العالم

5 أسئلة تكشف أعمق أبعاد قرار مجلس الأمن بشأن غزة. قراءة تحليلية شاملة

كيف سيغيّر قرار مجلس الأمن المشهد السياسي والأمني في غزة؟

جدول المحتويات

يشهد العالم اليوم تحولات معقدة في ملف غزة. وهذه التحولات تتسارع مع صدور قرار جديد من مجلس الأمن. وهذا القرار جاء بعد نقاشات طويلة. كما جاء بعد ضغوط أميركية واضحة. وبالتالي فإن تأثيره يتجاوز حدود السياسة اللحظية. لأن القرار يرسم ملامح مرحلة انتقالية حساسة في قطاع غزة.
ومع ذلك. يبرز سؤال جوهري جدا. هل يفتح القرار الطريق نحو تهدئة مستقرة. أم يمهد لمرحلة أشد تعقيدا؟
ولكي نصل إلى إجابة واضحة. لا بد من تفكيك القرار عبر خمسة أسئلة أساسية. وهذه الأسئلة تحدد المسار السياسي. كما تفسر مواقف الأطراف. وتكشف حقيقة الأهداف الأميركية. إضافة إلى استشراف مستقبل الحرب والهدنة ومسار الدولة الفلسطينية. وهنا تأتي أهمية تحليل القرار بطريقة دقيقة. وبأسلوب يراعي تسلسل الأحداث. ويشرح تفاصيل الوثيقة الأممية دون تحريض أو تجاوز للسياسات الإعلامية. ومع ذلك يبقى التركيز على المستقبل. وعلى انعكاس القرار على غزة والمنطقة والعالم.


أولا: ما أبرز بنود مشروع القرار الأميركي الذي اعتمده مجلس الأمن؟

اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2803. وهذا القرار يستند إلى الخطة الأميركية المعروفة باسم خطة ترامب لإنهاء الصراع في غزة. وقد تضمنت الخطة عشرين نقطة. وصدر القرار بعد مفاوضات مكثفة. وقد صوّت عليه ثلاثة عشر عضوا. بينما امتنعت روسيا والصين. ومع ذلك لم يستخدم أي منهما حق النقض. وهذا الأمر يعكس رغبة دولية في تمرير القرار مهما كانت التحفظات.

ويقوم القرار على عدة نقاط أساسية جدا. وهي النقاط التي تشكل جوهر المرحلة المقبلة في غزة.

1. تبنّي الخطة الأميركية بالكامل

يعتمد القرار خطة ترامب كما هي. ويطالب الأطراف بتنفيذها دون تأخير. وهذا يشمل وقف إطلاق النار. وإعادة تنظيم الحكم الانتقالي. وإعادة الإعمار. وهي ملفات معقدة جدا. ولذلك فإن تنفيذ الخطة سيحتاج توافقات واسعة. كما سيحتاج آليات واضحة. لأن أي خلل قد يعطل المسار السياسي بالكامل.

2. إنشاء مجلس السلام لإدارة المرحلة الانتقالية

يؤكد القرار تأسيس مجلس السلام. وهذا المجلس يتمتع بشخصية قانونية دولية. وسيشرف على إعادة إعمار غزة. كما سيعمل حتى انتهاء إصلاح السلطة الفلسطينية. ومع ذلك أضاف القرار فقرة مهمة. وهي ضرورة التزام المجلس بمبادئ القانون الدولي.
وهذا البند مهم. لأنه يحدد شكل الإدارة المدنية التي ستدير غزة. كما يفتح الباب لنقاشات كبيرة حول السيادة. وحول دور السلطة الفلسطينية في المرحلة المقبلة.

3. فتح المسار السياسي نحو الدولة الفلسطينية

يشير القرار إلى أن إعادة الإعمار. واستكمال إصلاح السلطة الفلسطينية. قد يفتح الطريق نحو مسار سياسي جديد. وهذا المسار يقود إلى تقرير المصير. وقد يقود أيضا إلى قيام الدولة الفلسطينية.
ومع ذلك. لا يعطي القرار ضمانات حقيقية. لكنه يعطي إشارات سياسية مهمة. وهذه الإشارات تشكل محور خلاف بين الولايات المتحدة من جهة. وبين روسيا والصين وبعض القوى الفلسطينية من جهة أخرى.

4. استئناف دخول المساعدات الإنسانية

يشدد القرار على ضرورة إدخال المساعدات بالتعاون مع مجلس السلام. ويؤكد أن المساعدات يجب أن تستخدم لأغراض سلمية فقط. وهذا البند يحمل حساسية كبيرة. لأن المساعدات كانت دائما محل جدل. وكانت أداة ضغط سياسي في مراحل سابقة.

5. السماح بإنشاء كيانات تشغيلية دولية

هذه الكيانات ستدير الحكم الانتقالي. وستعمل مع مجلس السلام. كما ستتولى تنظيم الخدمات العامة. وإدارة المعابر. وتنظيم حركة الدخول والخروج.
وبالتالي فإن هذه الكيانات ستشكل العمود الفقري للإدارة المدنية في غزة خلال المرحلة الانتقالية.

6. إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة

يجيز القرار إنشاء قوة دولية في غزة. وهذه القوة ستعمل تحت قيادة موحدة. وبموافقة مجلس السلام. ومع تنسيق مباشر مع مصر وإسرائيل.
وستكون لها صلاحيات واسعة. لأنها تملك حق استخدام الإجراءات اللازمة لتنفيذ مهامها وفق القانون الدولي. وهذا يعني أن القوة لن تكون مجرد مراقبين. بل ستكون جزءا من المشهد الأمني.

7. مهام القوة الدولية

تتضمن المهام ما يلي:
• تجريد غزة من السلاح.
• حماية المدنيين.
• تدريب الشرطة الفلسطينية.
• تأمين الممرات الإنسانية.
• مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار.
وهذه النقاط تشكل أكثر البنود حساسية. لأنها تتعلق مباشرة بمستقبل الفصائل الفلسطينية المسلحة. كما تتعلق بمستقبل الأمن الداخلي في القطاع.

8. انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجيا

يؤكد القرار انسحاب القوات الإسرائيلية وفق معايير متفق عليها. ومع جدول زمني محدد.
ولكن هذا البند يعتمد على تقدم مجلس السلام. وعلى نجاح القوة الدولية في السيطرة على الوضع الأمني. ولذلك فإن تطبيقه قد يواجه عقبات سياسية كبيرة.

9. مدة المرحلة الانتقالية

تنتهي ولاية مجلس السلام والوجود الدولي في 31 ديسمبر 2027. إلا إذا قرر المجلس غير ذلك.
وهذا يعني أن المرحلة الانتقالية محددة بثلاث سنوات. وهي مدة قصيرة جدا مقارنة بتعقيدات الوضع الفلسطيني.

10. الدعم الدولي

يدعو القرار الدول لدعم مجلس السلام ماليا ولوجستيا. كما يطلب تقارير كل ستة أشهر.
وهذا يرسخ الرقابة الدولية على غزة خلال المرحلة الانتقالية.


ثانيا: كيف صوّت أعضاء مجلس الأمن؟ وما هي التحفظات؟

صوت ثلاثة عشر عضوا لصالح القرار. وامتنعت روسيا والصين. ومع ذلك لم تستخدمان الفيتو. وهذا الامتناع يحمل دلالات سياسية مهمة.

1. الموقف الروسي

قال المندوب الروسي إن القرار لا يؤكد على حل الدولتين. كما أشار إلى أن القيادة الإسرائيلية تعلن رفضها إقامة دولة فلسطينية.
وأشار أيضا إلى أن القرار يعطي مجلس السلام صلاحيات واسعة. كما يعطي القوة الدولية دورا كبيرا دون أخذ رأي الفلسطينيين.
وقال إن ذلك يذكّر بممارسات الانتداب البريطاني. وهذه إشارة تاريخية شديدة الحساسية.
كما انتقد تفويض القوة الدولية بنزع السلاح. لأن هذا قد يحولها إلى طرف في النزاع.

2. الموقف الصيني

قال المندوب الصيني إن فلسطين غائبة عن الترتيبات. كما قال إن السيادة الفلسطينية ليست واضحة.
وأضاف أن المشروع لا يؤكد الالتزام بحل الدولتين. وهذا أمر جوهري بالنسبة للصين.
وقال أيضا إن الأمم المتحدة يجب أن تلعب دورا أكبر في إعادة الإعمار. وإن القرار لم يمنحها هذا الدور.


ثالثا: ما موقف الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية؟

1. موقف السلطة الفلسطينية

رحبت السلطة بالقرار. وقالت إنها مستعدة لتحمل مسؤولياتها. كما دعت إلى العمل فورا على حماية المدنيين. ووقف التهجير. والانسحاب الإسرائيلي الكامل.
وأكدت أنها مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة. والدول العربية. والاتحاد الأوروبي.
وقالت إن القرار قد يفتح الطريق نحو مسار سياسي يحقق السلام. ويضمن الاستقرار.

2. موقف حماس

انتقدت حماس القرار. وقالت إنه لا يلبي حقوق الشعب الفلسطيني.
وأضافت الحركة أن القرار يفرض وصاية دولية على غزة.
كما قالت إن القرار يهدف إلى تحقيق أهداف الاحتلال التي فشل في تحقيقها عسكريا.
وقالت إن نزع السلاح يجعل القوة الدولية طرفا في الصراع.
وأضافت أن القرار يسعى إلى فصل غزة عن الضفة الغربية.

3. موقف الجهاد الإسلامي

رفضت الجهاد الإسلامي القرار. وقالت إنه يشكل وصاية دولية على غزة.
وأكدت أن مقاومة الاحتلال حق مشروع. وأن السلاح ضمانة لهذا الحق.
وانتقدت تحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة سياسية.
وقالت إن فرض هيئة حكم دولية على غزة دون رضا الشعب الفلسطيني يخالف القانون الدولي الإنساني.

4. موقف الفصائل الفلسطينية الأخرى

أصدرت الفصائل مذكرة سياسية. وقالت إن القرار يهدف لفرض هيمنة خارجية. كما قالت إن القرار يجرد الفلسطينيين من حق إدارة شؤونهم.
وأكدت أن ملف السلاح يجب أن يبقى ملفا وطنيا داخليا.
وقالت إن أي ترتيبات بعد الحرب يجب أن ترتبط بإنهاء الاحتلال. وبقيام الدولة الفلسطينية.

5. المواقف الإسرائيلية

قال ليبرمان إن القرار يمثل فشلا لحكومة إسرائيل. وقال إن القرار يجلب دولة فلسطينية. وسلاحا نوويا سعوديا. وطائرات شبح لتركيا والسعودية.
وقال إن ذلك يهدد الأمن الإسرائيلي.
أما السفير الإسرائيلي. فقال إن نزع السلاح شرط أساسي. وقال إن غزة لا يمكن أن تستقر مع بقاء سلاح حماس.


رابعا: ما الدور الأميركي في القرار؟

قادت الولايات المتحدة صياغة القرار. وقد عملت أسابيع طويلة لتمريره.
وأعدت نسخة القوة الدولية استنادا إلى خطة ترامب.
وقد عدلت المشروع عدة مرات قبل التصويت.
وترى واشنطن أن الخطة هي أفضل مسار لمرحلة ما بعد الحرب.
وتعتبر الخطة نسخة واضحة من رؤية “اليوم التالي”.
وتركز الخطة على إدارة مدنية دولية. وقوة أمنية دولية. مع دور محدود للسلطة الفلسطينية في البداية. ومع مساحة كبيرة لمجلس السلام.


خامسا: ما التأثير المتوقع للقرار على مسار الحرب في غزة؟

1. تثبيت وقف إطلاق النار

يسعى القرار لتثبيت وقف إطلاق النار. ولكن هذا مرتبط بنزع السلاح. وبوجود القوة الدولية. وهذا أمر غير محسوم.

2. فتح المساعدات الإنسانية

قد تسهم الخطة في رفع جزء من القيود الإنسانية. وهذا يعتمد على التزام الأطراف.

3. مستقبل سلاح الفصائل

ترفض الفصائل نزع السلاح. بينما يصر القرار على ذلك. وهذا تناقض حاد. وقد يعرقل التنفيذ.

4. تحفظات إسرائيل على الدولة الفلسطينية

ترفض بعض الأطراف الإسرائيلية فكرة الدولة. وهذا يعرقل المسار السياسي.

5. تعقيدات التنفيذ العملي

تنفيذ القرار يحتاج توافقات واسعة. كما يحتاج بيئة مستقرة. وهذا غير متوفر حاليا.


الخلاصة

يكشف القرار مرحلة سياسية جديدة. ويقدم إطارا واسعًا لمعالجة ملف غزة. ولكنه يثير أسئلة كبيرة. لأن البنود تحمل حساسيات عميقة. ولأن الأطراف لا تتفق على جوهر الخطة. ومع ذلك. فإن القرار يشكل بداية لمسار دولي جديد. وقد يفتح بابا نحو تسوية. أو قد يفتح بابا لمرحلة أكثر تعقيدا.
ويبقى مستقبل غزة مرهونا بمدى قدرة الأطراف على تجاوز الخلافات. كما يبقى مرهونا بقدرة القوة الدولية ومجلس السلام على العمل بفاعلية. ولذلك فإن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة جدا.

اقرأ كذلك: خطة إسرائيل الجديدة للقضاء على المقاومة: قراءة تحليلية متعمقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات