ما هي الفروق بين العمل الحر والوظائف الرسمية؟
التحديات والفوائد للعمل الحر المستقل: التسويق الشخصي والعزلة
خلال السنتين الأخيرتين، شهد قطاع “العمل الحر المستقل” انتشارًا وازدهارًا كبيرًا، خصوصًا بعد تفشي جائحة كورونا. حيث يقدر إجمالي عدد الأشخاص الذين يعملون لحسابهم الخاص حول العالم. بنحو 1.57 مليار شخص من إجمالي القوى العاملة البالغة 3.38 مليار شخص.
وبحسب بيانات البنك الدولي، فإن نسبة 46.7% من القوى العاملة العالمية الحالية تعمل في هذا القطاع. تتم معظم أعمال العمل الحر الحديثة عبر منصات متخصصة مثل “أب وورك” و “فيفر” و “توبتال” و “فريلانسر”، وغيرها.
قيمة سوق منصات العمل المستقل العالمية تصل إلى 3.4 مليار دولار. ومن المتوقع أن تتجاوز 9.2 مليار دولار بحلول عام 2027، وفقًا لمنصة “إكسبلودينغ توبيكس”.
متوسط سعر الساعة للعاملين المستقلين عالميًا يبلغ 21 دولارًا. ويكسب المستقلون الذين يعملون في مجالات مثل تطوير الويب والهاتف المحمول والتسويق والخدمات القانونية والمحاسبة وغيرها حوالي 28 دولارًا في الساعة. هذا المعدل يفوق أجور أكثر من 70% من الأجور الساعية في الولايات المتحدة.
يعكس هذا التوجه نحو العمل الحر المستقل تغيرًا في روح قوى العمل الشابة. حيث يمنح هذا النموذج الأفراد العاملين لحسابهم الخاص حرية وسيطرة أكبر على حياتهم المهنية. كما يلبي احتياجات الشركات التي تبحث عن مواهب متخصصة دون الالتزام بالقيود التقليدية المرتبطة بالتوظيف، وفقًا لمنصة “فوربس”.
سرّ صعود العمل الحر: لماذا ينجذب الشبان إليه؟
ما يقارب 70% من الأشخاص الذين يعملون لحسابهم الخاص حول العالم هم تحت سن الـ 35 عامًا. ويتجه الشباب، وبشكل خاص الجيل الجديد المعروف بـ “الجيل زد”، الذي يتراوح أعمارهم بين 16 و26 عامًا. بشكل متزايد نحو العمل الحر.
ووفقًا لدراسة أجرتها منصة “فيفر”. تبين أن 67% من الشبان في جميع أنحاء العالم يرون أن العمل الحر لحسابهم الخاص هو الخيار الأمثل بالنسبة لهم. وهذا يثير التساؤل حول الأسباب التي تجعل هذا الاختيار جاذبًا.
شركة “فوكس تريبس أند كو” تلخص هذه الأسباب بالنقاط التالية:
1- البحث عن الحرية والاستقلال: دافع الجيل الجديد نحو العمل الحر
الجيل الجديد من الشباب نشأ في عصر متصل، حيث أصبحت المعلومات والفرص أكثر إمكانية من أي وقت مضى. بالنسبة لهؤلاء الشباب، يمثل العمل الحر مصدرًا رئيسيًا للحرية والاستقلالية مقارنة بالوظائف التقليدية. يمنحهم العمل الحر القدرة على العمل من أي مكان وفي أي وقت، ومع أي شخص يختارونه كشريك أو زبون.
هذه الحرية تتيح لهم إدارة جداول أعمالهم وفقًا لاحتياجاتهم وأهدافهم الشخصية. يمكنهم العمل على المشاريع التي تهمهم وتلبي اهتماماتهم بشكل أفضل. مما يسهم في تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية بشكل أكبر.
2- زيادة الدخل: العمل الحر كفرصة للتحسين المالي
في عالم يتسم بالتضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي. يرون العديد من الشباب أن العمل الحر هو خيار يمكن تطبيقه بفعالية لزيادة دخلهم. بالنسبة لهؤلاء الشباب. يمنحهم العمل الحر الفرصة لكسب أموال أكثر مما يمكنهم تحقيقه من خلال العمل بدوام كامل. وهذه الزيادة في الدخل يمكن أن تؤدي إلى حياة مالية أكثر استقرارًا. وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للشباب الذين يسعون إلى بناء مستقبل مالي مستقر.
3- اكتساب مهارات جديدة: دور العمل الحر في تطوير المهارات
تعتبر الأجيال الجديدة العمل المستقل وسيلة فعالة لاكتساب مهارات جديدة قد لا يمكنهم تطويرها بوظيفة بدوام كامل. يمنح العمل الحر لهؤلاء الشباب الفرصة للعمل في مجموعة متنوعة من المشاريع. مما يساعدهم على اكتساب تجارب ومهارات جديدة. بالإضافة إلى ذلك، يتيح لهم العمل الحر التفاعل مع مختلف العملاء والصناعات والبيئات العملية.
من ناحية أصحاب العمل، يعني هذا أن المستقلين يمكنهم جلب مجموعة ثرة من المهارات والتجارب إلى شركاتهم وأعمالهم. يتيح لهم العمل مع متخصصين متعددين أن يصبحوا مصدرًا قيمًا للتطوير والإبداع في مجالات متنوعة.
4- تحقيق التوازن المثالي بين العمل والحياة: ما يريده جيل زد
وفقًا لدراسة أجرتها منصة “فيفر”. يُظهر أن 71% من أفراد جيل زد يرغبون في ساعات عمل مرنة، في حين يتطلع 35% منهم إلى بيئة عمل إيجابية.
هذه النتائج تكشف عن تقدير جيل زد لأهمية تحقيق التوازن بين العمل والحياة. يُظهرون اهتمامًا كبيرًا بالحرية والاستقلالية التي يوفرها العمل الحر. حيث يساعدهم ذلك في تحقيق توازن أفضل بين متطلبات العمل وجودتهم في الحياة الشخصية. هذا التوازن يعتبر ضروريًا لرفاهيتهم وسعادتهم العامة.
5- ريادة الأعمال: انتقال الشباب من الوظائف التقليدية إلى مشاريعهم الخاصة
وفقًا للدراسة، يتعهد واحد من كل أربعة شبان في جيل “زد” بالبدء في مشروعه الخاص. يُعتبر هذا الطموح نقلة كبيرة عن المسارات الوظيفية التقليدية التي اتبعتها الأجيال السابقة. الشباب اليوم يتجهون نحو استكشاف شغفهم واهتماماتهم وهواياتهم لإنشاء مهن تتوافق مع قيمهم وأهدافهم.
بوصفهم مستقلين، يمتلكون الفرصة لتطوير أعمالهم الخاصة والعمل في المشاريع التي يعشقونها. مما يسمح لهم بالتعبير بشكل أكبر عن أنفسهم وتحقيق نجاحهم الشخصي والمهني.
التحديات السلبية للعمل الحر المستقل
منصة “أب وورك”، وهي أكبر منصة للعمل الحر المستقل في العالم، قد أوضحت بوضوح بعض السلبيات التي يواجهها العاملون المستقلون في حياتهم المهنية:
1. فقدان المزايا التي تتاح للموظفين العاديين:
في العديد من البلدان، يتمتع الموظفون بمزايا وامتيازات تشمل التأمين الصحي، والإجازات المدفوعة الأجر، والمشاركة في نظام التقاعد والضمان الاجتماعي، وفرص التدريب المجاني. وعندما يختار الشخص العمل الحر المستقل، يفقد هذه المزايا ويصبح مسؤولًا عن تكاليفها بنفسه، مما يشمل تكاليف التأمين الصحي الخاص والمساهمات في نظام التقاعد، وتكاليف التدريب والتطوير، بالإضافة إلى عدم توفر إجازات العمل المدفوعة.
2. فقدان الدخل الثابت:
يعتبر عدم وجود دخل ثابت أو راتب منتظم من أبرز التحديات التي يواجهها العمل الحر المستقل. في بعض الأحيان، يمكن للمستقلين أن يجدوا أنفسهم بلا عمل لفترات طويلة، ويعمل الكثيرون منهم بالقطعة أو حسب متطلبات المشروع، مما يؤدي إلى تقلب كبير في الدخل. هذا يستدعي منهم تعلم كيفية تنظيم مصاريفهم الشهرية وإدارة ميزانياتهم بحذر.
3. المسؤولية الشاملة
للشباب قد يكون مثيرًا أن يكونوا بدون مدير مباشر يراقبهم، لكن هذا الحرية تأتي مع مسؤوليات كبيرة. في عالم العمل الحر المستقل، أنت وحدك المسؤول عن كل جانب من جوانب عملك، ونجاحك أو فشلك يعتمد بشكل كبير على كيفية تنفيذك لمهمتك دون وجود رئيس يراقبك.
بالإضافة إلى القيام بمهمتك الأساسية، ستكون أيضًا مسؤولًا عن دفع الفواتير، وإعداد جدول عملك الخاص، وتحديد ساعات العمل الخاصة بك. يجب على المستقلين أن يتعلموا كيفية وضع حدود وإدارة وقتهم بفعالية بدون وجود أي شخص يقيم عملهم ويوجههم في تنظيم يومهم. وهذا قد يكون تحديًا كبيرًا بالنسبة للمستقلين الجدد في هذا المجال.
4. التسويق الشخصي وتحديات العمل الحر
بصفتك مستقلًا، ستكون مسؤولًا عن تسويق نفسك وجذب مشاريع وعملاء جدد لتطوير عملك. هذا التحدي يتطلب الصمود والتعود عليه، لكنه أحد أهم الجوانب التي تحدد نجاحك أو فشلك كمستقل. قد يبدو الأمر في بعض الأحيان كمحاولة دائمة للبحث عن فرص عمل مع مواجهة الرفض، وهذا يمكن أن يكون مرهقًا بالنسبة للشباب المبتدئين في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للعمل الحر من المنزل أن يؤدي إلى شعور بالعزلة أحيانًا. عندما تقضي الكثير من وقتك في العمل من المنزل وتتعامل مع عملاء من مختلف أنحاء العالم، قد تشعر أحيانًا بالانعزال. لهذا السبب، يجب على المستقلين أن يكونوا حذرين من العزلة وأهمية المشاركة في الأنشطة الاجتماعية للحفاظ على تواصلهم مع المجتمع والابتعاد عن العزلة.
اقرأ كذلك: أي هو الوقت الأسوء وغير مناسب للعمل خلال اليوم؟.. دراسة حديثة تكشف الإجابة