“هل نحن على أعتاب حرب شاملة في الشرق الأوسط؟”
"التصعيد المتسارع بين إسرائيل وإيران: هل يجر الشرق الأوسط إلى حرب شاملة تشمل حلفاء إقليميين وتؤثر على الاقتصاد العالمي وأسعار النفط؟"
هل بدأ العد التنازلي لحرب شاملة في الشرق الأوسط؟ في ظل الأوضاع المتوترة في الشرق الأوسط، باتت التساؤلات حول احتمال نشوب حرب شاملة تتزايد بشكل متسارع. التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، إلى جانب هجمات إسرائيل على حزب الله في لبنان، يثير القلق العالمي من انزلاق المنطقة إلى صراع واسع قد يمتد ليشمل أطرافًا إقليمية ودولية.
التوترات تتصاعد بين إسرائيل وإيران
شهدت الأيام الأخيرة تطورات دراماتيكية، حيث قامت إسرائيل بتنفيذ هجوم موسع على حزب الله في لبنان، ما أثار غضب إيران، التي ردت على الفور بقصف أهداف إسرائيلية. هذه الخطوة لم تكن مفاجئة فقط للأعداء، ولكنها أيضًا أدهشت حلفاء إسرائيل. الآن، وبعد تبادل الهجمات بين الطرفين، بات الحديث يدور حول احتمالية انجرار الشرق الأوسط إلى حرب شاملة.
الخبراء العسكريون والاستخباراتيون في المنطقة يحذرون من أن الوضع الحالي قد يؤدي إلى تصعيد لا مفر منه. ووفقًا لما صرح به بعضهم لوكالة “رويترز”، لا تزال هناك عدة عوامل تمنع اندلاع صراع شامل. ومع ذلك، فإن هذه العوامل ليست كافية لطمأنة المجتمع الدولي، خصوصًا في ظل التصعيد الأخير.
إسرائيل وإيران على حافة المواجهة العسكرية
تشير التقارير إلى أن إسرائيل قد لا تتردد في شن هجوم جوي على إيران خلال الأيام القليلة المقبلة، خاصة بعد أن أطلقت إيران نحو 180 صاروخًا باليستيًا على إسرائيل. هذه التطورات دفعت القادة الإسرائيليين إلى عقد اجتماعات أمنية مكثفة، حيث أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في اجتماع لمجلس الوزراء الأمني: “من يهاجمنا، سنهاجمه”.
تصريح نتنياهو جاء بعد ساعات من تأكيده أن حكومته مستعدة لمواجهة “كل التهديدات الإيرانية”، محملاً إيران المسؤولية المباشرة عن الهجمات التي استهدفت إسرائيل من عدة جبهات، بما في ذلك غزة ولبنان واليمن وسوريا والعراق. التصعيد الإسرائيلي-الإيراني لم يكن مفاجئًا، ولكن توقيته وسرعته يثيران التساؤلات حول مدى استعدادية الأطراف للحرب.
الحكومة الإسرائيلية تعلن الاستعداد للهجوم
مع ارتفاع حدة التوتر، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الحكومة الإسرائيلية قررت شن هجوم قوي على إيران، بالتنسيق مع الولايات المتحدة. الاستعدادات العسكرية بدأت بالفعل، حيث رفع الجيش الإسرائيلي حالة التأهب القصوى على جميع الجبهات تحسبًا لردود الفعل الإيرانية.
على الرغم من هذه الاستعدادات، أكدت مصادر مطلعة أن الحكومة الإسرائيلية أبلغت واشنطن أن ردها على إيران سيكون “مدروسًا”. ومع ذلك، لم تقدم الحكومة الإسرائيلية حتى الآن قائمة نهائية بالأهداف التي سيتم استهدافها، وفقًا لما أكده مصدر في واشنطن طلب عدم الكشف عن هويته.
الأهداف المحتملة للهجوم الإسرائيلي
وفقًا للخبراء العسكريين، فإن الأهداف المحتملة للهجوم الإسرائيلي تشمل مواقع ذات أهمية عسكرية في إيران، مثل البنية التحتية للصواريخ ومراكز الاتصالات ومحطات الطاقة. هذه الأهداف تعتبر ضرورية لتقويض قدرات إيران العسكرية وإضعاف قدرتها على الرد.
صرح آفي ميلاميد، مسؤول سابق في الاستخبارات الإسرائيلية، بأن “إسرائيل ستختار أهدافها بعناية فائقة لتجنب التصعيد غير الضروري”. وأضاف أن الهجوم سيكون موجهًا لضرب الأهداف التي يمكن أن تحدث تأثيرًا كبيرًا على قدرات إيران العسكرية دون التسبب في رد فعل إيراني غير محسوب.
على الرغم من هذه التصريحات، هناك مخاوف من أن استهداف هذه الأهداف الحساسة قد يؤدي إلى رد إيراني قوي، يشمل هجمات على مواقع إنتاج النفط في دول الخليج، وهي خطوة قد تؤدي إلى تعطيل إمدادات النفط العالمية وارتفاع الأسعار بشكل كبير.
هل ستستهدف إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية؟
مع تصاعد التوترات، يتساءل العديد عن إمكانية استهداف إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية. الرد على هذا السؤال ليس بسيطًا، خاصة أن استهداف المنشآت النووية قد يؤدي إلى تصعيد خطير. الرئيس الأميركي، جو بايدن، أكد في تصريحاته الأخيرة أنه لا يدعم توجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية، مشيرًا إلى ضرورة دراسة العواقب المحتملة لأي تصعيد.
الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يشارك في الانتخابات الرئاسية المقبلة، كان أكثر صراحة في موقفه، حيث دعا صراحة إلى استهداف المنشآت النووية. وقال: “يجب أن يتم استهداف المنشآت النووية أولاً، ثم ننتقل إلى باقي الأهداف لاحقًا”.
على الرغم من هذه الدعوات، يرى الخبراء أن استهداف المنشآت النووية سيكون خطوة محفوفة بالمخاطر. الضابط الأميركي المتقاعد، ريتشارد هوكر، أشار إلى أن هذه الخطوة “قد تضع القيادة الإيرانية في موقف يجعلها تتخذ إجراءات مدمرة رداً على ذلك”. ويعتبر العديد من المراقبين أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، وهو ما يدفع القيادة الإسرائيلية للنظر في جميع الخيارات.
إيران خصم حذر
على الرغم من التهديدات المتبادلة بين الطرفين، تبنت إيران موقفًا حذرًا في هذه الأزمة. على مدى العام الماضي، اقتصر النزاع بين إسرائيل وإيران على تبادل الضربات الجوية والعمليات السرية، دون أن يتحول إلى صراع بري شامل.
الهجمات الإيرانية على إسرائيل، على الرغم من تصاعدها، كانت محسوبة بعناية. الهجوم الأخير الذي شنه فيلق القدس الإيراني، والذي تضمن إطلاق 180 صاروخًا على إسرائيل، أسفر عن مقتل إسرائيليين فقط، حسب تصريحات السلطات الإسرائيلية. هذه الخطوة قد تعكس رغبة إيران في تجنب تصعيد كبير قد يجرها إلى مواجهة مباشرة مع إسرائيل وحلفائها.
مواقف الدول الإقليمية من التصعيد
على الرغم من تصاعد التوترات، لا تبدو الدول الإقليمية مهتمة بالانخراط المباشر في الصراع. مصر، التي خاضت عدة حروب مع إسرائيل في الماضي، تحافظ على موقفها الحيادي. معاهدة السلام التي وقعتها مصر مع إسرائيل في 1979 ساهمت في تجنب الصراع بين البلدين خلال العقود الماضية.
أما سوريا، الحليفة الأساسية لإيران في المنطقة، فهي غارقة في أزمة اقتصادية وسياسية داخلية، تجعلها غير قادرة على الانخراط في أي صراع جديد. دول الخليج، التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، تسعى بدورها للنأي بنفسها عن هذا النزاع، على الرغم من الخوف من تداعياته الاقتصادية.
الدور الأميركي في الصراع المتصاعد
الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل الرئيسية في المنطقة. أكدت استعدادها للدفاع عن إسرائيل في حال تعرضها لهجوم من إيران أو الجماعات المتحالفة معها. ومع ذلك، لا يتوقع أن تقوم واشنطن بنشر قوات برية في المنطقة كما فعلت في السابق خلال حروب الخليج.
الخبراء يرون أن الدور الأميركي سيقتصر على تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي. إلى جانب الضغط الدبلوماسي لمنع تصاعد الصراع إلى حرب شاملة. مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر. يبدو أن الرئيس بايدن يسعى لتجنب أي تصعيد كبير قد يؤثر على فرصه الانتخابية.
السيناريوهات المستقبلية للصراع في الشرق الأوسط
على الرغم من الجهود المبذولة لمنع التصعيد، يبقى الوضع في الشرق الأوسط هشًا ومعرضًا للانفجار في أي لحظة. في حال تم استهداف المنشآت النفطية في دول الخليج. قد يؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط عالميًا، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي. التحالفات الإقليمية، إلى جانب المواقف الدولية، ستكون حاسمة في تحديد مسار هذا الصراع.
ختامًا، يبقى السؤال الأهم: هل سيستمر التصعيد بين إسرائيل وإيران أم أن الأطراف ستنجح في احتواء الموقف؟ الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الشرق الأوسط.
اقرأ كذلك :استهداف الحوثيين لمواقع عسكرية في عمق إسرائيل بالصواريخ المجنحة