لماذا وافقت إسرائيل على الصفقة الآن بعد تعنّت طويل؟
تداعيات الحرب على غزة: أبعاد سياسية وإنسانية
اندفعت إسرائيل في حرب إبادة جماعية على غزّة لتحقيق أهداف عدّة. كان أدنى تلك الأهداف هو كسر حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، وفرض الاستسلام التام. لجأت إسرائيل إلى أساليب الصدمة والترويع، واستخدمت القصف السجّادي والإزاحة السكانية، في محاولة لطمس أي مقاومة فلسطينية.
أهداف الحرب الإسرائيلية على غزّة
سعت إسرائيل خلال الحرب إلى إرسال رسالة واضحة بأنّها مستعدة لاستخدام كل أدوات العنف لتحقيق غاياتها. ومن بين أهدافها:
- فرض الاستسلام: – حاولت إسرائيل قمع حماس والمقاومة من خلال دمار واسع النطاق .لجأت إلى قصف ممنهج لاستهداف البنية التحتية، مع عدم استثناء البشر أو الحجر.
- طمس ملف الأسرى: – أرادت إسرائيل التخلص من ملف الأسرى الموجودين لدى حماس. معلنة أنّ استرجاعهم سيتم بالقوة العسكرية. – رفعت شعارات تعكس إصرارها على القضاء على حماس كشرط لاستعادة الأسرى.
- تهجير الفلسطينيين: – كشفت وثائق إسرائيلية نواياها بتهجير سكان غزّة، إلى جانب احتلال أجزاء من القطاع. – أرادت إعادة هندسة القطاع سياسيًّا واجتماعيًّا تحت إشراف جيش الاحتلال.
نتائج الحرب على قطاع غزّة
مع انتهاء الحرب والإعلان عن وقف إطلاق النار، أصبح واضحًا أنّ الاحتلال حقق مستويات كارثية من الدمار والقتل:
- البُعد البشري: – آلاف الشهداء والجرحى خلفتهم الحرب. – مآسٍ اجتماعية واقتصادية متراكمة تجعل إعادة الإعمار تحدّيًا كبيرًا.
- البُعد المادي: – دُمّرت البنية التحتية بشكل شبه كامل. – أصبح القطاع في مواجهة كارثة إنسانية تمتد آثارها لعقود.
إخفاق إسرائيل في تحقيق أهدافها الاستراتيجية
رغم الدمار الهائل، أظهرت نتائج الحرب أنّ إسرائيل أخفقت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. أبرز الإخفاقات:
- عجز عن القضاء على حماس: – رغم الدعاية العسكرية، ظلّت حماس صامدة واستطاعت الاستمرار في القتال. – فشل الاحتلال في تحطيم حائط الصد الذي تمثّله حماس كقائدة للمقاومة الفلسطينية.
- استمرار المقاومة: – أظهرت حماس قدرة عالية على التكيف مع ظروف الحرب. – قادت المقاومة عمليات نوعية أعاقت تقدّم الاحتلال.
- فشل الهدف الاستراتيجي الأكبر: – لم تنجح إسرائيل في تهجير الفلسطينيين أو فرض واقع جديد في غزّة. – لم تتمكن من محو آثار السابع من أكتوبر من الذاكرة الجماعية.
مضمون الصفقة والضغوط الداخلية الإسرائيلية
جاءت الصفقة متفقة في جوهرها مع العرض الذي قُدّم في يوليو 2024، وهو ما يعني أنّ أي تغييرات حدثت كانت في آليات التنفيذ وليس في المضمون. لكنَّ الموافقة على الصفقة تعكس:
- ضغطًا داخليًّا: – تواجه القيادة الإسرائيلية، خصوصًا بنيامين نتنياهو، انتقادات واسعة بسبب طول الحرب وفشلها. – تصدّرت قضية الأسرى الإسرائيليين النقاش الداخلي، مما دفع نحو القبول بالصفقة.
- التأثير الأميركي: – لعبت الولايات المتحدة دورًا كبيرًا في الضغط على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق. – اعتبرت واشنطن أن استمرار الحرب يضر بمصالحها الإقليمية.
عوامل صمود حماس والمقاومة
ساهمت عدّة عوامل في صمود المقاومة الفلسطينية أمام العدوان الإسرائيلي:
- القدرة على التجديد والتكيّف: – أثبتت المقاومة قدرتها على إدارة المعركة رغم الخسائر. – استمرت في استهداف الاحتلال، مما زاد من خسائره البشرية والمادية.
- الدعم الشعبي: – حظيت المقاومة بدعم شعبي كبير داخل فلسطين وخارجها. – تحوّل الصمود إلى رمز للمقاومة العربية والإسلامية.
- الخسائر الإسرائيلية: – تعرّض الاحتلال لخسائر كبيرة في صفوف جنوده، خصوصًا في شمال القطاع. – أدّى طول أمد الحرب إلى إرهاق الاقتصاد الإسرائيلي.
المآلات المستقبلية للحرب والاتفاق
أثر الحرب على إسرائيل:
- تداعيات داخلية: – أظهرت الحرب انقسامات داخل المجتمع الإسرائيلي. – تصاعدت الانتقادات ضد نتنياهو، خصوصًا من التيارات المعارضة.
- تآكل الردع: – لم تنجح إسرائيل في تحقيق صورة الجيش الذي لا يُقهَر. – سيظل الفشل في السابع من أكتوبر وصمة عار في التاريخ الإسرائيلي.
أثر الحرب على الفلسطينيين:
- كارثة إنسانية: – يعاني القطاع من دمار هائل يحتاج لسنوات من إعادة الإعمار. – تظل الأزمة الإنسانية تحدّيًا كبيرًا أمام حركة حماس.
- تعزيز المقاومة: – خرجت المقاومة من الحرب أقوى سياسيًّا ومعنويًّا. – عزّزت حماس دورها كحركة صادقة ومقاتلة في عيون الفلسطينيين.
رغم الكارثة الإنسانية التي خلفتها الحرب على غزّة، فإنّ النتائج الاستراتيجية تشير إلى فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه. بات واضحًا أنّ صمود المقاومة الفلسطينية كان العامل الأهم في دفع إسرائيل نحو القبول بالصفقة. ومع استمرار التحديات، يبقى المستقبل مرهونًا بمدى قدرة الفلسطينيين على الاستفادة من هذا الصمود لتحقيق مكاسب سياسية، وإعادة بناء غزّة كجزء من مشروع وطني جامع.
اقرأ كذلك: حافظ الأسد والعداء مع ياسر عرفات: تاريخ مجزرة طرابلس