لماذا أعلن البيت الأبيض عن مقتل مروان عيسى، الرجل الثاني في “القسام”؟
استراتيجية البيت الأبيض لعملية رفح: الاستهداف المحدد وتجنب المواجهات البرية في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
خلال المؤتمر الصحفي اليومي للبيت الأبيض الذي عُقِدَ الاثنين الماضي. قدّم مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان تأكيداً بشأن مقتل مروان عيسى. القيادي في كتائب القسام. على يد القوات الإسرائيلية في وسط قطاع غزة قبل عدة أيام.
رغم صمت حركة حماس بخصوص هذا الحدث. وعدم تقديم الجانب الإسرائيلي أدلة تثبت الحادثة. فإن تأكيد البيت الأبيض جاء كرسالة واضحة تجاه العلاقات الأمنية والاستخباراتية المتينة بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وأشار مسؤول أميركي سابق للجزيرة نت، الذي فضل عدم ذكر اسمه. إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق التنسيق العميق بين البلدين، خاصة في ظل التكهنات بشأن توترات في العلاقة بين الرئيس الأميركي بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو.
وأكدت الولايات المتحدة التزامها بدعم إسرائيل في ملاحقتها للعناصر البارزة في حركة حماس. مع التأكيد من قبل سوليفان على أن العدالة ستصل إلى الجماعات المتطرفة هذه في نهاية المطاف. يأتي هذا التأكيد في سياق تصاعد الأحداث في المنطقة. وتزايد التوترات بين الجماعات الفلسطينية وإسرائيل. مما يعكس أهمية التنسيق الدولي في تطويق التهديدات الأمنية والمحافظة على الاستقرار في المنطقة.
مروان عيسى وتأثير مقتله: ردود الفعل الأميركية والإسرائيلية
مروان عيسى، الذي يبلغ من العمر 59 عامًا، شغل منصب نائب قائد كتائب عز الدين القسام. وهو الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”. يُعتبر عيسى واحدًا من أكثر الشخصيات المطلوبة لكل من إسرائيل والولايات المتحدة. حيث أُضيف إلى “قائمة الإرهابيين العالميين المطلوبين” من قبل وزارة الخارجية الأميركية في عام 2019. ووُضِعَ على “قائمة الإرهاب” للاتحاد الأوروبي بعد هجمات تشرين الأول 2019.
سجنته إسرائيل لمدة خمس سنوات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، واعتقلته السلطة الفلسطينية في عام 1997. ولكن لم يتم الإعلان بعد عن نبأ استشهاده من قبل كتائب القسام. يُعتبر عيسى أحد أبرز قادة حماس. وقد أُعلن عن استشهاده خلال العدوان على قطاع غزة بعد معركة طوفان الأقصى.
رأى جو تروزمان، كبير الباحثين بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن مقتل عيسى يُعد إنجازًا لإسرائيل ونكسة لحماس. مشيرًا إلى أن وفاته تشكل تحذيرًا لقادة حماس بأنهم قابلون للمساءلة. يُضعف مقتل عيسى قدرة حماس على المساومة. مما يمنح إسرائيل فرصة لتقديم شروط وقف إطلاق نار مؤقت.
تبادل الاستخبارات بين البيت الأبيض وإسرائيل: تحليل وتوقعات
في حديث مع الجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط. إلى أن “خروج تأكيد من البيت الأبيض بمقتل مروان عيسى يعني أن هناك تبادلات متكررة بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية”. وعلى الرغم من ذلك، عاد وأشار إلى أن ذلك “لا يعني أن الولايات المتحدة كان لها يد في قتل هذا الرجل”.
تقارير تشير إلى أن المكالمة الهاتفية بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. والتي جاءت قبل حديث سوليفان، تضمنت تأكيد موقف واشنطن لهدف إسرائيل المتمثل في “هزيمة حماس والقضاء عليها”. ورغم ذلك، ترفض واشنطن خطط نتنياهو لشن عملية اقتحام بري ضخمة لمدينة رفح. من المتوقع وصول وفد رفيع المستوى من المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين إلى واشنطن خلال الأسبوع المقبل. للاستماع إلى مخاوف البيت الأبيض بشأن خطة اقتحام رفح بريا.
قال الأستاذ بقسم دراسات الاستخبارات والأمن القومي بجامعة كارولينا جوناثان أكوف إن إعلان البيت الأبيض لا يمثل دليلاً على أي شيء، وأكد أن “أجهزة الاستخبارات الأميركية تتبادل المعلومات مع إسرائيل. سواء كان هذا هو الحال مع حالة قتل عيسى أم لا”. وأضاف أكوف أن “سوف يجادل الإسرائيليون بأن الولايات المتحدة يجب أن تشارك المعلومات حول حماس بغض النظر عما إذا كانت إسرائيل تأخذ مخاوف الولايات المتحدة على محمل الجد أم لا”.
استراتيجية البيت الأبيض لعملية رفح: الاستهداف المحدد وتجنب المواجهات البرية
أكد البروفيسور أكوف أن الاستخبارات الأميركية تملك حافزًا لمشاركة المعلومات المتعلقة بالاستهداف المحدد مع إسرائيل. وذلك نظرًا لسياسة الولايات المتحدة الرامية إلى منع الاقتحامات البرية الكبيرة لرفح بنفس مستوى القوة المستخدمة في مناطق أخرى من غزة.
وفي حديثه، قال أكوف: “قد تكون واشنطن تحتجج خلف الكواليس بأن الاستهداف الدقيق لقادة حماس يُقلل من ضرورة تصعيد العنف في رفح إلى مستويات مشابهة لما حدث في مناطق أخرى. ولكن يبدو أن إسرائيل لا ترى الأمور بهذا النظر”.
إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تدرك وجود حركة حماس في رفح. لكنها تفضل استخدام عمليات جراحية مُستهدفة بدلًا من الاقتحامات البرية. بهدف القضاء على قادة حماس دون تسبب مزيد من الخسائر المدنية.
وأكد سوليفان من البيت الأبيض أن الخطة البديلة المقترحة ستستهدف العناصر الرئيسية لحماس في رفح. مشيرًا إلى أن إسرائيل حققت تقدمًا كبيرًا في هذه المعركة. ونجحت في القضاء على العديد من كتائب الحركة وقتل الآلاف من مقاتليها، بمن فيهم قادة بارزين.
اقرأ كذلك: من هو المرشح الفلسطيني المحتمل لرئاسة السلطة الفلسطينية وفقاً لصحيفة روسية؟