العالم

حقيقة اكتشاف مدينة غارقة ومنزل فرعوني مدفون تحت الأرض في مصر

حقيقة فيديوهات المدينة الغارقة والبيت الفرعوني في مصر بين الاكتشاف الأثري والتزييف بالذكاء الاصطناعي

حقيقة اكتشاف مدينة غارقة وبيت فرعوني تحت الأرض في مصر

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة موجة واسعة من تداول مقاطع فيديو مثيرة.
قيل إن هذه المقاطع توثق اكتشافات أثرية وتاريخية مذهلة تحت الأرض في مصر.

هذه المقاطع انتشرت بسرعة غير مسبوقة على الإنترنت.
كما حصدت ملايين المشاهدات في وقت قصير جدا.
وأشعلت نقاشات حامية بين المتابعين والمدونين في العالم العربي وخارجه.
لكن في ظل هذا الجدل بقي السؤال قائما.
هل نحن أمام كشف أثري حقيقي أم مجرد محتوى مصطنع يجذب الأنظار؟

روايات متباينة

منذ انتشار المقاطع ظهرت روايات متعددة حولها.
فقد نسبها بعض الناس إلى منطقة أهرامات الجيزة الشهيرة.
بينما ربطها آخرون باكتشافات غارقة في مدينة الإسكندرية شمال مصر.
أما فريق ثالث فأكد أنها تعود لحضارة مفقودة في حضرموت باليمن.
هذا التباين في الروايات ساهم في تعزيز الغموض.

أحد المقاطع كان الأكثر انتشارا وحمل عنوان “استكشاف بيت فرعوني تحت الأرض”.
ظهر في الفيديو أشخاص يرتدون زيا موحدا باللون الأخضر.
كما ظهروا وهم يتفقدون توابيت وقطعا أثرية داخل أنفاق تحت الأرض.
حقق المقطع أكثر من 114 مليون مشاهدة خلال عشرة أيام فقط.

محتوى بصري عابر للحدود

تحليل أجراه فريق “الجزيرة تحقق” كشف حقائق جديدة.
تبين أن هذه المقاطع تعتمد على إنتاج بصري سينمائي متطور.
كما أنها توظف موسيقى غامضة ومؤثرات مثيرة لإبقاء المشاهد في حالة ترقب.
وعادة ما تُنشر المقاطع مصحوبة بوسوم شهيرة مثل #استكشاف #غوص_عميق #مصر #هرم #سرد_قصصي.

إضافة إلى ذلك.
أوضح التحليل أن هذه المقاطع يعاد إنتاجها بعدة لغات.
من بينها العربية والإنجليزية والإسبانية والبنغالية.
وهذا يعكس الطابع العابر للحدود لهذا النوع من المحتوى.
كما يثبت قدرته على الانتشار السريع بين مختلف الثقافات.

حقيقة المقاطع ومصدرها

عند تتبع مصادر هذه المقاطع ظهرت النتائج الحاسمة.
تبين أن جميع الادعاءات المرتبطة بها زائفة تماما.
سواء تعلقت بالمواقع أو طبيعة الاكتشافات.

كما أظهر فحص متخصص باستخدام أدوات لكشف الزيف العميق تفاصيل دقيقة.
الفيديوهات جميعها مولدة بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي.
ونشرت لأول مرة بين 13 و17 أغسطس الجاري.

الحساب الأصلي على منصة تيك توك كان باسم Glint Gaze.
واتضح أنه المصدر الأساسي لمعظم هذه المقاطع.
فقد أنتج أكثر من 90 فيديو مشابه منذ مارس 2025.
جميعها اعتمدت على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وحصد الحساب أكثر من 200 مليون مشاهدة.
كما ركزت المقاطع على أماكن أثرية ورمزية مرتبطة بالحضارة المصرية.
وتعمد الحساب عدم وضع عناوين دقيقة لزيادة الغموض وتعزيز الانتشار.

إضافة لذلك.
يروج الحساب لدليل رقمي يشرح كيفية إنتاج مقاطع سينمائية مخصصة للمنصات.
يعتمد هذا الدليل على الذكاء الاصطناعي فقط.
كما يوضح طرق صناعة محتوى جذاب دون الحاجة للظهور أمام الكاميرا.
وهذا يدعم فرضية أن جميع المقاطع المنشورة نتاج ذكاء اصطناعي بالكامل.

سياق غذّى التضليل

انتشار هذه المقاطع لم يكن معزولا عن الأحداث.
فقد تزامن مع كشف أثري حقيقي في مصر.
وهذا التزامن ساعد في تعزيز انتشارها بشكل لافت.

في 21 أغسطس الجاري.
أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية عن نجاح بعثة أثرية كبيرة.
فقد تمكنت من انتشال ثلاث قطع أثرية ضخمة وفريدة من أعماق البحر المتوسط.
وكان هذا النجاح الأول من نوعه منذ 25 عاما.
إذ تعود آخر عملية مماثلة إلى عام 2001.

تفاصيل الاكتشاف الحقيقي

القطع المكتشفة كانت مثيرة للإعجاب.
من بينها تمثال ضخم من الكوارتز على هيئة أبو الهول.
يحمل التمثال خرطوش الملك رمسيس الثاني.
أما التمثال الثاني فكان مصنوعا من الغرانيت.
يجسد شخصا مجهولا من أواخر العصر البطلمي.
لكن التمثال كان مكسورا عند الرقبة والركبتين.
إضافة إلى ذلك عُثر على تمثال من الرخام الأبيض لرجل روماني من طبقة النبلاء.

الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار محمد إسماعيل كشف تفاصيل عبر حساب الوزارة على فيسبوك.
قال إن موقع أبو قير الأثري يمثل شاهدا حيا على عظمة وتاريخ مصر.
كما أكد أن البعثة نجحت في العمل تحت سطح البحر.
وذلك رغم الصعوبات الكبيرة الناتجة عن التيارات والظروف الجيولوجية.
كما أشار إلى أن المباني الأثرية غمرتها المياه بفعل تغيرات جيولوجية وزلازل قديمة.

بحسب وزارة السياحة والآثار.
لا تزال المنطقة تخبئ أسرارا مهمة.
فهي تكشف فصولا جديدة من حضارة مصر الغارقة.
كما أنها تمثل مدينة متكاملة المرافق تعود للعصر الروماني.

التلاعب الرقمي والذكاء الاصطناعي

القضية كشفت خطورة التلاعب بالمحتوى الرقمي.
فقد أثبتت أن الذكاء الاصطناعي قادر على إنتاج مشاهد وهمية مقنعة.
ومع إضافة مؤثرات صوتية وبصرية يصبح المحتوى أكثر إقناعا للمشاهد.

لكن المشكلة أن هذه التقنيات تستغل فضول الناس.
فالجمهور بطبيعته ينجذب للقصص الغامضة عن الحضارات القديمة.
وبالتالي تصبح هذه الفيديوهات وسيلة سهلة لنشر التضليل.

من هنا تأتي أهمية التحقق من المصادر.
فالاعتماد على منصات موثوقة يقلل من انتشار الأخبار الزائفة.
كما أن السيو (السيو) يلعب دورا مهما.
فالمقالات الصحيحة يجب أن تتصدر نتائج البحث على قوقل.
وبذلك يصل القارئ إلى الحقيقة بسهولة.

دروس من التجربة

هذا الحدث يقدم درسا مهما للمتابعين.
فالحضارة المصرية الحقيقية لا تحتاج إلى فيديوهات مزيفة.
التاريخ مليء بالاكتشافات الموثقة علميا.
والبعثات الأثرية تكشف باستمرار عن كنوز لا تقدر بثمن.

لكن التحدي الأكبر يكمن في مقاومة التضليل الرقمي.
فالذكاء الاصطناعي أداة قوية.
إما أن يُستغل في خدمة العلم أو في نشر الزيف.
وهنا تظهر الحاجة إلى الوعي المجتمعي.

كما يجب على الباحثين والإعلاميين الاستفادة من السيو (السيو).
فالمحتوى الصحيح يجب أن يكون مرئيا في نتائج البحث.
وبذلك يمكن مواجهة التضليل الرقمي بفعالية أكبر.

اقرأ كذالك:ارتفاع حصيلة الشهداء بقصف مستشفى ناصر و11 وفاة جديدة بسبب التجويع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات