تحوُّل في فرنسا .. لماذا قرر ماكرون إدانة إسرائيل والدعوة إلى وقف حرب غزة
بصدر مرن وتوجه استراتيجي متغير، اتخذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مواقف مختلفة بشأن النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. من دعم غير مشروط لإسرائيل إلى الدعوة إلى وقف إطلاق النار والتحرك نحو التوازن في العلاقات بين الأطراف المتنازعة. تأثرت هذه التغييرات بعوامل داخلية وخارجية تتضمن تنامي الإسلاموفوبيا والعداء للسامية في فرنسا وسعي باريس لاستعادة نفوذها الدبلوماسي في المنطقة. ترتبط تلك المواقف بتحولات سياسية داخلية تتعلق بتوزيع القوى السياسية في فرنسا والتأثيرات المترتبة على السياسة الخارجية للبلاد.
في تطور مفاجئ، قامت فرنسا بتعديل موقفها بشكل هادئ تجاه الحرب في غزة. تعتبر باريس بيئة لأكبر المجتمعات اليهودية والمسلمة في أوروبا، وكانت تخوض حربًا داخلية حادة ضد مظاهر التديُّن الإسلامي. ولكن في أعقاب اندلاع معركة “طوفان الأقصى” في أكتوبر، قامت فرنسا بتغيير تدريجي لسياستها.
في بداية الهجوم، انضمت فرنسا إلى دعم الاحتلال الإسرائيلي وأعلنت دعمها الكامل له، حتى أضاء برج إيفل بألوان العلم الإسرائيلي. ولم تكن هذه هي الخطوة الوحيدة. حيث اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تشكيل تحالف دولي ضد حركة المقاومة الإسلامية “حماس”. مستلهمًا من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وفي الوقت نفسه، فرضت فرنسا حظرًا على التجمعات المؤيدة لفلسطين على أراضيها، مما أثار استغرابًا كبيرًا. إن هذا التحول في موقف فرنسا يثير العديد من التساؤلات حول السياسة الخارجية للبلاد وتفاعلها مع الأحداث الإقليمية.
تحول مفاجئ في سياسة فرنسا تجاه النزاع في الشرق الأوسط
في تطور ملفت للنظر، لم تقتصر تغييرات فرنسا على دعم إسرائيل خلال أسابيع قليلة فقط من اندلاع عملية “طوفان الأقصى”. فبعد لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس. حيث جرت جولة تضامنية تشمل مصر والأردن تجاه إسرائيل دون مراعاة للقتلى المدنيين في غزة، شهد الدور الفرنسي تغييرًا ملحوظًا.
في غضون ثلاثة أسابيع فقط من ذلك اللقاء، أبدى ماكرون تغييرًا في نبرة دعمه للإحتلال الإسرائيلي. وبدأت تصريحاته تبتعد عن موقف الاتحاد الأوروبي. ودعا إسرائيل إلى وقف قتل المدنيين. ولكن هذا لم يكن كل شيء، حيث استضافت باريس مؤتمرًا لجمع المساعدات الإنسانية للفلسطينيين وتعهدت بتقديم تبرعات فرنسية تتراوح بين 20 مليون و100 مليون يورو هذا العام.
لماذا تغيَّر خطاب ماكرون؟
في العقدين الأخيرين، شهدت السياسة الخارجية الفرنسية تحولًا تدريجيًا عن مواقفها السابقة فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي، مما يثير تساؤلات حول الأسباب والتغيرات التي أدت إلى هذا التحول. في الماضي، كانت فرنسا تعتقد أن الحل الوحيد للصراع يكمن في حل الدولتين. ولهذا السبب رفضت بشدة في عام 2017 قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل. معتبرة أن القدس هي أرض محتلة.
ومع ذلك، بدأ الرؤساء الفرنسيون اللاحقون بتغيير هذه العقيدة السياسية تدريجيًا واتخذوا مواقف أكثر دعمًا لإسرائيل. تاريخ العلاقة الفرنسية مع القضية الفلسطينية يمتد إلى عام 1947. عندما صوتت فرنسا لصالح قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين إلى دولتين، وقبلت إعلان تأسيس إسرائيل. ولكن الوثائق السرية تشير إلى دور فرنسا في وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو. وكانت حليفًا رئيسيًا لإسرائيل في الخمسينات، حيث قدمت دعمًا عسكريًا وتقنيًا كبيرًا. بما في ذلك مساهمتها في بناء المفاعل النووي في النقب. ولم تقتصر دعم فرنسا على ذلك. بل شاركت أيضًا في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956. تغير خطاب ماكرون يثير تساؤلات حول مستقبل السياسة الفرنسية تجاه الصراع في الشرق الأوسط.
تحولات في العلاقات بين فرنسا وإسرائيل على مر العقود
مع تولي الرئيس الفرنسي شارل ديغول السلطة، بدأت مواثيق الصداقة بين فرنسا وإسرائيل تتغير بشكل كبير. بعد حرب عام 1967 التي شهدت احتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان، قررت فرنسا تجميد صفقات بيع الأسلحة لإسرائيل ودعم قرارات مجلس الأمن التي تهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. هذه الخطوات أحدثت شقاقًا كبيرًا في العلاقات بين البلدين، ولفترة طويلة استمرت العلاقات الدبلوماسية بينهما في وضع بارد.
في الثمانينيات، شهدنا بعض محاولات التقارب مع وصول الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران إلى السلطة. زار إسرائيل في تلك الفترة، ولكنه لم يتخلى عن الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية. التي كانت تُعَدُّ منظمة إرهابية من قبل واشنطن وإسرائيل في تلك الفترة. وبعد ذلك. استمرت فرنسا على نفس النهج تحت رئاسة جاك شيراك، الذي دعا علنياً إلى الاعتراف بدولة فلسطين.
التغيرات في السياسة الفرنسية تجاه القضية الفلسطينية على مر العقود
في الواقع، يُعتَبَر حكم فرنسا لنيكولا ساركوزي عام 2007 كنقطة تحول هامة في العلاقات الفرنسية مع القضية الفلسطينية. جاءت هذه الفترة مع هجوم إسرائيل على غزة بعد سيطرة حركة حماس على القطاع. وكان لهذه الفترة تأثير كبير على السياسة الفرنسية. على الرغم من جرائم الحرب التي ارتكبها جيش إسرائيل ضد الفلسطينيين. استضاف الرئيس الفرنسي آنذاك أرييل شارون في باريس، وهو ما شكل تحولًا مهمًا في الموقف الفرنسي.
مع تولي فرانسوا أولاند وإيمانويل ماكرون الرئاسة، استمرت السياسة الفرنسية في مساندة إسرائيل بشكل أكبر، مع تمييز صريح بأنهما “أصدقاء” لإسرائيل. ورغم استمرار التمسك الشكلي بمبدأ حل الدولتين واعتراف الفلسطينيين بحقهم في دولتهم، إلا أنه لم يتم مزيدًا من الضغط من أجل حلا عادلا للقضية الفلسطينية، وذلك في ظل تطور العلاقات بين باريس وتل أبيب.
من الدعم الغير المشروط إلى الإدانة المشروطة: تغيير موقف فرنسا تجاه الصراع في غزة
بعد اندلاع “طوفان الأقصى”، كانت فرنسا واحدة من الدول الأولى التي قدمت دعمًا غير مشروط لإسرائيل وأدانت المقاومة الفلسطينية بلا تردد. لم يقتصر دور الرئيس إيمانويل ماكرون على تقديم الدعم فقط، بل أيضًا طار إلى تل أبيب لتعزيز علاقته مع حلفائه هناك. وفي هذا السياق، دعا إلى تشكيل تحالف دولي لمكافحة حركة حماس.
ومع مرور الوقت وعدم نجاح الاحتلال في تحقيق أهدافه في المعركة، وفي الوقت الذي شهد فيه سقوط العديد من الضحايا المدنيين في غزة، غير ماكرون من موقفه. أصبح يدين بشدة حروب الاحتلال والقصف الذي طال الأبرياء، وأعلن بوضوح: “يجب على إسرائيل أن تتوقف عن قتل الأطفال والنساء وكبار السن في غزة، لا يمكن تبرير هذا القصف”. وبدلاً من دعوة العالم لدعم إسرائيل، بات يدعو الزعماء الأوروبيين والولايات المتحدة إلى دعم موقفه في الضغط على إسرائيل للتوقف عن إطلاق النار.
كشف تفاصيل سرية: السفراء الفرنسيون والتحول الدبلوماسي في الشرق الأوسط
تكشف بعض الأسرار حول هذا التحول الدبلوماسي البارز الذي شهدته فرنسا مؤخرًا، والذي كان من المفترض أن يبقى سريًا، ولكنه تسرب إلى الصحيفة الفرنسية “لوفيغارو”. قام 12 سفيرًا فرنسيًا في الشرق الأوسط ومنطقة المغرب العربي بكتابة مذكرة جماعية ووقعوا عليها، ثم أرسلوها إلى قصر الإليزيه ووزارة الخارجية الفرنسية. هذه المذكرة كانت سابقة في تاريخ الدبلوماسية الفرنسية، وقد احتوت على اعتراضات صريحة وتحذيرات من تداعيات المواقف التي اتخذها الرئيس ماكرون في دعم إسرائيل.
تزايد الغضب بين السفراء حتى تم التهديد بالعنف ضد أحد السفراء الفرنسيين العاملين في المنطقة. ونتيجة لذلك، اتخذ السفراء موقفًا دبلوماسيًا داخليًا في محاولة لتغيير موقف الحكومة الفرنسية والعمل على إعادة تحقيق التوازن في السياسة الخارجية الفرنسية.
الأسباب والتحول: كيف أثرت التوترات في الداخل الفرنسي على سياسة ماكرون تجاه الصراع في الشرق الأوسط
لم يكن تحول سياسة ماكرون مجرد رسالة واحدة، بل كان هناك أسباب أخرى أثرت على تغيير موقفه. العملية التي نفذتها حماس والغزو البري الإسرائيلي في غزة أشعلت توترات عميقة في الداخل الفرنسي. ففرنسا تضم نحو نصف مليون يهودي، وفي الوقت نفسه، تمثل المسلمين نحو ستة ملايين نسمة من سكان البلاد البالغ عددهم 70 مليون شخص، وأغلبهم من مناطق المغرب العربي، مما يجعلهم أكبر مجتمع مسلم في أوروبا.
هذه العوامل كان من المفترض أن يأخذها ماكرون في الاعتبار قبل أن يعلن دعمه لإسرائيل بلا شروط. وقبل أن تتجه شُرطة باريس نحو موقف قاسي ضد الاحتجاجات التي نادت بدعم القضية الفلسطينية. هذه العوامل المتراكمة ساهمت في تغيير موقف ماكرون ومراجعة سياسته تجاه الصراع في الشرق الأوسط.
فرنسا تتحدث بصوت واحد: الرغبة في استعادة التأثير العالمي والاستقلال الإستراتيجي
في تطور سريع، أعلنت فرنسا نفسها أول دولة في الاتحاد الأوروبي تدعو رسميًا وبصراحة إلى وقف إطلاق النار في غزة، ودعت إلى هُدنة مستدامة بين حماس وإسرائيل لإنهاء الحرب. ولكن لم تكن هذه الخطوة مجرد استيقاظ مفاجئ، بل كانت مرتبطة بأسباب استراتيجية تتعلق بطموح فرنسا لاستعادة تأثيرها على الساحة العالمية وإعادة وضع نفسها كلاعب مهم في الشرق الأوسط. تأتي هذه الخطوة في إطار سياسة “الاستقلال الإستراتيجي” التي تتبناها باريس تحت قيادة ماكرون، حيث يسعى لاستحضار الإرث القديم لديغول. وذلك بعد تحول باريس نحو الاصطفاف الأكبر مع واشنطن منذ فترة رئاسة ساركوزي.
توازن معقد: كيف تأثر الصراع الداخلي في فرنسا على سياسة ماكرون تجاه الشرق الأوسط
يمكن تفسير التغيرات المفاجئة في تصريحات الرئيس ماكرون أيضًا في سياق الصراعات الداخلية في فرنسا بين التيارات السياسية المختلفة. حيث تنقسم الساحة السياسية في البلاد إلى ثلاث تيارات أساسية: اليمين المتطرف بزعامات متنوعة، واليسار الراديكالي ممثلًا في حزب “فرنسا الأبية”، وهنالك ما يعرف بـ “التيار الماكروني” الذي ليس فقط تأييدي للرئيس الفرنسي الحالي، بل يمثل تيارًا سياسيًا واسعًا لا ينتمي إلى التيارات السياسية التقليدية ويتبنى منهجًا مختلفًا تمامًا.
في البداية، اتخذ ماكرون وتياره موقفًا صريحًا من هجوم المقاومة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حيث أظهر انحيازًا واضحًا لصالح تل أبيب. ذلك جاء بهدف تجنب التشدد اليميني المتطرف الذي يسعى للتخلص من الاتهامات بالعنصرية وللتعبير عن دعمه الكامل لليهود وإسرائيل. وهذا للتغلب على بعض التصريحات والمواقف القديمة التي وضعت هذا التيار في خانة “معادية للسامية”.
دعم فرنسا لإسرائيل: استغلال للتذكير بالمواقف اليمينية المتطرفة
لذا، قامت الحكومة الفرنسية بدعم إسرائيل، في محاولة للاستفادة من هذا الدعم وفي الوقت نفسه للتذكير بالمواقف القديمة لليمين المتطرف. وقد تجلى ذلك في تغريدة لإليزابيث بورن، رئيسة الحكومة الفرنسية، حيث أشارت إلى أن حضور حزب مارين لوبين في “المسيرة ضد معاداة السامية” التي نُظِّمت في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي “لا يخدع أحدا”.
السياسة الفرنسية تتلاعب بغياب حزب ‘فرنسا الأبية’
في التغريدة ذاتها، أشارت بورن إلى أن غياب حزب “فرنسا الأبية” يعبر عن نفسه، وهذا حيث يكشف النقاب عن قطعة أخرى من الأحجية السياسية الفرنسية. منذ بداية الأحداث، اتخذ حزب “فرنسا الأبية” موقفاً داعماً لغزة، وقام بتسليط الضوء على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين. وقد وصف بعض أعضائه ما يجري في القطاع بأنه إبادة عرقية في وسائل الإعلام. وذلك في الوقت الذي كانت فيه البرامج الحوارية الفرنسية تمجد دولة الاحتلال بلا انقطاع، وتشن هجومًا عنيفًا على أي شخص يتجرأ على انتقاد إسرائيل ورئيسها نتنياهو.
تغيُّر إستراتيجي: ماكرون يُجادل التيارات المتطرفة في فرنسا
اعتمدت الحكومة الفرنسية دائمًا استراتيجية تعتبر فيها اليسار الراديكال وجهًا آخر لليمين المتطرف، وذلك من خلال اتهامها بمعاداة السامية وتأجيج الرأي العام ضد إسرائيل. هذا النهج يُعَدُّ محرمًا في فرنسا، بالإضافة إلى وصف حزب “جون لوك ميلانشون” حركة “حماس” بأنها “حركة مقاومة”، ما يعتبر خروجًا كبيرًا عن النغمة السياسية السائدة في باريس.
مع استمرار الحرب الإسرائيلية القاسية ودعم حزب “جون لوك ميلانشون” المستمر لغزة. حيث شهد حضورًا دائمًا في المظاهرات الداعمة لفلسطين حتى في فترة المنع الرسمي. وجد الرئيس ماكرون نفسه مضطرًا لاعتماد موقفٍ متوازنٍ لتأكيد سياسته المختلفة عن سياسات “التيارات المتطرفة”. من وجهة نظره. شهد هذا التغيُّر تدريجًا، حيث بدأ بالتساهل نسبيًا مع تنظيم تجمعات ومظاهرات داعمة لفلسطين. وانتهى بالانتقاد الصريح لرغبة إسرائيل في القضاء على حماس بحجة أن هذا الهدف غير واقعي وقد يطيل مدى الحرب لسنوات، بالإضافة إلى المطالبة بوقف دائم لإطلاق النار.
ضبابية السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط: رد فعل أم رؤية استراتيجية؟
لا يمكن تفسير هذا التغيير في الموقف الفرنسي الرسمي على أنه رؤية استراتيجية بقدر ما يمكن اعتباره رد فعلًا ناتجًا عن الضبابية الكبيرة التي تسود الإليزيه في ما يتعلق بعدد من القضايا. بما في ذلك الملفات المتعلقة بالشرق الأوسط. هذا يشمل التحركات الفرنسية في لبنان. الذي يُعتَبَر ميدانًا هامًا للنفوذ الفرنسي في المنطقة. وفي الوقت نفسه. يتسبب هذا السعي الحثيث نحو استعادة دور خارجي أوسع في فقدان ماكرون وفرنسا الكثير من المصداقية. وفقًا لـ “أنييس لوفالوا”، الباحثة والكاتبة في معهد الأبحاث والدراسات، المختصة بالبحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط. وهذا يظهر بشكل واضح عند دعوته لتشكيل تحالف للقضاء على حماس. بالإضافة إلى ذلك. فإن فرنسا ليس لديها وسيلة حقيقية لتحقيق الحل الذي تروِّج له منذ فترة طويلة، وهو حلاً بناء على مبدأ الدولتين. ويعلمون جيدًا أن مسألة تسليم غزة للسلطة الفلسطينية ليست أقل صعوبة من محاولة إنهاء المقاومة الإسلامية في القطاع.
ماكرون وتوازن السياسة: بين الاعتبارات الداخلية والبحث عن النفوذ المفقود
بجانب كل هذه الأسباب المسبقة الذكر، يمتلك ماكرون سببًا مهمًا آخر لاتخاذ موقف مختلف. وهو أن استمرار الحرب يزيد من تصاعد التوترات الداخلية في فرنسا. بسبب تصاعد موجات الإسلاموفوبيا والعداء للسامية في البلاد. وبالتالي. أصبح الرئيس الفرنسي مضطرًا إلى البحث عن توازن دقيق، يلبي تطلعات المسلمين والمجتمع اليهودي على حد سواء. لتجنب تفاقم الاستقطاب الداخلي. في الوقت نفسه، يسعى لاستعادة النفوذ الفرنسي المفقود. أظهرت الأيام الأخيرة تداخل مساعي الأطراف المختلفة. التي استفادت من تصاعد التوترات في فرنسا في سبيل الفوز بأصوات الناخبين على اليمين أو اليسار. الدعم الأعمى للاحتلال من قبل الغرب فتح الباب أمام وسطاء جدد خارج دائرة لندن وواشنطن وبرلين. وهذا يُعتَبَر فرصة في رؤية ماكرون لاستعادة المبادئ السياسية الفرنسية التقليدية تجاه القضية الفلسطينية والعودة إلى المسار الديغولي القديم.
اقرأ كذلك : تزايد القلق بين مسلمي أوروبا نتيجة للتصاعد العنيف في غزة