أن الثوم يتحول تدريجيًا إلى سلعة عالمية شديدة التنافس.

ومع ازدياد الاتجاه العالمي نحو المنتجات النباتية والنظم الغذائية الصحية أصبح الثوم حاضرًا في صناعات الأغذية والأدوية والمكملات. ولذلك تتوقع تقارير عديدة استمرار ارتفاع الطلب عليه خلال السنوات المقبلة. وهذا ما يجعل سوق الثوم العالمي مساحة تتقاطع فيها الجوانب الغذائية والصحية والزراعية والاقتصادية.


السوق العالمي للثوم: نمو ثابت ومستقبل واسع

تقدّر منصة “غلوب نيوز واير” القيمة السوقية للثوم في عام 2023 بنحو 21.64 مليار دولار. بينما تشير توقعات شركة “سفريكال إنسايت كونسلتنغ” إلى أن هذه القيمة قد تصل إلى 35.74 مليار دولار بحلول عام 2033. ويعني ذلك معدل نمو سنوي مركب يبلغ 5.15%. ويعكس هذا النمو اهتمامًا عالميًا متصاعدًا بمكونات الغذاء الطبيعية. ولذلك استفاد الثوم من هذا الاتجاه. كما استفادت منه الصناعات الغذائية والدوائية والتجميلية.

ويقسّم الخبراء سوق الثوم إلى ثلاثة قطاعات رئيسية. وتبدأ القائمة بقطاع صناعة الأغذية. ثم يأتي الطهي المنزلي والمطاعم. أمّا القطاع الثالث فيضم المستحضرات الصيدلانية والتجميلية. ومع مرور الوقت يميل الطلب نحو القطاعين الأخيرين لأن العالم يتجه بقوة نحو العلاجات الطبيعية والمواد النباتية. ولهذا يتوقع أن يحظى القطاع الطبي والتجميلي بأكبر حصة في السوق خلال السنوات المقبلة.

ويعمل القطاع الصيدلاني على استثمار الخصائص العلاجية المهمة للثوم. وتشمل هذه الخصائص مضادات الأكسدة ومضادات البكتيريا والفطريات. كذلك تشير التجارب الطبية إلى دوره في خفض ضغط الدم وتحسين صحة القلب وتقوية المناعة. ولهذا السبب تستخدم الشركات مستخلصات الثوم في صناعة المكملات الغذائية والأدوية العشبية.

أما قطاع مستحضرات التجميل فقد وجد في الثوم عنصرًا فعالًا. ولذلك يُستخدم في منتجات العناية بالبشرة والشعر. ويعتمد عليه المصنعون بسبب قدرته على تجديد الخلايا ومقاومة البكتيريا وتحسين صحة فروة الرأس. ويُظهر هذا التوجه أن الثوم تجاوز كونه مجرد نكهة غذائية. إذ أصبح مكوّنًا متعدد الأدوار في الاقتصاد الحديث.


الصين… القوة العالمية الأولى في إنتاج الثوم

لا يمكن الحديث عن إنتاج الثوم العالمي دون ذكر الصين. إذ تعد الدولة الأكبر في هذا القطاع بفارق هائل عن جميع المنافسين. وتنتج الصين أكثر من 20 مليون طن من الثوم سنويًا. ويعود ذلك إلى توفر المناخ المناسب والمساحات الزراعية الشاسعة ونظم زراعية فعالة. وتشير منصة “جاغران جوش” إلى أن الصين تغطي أكثر من 70% من سوق الثوم العالمي. ولذلك تسيطر على التجارة الدولية وتحدد جزءًا كبيرًا من اتجاهات الأسعار.


أكبر 10 دول منتجة للثوم في موسم 2024 / 2023

تقدم منظمة الأغذية والزراعة العالمية “فاو” قائمة بأكبر المنتجين. وتكشف هذه القائمة حقائق مهمة. كما تظهر وجود دول عربية في مواقع متقدمة. وتعمل هذه الدول على تطوير زراعة الثوم بسبب مردوده الاقتصادي.

وهذه هي القائمة:

الصين تنتج 20.7 مليون طن
الهند تنتج 3.27 ملايين طن
بنغلاديش تنتج 548 ألفًا و907 أطنان
مصر تنتج 490 ألفًا و417 طنًا
كوريا الجنوبية تنتج 318 ألفًا و220 طنًا
أوزبكستان تنتج 225 ألفًا و951 طنًا
الجزائر تنتج 212 ألفًا و300 طن
ميانمار تنتج 207 آلاف و187 طنًا
إسبانيا تنتج 194 ألفًا و349 طنًا
أوكرانيا تنتج 186 ألفًا و350 طنًا

وتكشف هذه القائمة مكانة مصر والجزائر إقليميًا. كما تشير إلى أن الهند وبنغلاديش تشكلان قوى ناشئة في إنتاج الثوم في آسيا.


أكبر الدول العربية المنتجة للثوم

تُزرع كميات ضخمة من الثوم في البلدان العربية. كما يعتمد المطبخ العربي عليه بشكل يومي. ولذلك توسعت زراعته في السنوات الأخيرة. وتساعد الظروف المناخية على إنتاج أصناف متنوعة.

وتشير بيانات الفاو إلى ترتيب الدول العربية كالآتي:

مصر تنتج 490 ألفًا و417 طنًا
الجزائر تنتج 212 ألفًا و300 طن
سوريا تنتج 48 ألفًا و349 طنًا
السودان تنتج 28 ألفًا و295 طنًا
تونس تنتج 25 ألفًا و432 طنًا
المغرب ينتج 21 ألفًا و380 طنًا
سلطنة عمان تنتج 7666 طنًا
الأردن ينتج 6183 طنًا
العراق ينتج 3505 أطنان
اليمن ينتج 3191 طنًا

ويعكس هذا التنوع الزراعي امتداد البيئات العربية. كما يوضح وجود إمكانات كبيرة لتطوير إنتاج الثوم العربي خلال السنوات المقبلة.


أكبر 10 دول مصدّرة للثوم عالميًا

لا تسيطر الصين على الإنتاج فقط. بل تمتلك أيضًا الحصة الأكبر في التصدير. وتستحوذ على نحو 70% من صادرات الثوم عالميًا. وتشير أحدث بيانات البنك الدولي إلى قائمة أبرز المصدّرين كما يلي:

الصين: 2.37 مليار دولار
إسبانيا: 420 مليون دولار
الأرجنتين: 113.2 مليون دولار
هولندا: 100.6 مليون دولار
المكسيك: 40.15 مليون دولار
الإمارات: 39.4 مليون دولار
فرنسا: 38 مليون دولار
مصر: 36.84 مليون دولار
البيرو: 30.7 مليون دولار
إيطاليا: 28.7 مليون دولار

وتوضح هذه القائمة صعود الإمارات كمركز لإعادة التصدير. كما تظهر مصر ضمن أهم المصدّرين بسبب جودة إنتاجها.


أكبر 10 دول مستوردة للثوم

العديد من الدول تستهلك الثوم بكميات ضخمة. ورغم الإنتاج المحلي فإن الطلب مرتفع جدًا. ولذلك تستورد هذه الدول كميات كبيرة. وتكشف بيانات البنك الدولي:

إندونيسيا: 648.6 مليون دولار
الولايات المتحدة: 276.6 مليون دولار
ماليزيا: 234.2 مليون دولار
البرازيل: 128.2 مليون دولار
فيتنام: 117.2 مليون دولار
ألمانيا: 104.8 ملايين دولار
إيطاليا: 82.5 مليون دولار
فرنسا: 77.6 مليون دولار
المملكة المتحدة: 75.3 مليون دولار
هولندا: 64.2 مليون دولار

ويظهر من هذه القائمة أن الطلب الأكبر يأتي من آسيا. كما يتضمن القائمة دولًا أوروبية تستورد الثوم رغم إنتاجها الداخلي.


حقائق مذهلة عن الثوم حول العالم

تكشف منصتا “جيلروي جارلك” و”عالم الثوم” معلومات مدهشة عن هذا النبات. وتشير البيانات إلى وجود أكثر من سبعمئة نوع من الثوم عالميًا. كما يُقسم إلى نوعين رئيسيين: الثوم الصلب والثوم الطري.

ويمتلك الثوم الصلب نكهة أقوى وعدد فصوص أقل. كما يُزرع في المناطق الباردة وله ساق زهري صالح للأكل. أما الثوم الطري فينمو في المناطق المعتدلة والدافئة. ولذلك ينضج بسرعة ويُخزن لمدد أطول. وهذا النوع هو الأكثر انتشارًا في الأسواق.

ويكشف التاريخ أن المصريين القدماء استخدموا الثوم في تغذية العمال الذين بنوا الأهرامات. وظنوا أنه يمنح القوة والتحمل. كما عثر الباحثون على فصوص ثوم في مقبرة الملك توت عنخ آمون. ويُرجح أنها وضعت لأسباب دينية أو علاجية أو صدفة أثناء التحنيط.

واستخدم الرياضيون اليونانيون الثوم في الألعاب الأولمبية. كما تناوله المصارعون الرومان قبل المعارك. ووصفه الأطباء القدماء لعلاج الأمراض. واعتبر لويس باستور الثوم حلًا محتملًا لمواجهة البكتيريا. ولذلك حافظ الثوم على مكانته عبر الحضارات.

وفي العصور الوسطى وصل الثوم إلى أوروبا عبر الرومان. ومع ذلك بقي مرتبطًا بالطبقات العاملة لسنوات طويلة. ولم تبدأ الطبقات العليا في تناوله إلا في عصر النهضة. وتذكر السجلات أن الملك هنري الرابع عُمّد في خليط من الماء والثوم لحمايته من الأرواح الشريرة.

وأما مدينة شيكاغو الأميركية فقد أخذت اسمها من كلمة تعني “نبات الثوم البري” في لغة السكان الأصليين. ويكشف هذا أن الثوم لم يكن مجرد نبات. بل كان عنصرًا ثقافيًا حاضرًا في أسماء المدن والحكايات الشعبية.


خاتمة: الثوم من نبتة بسيطة إلى قوة عالمية

عندما ننظر إلى تاريخ الثوم ندرك أنه لعب دورًا أكبر من حجمه. فقد بدأ رحلته كنبتة غذائية بسيطة. لكنه تحول مع الوقت إلى عنصر أساسي في صحة الإنسان وغذائه وثقافته وتجارته. واليوم يقف الثوم في قلب اقتصاد زراعي عالمي ضخم. ويتوسع الطلب عليه عامًا بعد عام. ولذلك يبدو المستقبل مفتوحًا أمام الدول التي تستثمر في إنتاجه وتطوير سلاسل توريده.

اقرأ كذلك: كيف تؤثر الأسرة على علاقتك بالمال؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات