مدونات

لم تنضم مصر والسعودية والإمارات إلى تحالف “حارس الازدهار” لهذه الأسباب !

تزايد التوترات الإقليمية والقلق من انسحاب دول أوروبية من التحالف ضد الحوثيين ومطالبة بحلاً إنسانيًا لغزة

في أعقاب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. شهدت منطقة البحر الأحمر تأثيراً غير متوقع حيث قادت الولايات المتحدة تحالفًا جديدًا لمواجهة الحوثيين في اليمن. يقوم الحوثيون بفرض حصار ناري على ميناء إيلات الإسرائيلي من خلال استهداف السفن التجارية التي تتجه نحوه عبر مضيق باب المندب.

ما يثير الاهتمام هو أن الدول العربية، بما في ذلك السعودية والإمارات التي خاضتا حروبًا ضد الحوثيين في اليمن. لم تنضم إلى تحالف “حارس الازدهار” الذي أعلنت عن تشكيله الولايات المتحدة مؤخرًا. والشيء المثير أكثر هو أن البحرين كانت الدولة الوحيدة من بين الدول العربية التي انضمت إلى هذا التحالف. على الرغم من أن دورها من الممكن أن يكون محدودًا ومقتصرًا على الجانب اللوجيستي.

هذا التردد في المشاركة العربية في التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الحوثيين. يثير تساؤلات حول الأسباب والتداعيات السياسية والاقتصادية والعسكرية على المنطقة العربية.

تحالف “حارس الازدهار” بين حماية الملاحة وفك الحصار عن إيلات

في النظرة الأولى، يمكن أن يبدو تحالف “حارس الازدهار” في بحر العرب وخليج عدن مشابهًا للتحالفات البحرية الدولية التي شكلت لمكافحة قراصنة الصومال. ومع ذلك، الوضع في هذه المرة يختلف تمامًا، حيث يتعلق بالحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة. حيث يتم منع إمدادات المياه والغذاء والكهرباء والوقود والدواء عن القطاع.

في هذا السياق، أعلنت جماعة الحوثي استهدافها للسفن الإسرائيلية والسفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية كجزء من جهودها لفك الحصار عن القطاع. وبدلاً من أن تسعى الولايات المتحدة لوقف الحرب ورفع الحصار عن سكان غزة. تبذل جهودًا لحماية مصالح إسرائيل وتجارتها البحرية. ذلك أن الحوثيين أعلنوا أنهم لن يستهدفوا الملاحة الدولية في المنطقة إلا السفن التجارية المتجهة للموانئ الإسرائيلية.

هذا التصاعد في الأوضاع يثير تساؤلات حول دور الدول العربية مثل مصر والسعودية. التي تتجنب المشاركة في تحالف “حارس الازدهار” الذي يبدو أن هدفه الحقيقي هو دعم إسرائيل بشكل غير مباشر في حربها على غزة ومحاولة كسر العزلة الدولية التي تعاني منها تل أبيب بسبب جرائم الحرب في غزة. هذا يتجلى في تصويت مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

وبشكل عام، يبدو أنه في ظل دعم الولايات المتحدة للحرب الإسرائيلية على غزة. لا تمتلك أي دولة في المنطقة رغبة في الانخراط في مغامرة عسكرية بمعاونة الولايات المتحدة.

العلاقة المتوترة: السعودية وإدارة بايدن

العلاقة بين السعودية وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أثيرت بشدة خلال الفترة الأخيرة. فقد وجهت الإدارة الأميركية انتقادات حادة للتحالف العربي بسبب حرب اليمن، وقامت بوقف الدعم المباشر للسعودية. وعلقت بيع الأسلحة والذخائر للجيش السعودي. علاوة على ذلك، قررت إزالة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية. ومع ذلك، اليوم تُطلب من السعودية المشاركة في حرب جديدة في اليمن. وهذا يثير تساؤلات حول كيف ستتعامل السعودية مع هذا التحول.

العلاقة بين السعودية والحوثيين بدأت تشهد تهدئة، خصوصاً بعد الجهود الناجحة للوساطة الصينية بين الرياض وطهران. الداعمة للحوثيين. والسعودية تتجنب التصعيد والانخراط في تحالف عسكري جديد ضد الحوثيين. حيث تريد تفادي حرب استنزاف جديدة تعرض توجهها الاقتصادي واستراتيجيتها للخطر.

الانضمام إلى التحالف البحري الذي يقوده الولايات المتحدة من شأنه أن يزيد من التوتر ويجعل السعودية هدفاً للصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية. وهو ما يتعارض مع توجه السعودية نحو تحقيق رؤية 2030 وتنوي diversification اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد الكبير على النفط. كما تسعى الرياض أيضًا لتحقيق استقرار إقليمي. خاصة بعد فوزها بتنظيم إكسبو 2030 وتنظيم كأس العالم 2034.

من جانبه، عبّر عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي محمد البخيتي عن تحفظه قائلاً “إذا انضمت السعودية والإمارات إلى الحرب في اليمن، فسنستهدف كل ناقلات النفط في المنطقة”.

التردد الإماراتي وشروطها في مواجهة التحديات الجديدة

تعتبر الإمارات جزءًا أساسيًا في التحالف العربي الذي يواجه الحوثيين في اليمن. لكنها تلقت بالتأكيد تأثيرًا سلبيًا جراء تعليق إدارة الرئيس جو بايدن لصفقات سلاح هامة. بما في ذلك صفقة طائرات إف-35 الحربية. بسبب الأحداث في اليمن. هذا الوضع يجعل الإمارات تتردد في الانضمام إلى التحالف “حارس الرخاء”.

وفي الوقت نفسه، زعمت قناة “كان” الإسرائيلية أن الإمارات تدرس إمكانية الانضمام إلى التحالف البحري في البحر الأحمر. شريطة أن تقوم الولايات المتحدة بتوجيه ضربة كبيرة ضد الحوثيين. لم يصدر تعليق فوري من أبو ظبي بشأن هذا الأمر.

من المعروف أن الإمارات انسحبت في ربيع عام 2023 من القوات البحرية المشتركة التي تضم 38 دولة بقيادة الولايات المتحدة، والتي كانت مهمتها حماية الملاحة في الخليج العربي والبحر الأحمر من القرصنة و”الإرهاب”. لم توضح الإمارات الأسباب وراء هذا الانسحاب في ذلك الوقت.

بينما يقتصر دور التحالف البحري الجديد على الدفاع، حيث سيُسقط مسيرات وصواريخ الحوثيين المستهدفة للسفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية ومدينة إيلات على ساحل البحر الأحمر. لن يتم تنفيذ أي عمليات هجومية على العاصمة صنعاء أو المدن والموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون. على الأقل في المرحلة الأولى، وذلك لتجنب التورط في حرب شبيهة بحرب فيتنام.

مصر بين التحديات والتعقيدات في البحر الأحمر

الوضع فيما يتعلق بمصر يعد أكثر تعقيدًا، حيث تلعب دورًا حاسمًا في تأمين حركة الملاحة في مضيق باب المندب. وذلك نظرًا لارتباطها الوثيق بقناة السويس. تعتبر هذه القناة المصرية مصدرًا هامًا للإيرادات بالعملة الصعبة. حيث تُحقق أكثر من 9 مليارات دولار سنويًا. وتأتي هذه الإيرادات بعد الصادرات وتحويلات العاملين في الخارج وصناعة السياحة.

من الجدير بالذكر أن إعلان بعض شركات الشحن العالمية الكبرى عن تغيير مسار سفنها للالتفاف عبر رأس الرجاء الصالح بدلاً من قناة السويس يمكن أن يؤثر في المداخيل المصرية المستقبلية من القناة. إذا استمرت حالة التوتر الأمني في مضيق باب المندب.

حتى الآن، تم تغيير مسار 180 سفينة بعيدًا عن المضيق أو تم إيقافها في انتظار تعليمات من شركات الشحن المشغلة لها. هذا ما أعلنته شركة الشحن الأمريكية فليكسبورت في 21 ديسمبر الحالي.

من هنا، يمكن أن يكون انضمام مصر إلى تحالف “حارس الازدهار” في مصلحتها الاقتصادية. ومع ذلك. لم تنضم مصر إلى هذا التحالف بعد، على الرغم من دعوة مهاب مميش، المستشار الرئاسي للموانئ. إلى توفير قوة تأمين مصرية تنتشر بمحاذاة إحدى الدول في البحر الأحمر.

مصر و المشاركة بالحرب الأهلية في اليمن

من الجانب الاستراتيجي، تعمل مصر على زيادة الضغط على إسرائيل من أجل رفع الحصار عن غزة. وهذا يُعتبر مصلحة قومية مهمة بالنسبة للقاهرة. يُشكّل اشتراط الحوثيين وقف استهداف السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية مقابل تسهيل إدخال المساعدات إلى غزة أمرًا يخدم مصر ويحفظ أمنها القومي. مع ترجيحها لرفض تهجير سكان القطاع إلى سيناء أو نقل المقاومة الفلسطينية إلى هناك.

بالإضافة إلى ذلك، يُشير تاريخ مصر إلى تجربة مؤلمة في المشاركة بالحرب الأهلية في اليمن في الفترة بين 1962 و1970. وهذا يجعلها تتجنب تكرار تلك التجربة. تجدر الإشارة إلى أن مشاركتها في التحالف العربي ضد الحوثيين في عام 2015 تمثلت في تقديم دعم بحري لتأمين الملاحة في البحر الأحمر عبر قناة السويس، دون توجيه قوات برية.

بهذا، يظل الوضع في البحر الأحمر معقدًا، وتشكيل تحالف جديد بقيادة الولايات المتحدة سيمثل تحدًا جديدًا للقوات البحرية الدولية في المنطقة. وإذا تطور الأمر إلى تصاعد التوتر والمواجهة العسكرية بناءً على تهديد الحوثيين بضرب السفن الحربية الأمريكية والاعتداء على منشآت نفطية في السعودية والإمارات في حال انضمامهما إلى التحالف. فإن ذلك سيكون له تأثير سلبي على حركة الملاحة الدولية في المنطقة وقناة السويس. ويمكن أن يسفر عن اتخاذ شركات الشحن لمسارات جديدة لسفنها، مما سيتسبب في أضرار اقتصادية للمصريين وقد يُستغل كوس

تصاعد التوترات والقلق من انسحاب دول أوروبية

ليست دول العرب هي الوحيدة التي تعبر عن توترها إزاء التحالف الجديد. بل هناك تسريبات عن انسحاب دول أوروبية من هذا التحالف. تعتقد هذه الدول أن الولايات المتحدة تجمع العالم بأكمله للمشاركة في حرب لفك الحصار عن ميناء إسرائيلي، في حين يمكن حلا للموقف عن طريق توفير المواد الغذائية لقطاع غزة.

وفي هذا السياق، صرح عضو القيادة السياسية للحوثيين، محمد الحوثي. أن انسحاب دول من “تحالف حماية السفن الإسرائيلية” يعكس فشل التحالف المعلن. ويؤكد أن هذه الدول اعتبرت مصلحتها الوطنية أهم من التحالف.

وأضاف أن هذا الانسحاب يشكل رسالة لأولئك الذين يريدون المضي في المغامرة على حساب مصالحهم الوطنية بدلاً من التضحية بها من أجل مصلحة الكيان المحتل.

وأكد مجددًا أن أي هجوم من قبل هذا التحالف على الشعب اليمني وجمهوريته سيجعل سفنهم وبوارجهم ومصالحهم هدفًا للصواريخ والعمليات العسكرية اليمنية.

وأشار إلى أن أفضل حلاً لتجنب التصاعد وحماية الملاحة الدولية وقناة السويس يكمن في خطوتين: وقف العدوان الإسرائيلي على غزة ورفع الحصار عنها، وتوفير الغذاء والدواء لسكان القطاع.

اقرأ كذلك: ما هي التداعيات بعد الهجمات الأمريكية والبريطانية ضد الحوثيين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

من فضلك يجب ايقاف مانع الاعلانات