لماذا قامت طهران بإبلاغ دول المنطقة قبل الهجوم على إسرائيل؟ تحليلات من محللين إيرانيين
تحليل مواقف الدول المجاورة من الهجوم الإيراني وتباين الآراء: التحذيرات والازدواجية في السياسة الإقليمية
يعتقد محللون إيرانيون أن قرار طهران بإبلاغ الولايات المتحدة بالهجوم على إسرائيل السبت الماضي يهدف إلى تفادي نشوب حرب إقليمية في المنطقة. يعتبرون أن هذا الهجوم يقتصر على رد فعل ضد العدوان الإسرائيلي على السفارة الإيرانية في دمشق، ويتناسب معه.
وقد أشار المحللون إلى الدعم القوي الذي تحظى به إسرائيل من الغرب ودول المنطقة، والذي يجعلها قوية ومدعومة، مؤكدين أن هذا الدعم يخدم أجندة إسرائيل. وفي سياق القانون الدولي، تلزم إيران التبليغ عن الدول التي ستتخذ منها المسيرات المتجهة نحو إسرائيل.
الهجوم الذي نفذته إيران شمل إطلاق عشرات المسيرات والصواريخ باتجاه إسرائيل رداً على استهداف قنصليتها في العاصمة السورية قبل أسبوعين. وأكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي نجاح العملية المحدودة التي نفذتها إيران وضربها للمواقع التي كانت مقراً لاستهداف قنصليتها في سوريا.
وقد وجه سلامي تحذيراً صريحاً لإسرائيل، مؤكداً أن أي هجوم على المصالح الإيرانية في أي مكان سيواجه برد فعل من قبل إيران. هذا يظهر الوضوح في استعداد إيران للرد بقوة على أي عمل يهدد مصالحها، وهو ما يعكس تصميمها على حماية مصالحها في المنطقة بكل الوسائل المتاحة.
طهران: تحليلات الهجوم على إسرائيل وتحقيق الأهداف الإيرانية
قدّم المدير المركزي للدراسات الإيرانية، محمد صالح صدقيان، توضيحاته كالتالي:
– أثبتت القيادة العسكرية الإيرانية بفعاليتها في هذا الهجوم أنها قادرة على تغيير قواعد الصراع، وتقليص تفوق إسرائيل العسكري الذي استمر لفترة طويلة.
– أرسل الهجوم رسائل هامة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الإقليمية، تبرز قوة إيران وقدرتها على التأثير في المنطقة.
– حقق الهجوم تأثيراً إيجابياً داخلياً في إيران، حيث أثار ردود فعل إيجابية واسعة من الشعب والمسؤولين والجهات الدينية.
من جانبه، أكد مسؤول اللجنة السياسية في جمعية الدفاع عن الشعب الفلسطيني، حسين رويران، أن الهدف الرئيسي لإيران كان في إعادة الاعتبار للردع الإيراني، وتحديد قواعد جديدة للصراع.
وأوضح العميد المتقاعد في الحرس الثوري الإيراني، منصور حقيقت بور. أن الهجوم لم يكن تصعيدياً بالقدر المطلوب، لكنه أظهر لإسرائيل أن هيبتها العسكرية قد تم كسرها.
وفي تأكيد على قدرة إيران على الرد بقوة في حال استمرار العدوان. أشار حقيقت بور إلى أنه في حالة تكرار أي خطأ مستقبلي من إسرائيل، فإن رد إيران سيكون أكثر شدة وعنفًا.
سياسة الرد الإيرانية: تحديد الأهداف والتصعيد المحدود
فيما يتعلق بسياسة الرد الإيرانية، يؤكد منصور حقيقت بور أن إيران لا تسعى لتقويض الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة. يشير إلى أن كل رد فعل يقترب البلاد من تحقيق أهدافها، ويعلن عزمها على المضي قدماً في حال استمرار التحديات، بمواجهة أي خطأ مستقبلي من إسرائيل.
من جانبه، أكد حسين رويران أن الهدف الإيراني كان الرد فقط على الاعتداء الذي طال أراضيها. مشدداً على عدم رغبتها في تصعيد الوضع إلى حرب إقليمية. وأضاف أنه تم توجيه إنذار للولايات المتحدة بأن الرد الإيراني سيكون متناسباً مع العدوان الإسرائيلي.
من ناحيته، قدم محمد صالح صدقيان تحليلاً دقيقاً، مشيراً إلى أن الهجوم الإيراني كان محدوداً وموجهاً لأهداف محددة. وأشار إلى أن العدد الكبير من المسيرات استنزف قدرات الدفاع الجوي الإسرائيلي. ويمكن أن يكون له تأثيرات طويلة الأمد على التوازن العسكري في المنطقة.
هكذا، تظهر سياسة الرد الإيرانية بوضوح في تحديد الأهداف وضبط التصعيد. مما يعكس استعدادها للرد بحزم على أي اعتداء يهدد مصالحها، مع تأكيد على الحفاظ على استقرار المنطقة وتفادي التصعيد الغير مرغوب فيه.
لم تسفر الهجمات الإيرانية عن خسائر إسرائيلية: تحليل الأحداث والتساؤلات
أثار الرد الإيراني استغراباً واسعاً بين المتابعين والمحللين في المنطقة. خاصة بعد إعلان إسرائيل عدم تكبّد أي خسائر جراء الهجوم. وقد أفاد المسؤول السابق في الحرس الثوري الإيراني أنه يتحدى إسرائيل للسماح للصحفيين المستقلين بفحص المواقع التي أعلنت إيران استهدافها. وأشار إلى أنه إذا تم قبول هذا الطلب، فسيمكن تأكيد مزاعم إيران. وأعرب عن ثقته بأن إسرائيل لن تسمح بذلك.
بالنسبة للباحث السياسي رويران، فإن السردية التي أعلنتها إسرائيل تكتسب أهمية كبيرة. فهي تحاول تقديم الهجوم الإيراني بأنه لم يؤدي إلى أي نتائج، في حين يعتبر هذا الهجوم بحد ذاته غير مسبوق. وأوضح أن التصريحات الإسرائيلية تأتي في سياق التضليل الإعلامي. حيث أكدت إيران منذ البداية أنها لم تستهدف أي أهداف غير عسكرية، بينما يعرف الجميع أن إسرائيل تمنع إفصاح الرقيب العسكري عن الكثير من المعلومات.
الموقف الإقليمي من الهجوم الإيراني: تباين الآراء والتحذيرات
حول موقف دول الجوار من الهجوم الإيراني، وخاصة بالنسبة للمسيرات والصواريخ الموجهة نحو إسرائيل، فقد أكد رويران أن طهران قامت بإعلام تلك الدول بسبب الالتزامات القانونية التي تفرضها. وأشار إلى أن دور هذه الدول في دعم إسرائيل معروف للجميع، ولا حاجة لذكر أسماءها.
وأضاف أن قوة واستمرارية إسرائيل تأتي بسبب الدعم الذي تحصل عليه من بعض الحكومات في المنطقة. مما يكشف عن الازدواجية بين الشعوب والدول التي تدعم إسرائيل وتعمل ضد القضية الفلسطينية. ورغم ذلك، يرى أن هذه الحالة غير مستقرة ولن تستمر إلى الأبد.
بالمقابل، يتوقع حقيقت بور أن تضطر الدول التي تدعم إسرائيل في بعض الأحيان لدفع الثمن في المستقبل، حيث سيتذكر العالم أفعالها وسيطالب بالمساءلة.
من جهته، صدقيان يؤكد أن إيران حذرت من استخدام أجواء الدول المجاورة لها لتنفيذ أي هجوم ضدها، سواء كانت عربية أو غير عربية، ولكنها لم تتحدث بشكل محدد عن موقف تلك الدول.