2.7 مليار شخص حول العالم يتسوقون عبر الإنترنت.. هل أنت واحد منهم؟
إدمان التسوق عبر الإنترنت: كيف يؤثر على حياتك المالية والعاطفية، وما هي الخطوات الفعّالة للتخلص منه؟
إدمان التسوق عبر الإنترنت: ظاهرة تؤثر على ملايين حول العالم في السنوات الأخيرة، أصبح التسوق عبر الإنترنت واحدًا من الأنشطة الأكثر شعبية حول العالم. ومع تزايد إقبال الناس على شراء المنتجات عبر الإنترنت، تشير التقارير إلى أن أكثر من 2.71 مليار شخص في العالم أصبحوا يفضلون الشراء من منصات التجارة الإلكترونية المتخصصة أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا لما ذكرته منصة (سيلرز كوميرس). وهذا الاتجاه يشمل مجموعة واسعة من الأعمار والفئات الاجتماعية، مما يعكس التحول الكبير الذي تشهده أسواق البيع بالتجزئة في الوقت الحالي.
تسوق مستمر: إدمان لا ينتهي
التسوق عبر الإنترنت أصبح في كثير من الأحيان جزءًا من روتين الحياة اليومية. يشتري هؤلاء الأفراد بضائع عبر الشبكة مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، بل وأحيانًا أكثر. هذا السلوك أصبح يشبه إلى حد كبير الإدمان لدى العديد من الأشخاص، حيث يجدون أنفسهم غير قادرين على التوقف عن الشراء. هذه الظاهرة لا تقتصر على فئة معينة، بل تشمل جميع الأعمار، بما في ذلك المراهقين والكبار. ويُقدر أن 4.9% من السكان البالغين في العالم يعانون من إدمان التسوق عبر الإنترنت، ما يعني أن نحو 400 مليون شخص حول العالم يواجهون هذه المشكلة.
ولكن، لماذا أصبح التسوق عبر الإنترنت إدمانًا بالنسبة للبعض؟ الإجابة تكمن في العديد من العوامل التي ترتبط به، مثل:
سهولة الوصول: أصبح التسوق عبر الإنترنت سهلًا للغاية. يمكن لأي شخص التصفح بين المنتجات والشراء في أي وقت ومن أي مكان.
الإعلانات المغرية: تستخدم المتاجر الإلكترونية الإعلانات المستهدفة لجذب الزبائن، مما يجعل الأفراد يشعرون بالضغوط للشراء.
الشعور بالمتعة الفورية: في كثير من الأحيان، يقدم التسوق عبر الإنترنت تجربة فورية من المتعة والإشباع، مما يجعل الشخص يرغب في العودة للمزيد.
تأثير إدمان التسوق على الأفراد
إدمان التسوق عبر الإنترنت ليس مجرد مشكلة تتعلق بالشراء الزائد فحسب، بل إن لها أيضًا تأثيرات سلبية على حياة الأفراد.
الأثر المالي:
قد يؤدي إدمان التسوق إلى وضع الشخص في وضع مالي صعب. فقد أظهرت الدراسات أن 51% من المستهلكين قد أخّروا أهدافهم المالية بسبب هذا الإدمان. 27% منهم قاموا بتأجيل سداد القروض، مما أدى إلى تراكم المزيد من الديون عليهم مع مرور الوقت. وبالتالي، قد يجد الشخص نفسه في دائرة من القروض والديون التي يصعب الخروج منها. هذا ليس كل شيء؛ بل إن زيادة الديون قد تؤدي إلى ضغط نفسي مستمر يؤثر على صحة الشخص العاطفية والجسدية.
الأثر العاطفي:
إدمان التسوق عبر الإنترنت قد يسبب مشاكل عاطفية متعددة، مثل الشعور بالذنب والخجل. فعندما يشعر الشخص بأنه قد أنفق مبالغ طائلة على أشياء غير ضرورية، يمكن أن يبدأ في الشعور بالعجز أو الذنب. إضافة إلى ذلك، قد يؤدي هذا الشعور إلى انخفاض احترام الذات والشعور بالتوتر. ومن هنا تبدأ المشاكل النفسية في التأثير على جوانب أخرى من حياة الشخص، مثل علاقاته الشخصية والعمل.
الأثر الجسدي:
لا تقتصر تأثيرات إدمان التسوق عبر الإنترنت على الجوانب المالية والعاطفية فحسب، بل قد تكون لها آثار جسدية أيضًا. ففي كثير من الأحيان، يقضي المدمنون وقتًا طويلًا أمام أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة. هذه العادة يمكن أن تؤدي إلى قلة النشاط البدني، مما يسبب مشاكل صحية مثل زيادة الوزن وآلام الظهر بسبب الجلوس لفترات طويلة. كما أن الأرق واضطرابات النوم أصبحت شائعة بين الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الإدمان.
علاقات اجتماعية متأثرة:
إدمان التسوق عبر الإنترنت يمكن أن يؤدي إلى انعزال الشخص عن محيطه الاجتماعي. فمع مرور الوقت، قد يبدأ الأفراد في التقليل من التفاعل مع عائلاتهم وأصدقائهم بسبب تركيزهم المستمر على الشراء عبر الإنترنت. هذه العزلة قد تؤثر على جودة حياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية.
هل هناك رابط بين إدمان التسوق والصحة العقلية؟
تعتبر الصحة العقلية عاملاً رئيسيًا في إدمان التسوق عبر الإنترنت. في الواقع، تشير الأبحاث إلى أن إدمان التسوق قد يكون بمثابة استجابة لمشاكل نفسية أخرى. على سبيل المثال، يمكن أن يرتبط إدمان التسوق بالاكتئاب أو القلق. إذ يلجأ البعض إلى التسوق عبر الإنترنت كوسيلة للهروب من المشاكل النفسية أو لتخفيف التوتر. ومن هنا تبدأ العلاقة بين الإدمان والصحة العقلية في التأثير بشكل كبير على حياة الفرد.
إدمان التسوق عبر الإنترنت يمكن أن يكون أحد الأعراض التي تشير إلى اضطرابات الصحة العقلية الأساسية. على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق أو الاكتئاب قد يشعرون بأن التسوق يخفف من مشاعرهم السلبية في الوقت القصير. ومع ذلك، فإن هذه “الراحة” تكون مؤقتة، وتؤدي إلى نتائج سلبية على المدى الطويل.
التجارة الاجتماعية: محرك إضافي للإدمان
شهدت السنوات الأخيرة تطورًا كبيرًا في مفهوم “التجارة الاجتماعية”. مع تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل تيك توك وإنستغرام، أصبح التسوق عبر الإنترنت أكثر تشويقًا ومتعة. في عام 2014، شاهد أكثر من 50 مليون شخص حوالي 1.6 مليار دقيقة من مقاطع الفيديو الخاصة بالتسوق. هذا الرقم أصبح أكبر بكثير اليوم، حيث تزايد عدد الأشخاص الذين ينخرطون في هذا النشاط عبر الإنترنت.
قد تكون هذه المنصات الاجتماعية جزءًا من السبب وراء هذا الاتجاه المتزايد نحو إدمان التسوق. فإذا كنت تستخدم تيك توك أو إنستغرام، فغالبًا ما ستجد نفسك تعرض أمامك إعلانات جذابة ومقاطع فيديو لمنتجات مثيرة للاهتمام. هذه الإعلانات مدروسة بعناية لتجذب انتباهك وتحفزك على اتخاذ قرار الشراء.
اليوم، لم يعد التسوق عبر الإنترنت محصورًا في فئة “المؤثرين” و”نجوم السوشال ميديا”. أصبحت هذه الظاهرة ظاهرة شاملة، حيث يتوجه الجميع، بما في ذلك الأطفال، إلى هذه المنصات للتسوق. هذا الأمر فتح المجال بشكل أكبر أمام العلامات التجارية لاستخدام المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لمنتجاتهم.
التجارة الاجتماعية: مفهوم جديد يحدث ثورة في السوق
التجارة الاجتماعية هي دمج التجارة الإلكترونية مع وسائل التواصل الاجتماعي، وهي ظاهرة تعكس كيفية تفاعل تجار التجزئة مع المستهلكين في العالم الرقمي. تُظهر التقارير أن هذا الاتجاه سوف يستمر في النمو، حيث من المتوقع أن يصل معدل انتشار التسوق الاجتماعي إلى 25% من سوق التجارة الإلكترونية العالمي بحلول عام 2024. ومن المتوقع أيضًا أن تتجاوز عائدات التجارة الاجتماعية تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2028.
في الواقع، التجارة الإلكترونية بشكل عام أصبحت صناعة ضخمة تقدر قيمتها بحوالي 6 تريليونات دولار. وتستمر هذه الصناعة في النمو بسرعة، حيث يُتوقع أن تصل إلى 8 تريليونات دولار بحلول عام 2027، وفقًا لما ذكرته منصة “سيلرز كوميرس”.
كيفية التخلص من إدمان التسوق عبر الإنترنت
إذا كنت تجد نفسك قد أصبحت مدمنًا على التسوق عبر الإنترنت، فلا تقلق، فهناك خطوات عملية يمكنك اتخاذها لتقليل هذا الإدمان وتحسين حالتك النفسية. فيما يلي بعض الخطوات التي يمكن أن تساعدك:
1. حدد ميزانية محددة للإنفاق
أول خطوة نحو التخلص من إدمان التسوق هي وضع حدود واضحة للميزانية. حدد المبلغ الذي يمكنك تحمله للإنفاق على التسوق عبر الإنترنت كل شهر، ثم التزم بهذه الميزانية مهما كانت المغريات.
2. حذف تطبيقات التسوق من الهاتف
تجنب الإغراءات المستمرة من خلال حذف تطبيقات التسوق على هاتفك الذكي وألغِ الاشتراك في قوائم البريد الإلكتروني الخاصة بالمتاجر الإلكترونية.
3. استخدم النقود بدلاً من البطاقات البنكية
استخدام النقود الفعلية بدلاً من البطاقات البنكية يساعدك على التحكم في الإنفاق بشكل أفضل.
4. البحث عن بدائل صحية للتسوق
قد يكون إدمان التسوق ناتجًا عن حاجة لتخفيف التوتر أو ملء فراغ عاطفي. جرب البحث عن أنشطة أخرى تعزز صحتك العقلية، مثل ممارسة الرياضة أو الخروج مع الأصدقاء.
5. طلب الدعم النفسي
إذا كنت تجد صعوبة في التخلص من إدمان التسوق بمفردك، فلا تتردد في طلب الدعم من الأصدقاء أو العائلة أو متخصصين في الصحة العقلية.
إدمان التسوق عبر الإنترنت أصبح مشكلة عالمية تؤثر على ملايين الأشخاص، وتسبب آثارًا سلبية على صحتهم المالية والعاطفية والجسدية. ولكن من خلال الوعي والإجراءات المناسبة، يمكن للأفراد التغلب على هذا الإدمان والعودة إلى نمط حياة متوازن.
اقرأ كذلك :“رؤية كيسنجر للقيادة”