تأثير حرب غزة على العرب والسياسة العالمية وتاريخ العالم .. نظرة على الصحافة العالمية
غزة وتغيير السياسة العالمية .. كيف شوه الغرب سمعة النظام الليبرالي
قامت صحيفتان دوليتان بالتطرق إلى تداعيات النزاع الحالي بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية. وكيف أثر هذا الصراع على الرأي العام في الوطن العربي وشكل التغيرات التي أحدثها في الساحة السياسية العالمية نتيجة للقصف العشوائي الذي طال قطاع غزة، والذي أسفر عن تفاقم معاناة سكانه.
وتسلط مقالة نشرت في مجلة “فورين أفيرز” الأميركية الضوء على الخسائر الهائلة التي لحقت بغزة وكيف أثر ذلك في العالم العربي، مما يبرز أهمية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وتأثيره الكبير على صياغة السياسات في المنطقة. ولكن من المعقد تحديد تأثير الهجمات الإسرائيلية على المواقف العربية بشكل دقيق وتحديد الطرق التي تغيرت بها هذه المواقف.
مع ذلك، تشير التطورات الحالية إلى أن الوضع قد تغير بشكل كبير بعد إجراء شركة “أراب باروميتر” دراسة استقصائية في تونس بالتعاون مع شركة محلية مختصة في استطلاعات الرأي والأبحاث.
تغيرات مذهلة في آراء العرب: دراسة تفصيلية حول تأثير حرب غزة
نتائج هذه الدراسة تعتبر بالفعل مذهلة، حيث تكشف بدقة غير عادية كيف أثر هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والحملة العسكرية الإسرائيلية على آراء العرب بشكل ملحوظ. وفقًا للمقال الذي نشرته، يُظهر التحليل أن هذا التأثير تجلى بشكل واضح في تغير مواقف التونسيين بشكل خاص.
وتبين أن هناك تحولا ملحوظًا في آراء التونسيين. حيث انخفضت معدلات التأييد لإقامة علاقات “إيجابية أو دافئة” مع إسرائيل بشكل كبير، وتراجعت نظرتهم إلى الولايات المتحدة. ومن المثير للاهتمام أن تأييد التونسيين للقيادة الإيرانية، التي تعارض إسرائيل بشدة، ازداد بشكل ملحوظ.
ويُظهر المقال أيضًا أن التونسيين يبديون فتحًا تجاه العالم الغربي. لكنهم يظهرون أيضًا تفتحًا نحو قوى عالمية أخرى مثل الصين وروسيا. مما يشير إلى تغيرات ملموسة في مواقفهم السياسية والجيوسياسية.
تدهور التصور الإيجابي نحو الولايات المتحدة في تونس: تأثير الأحداث الجارية
في سلسلة من المقابلات التي أُجريت قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر. تبين أن 40% من التونسيين كانوا يحملون آراء إيجابية أو نصف إيجابية تجاه الولايات المتحدة. مقارنة بنسبة 56% منهم كانوا يظهرون آراءً سلبية تجاهها.
ومع اندلاع الحرب في غزة، شهدت هذه الآراء تغييرًا سريعًا حيث انخفضت نسبة الأشخاص الذين يحملون آراء إيجابية تجاه الولايات المتحدة إلى 10% فقط. بينما ارتفعت نسبة الأشخاص الذين كانوا يظهرون آراءً سلبية إلى 87%. وقبل هجوم حماس على إسرائيل. كان 56% من التونسيين يعبرون عن رغبتهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة. ولكن بعد 3 أسابيع من الأحداث، انخفضت هذه النسبة إلى 34%.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن – الذي لم يتمتع بشعبية في تونس من الأساس – تدهورًا كبيرًا، حيث انخفضت من 29% قبل 7 أكتوبر إلى مستوى ضئيل يبلغ 6% بعد ذلك.
تصاعد أهمية القضية الفلسطينية في تونس
بعد الأحداث التي جرت في 7 أكتوبر، شهدت قضية “الصراع الفلسطيني الإسرائيلي” ارتفاعًا كبيرًا في أهميتها بالنسبة للتونسيين. حيث ازدادت نسبة الذين يرونها كأحد أهم القضايا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من 24% إلى 59%.
على الجانب الآخر، شهدت قضية التنمية الاقتصادية انخفاضًا حادًا في أهميتها بين التونسيين. حيث انخفضت نسبة الذين يرونها الأهم من 20% إلى 4% فقط.
وقبل هجوم حماس، كانت لدى 70% من التونسيين نظرة إيجابية تجاه الصين. وارتفعت هذه النسبة بمقدار 5 نقاط بعد الهجوم. وكان لدى 56% منهم نظرة إيجابية حيال روسيا قبل الهجوم. وبلغت نسبة الراغبين في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع موسكو 75% بعد نهاية الدراسة الاستقصائية. مقارنة بنسبة 72% قبل الهجوم.
تأثير الحرب الإسرائيلية الفلسطينية على السياسة العالمية
في مقال آخر يتعلق بنفس الموضوع. كتب الصحفي البريطاني بيتر أوبورن على موقع “ميدل إيست آي” مشيرًا إلى أن الحرب الإسرائيلية الفلسطينية قد أحدثت تغييرًا في السياسة العالمية.
وكشف أن 800 خبير في القانون الدولي ودراسات الصراع قد وقعوا على بيان عام. حيث حذروا من احتمالية ارتكاب القوات الإسرائيلية لجريمة إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأوضح أن هؤلاء الخبراء قدموا أدلة قوية تُظهر حجم وشراسة الهجمات الإسرائيلية. وشددوا على أن “اللغة المستخدمة من قبل الشخصيات السياسية والعسكرية الإسرائيلية تبدو وكأنها تعيد صياغة خطابات ومفاهيم مرتبطة بجرائم الإبادة الجماعية ودعوات إلى الإبادة الجماعية”. هذا التغيير في السياسة العالمية يُظهر الأثر البارز للحرب الحالية على الساحة الدولية.
شعور بالاشمئزاز تجاه الوضع في منتدى الدوحة
في تقريره حول منتدى الدوحة الذي أُقيم في العاصمة القطرية في الأيام العاشرة والحادية عشرة من ديسمبر الجاري. تناول الصحفي البريطاني العديد من الحوارات التي تركزت جزءًا منها على الحرب الجارية في غزة. ووصف القصف الإسرائيلي العشوائي على القطاع بأنه جريمة حرب.
وأبدى الصحفي شعوره بالاشمئزاز، واعتبر أنه من الصعب تجاهل هذا الشعور الذي يشبه العداء تجاه الولايات المتحدة خلال منتدى الدوحة.
وفي خطابه في المنتدى، انتقد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إسرائيل واعتبر أنها تعتقد أنها تستطيع الابتعاد عن العقاب. وأضاف أن إحدى الدول تتحدى العالم بأكمله وأن العالم بأسره يبدو غير قادر على اتخاذ أي إجراءات ضدها.
شكوك حول دور أميركا كوسيط في السلام وتصاعد التفاؤل نحو الصين
وفقًا لما ذكره الصحفي بيتر أوبورن، فقد توصل جميع الأشخاص الذين التقى بهم في منتدى الدوحة إلى اتفاق مشترك، وهو عدم الثقة بالقدرة الأميركية على أداء دور فعّال كوسيط في محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأشار أوبورن إلى أن الصين بدأت تكشف عن نواياها في هذا السياق، حيث أكد هوياو وانغ، المستشار السابق لمجلس الدولة الصيني، على أهمية إقامة قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في غزة.
وأضاف أوبورن أن مصطلح “تعدد الأقطاب” كان موضوع التداول الشائع في منتدى الدوحة، وهو مصطلح يشير بلباقة إلى انتهاء فترة الهيمنة الأميركية في العالم.
تأثير غزة على النظام العالمي: الغرب وسوء السمعة
في مقاله، أكد الكاتب على أن غزة قد غيرت توجه السياسة العالمية بشكل كبير، وأشار إلى أن الديمقراطيات الليبرالية – مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا – قد ألحقت ضررًا بسمعة النظام العالمي الليبرالي من خلال منحها تفويضًا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دون قيود.
وختم الصحفي البريطاني بالقول إن “شجاعة الشعب الفلسطيني ومعاناته وقدرته على التحمل قد غيرت مسار تاريخ العالم بأكمله”. هذا التأثير يبرز الدور المهم للأحداث في غزة في تشكيل المشهد العالمي الراهن.
اقرأ أيضاً : بعد تهدئة غزة، هل تستطيع المقاومة التوصل إلى اتفاق يبيض سجون الاحتلال؟