كيف يمكن تقليل عمر الجسم البيولوجي؟
فوائد النوم الجيد على الصحة العامة والوقاية من مرض الزهايمر

العمر البيولوجي هو مصطلح يشير إلى الشيخوخة الحقيقية للجسم والتي تعتمد على تأثير عوامل متعددة مثل الوراثة ونمط الحياة والبيئة. لقد أصبح فهم العمر البيولوجي أمرًا مهمًا في السنوات الأخيرة. حيث يمكن أن يساعدنا في فهم كيفية تأثير عادات حياتنا على عملية الشيخوخة وصحتنا.
مفهوم العمر البيولوجي
العمر البيولوجي هو مصطلح يُستخدم لقياس وتقدير حالة صحة وشيخوخة خلايا الجسم البشري. يُعتبر هذا المفهوم مهمًا جدًا لفهم كيفية تأثير العوامل المختلفة على صحة الإنسان على مر الزمن. تمثل هذه القيمة مقياسًا يمكن استخدامه لتقدير حالة الصحة الفعلية للفرد بصرف النظر عن عمره الزمني الفعلي.
فهم الفارق بين العمر الزمني والعمر البيولوجي
العمر الزمني هو المدة الزمنية التي يقضيها الإنسان في هذا العالم، وهو المقياس الأكثر استخدامًا لتقدير العمر. وعلى الرغم من أن العمر الزمني يعتبر معيارًا هامًا لتصنيف الأفراد وتحديد المراحل العمرية. إلا أنه ليس العامل الوحيد الذي يحدد حالة الشخص وصحته.
الفرق الأساسي يكمن في العمر البيولوجي، الذي يعبر عن حالة الخلايا وصحتها داخل الجسم. يعني ذلك أن هناك أشخاصًا يمكن أن يكونوا في نفس العمر الزمني، ولكن تكون خلاياهم قد شيخت بشكل مختلف. على سبيل المثال، شخص قد يكون في الثلاثينات من العمر زمنيًا. ولكن خلاياه قد تظهر عليها علامات الشيخوخة تجعل عمره البيولوجي يبلغ 40 عامًا.
هذا الفارق بين العمر الزمني والعمر البيولوجي يمكن أن يكون واضحًا عندما نرى أشخاصًا يتقدمون في العمر بسرعة أكبر من غيرهم. بمجرد مرور 25 عامًا من التخرج، يمكن أن نجد أن أحد زملاء الدراسة يبدو أصغر سناً من البقية. بينما يبدو آخر أكبر سناً بفارق كبير.
العلماء يعملون جاهدين على تقدير وقياس هذه الظاهرة وتعريف العمر البيولوجي للفرد من خلال تقييم صحته على مستوى الخلايا والأنسجة بدلاً من الاعتماد فقط على العمر الزمني. هذا يمكن أن يساعد في فهم أفضل لعمليات الشيخوخة وتأثير العوامل المختلفة على صحة الإنسان على مر الزمن.
كيف يتم حساب العمر البيولوجي؟
العمر البيولوجي هو مصطلح يستخدم لقياس التأثير الفعلي للشيخوخة والأضرار على جسم الإنسان. وهو مفهوم يمكن تعريفه بأنه “تراكم الأضرار التي يمكننا قياسها في أجسامنا”. وهذه الأضرار يمكن أن تنجم عن الشيخوخة الطبيعية وأيضًا من بيئتنا وسلوكياتنا.
اقترح الأستاذ ستيف هورفاث في عام 2013 استخدام مفهوم الـ”ساعة الوراثية”. وذلك باستناده إلى دراسته في علم الوراثة البشرية والإحصاء الحيوي. حيث يعتمد هذا المفهوم على تحليل التغييرات الجزيئية في الحمض النووي للأفراد على مر الزمن. وكيف تؤثر هذه التغييرات في تشغيل وإيقاف الجينات.
تتحدث هذه التغييرات الجزيئية عن العمليات الطبيعية التي تحدث في الحمض النووي للإنسان مع تقدمه في العمر. وتبين الأبحاث أنه يمكن أن تتسارع هذه التغييرات بسبب العوامل السلوكية التي تؤثر على صحتنا. مثل التدخين ونمط الحياة الغير صحي.
بالإضافة إلى ذلك. تمثل تقديرات العمر البيولوجي مؤشرًا مهمًا يرتبط بعوامل مثل متوسط العمر المتوقع والحالة الصحية العامة. مما يسهم في فهم أفضل لصحة الإنسان على مر الزمن وتأثير العوامل المختلفة على حياته.
اختبارات العمر البيولوجي: فائدة وتحديات
تتزايد اليوم الاهتمامات حول العمر البيولوجي، ومعها تظهر الأسئلة حول مدى دقة وفائدة اختبارات القياس الخاصة به. هل هناك اختبار تجاري لقياس العمر البيولوجي؟
على مر السنوات الأخيرة، أصبحت الشركات تبيع اختبارات بقيمة تقريبية تصل إلى 300 دولار لقياس العمر البيولوجي عن طريق تحليل الدم أو اللعاب ومقارنة النتائج مع متوسطات السكان. ومع ذلك، يجدر بنا التنويه إلى أن هذه الاختبارات تستند إلى تقييم مجموعات كبيرة من الأشخاص بشكل عام وليس للأفراد على حدة. مما يمكن أن يؤدي إلى عدم موثوقية النتائج.
في مؤتمر علمي أُجري مؤخرًا، تمت مناقشة هذه القضية. حيث أُجريت اختبارات مختلفة لبعض الأشخاص أدت إلى نتائج متباينة بفارق يصل إلى 10 سنوات. وهذا يُظهر أنه لا يمكن لهذه الاختبارات أن توفر تقديرًا دقيقًا للعمر البيولوجي للفرد.
إضافة إلى ذلك، تعاني هذه الاختبارات من مشكلة أخرى وهي عدم وضوح كيفية استفادة الأفراد من النتائج وما ينبغي عليهم فعله بها. وبالإضافة إلى ذلك. لا يعرف العلماء بعد كيفية عكس العمر البيولوجي للفرد أو ما إذا كان ذلك ممكنًا على الإطلاق.
بعض الشركات تقدم أيضًا اختبارات الدم التقليدية للأمور مثل مستويات الكوليسترول والهيموغلوبين A1C. والتي يمكن استخدامها كمؤشرات للعمر البيولوجي للشخص، إذا تم مقارنتها بمتوسطات الأعمار المقدرة. وعلى الرغم من أن هذا النوع من الاختبارات يمكن أن يكون مفيدًا لأنه يقيس العوامل التي يمكن تعديلها. إلا أنه يجب التعامل معها بحذر وعدم الانتظار منها تقديم تحليل دقيق للعمر البيولوجي للفرد.
كيف تقلل من العمر البيولوجي؟
وفقًا للدكتورة مورغان ليفين، الخبيرة في مكافحة الشيخوخة وأستاذة في جامعة “ييل”. هناك أربعة طرق يمكنك اتباعها لعكس عملية الشيخوخة وتحسين صحتك. وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “تلغراف” البريطانية.
-
التأثير الصحي للتحول إلى نظام غذائي نباتي
أظهرت دراسة أجريت على 3 آلاف شخص في جامعة سيدني نتائج مثيرة حول التأثير الصحي لنوعية النظام الغذائي. وقد اكتشفت الباحثة ليفين والدكتور لونغو أن الأشخاص الذين يتبنون نظام غذائي عالي البروتين. حيث يمثل البروتين 20% من السعرات الحرارية اليومية. يتعرضون لزيادة خطر الموت المبكر بنسبة تصل إلى 74% مقارنة بأولئك الذين يتناولون كمية أقل من البروتين (أقل من 10%).
ومع ذلك، يتعين على الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم 65 عامًا أن يكونوا حذرين عند تقليل كمية البروتين في نظامهم الغذائي. وفي هذا السياق، قالت ليفين: “البروتين ليس مشكلة بالنسبة للأشخاص الصغار أو في منتصف العمر، حيث تستمر أجسامهم في إنتاج ما يكفي من هرمون النمو بشكل طبيعي. ولكن مع تقدم العمر. يكون تناول المزيد من البروتينات الصحية، سواء كانت من مصادر حيوانية أو نباتية. أمرًا مفيدًا بشكل خاص، وذلك بالنظر إلى الأشخاص الذين يفقدون الكثير من كتلة العضلات”.
-
الفوائد المثيرة للصيام المتكرر
أجرت الدكتورة ليفين والدكتور لونغو بحثًا شاملًا حول التأثيرات المحتملة للصيام على العمر البيولوجي للأفراد. اكتشف البحث أن الصيام المتكرر. حيث يتضمن تناول 4500 سعر حراري فقط على مدى 5 أيام في ثلاث دورات سنوية. يمكن أن يقلل العمر البيولوجي بمقدار يصل إلى 2.5 عام.
وما هو أكثر إثارة هو أن الأشخاص الذين يمارسون الصيام يظهرون “خصائص مناعية أكثر شبابًا” بعد مرور عدة دورات من هذه العملية. وفي هذا السياق. أوضحت ليفين أن الصيام يشبه التمارين الرياضية في قدرته على تحفيز الجسم لإصلاح وصيانة خلاياه.
وعند استعراض البيانات للتأثير المحتمل على المدى الطويل للحميات الصائمة. اكتشف العلماء أن هذه العملية يمكن أن تضيف حوالي 5 سنوات إلى متوسط العمر المتوقع للأفراد. بالإضافة إلى ذلك، تقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 50% وتخفض خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 30%. وتقلل من مخاطر الإصابة بمرض السكري بنسبة 75%.
-
زيادة العمر الصحي من خلال التمارين المتواترة العالية الكثافة
تشدد الدكتورة مورغان ليفين على أهمية ممارسة التمارين المتواترة العالية الكثافة لزيادة العمر الافتراضي والحفاظ على الصحة العامة. واستنادًا إلى دراسة نُشرت في عام 2017 على موقع “مايو كلينيك”. تبيّن أن ممارسة هذه التمارين لمدة 3 أشهر فقط كانت كافية لتحسين اللياقة البدنية بشكل كبير وزيادة حساسية الإنسولين في الجسم.
وتوضح ليفين أن هذه التمارين تلعب دورًا مهمًا في بناء ألياف العضلات واستعادتها لتصبح أكثر سمكًا وكثافة. هذا يعني أن ممارسة التمارين المتواترة العالية الكثافة يمكن أن تساعد في تحسين القوة البدنية واللياقة. مما يسهم في الحفاظ على جسم صحي ومتوازن.
-
تأثير النوم الجيد على الصحة العامة
أجرى علماء الأبحاث في مدينة بوسطن وجامعة هارفارد دراسات حديثة حول تأثير النوم الجيد على الصحة العامة. واستخدموا تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي للتوصل إلى نتائج مهمة. تبين من خلال هذه الدراسات أن السائل الدماغي الشوكي يلعب دورًا مهمًا في تنقية أنسجة المخ أثناء فترة النوم الليلي. حيث يتم التخلص من الخلايا الميتة والضارة.
يُعتقد أن هذه العملية الحيوية للجسم قد تكون لها آثار إيجابية على الصحة. خاصة فيما يتعلق بالوقاية من مرض ألزهايمر، الذي يتعلق بتراكم اللويحات بيتا أميلويد في المخ.
وتشير الأبحاث إلى أن متوسط 7 ساعات من النوم يعد الكمية المثلى للنوم التي تساهم في زيادة العمر الافتراضي والحفاظ على الصحة العامة. هذا يبرز أهمية العناية بجودة وكمية النوم كجزء مهم من أسلوب حياة صحي.
تجربة ناجحة لتصغير العمر البيولوجي للمرأة
أجرى علماء أميركيون دراسة استمرت لمدة 8 أسابيع حيث قاموا بتطبيق نظام غذائي خاص على مجموعة من النساء البالغات. وأظهروا أن هذا النظام الغذائي قادر على تقليل العمر البيولوجي لهن بمقدار يصل إلى 5 سنوات.
أجرت الدراسة فريق من الباحثين الذين يضمون كارا إن فيتزجيرالد، وتيش كامبل، وسوزان مكارم، وروميلي هودجز. وهم يعملون في معهد الطب الوظيفي بجامعة فيرجينيا كومنولث ويمثلون جمعية التغذية الأميركية. نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة الشيخوخة، وتم نقل تفاصيلها على موقع يوريك أليرت.
وتم تعريف النظام الغذائي الذي تبعته المشاركات بأنه “داعم للميثيل”. وقد تم تصميمه خصيصًا للتأثير على مستوى مثيلة الحمض النووي (DNA methylation) ومقاييس الشيخوخة البيولوجية للجسم.
مثيلة الحمض النووي وتأثيرها على الصحة
مثيلة الحمض النووي هي عملية كيميائية تحدث في الجسم تتضمن إضافة جزيء صغير يُسمى مجموعة الميثيل إلى الحمض النووي أو البروتينات أو غيرها من الجزيئات. وفقًا للمعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة، يمكن لهذه العملية أن تؤثر على كيفية عمل بعض الجزيئات في الجسم.
قد تؤدي إضافة مجموعات الميثيل إلى تعطيل تشغيل الجينات، مما يمنع إنتاج البروتينات. هذا التغيير في الجينات يمكن أن يكون له تأثير كبير على وظائف الجسم وصحته.
وتُظهر الأبحاث أن التغييرات في أنماط مثيلة الجينات أو البروتينات يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالأمراض مثل السرطان وتؤثر على عمر الشخص البيولوجي.
عادةً ما يتم فقدان مثيلة الحمض النووي تدريجيًا مع تقدم العمر. وبناءً على الدراسات. يُفترض أن مثيلة الحمض النووي لا يتم الحفاظ عليها بدقة أثناء انقسام الخلايا.
البرنامج الذي تمت تجربته يتضمن إرشادات حول النظام الغذائي والنوم وممارسة التمارين والاسترخاء واستخدام المكملات البروبيوتيكية والمغذيات النباتية والتدريب على التغذية. وشملت التالي:
نصائح لنمط حياة صحي
1. تناول كوبين من الخضر الورقية الداكنة واحصل على العديد من العناصر الغذائية الأساسية لجسمك.
2. ضمن نظامك الغذائي، حافظ على تناول كوبين من الخضروات الصليبية لتعزيز صحتك.
3. اجعل الخضار الملونة جزءًا من وجباتك اليومية، واستهلك 3 أكواب منها للتمتع بتأثيراتها الإيجابية على جسمك.
4. قم بتناول ربع كوب من بذور اليقطين للحصول على نسبة عالية من الفيتامينات والمعادن.
5. للحصول على مزيد من الفوائد الصحية، تناول ربع كوب من بذور عباد الشمس في وجبتك.
6. تضمن حصة أو اثنتين من البنجر في الأسبوع لاستفادتك من فوائدها الغذائية.
7. قد تكون الكبد مهمًا لصحتك، لذا تناول مكمل للكبد بمعدل 3 حصص في الأسبوع.
8. لزيادة تنوع البروتين في نظامك الغذائي، تناول بيضة واحدة يوميًا أو بين 5 إلى 10 بيضات في الأسبوع.
9. قم بتناول كبسولتين من مكملات البروبيوتيك لتحسين صحة جهازك الهضمي.
10. للحفاظ على لياقتك البدنية، مارس الرياضة لمدة 30 دقيقة على الأقل يوميًا.
11. تنفس بعمق واسترخاء مرتين في اليوم للتقليل من التوتر والضغوط النفسية.
12. اسمح لجسمك بالاستراحة وتجديد الطاقة من خلال النوم لمدة لا تقل عن 7 ساعات.
13. قد تكون فترة الصيام المستمرة لمدة 12 ساعة بعد تناول وجبتك مفيدة للهضم وصحة الجهاز الهضمي.
14. للمحافظة على جسمك مترطبًا جيدًا، اشرب 8 أكواب من الماء يوميًا.
هذه النصائح تساعدك على تحسين نمط حياتك والعناية بصحتك العامة.
تأثير الحمية على العمر البيولوجي
تم تنفيذ تحليل العمر البيولوجي على المشاركات من خلال أخذ عينات من الدم في بداية الدراسة وفي نهاية فترة الأسابيع الثمانية. وكانت النتائج ملفتة حيث أظهرت أن 5 من المشاركات الست شهدن انخفاضا في العمر البيولوجي. انخفضت قيم العمر البيولوجي لديهن بين 1.22 و11.01 سنة بالمتوسط، مما يشير إلى تأثير إيجابي على الصحة والشيخوخة.
كيف يمكن للرجال تصغير عمرهم البيولوجي؟
شارك رجال في دراسة جديدة، حيث تراوحت أعمارهم بين 50 و72 عامًا، وتم خلال هذه الدراسة تطبيق الحمية المذكورة. والنتيجة كانت تقليل عمرهم البيولوجي بمعدل 3.23 سنوات. يشير الباحثون إلى أن هذه النتائج تظهر أن النظام الغذائي الداعم للميثيل وتغيير نمط الحياة قد يؤثران إيجابيًا على العمر البيولوجي لكل من الرجال والنساء خلال منتصف العمر وفي كبار السن.
اقرأ أيضاً: زيادة احتمالية الإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم مرتبطة بمتلازمة الأكل الليلي!