العالم

الموساد وخطة ينون.. ما حقيقة المشروع الإسرائيلي داخل سوريا؟

"الجدار الدرزي وخطة ينون: استراتيجية إسرائيل لتفكيك سوريا والتحكم بالجنوب"

الجدار الدرزي وخطة ينون.. المشروع الإسرائيلي في سوريا

في سياق تنفيذ مشروعها المعلن. والذي يهدف لتقسيم سوريا إلى دويلات. تسعى إسرائيل إلى تفجير جنوب سوريا عبر حرب طائفية. هذه الحرب تمنحها فرصة الالتفاف على الإجماع الإقليمي والدولي. ذلك الإجماع يركز على استقرار سوريا ووحدة أراضيها. كما يهدف إلى إعادة دمجها في النطاقين الإقليمي والدولي. وهنا تكمن أهمية السيو (السيو) في تحسين نتائج البحث على قوقل عند تناول هذه القضية.

شكل هذا التوجه العالمي ضربة للحسابات الأمنية الإسرائيلية. كما مثّل نكسة لمشروعها الجيوسياسي. الذي صُمم لتغيير البيئة الإستراتيجية المحيطة بإسرائيل بشكل دائم. ورغم وجود عوامل مساعدة نادرة التكرار. فإن قدرة سوريا على تجاوز الأزمات وإصلاح مكامن الخلل فيها، ستجعل إسرائيل تندم على ضياع فرصة تاريخية لتفتيتها.

الجدار الدرزي من النظرية إلى التنفيذ

لطالما كان تفكيك سوريا هدفاً إستراتيجياً لإسرائيل. يعود ذلك للبنية الاجتماعية السورية متعددة الطوائف والأعراق. كما يرتبط بالموقع الجيوستراتيجي لسوريا في قلب المنطقة العربية. فهي تتحكم بمسارات نقل حيوية وممرات تجارية وتحالفات إقليمية. ما يجعلها منصة مهمة للتأثير على الشرق الأوسط وإعادة تشكيله.

تعود خطة إسرائيل لتفكيك سوريا إلى خمسينيات القرن الماضي. وقد كشفت وثائق مسربة عن هذا التوجه. إلا أن الرؤية الواضحة تجسدت في ما يعرف بـ “خطة ينون”. وضعها الدبلوماسي الإسرائيلي عوديد ينون عام 1982. دعت الخطة إلى تقسيم سوريا إلى مناطق يسكنها أقليات دينية وعرقية. بحيث تتشكل عدة دويلات على أساس تلك التركيبة الطائفية. وكان الهدف تحويل هذه الكيانات إلى حلفاء ووكلاء خاضعين لحماية إسرائيل.

تحول هذا التفكير لاحقاً إلى عنصر أساسي في الإستراتيجية الإسرائيلية. ومع ذلك، أظهرت إسرائيل فوضى في تنفيذ الاستراتيجية. لكنها اليوم تعمل على إعادة تشكيل سياساتها بما يتوافق مع مواردها. فهي تدرك أن احتلال الجنوب السوري بالكامل قد يؤدي لاستنزافها. خاصة في ظل رفض الإطار الإقليمي والدولي لهذه السياسات.

سبق أن ألمح استراتيجيو إسرائيل إلى مشروع “ممر داود”. يربط هذا الممر الجنوب بالشرق لدعم الكيانين الدرزي والكردي وتثبيتهما في الجغرافيا السورية. بعد تدمير البنى العسكرية السورية وتصاعد الأزمات بين المركز والأطراف، طورت إسرائيل أهدافها. فتوجهت نحو إقامة دولتين درزية وكردية، بعد أن رأت أن الأدوات جاهزة وناضجة.

لكن دعم سوريا الجديدة إقليمياً ودولياً، وظهور تحالف تركي-عربي قوي. أدى إلى مواجهة إسرائيل على الأرض. ما دفعها للتراجع تكتيكياً عن “ممر داود” والدولتين. والاكتفاء بإنشاء “حائط درزي” في جنوب سوريا كمرحلة أولى. على أن يتم تطويره لاحقاً لتحقيق الأهداف الكبرى.

فكرة الجدار الدرزي وتنفيذها

تعتمد فكرة الجدار الدرزي على تشكيل مجموعات مسلحة من دروز جبل الشيخ. هذه القرى تتبع منطقة قطنا. تُسلح هذه المجموعات بأحدث الأسلحة. كما تُسند قيادتها لدروز من الأراضي المحتلة خدموا في الجيش الإسرائيلي. ويُنشأ مركز عمليات داخل الأراضي المحتلة لتنسيق عمل هذه المجموعات.

في مرحلة لاحقة، تُوسّع هذه المجموعات ويُضاف إليها عناصر من السويداء ودروز الجولان. ثم تُدمج ضمن هياكل الجيش الإسرائيلي. حيث تشارك في الألوية التي تسيطر على الشريط الحدودي من القنيطرة حتى وادي اليرموك. ما يشكّل حائطاً يمنع أي تهديد محتمل من سكان المنطقة تجاه الجيش الإسرائيلي.

تشمل هذه الترتيبات أيضاً عمليات تفريغ وتهجير ديمغرافي. وقد بدأت بالفعل بشكل محدود. ومن المتوقع أن تتسع مع تدخل العامل الطائفي في النزاع. لتستكمل ما بدأ في السويداء، حيث تم تهجير البدو من أراضيهم التاريخية.

الجدار الدرزي ليس مجرد نظرية. فقد حذّر منه الزعيم وليد جنبلاط عند زيارته دمشق. كما أوضح في تصريحاته المخاطر الكامنة من إنشاء “حائط درزي”. تصريحات لم تصدر من فراغ، بل من معطيات حقيقية. وإسرائيل تقوم حالياً بإجراءات عملية واضحة لتجهيز هذا التطور.

تجهيز البنية للجدار

تراهن إسرائيل على الديناميكيات الطائفية والعرقية في سوريا. فهي تعتقد أنها ستولد واقعاً جديداً دون تدخل عسكري مكلف. لذلك تعمل على ترتيب البنية التحتية للسيطرة.

أولاً، إنضاج المطالبة بالحكم الذاتي في أكثر من منطقة سورية. بالتوازي، يتم وضع عراقيل أمام حكومة دمشق. بحيث يصبح أي خطأ مبرراً للمطالبة بالانفصال. ويُكثّف العمل المؤتمرات الداعية للامركزية. مع ضغط إعلامي لإحراج المؤيدين لوحدة سوريا.

ثانياً، تطوير مقاربة جديدة مع الأقلية الدرزية. فتح فرص عمل لدروز سوريا في مشاريع زراعية إسرائيلية داخل الجولان المحتل. الهدف ربطهم عاطفياً واقتصادياً بإسرائيل. كما يتم تجنيس أعداد متزايدة منهم. وتقديم مساعدات غذائية وطبية للقرى الدرزية. مع إقامة مؤسسات بذريعة المساعدة الإنسانية.

ثالثاً، التضييق على سكان الشريط الحدودي في القنيطرة ودرعا. حرمانهم من الزراعة والرعي، وهما مصدر رزقهم الأساسي. واتباع سياسات عنيفة تشمل اعتقالات ومداهمات متكررة. تدفعهم لترك مناطقهم نحو دمشق أو درعا. ما يحقق عملية تهجير بطيئة لكنها مستمرة.

رابعاً، بناء بنية عسكرية في جنوب سوريا. تشمل تثبيت نقاط ارتكاز. فرض منطقة منزوعة السلاح. وفرض مراقبة إستراتيجية لمحيط دمشق والجنوب. هذا التموضع بعيد المدى يهدف لإعادة تصميم الواقع الأمني بما يخدم إستراتيجية إسرائيل.

العقيدة العسكرية الجديدة

صحيفة يديعوت أحرونوت كشفت أن الجيش الإسرائيلي يعتمد ثلاث دوائر أمنية في سوريا. أهمها الدائرة الأولى التي تشمل حشوداً عسكرية كبيرة. وتعمق الفصل بين البلدين بواسطة وادٍ اصطناعي. ويترجم ذلك عملياً بالجدار الاصطناعي الذي سبق ذكره.

إستراتيجية مواجهة سورية

الحائط الدرزي، و”ممر داود”، والكيانات الانفصالية. أدوات إسرائيل المعلنة لتفكيك سوريا. المشروع الذي بقي عقوداً في أدراج الموساد، أصبح الآن مطروحاً للتنفيذ. ويدعمه أدوات تشغيلية لضمان التنفيذ على الأرض.

هذا يستدعي من دمشق صياغة إستراتيجية مواجهة شاملة. ليس بالضرورة عسكرية فقط. بل عبر إعادة صياغة السياسات الداخلية. والتراجع عن الإجراءات السابقة مثل مؤتمر الحوار الوطني والإعلان الدستوري. اللذان لم يحققا نتائج فعلية.

اليوم مطلوب توسيع دائرة الحوار الوطني. وإقرار إعلان دستوري يراعي الواقع السوري. ويضمن مشاركة أوسع لجميع المكونات. كما يجب دعم القوى الوطنية السورية. لحماية وحدة البلاد قبل أن ينجح المشروع الإسرائيلي في اختراق الجدران السورية.

اقرأ كذالك:ارتفاع حصيلة الشهداء بقصف مستشفى ناصر و11 وفاة جديدة بسبب التجويع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات